تفاعلوا واستمتعوا <٤...
تقدمتُ جالسًا بخفةٍ وسط أعينهم ، ولم أرفع بصريّ لإيِّ منهم ، حدقتُ بالعاجِ البنيّ للطاولةِ المصقولةِ أمامي بثباتٍ
" لُنكمل إذًا "
ومضَ صوتُ نيفاليوس بنبرةٍ باردةٍ وحازمةٍ وكأنهُ لم يتحدث قبل قليلٍ لي بصوتٍ متراخٍ
وسُرعان ما انخرطت أحاديثهم الحامية ، حدقتُ بهم طويلًا ، محاولًا اكتنازَ الفُرص ، وفهمَ ما يريدونه ، بل فهمَ محتوى هذا الإجتماعِ السريّ
كانوا خمسة ، وأنا سادسهم
كان المكانُ معزولًا ، والحراسةُ مشددة ، بدا موقعًا محبوكًا عن أي أعينٍ وأيِّ تدخلاتٍ من جهاتٍ أخرى
كانت أحاديثهم مرتاحة ، دون قيودٍ في المكانةِ بينهم أو غيرها
العديدُ منهم قادة ، بل كبارًا في الدولة ، نيفاليوس من بينهم لم يكن أدنى حتى ، بل جميعهم على نفس الخط ، وأنا خارجَ الوضع كليًا
لم أعرف لمَ قد حُشرتُ وسطَهم
لكنني رويدًا رويدًا بدأت أفهمُ الأمرَ تدريجيًا.
" إذًا ، يا لواءَ لوداري ، كيفَ جرى التفتيش؟ "
نطقَ أحدُ الرجال ، بدا كبيرًا في العُمرِ ومألوفًا جدًا ، ملتحيٍ وذو شعرٍ أشقرٍ و جسدٍ مفتول
حدقتُ بهِ طويلًا ، وألتفتُ للواء هنا والمقصود
بدا رجلًا ثريًا ، وبعمرِ نيفاليوس ، وأظنهُ قريبٌ للعائلةِ الحاكمةِ من مرتبتهِ هذه...
" لقد أجريتُ التفتيشَ بأمرٍ من وليِّ العهد ، مما يظهرُ لكم جميعًا حساسيةَ الأمر
رغم أن جنازةَ كاكو قد أقيمت لكنها لم تسِر ، أمر الملكُ بإيقافِ كُل شيءٍ حتى يتسنى لنا اكتشافُ أمر الأوراقِ ومصدرها "حدقتُ بهِ طويلًا ، وابتلعتُ رَمقي بخوفٍ شديد ، ماذا حدثَ لقضيةِ مقتله...
أنت تقرأ
بجعٌ وغَسقْ
Historical Fictionفكرةُ الوجودِ ربما لم تكُن صعبةً كما كنتَ تقول ليّ دائمًا ، رُبما لو تعلّقتَ بها فقط ؛ لغدت أسهل لتُدرَس ، لتنمو فيكَ كما نمَت فيني على حينِ غرّة لكننا خائفيّنِ من فكرةِ وجودنا ، أحدنا مُتقبِّلٌ والآخرُ ساخِط ، لذلك سنبقى عالقيّن ، ولن ننجوّا أبدًا...