١٢

468 15 0
                                    

جلست في ذلك اليوم على الشاطئ الرملي الأبيض القريب من مدينة " باسين دي لا فيليت"  تقرأ إحدى الروايات عندما قفزت كرة صغيرة أمامها واستقرت تحت قدمها .
رفعت نهلة رأسها لتجد طفلا صغيرا له ملامحه أجنبية ، شعر أشقر وعينين زرقاوين ، ابتسمت له وأشارت بيدها تلوح في مرح . 
لكن تلك الابتسامة المرسومة على وجهها لم تدم طويلا ، رفعت حاجبيها في دهشة ، وبدأت نبضات قلبها في الازدياد عندما لمحت القادم من خلف هذا الطفل .
تقدم شخص فجأة ليمسك الطفل من يده معاتبا إياه في مزاح: 
" حمزة ، أنا جولت ١٠٠ مرة جبل الحين ، خذ بالك من الكرة عشان ما تضايج أحد ".
تضاعفت نبضات قلبها حتى كادت تصل لحدودها القصوى ، تلعثمت وهي تسأله في توتر وتحاول التقاط أنفاسها في صعوبة: 
"حمزة ، الولد ده اسمه حمزة وأنت ... "، لم تستطع إكمال جملتها .
رد الرجل في ترحاب وود قائلا: 
" حظرتك مصرية هلا بيكي ، أها يا فندم هذا ابني حمزة ".
ثم مد يده مصافحا في ابتسام: 
" وانا خالد الزيدان ، اتشرفت بمعرفتك." 
أتاها اسمه كالصاعقة وبدا أن الهواجس قد وجدت ثغرة لتنفذ منها مرة أخرى .
هو ... نفس الشخص ... نفس الاسم !!!.
ولكن هناك بعض الاختلاف فقد بدا متغيرا ، أكثر طولا ونحولا وله لحية فاتحة اللون قليلا .
لكنه هو !.
" إذا كان خالد خيالا من نسج عقلي المريض ... وكذلك ابنه حمزة .. من أين عرفتهما إذا ؟ ، ولكن كيف مازال حمزة حيا ، ألم يتوفى في الحادث مع أمه ؟! ، وخالد بدا وكأنه لا يعرفني ؟" .
جرت تلك الأسئلة في عقلها كنهر قد حبس ثم انطلق يغرق الوديان. 
أرادت أن تتأكد أنه حقيقة فسألت أحد الفتيات بجوارها عما إذا كان هناك شخص معه طفل واقف أمامهما ؟، هزت الفتاة رأسها بالإيجاب وأشارت إلى خالد لتؤكد وقوفه بشحمه ولحمه .
أحس الرجل بالإحراج ويده ممدودة أمامه فأعادها بجانبه وجذب يد ابنه قائلا في إحراج: 
" بعتذر يا فندم على الازعاج ، عن إذنج ".
ألقى جملته ورحل ، أختفى بين الزحام ولم تستطع العثور عليه بعد ما أفاقت من صدمتها ، ظلت تبحث كالمجنونة وتجري في كل مكان حتى اصطدمت بسعيد الذي أمسكها من ذراعها ليستوقفها في حيرة قائلا :
" بتجري كده ليه ، ما تقوليش إنك تهتي يا نهلة ، أنا حفظتك المداخل كلها والمخارج للشاطئ وقولتلك ها اخلص شغل واجي بسرعة مش ها أتأخر ".
أرادت أن تحكي له عما حدث لكنها تراجعت عن فكرتها فهو لن يصدقها وحتى لو صدقها فماذا سيفعل وقد التقت بخالد هذه المرة حقيقة وليس خيالا ؟.
أحس سعيد بحيرتها وتنبه لصمتها،  فوضع يده حول خصرها وجذبها إليه في حب وركبا السيارة عائدين إلى باريس .
صعدت لغرفتها في الفندق،  تمددت على الفراش حينما دلف سعيد للحمام يأخذ دشا .
رن هاتفه ، قامت من مكانها لا تدر لم أمسكته بين يديها ، هناك ما يجذبها لذلك جذبا ، ثم إنها المرة الأولى التي تتصفح فيها هاتفه. 
رن بين يديها مرة أخرى ، إنها رسائل محادثة من رقم دولي غير مسجل لديه .
فتحت الهاتف رغم أنها لا تدر من أين عرفت كلمة السر له ، ربما أخبرها سعيد بها ، لم تقف كثيرا أمام تلك النقطة ، فهناك ما يشغل عقلها أكثر .
نص الرسالة كان غريبا ومحيرا: 
" أنا أعرف أنك خلف هذا الموضوع يا كلب ، والله رأسك ما تكفيني ".
رن الهاتف مجددا ، إنها رسالة أخرى من نفس الرقم :
" أنا نسيت بكيفي ما جرى منك مع زوجة أخوي الخاينة ،  ودرتك عايش لأني أبا هذا لكن بالله لن أودرك هذي المرة ".
سحبت نهلة ورقة وقلما ودونت الرقم الدولي ، أغلقت الهاتف بعد أن مسحت الرسائل تماما وعادت للفراش .
خرج سعيد من الحمام ثم اقترب منها جالسا بجانبها ، مرر أصابعه في شعرها الناعم حاول إيقاظها بلطف لكنها تظاهرت بالنوم فتركها نائمة وجذب هاتفه وغادر الغرفة .
سمعت صوت إغلاق الباب ففتحت عينيها في سرعة ونهضت من مكانها ، جذبت سماعة هاتف الفندق وطلبت ذلك الرقم الدولي ... ثوان لم يعطي ردا ثم أتاها الرد .
" ألو." 
رد نفس الصوت مرة أخرى: 
" ألو ، من معي ".
لقد تعرفت نهلة الصوت ، فهو ليس غريبا عليها قط. 
إنه صوتا تعرفه جيدا .. سواء كان حقيقة أم خيالا .
إنه صوت أول رئيس لها في العمل قابلته ....
أول من عملت تحت إمرته في دبي... 
إنه نواف !.

                          *****                                  
نهضت نهلة من فراشها ، بحثت عن الورقة التي دونت فيها الرقم ، لقد وجدتها .
أحست هذه المرة بخيبة أمل أكبر ، فقد تمنت لو لم تجدها ، فالهواجس ستعود أقوى مما تظن .. وهذا يعني علاجا وغربة مرة أخرى .
ما أبشع الأفكار الكريهة حينما تأتي للإنقاذ كالعاهرة التي ترتدي ثوب راهبة أو قديسة .
أنت تعلم خبثها ونجسها لكنك تستقبلها رغما عنك فقط لأنك تحتاجها ، تحتاج بشاعة تلك الأفكار لتذهب بك بعيدا ، لتضع أمامك كافة الاحتمالات وترسم لك خريطة التنفيذ .
نواف حقيقي .... إذا فخالد إيضا حقيقي !.
عقل نهلة في ذلك الوقت استجمع أقذر الأفكار وأبشعها ليتصور ما العلاقة التي تربط خالد بسعيد غير العمل ؟ وما الذي فعله سعيد مع زوجة خالد الخائنة ؟ ربما يعرف من هو عشيقها أو ربما هو نفسه عشيقها ؟ .
دوت الكلمات في عقلها الذي أنهكه كثرة التفكير .
" نهلة ، نهلة ".... ناداها سعيد في دهشة .
رفعت رأسها إليه فأكمل في حيرة :
" بقالي ساعة بكلمك وأنتي مش هنا ، انتي مش مبسوطة في الفندق يا نهلة ولا الرحلة كلها مش عجباكي ، فهميني ؟."
لا تتذكر نهلة كيف وصلت لمطعم الفندق من الأساس ، أخر ما تتذكره أنها كانت في غرفتها ، هزت رأسها في عنف وقالت بصوت مبحوح :
" أسفة يا سعيد انت عارف إني لسه برضه في فترة متابعة للعلاج،  طبعا الفندق جميل والرحلة دي أنا كنت محتاجاها فعلا ، اختيارك ممتاز وشكرا ليك على وقفتك جنبي ".
تأملها سعيد في إعجاب ثم انحنى على أذنها هامسا :
" بتشكريني على ايه يا نهلة ده أنتي حب عمري ، الوحيدة اللي ها افضل لأخر يوم في حياتي جنبها مهما حصل."
ثم امسك يدها ورفعها لشفتيه يلثمها في حب قائلا: 
" انا بحبك يا نهلة وها احبك طول عمري ، أنا اللي المفروض اعتذر لك عشان كل اللي حصل لك ده بسببي ، أنا عذبتك قبل كده كتير ، سامحيني يا نهلة." 
ظلت نهلة تتأمله دون أن تتكلم ، لا تدري هل فعلا هي المريضة ومن تختلق كل هذه الترهات أم أن هذا الرجل الذي يجلس أمامها ممثل بارع ؟.
أحست بالدوار مجددا ، فطلبت منه الصعود للغرفة لكنه احتج في هدوء قائلا :
" طيب نطلب العشا حتى يا نهلة ، احنا لسه في بداية السهرة ".
أمسكت برأسها التي تدور قائلة في إنهاك :
" معلش يا سعيد ، أنا لازم اطلع ارتاح عندي صداع رهيب ، انت ممكن تكمل السهرة مع دانا ، انا بعتذر لك." 
مطت الصغيرة شفتيها معترضة على صعود أمها للغرفة مبكرا لكن نهلة نهضت مسرعة من المائدة ولم تمنحهما فرصة الاعتراض .
ظلت ممسكة رأسها بيدها في إعياء ، فتحت باب غرفتها وكانت على وشك الدخول حينما لمحته واقفا أمام غرفته ، كان منتظرا أحد .
هو مرة أخرى ... بلا مقدمات .
هز رأسه ملقيا عليها التحية ، فأومأت برأسها كإنسان آلي .
فتح باب غرفته ليخرج منها من كان ينتظره .
  .نطقها خالد في تذمر " Let's go , Elizabeth We're late "
اتسعت عينا نهلة عن أخرهما ، إنها زوجته الأجنبية إليزابيث،  إذا هي مازالت على قيد الحياة،  ولكن كيف .... ألم تمت هي الأخرى ؟.
ظلت محدقة في وجه خالد وزوجته في وقاحة لم ترق للأجنبية الشقراء فرمقتها بنظرة استنكار ثم تبعت زوجها .
فتحت نهلة باب غرفتها ودلفت للداخل في سرعة وأغلقت الباب في عنف
، حاولت أن تهدأ من اضطرابها وأنفاسها المتسارعة اللاهثة .
فتحت حقيبة يدها وأخرجت منها علبة دواءها ، تناولت قرصين وتبعتهما بكوب من الماء. 
" لابد وأنها هواجس ، نعم كل هذا وهم ، فلقد كنت أرى أمي وخالد عندما كنت في لندن وأتكلم معهما ".
" ولكن كيف ... كيف ؟.
هل عدت بالزمن للوراء ، كيف أرى امرأة وابنها المتوفيين وقد حدث هذا كله في الماضي ؟ أم أن كل ما مضى من حياتي كان رؤى مستقبلية ؟.
لكنني أعلم ماذا سيحدث ؟ سيكتشف خالد خيانة إليزابيث وتموت هي وطفلها في حادث السيارة ".
توقفت أفكارها عند هذا الحد إنها على وشك الجنون ، كيف تعلم ما سيحدث وهو في علم الغيب .... هل رأت كل هذا في منامها أم أن عقلها تخيله وصدقت تخيلاته .
حاولت أن تهدأ من روعها ، فنبضات قلبها تقفز بلا رادع .
اتجهت نحو الشرفة فتحت بابها لتستنشق الهواء الذي بدأت تفقده ، كانت كمن يركض آلاف الأميال لعشرات القرون ثم توقف فجأة .
ارتجف جسدها فما تمر به الأن لا يستوعبه عقل أو يصدقه أحد .
إنها تعاصر ما فاتها من حياة خالد .... خالد الذي أوهمها الجميع أنه من نسج خيالها لم يكن إلا رؤى مستقبلية. 
لم تنم تلك الليلة ، فالمارد قد خرج مرة أخرى من عقلها يبني عالمه الذي حاول البشر أن يدمروه بواقعهم الملوث .
التفكير في هذا الأمر بمفرده سيودي بعقلها تماما ، فماذا عن الأمور الأخرى التي تحدث والتي يتعين عليها أن تفعل شيئا ما لإيقاف تسلسلها ؟.
فبهذا التسلسل لمجريات الأمور ستموت إليزابيث وحمزة وسيظل خالد تعيسا إلى أن يلقاها ثم يموت هو الأخر ويتركها هي تعيسة .
أغمضت عينيها في ألم ، فالإحساس الذي تحسه جراء موت خالد من قبل مازالت تلمسه بداخلها الأن حتى أنه من وجعه لم تحتمل هي حبسه ، فأطلقت لدموعها العنان وسالت على وجهها ساخنة كجمر من بركان ملتهب .
مازال يؤلمها موته بنفس القدر الذي أحسته منذ ما يزيد عن السنة قبل سفرها للعلاج في لندن .
" هذا غير معقول " صرخت في عقلها .
فليس من الطبيعي أن اتألم بداخلي لموت شخص هو لم يمت بعد ، لا يمكن أن يكون هذا هاجس،  لقد اختبرته بنفسي ومررت به حتى لكأني استطيع وصف المستشفى والممرضات والطبيب الذي أخبرني بموته !.
استيقظت من نوم لم تنمه ، أيقظت دانا ونزلتا للمطعم ليلحقا بسعيد .
بحثت عنه لم تجده ، اختارت مائدة جانبية صغيرة تطل على منظر الحديقة الرائع وجلست هي وطفلتها ، أشاحت بوجهها عن النافذة تبحث عنه ولكنه لم يأت بعد ، أين ذهب إذا ؟.
هي قررت بالأمس أن تردع الشقراء عن خيانتها وتحذرها من نهايتها المؤلمة فرغم حبها لخالد إلا أنها لن تستطيع أن تخون مثل إليزابيث فهي ما زالت على إسم سعيد وحتى لو كان هو خائنا عن غير حب فهي لن تخون عن حب ولو أحبت خالد فوق الحب أضعاف. 
ستكرس حبها له عن طريق مساعدة زوجته في الاستقامة وانقاذ حياته وبيته. 
أنهت إفطارها وكانت على وشك القيام حينما لمحته قادما وفي يده ابنه الصغير ، أومأ خالد لها برأسه محييا إياها فردت التحية بإبتسامة أودعت فيها ألمها وحزنها لأجله ، تأملته لبرهة تمنت لو احتضنته وبكت كطفلة صغيرة وجدت بيتها بعد التيه لكنها أكملت طريقها رغما عن مشاعرها ، وعادت للغرفة وفي يدها دانا ، تركت الصغيرة تشاهد التلفاز في حين خرجت سريعا للبحث عن إليزابيث التي لم تكن بصحبة خالد وكذلك سعيد ، إذا فلابد أنهما في مكان ما .
طرقت بضع طرقات على غرفة الشقراء لم تجد ردا فأكملت بحثها ، كانت في طريق عودتها حينما فتحت إحدى الغرف بهدوء واستمعت لجملة لم تكن واضحة كلماتها ، اختبأت نهلة وراء تمثال ذهبي كبير ، هي ليست متأكدة من أنها إليزابيث فالفندق بأكمله من الأجانب ذوي اللغات المتعددة.
لكن حدسها..  ذلك الشيطان الصغير الذي لا يخطأ وكأنه يملك أعينا داخلية يستطيع بها معرفة ما وراء الجدران .
وصدق هذه المرة كعادته ، إذ خرجت الشقراء في هدوء تنظر حولها كالمتلصصة ترى ما إذا كان يراقبها أحد ثم سمعت نهلة صوت قبلة جريئة وكلمات أجرأ تتفوه بها لشخص ما ... وما تتوقعه نهلة هو أنه سعيد .
سمعت صوت خطواتها بعد أن وعدت هذا الشخص بممارسة المزيد من هذا الحب الخفي والجريء على حد قولها ، لم تنتظر نهلة ليخرج سعيد ، إذ قامت من مكانها فجأة وخطت بغضب نحو الغرفة التي خرجت منها إليزابيث وطرقت بابها بعنف. 
لم تجد ردا ، فأعادت الطرق في عنف أكثر قائلة :
" افتح يا سعيد ، أنا عارفة إنك جوه." 
سمعت صوت الباب يفتح ، ترقبت عيناها لترى الخائن أمامها لكن ما وجدته كان مخالفا لما حفر في ذهنها ، فالشخص الذي أمامها كان أجنبيا الملامح طويلا عريض المنكبين وقف ينظر إليها في ملل ودهشة .
أزاحت يده بجرأة ودلفت للداخل دون استئذان وساعدها في ذلك جسدها الصغير ومكنها من العبور تحت ذراعه ، ظلت تفتش عما إذا كان هنالك شخصا أخر متجاهلة دهشة الرجل وسخطه. 
لم تجد أحدا فاعتذرت في إحراج وخرجت لكنه أمسك بذراعها قائلا بالإنجليزية: 
" عن ماذا تبحثين بالضبط ؟."
هزت رأسها قائلة في إنجليزية سليمة: 
" لا أحد." 
ثم جرت بأقصى سرعتها واستقلت المصعد ، ألمها ما ظنته في سعيد ، هي ذهبت لتثبت خيانته لا لتتيقن منها ، لم تضع مجالا للشك فيه وهذا ما أخجلها ، سعيد بريء من علاقة إليزابيث وإن لم يكن بريئا من علاقات الأخريات لكنه بالتأكيد يعرف من هو عشيقها ؟.
عادت لغرفتها ، وجدت سعيد بالداخل ينتظرها في تفحص غريب ، أحست بأشعته الليزرية تخترق خفاياها فسعلت في إحراج تتحاشى التحقيق الذي سيجرى لها ولكن العجيب إنه لم يتساءل اين كانت أو ماذا فعلت ؟.
لم يقل سوى جملة واحدة: 
" فيه عشا عمل بالليل هتكوني معايا انتي ودانا ".
دلفت للحمام أخذت دشا دافئا أعاد لها بعض الهدوء الذي فقدته منذ أن وطأت قدماها أرض الفرنسيين. 
وأتى الليل كرداء الساحر يخفي الكثير في جعبته ، تأنقت نهلة كما طلب منها ونزلت بصحبة سعيد الذي بدا وسيما جدا في حلة بنية اللون ، مد لها ذراعه لتتأبطها ، أحست من نظراته بشيء مقلق يوترها ، فرائحة المفاجأت لا تغريها بل تخيفها مثل الموت الذي يأتي أحيانا مزدان في باقة زهور سامة أو شنطة سوداء فخمة تحوي قنبلة فاخرة .
وما أحسته وحذرها منه حدسها كان في محله ، فسعيد قد تقدمها إلى مائدة كبيرة نوعا ما يلتف حولها ستة كراسي ويجلس على ثلاثة منها خالد وزوجته وطفله. 
صافح خالد في دبلوماسية وصافح زوجته الشقراء التي ظلت تتفحصه في وقاحة وحذر حتى لا ينتبه إليها أحد ، إليزابيث ليست سهلة ... أوقعت خالد في شراكها وستسعى لسعيد بكل تأكيد .
كما وأن نهلة قد عرفت بإن الرجل الأجنبي الذي رأته بصحبة إليزابيث في الغرفة هو أحد رجال الأعمال المشهورين هنا في فرنسا ، إذا هذا هو عشيقها وربما سعيد يعلم ذلك ويخفي أمرها ؟ لكن لم ؟! ، ربما ليستغلها ضد خالد مستقبلا. 
يا لوقاحتهما !.
صافحت نهلة خالد وجذبت يدها سريعا فهي لا تريد لذلك الإحساس أن يمر من خلالها ، هي ليست كإليزابيث أبدا ولن تكون .
جلست دانا تلعب مع حمزة ، وراقبت نهلة تصرفاتها وتعابير وجهها حينما رأت خالد لكن للأسف فالصغيرة وكأنها لا تعرفه بتاتًا.
في حين جلس سعيد يناقش بعض الأعمال مع خالد لكن عينيه لم تفارق وجه نهلة وكأنه يقرأ ردة فعلها بجمعها مع خالد في نفس المائدة ونهلة كانت متحفظة وحذرة .
إليزابيث لم يرق لها نهلة ، والأخيرة كانت تبادلها نفس الشعور بالإضافة إلى أنها تعلم بخيانتها وترى نظراتها الساقطة لسعيد وهي تتفحصه في جرأة .
تألم قلب نهلة على خالد الذي يجلس أمامها الأن ولا يعرفها فما عاشته معه في خيالها لا ينسى أبدا .. ذلك الحب الذي جمعهما يستحيل محوه مرة أخرى بسهولة .
خالد أميرها المنقذ الذي لم يفتح قلبها لغيره ولن يفتح أبدا حتى لو كان ما عايشته ..... وهما !.

غداً لن تمطر _الجزء الأولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن