٧

642 22 0
                                    

ذهبت نهلة مبكرا للمصرف لتحول أموالها المودعة هناك ، أتى دورها فطلبت تحويل المبلغ بأكمله ، أجابها الموظف أنه يوجد خطأ ما في رصيدها ، استغربت من قوله ، فأوضح أن المبلغ ثلاثون ألف درهم ، وليس خمسة عشر ألفًا كما تقول .
تعجبت من قول الرجل ، هي تعرف جيدا وتحسب ما تضعه وما تحوله لأمها في مصر ، من أين أتت هذه الأموال ، هل تتكاثر للضعف بمفردها .
" احول المبلغ كله يا فندم ؟" سألها الرجل في عجل .
" أه يا ريت ، عايزة أحوله على بنك في مصر لو سمحت " قالتها في سرعة .
أتمت إجراءات التحويل ثم خرجت من المصرف لتتنفس وتفكر بهدوء ، تعالت نبضات قلبها .
خالد ، لابد وأنه هو ، يا له من رجل. ! 
علم إنها ستسافر فأودع لها مبلغا من المال ، لم يعطه لها لأنها سترفضه ، المبلغ بالنسبة له لا شيء ، لكن بالنسبة لها لم يكن مالا ، كان فعلا ، رجولة ، شهامة منه وإحساسا .
غمرها شعور بالامتنان،  عادت مبكرا للبيت ، فتحت اللاب الخاص بها ولكن قد نفذت بطاريته ، وضعته في الشاحن،  لم يضئ بعد .
" اووووف ، مفيش حتى ١٪ تفتح " قالتها في تأفف .
استعارت اللاب الخاص بندى ، فكلتاهما تعرفان الرقم السري ، الذي هو في الحقيقة رقما موحدا للإثنتين ، ضحكت في نفسها على سذاجتهما ، فهما تمنحان أي سارق فرصة فتح الجهازين برقم واحد إذا ما أتيح له سرقتهما معا !!. لا عجب
فدائما ما كانتا متشابهتين حتى في ملامحهما ، الكل يظن أنهما توأم. 
وجدت المتصفح الرئيسي مفتوحا على عدة نوافذ جانبية ، فتحت واحدة جديدة ، لمحت اسم إحدى النوافذ المنبثقة إنه المصرف الخاص بأموالها ، (هناك جملة  تم الإيداع بنجاح )، إنه رقم حسابها المصرفي .
هدأت نهلة قليلا لتفكر ، ندى هي من أودعت الفارق في رصيدها دون أن تفصح لها عن قيامها بالأمر، فلم ترد إحراجها .
إنها ندى ... التي لم تهتم أن يُنسب الفضل والعرفان لغيرها ، لم يهمها سوى صديقتها. 
لقد أمتنت لخالد ولم تفكر للحظة أن هناك احتمالا بتدخل ندى في الموضوع وان لها يد في هذا الفعل .
سمعت صوت مفاتيح تدس في عقب الباب ، أغلقت اللاب ونحته جانبا ، دلفت ندى وألقت بنفسها على الأريكة وأعادت رأسها للوراء .
" هتوحشيني يا بت يا نهلة والله ، يا ريتني كنت عرفت اخد أجازه وارجع معاكي اشوف اخواتك واطمن علي طنط " ) قالتها في حزن .
ثم لمحت اللاب الخاص بها فقالت في حيرة :
" ايه ده ، ايه جاب ده هنا " .
تبادلت كلتاهما النظرات ، ارتبكت ندى فنهضت من مكانها سحبت اللاب ودلفت لغرفتها ، دقائق وخرجت ، لقد عرفت أن نهلة فتحته ووجدت النوافذ مفتوحة .
جلست بجانب نهلة على الاريكة .
" منتهى الغباء ، صح"  رفعت ندى حاجبيها في احراج .
ثم أكملت في عصبية " يعنى أنا عارفة انك عارفة الباسورد بتاعي وكمان سيبت النوافذ مفتوحة ، منتهى الغباء يعنى " .
ابتسمت نهلة في امتنان واحتضنت ندى بقوة قائلة: 
" شكرا يا ندى ، مفيش كلام أقوله ".
ثم ربتت على يدها ودلفت للمطبخ تعد الطعام ، ظلت ندى مكانها صامتة في ضيق فهي لم ترد إحراج صديقتها أبدا .
أتاها صوت نهلة عاليا :
" ندى ، ادخلي اغسلي ايدك ووشك ، الأكل دقايق ويجهز ".
تناولوا الطعام في هدوء أمام التلفاز وهم يشاهدون أحد الأفلام الأجنبية ..
لكن نهلة مضى تفكيرها إلى مكان أخر ... إلى مصر . 
ليلة واحدة فصلت ما بين مستقبلها القادم في دبي وماضيها السابق في مصر ... 
لا مفر من العودة هناك حيث الذكريات المؤلمة والأفكار المزعجة .
                                    ******   

غداً لن تمطر _الجزء الأولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن