.
.
.شدّت بذراعينِ مرتجفين على ركبتيها، تضُمُّ نفسها علَّ اِرتجافاتها تهدأ، و علَّ العواصف التّي تهبُّ داخلها تستكين،
دموعها لم تتوقّف عن النّزول منذ اللّحظة التّي غادرها فيها غاضبًا، و يداها تردّدت فوق اِسمه على شاشة هاتفها، و بين الكثير من الأرقام المدونة هناك، لمرَّاتٍ لا تُحصى..
و حينما وجدت الشّجاعة أخيرا للاِتصال، كان التّجاهل الذي قوبلت به محاولاتُها العديدة، كالقشّة التي قصمت ظهر البعير..
- أنا آسفة جدا..
تمتمت بين شهقاتها العديدة، أصابع قدميها تنكمش فوق البلاط البارد حيث قضت ليلتها، و ركبتاها ترتفعان نحو صدرها منزوية على نفسها أكثر.. أنفاسها ضاقت و دموعها لم تتوقّف..
فقط مالذي وجبَ عليها فعله؟!
إحساس الضَّياع الذي لازمها، ذلك الضّباب الذي غَشِيَ عقلها، كان يغبِّرُ الرُّؤية أمام عينيها..
يمنعها من التّفكير بشكل منطقيٍّ سليم..فقط مالذي وجب عليها فعله؟
تساءلت لمرّة بعد بيأس لازمها.. تتمنى لوهلة لو وجدت شخصا ما، أيَّ شخص يخبرها بما وجب عليها أن تفعله في وضع كهذا..
- يوجين...
رفعت رأسها بقليل من التردّد حالما لاح لها وجه صديقتها المبتسم من بين دموعها، من بين كلِّ الضّباب و آلاف الذكريات البشعة..
أشعة الشمس الخجولة تسلّلت من بين الستائر لتُلقي بأنوارها على الأرض و تنير غرفة معيشتها، تلك الشّمس الباهتة تطرق أصابع قدميها لتسترخي من اِنكماشها..
وجهها المحتقن جال في الأرجاء لوهلة قبل أن تستقرَّ عيناها على الهاتف المهمل بجانبها، يدها اِمتدت نحوه بوهن و من بين الدموع العديدة هي اِستطاعت تمييز رقم صديقتها،
يوجين كانت غائبة عن ذهنها لفترة طويلة جدا..
حينما حدث ما حدث سابقا، هايون لم تكن تمتلك الشجاعة الكافية ولا الرّغبة للإفصاح عمَّا حدث، للإسرارِ بكلِّ الأمور البشعة التّي واجهتها ليوجين،
لأنّها كانت خائفة..
أكثر ممَّا أرادت الاعتراف به لنفسها..
ولأنّها لم تُرِد لها أن تعرف..و لكنّها اِحتاجت وجودها بالقرب منها، الآن أكثرَ من أيِّ وقت مضى..
لقد اِحتاجت كتفا تبكي عليه، و قد اِحتاجت شخصا يخبرها ما وجب عليها أن تفعله..