٧|و يُفاقِمُ لي نَدَمي

940 58 69
                                    



سَفحُ غيمٍ قد تلاشى كصغارٍ يهربون وسطَ معمعةِ سماءٍ شديدةُ الزرقة ، شديدةُ الوضوحِ كأنها الحقيقةُ الوحيدةُ في هذا الوجود

تأملّتُها بنهمٍ وبضياعٍ مضيقًا عينيّ أُحاولُ تباينَ أمرِها ، علّني أفهمُ عِلّتها ، لكنّها لم تُشفي غليلَ جهليَّ المرتاب

تحركت خُصيلاتُ شعري وتحركَت حينها حِبالُ قلبي بفعلِ هذه الرياحِ الدافئة ، رياحٌ غاضبة ...

تمنيتُ الآن لو تصيبُ قلبي بهذا الغضبِ الذي استلذ بهِ خاطري

وددتُ لو أنها تصيبُ في صدري إعصارًا غاضبًا يبعثر قِطعي وأفكاري وخيوطَ أعصابي ؛ لأنني نعتُّها بالدافئةِ في حينِ أنها شديدةُ البرودة ، لكنني لم آبه ولن ، لطالما أقرّيتُ بأنني أرى كُل شيءٍ من جانبٍ آخر أكونُ المتفرجَ الوحيد فيه ، كنتُ جمهورًا واحدًا لمسرحيةِ الحياةِ التي أنظرُ لها من السقف ، لم أكن خلف المشهد ولم أكن مع الجمهور ، كنتُ السقف دائمًا ، ولعلّي أحببتُ هذا الأمر ، بل تشبثتُ بهِ بحتميةٍ وإصرارٍ ... وربما كان هذا أحد ركائز هذا الضياعِ الذي لا يُفارقني

الضياع؟ فكرةٌ قديمة ، لأنني وببؤسٍ بِتُ أ ألفها ، ولازال هذا الأمرُ غريبًا عليّ ويصطدمُ بنزالاتيَّ الداخلية ... ولا يُهم ، ذلك لا يُهمُ مادمتُ راضيًا رُغم خطورةِ أرضي الداخليةِ ، كنتُ مؤمنًا بالحتمية ، وكان ذلك عذابي ربما .

كان هذا النهارُ حنونًا وغريبًا رغم كُل الأفكار والحوادث ، وكنّا خاضعين تحت رحمةِ الرياحِ الباردةِ وأظنُ أنني الوحيدُ المستريحُ من بين البشر الذين يقطنون في هذه البلدةِ ، أستريحُ على ركبتيّ على العشبِ الشاحبِ من لونهِ والباردِ ، لكن عدمُ بللهِ من الثلج أراحني

أرتبُ البرتقالَ بالصناديقِ الخشبيةِ الكُثر أمامي والتي تجاوزت العشرون ، أنظمها وأنقيها ، وأخرجُ الفاسدَ منها إن وجد ، كنتُ منتظمًا وغارقًا بذلك ، ولطالما أراحتنيَّ الأعمالُ الروتينيةِ والرتيبة ، أشعرُ بأنني أنظمُ نفسيَّ الداخليةِ حينها

فمي كان يُهمهمُ بصعوبةٍ وسطَ هذا الغرقِ بأغنيتي الدائمة ، لكنني أسهى عنها قليلًا بسبب رنينٍ في دماغي لا يكفُ عن العبث ، لا يكفُ عن تركيَّ أبدًا ، يتسللُ لعقلي كخيوطٍ من الصوف ويشربُ من وعيي وعيَه ، لم أنجو ، لا ... لن أنجو أبدًا

لازلتُ معلّقًا بمعزوفةِ آسترو التي عزفها هذا الصباح...
لم أستطع أن أبعد كُل ذاك الزخمِ من عقلي
كان يأكلُ وعيي ، لكن بسكون ، بهدوء ، بكل خفوت
كان الوقعُ مهولًا ومع ذلك كُلهِ كنتُ ساكنًا بالداخل ، هادئًا والحزنُ الذي إجتاحني من عزفهِ ومن منظرهِ حينها ؛ قد ذبُلَ وسكَنت

بجعٌ وغَسقْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن