🌹التاسع والثلاثون🌹

9.9K 275 47
                                    

🌹التاسع والثلاثون 🌹
صَلُّوا‬⁩ ⁦‪عَلَى‬⁩ ⁦‪مَنْ‬⁩ عَلّمَنَا اَلْحُبَّ
وَآخَى الْقَلْبُ بِ اَلْقَلْبِ
وَفتَحَ لِلْخَيْرَاتِ كُلُّ دَرْب
صَلُّوا‬⁩ ⁦‪عَلَى‬⁩ ⁦‪مَنْ‬⁩ يُنَادِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّتِي أُمَّتِي
اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد
***
لاحظ شرودها ونسيانها تناول الطعام، نظراتها المثبتة على صورته دون حديث فقط تستمع وتبتسم في هيام، قطب غير راضيًا (سكن من ساعة ما جعدتيني لا بتتكلمي ولا بتاكلي في إيه يا بابا حتى إنتِ شكلك تعبان ومرهقة)
نفخت بسأم وهي تهتف منزعجة بغيظ من منادته لها بابا والذي يتعمده في قوله(خلصت من سكينة ومن جمصتك فتبهرني وتجولي بابا عايز تشلني يا حمزة)
ابتسم قائلا وهو ينهض ليصنع كوبًا من القهوة تحت نظراتها (وإيه مشكلتك مع الكلمة أنا أكبر منك لو كنت خلفت كان زمان معايا كدك)
زفرت بحرقة من تبريراته التي يتعمد أن يؤنبها بها ويعاتبها بطريقة غير مباشرة نابعة من براكين متأججة داخلة لا تهدأ ولا تنطفئ تقلصت ملامحها بألم لأجله ولأجل ذلات لسانها التي يعاني ويلاتها هو وتتجرعها هي مثل سم بطيء المفعول،أردفت  باستهزاء وهي تخرج من فقاعة الندم تتابعه بنظراتها أينما تحرك (ليه خالي كان هيجوزك على عشر سنين يا فصيل )
نالت أكبر ابتسامة منه على تعليقها الساخر منه ، ليعود بقهوته قائلا في اهتمام يلومها متغاضيًا عما قالت  (أنا بس الي بتكلم من أول اليوم، جولتيلي أجعد هنحكي وأنتِ ساكتة طول الوجت) أخذت نفسًا عميق وهي تحتكر نظراته وتقبض عليها محتفظة بها عندها برضا، وهي تخبره بغرام ونظراتها تنغرس في عينيه مفتشة عن أمانها الخاص وسكينة فؤادها المعذب (كلامك دِه العشج يا حمزاوي متطيبش الدنيا لسكن غير بصوتك الحلو وكلامك الي بيحيها)
حك مؤخرة رأسه مبتسمًا يستمع بصمت حابسًا تأثره وعاطفته عنها، دقاته تقفز بجنون متراقصة على لحن كلماتها،هتفت بذمة شفاه غير راضية مستنكرة  (مش ناوي تحن بجا وتجولي كلام حلو)
مال فمه ببسمة ساخرة قائلا بأسلوب مغيظ (كلام حلو)
تأففت بغضب، ليخبرها بإعتراض يهرب منها ومن خضوعه لهواها  (جومي أنا زهجت منك أدي التابلت لورد وحشتني وأنتِ وخداني منها)
بسرعة كانت تعطية لورد وهي تخبره بفظاظة (بس ياريت متجولش فين سكن؟) غادرت؛ لتلملم الأطباق وترتب المطبخ متفهمة تترك لهما المساحة للتحدث شاعرة بالذنب تجاه ورد التي تركته لها بتفهم رغم اشتياقها أيضا له .
أنهت العمل وعادت لورد بعدما طرقت مستأذنة، اندست بين الأغطية جوارها واضعة رأسها على ذراع ورد منتظرة زاده وحروفه (سكن عامله إيه يا أمي؟  والنوبة؟ الشيخ متجدم معاها ولا إيه..؟)
ابتعد عن شاشة جهازه غير منتبه لمجيئها وسماعها سؤاله المهتم، وعن بسمتها المتألقة؛ لتجيبه ورد بعدما نظرت إليه (مسألتش سكن ليه يا حمزة؟)
صمت قليلًا يفكر ثم أردف بتنهيدة قلة الحيلة واليأس الخانق و ببعض الألم الذي بدل نبرته لمرارة وآسف ومازالت كلماتها تترك ندوبًا في قلبه لا تشفى(مجدرش أسألها معرفش رد فعلها إيه؟ ولا هتظن إيه من سؤالي وهتفهمه كيف،أخاف تفهمني غلط زي كل مرة؟)
تشبعت ملامحها بمرارها أخذتها من كلماته ومعانيها، أخفضت بصرها متهربة لا تجد ما ترد به عليه ولا تفسيرًا أو مبرر، أغمضت عينيها في لوعة، نهضت بعدها هاربة ًرغم نظرات ورد لها التي منعتها وحملت لها طلبًا بالبقاء والرد عليه لكنها أبت في حزن وتركتهما تنفس عن حزنها بعيدًا ،شيعتها ورد بحزن وهي تخبره (النوبة معادتش بتيجي يا حمزة ولا بتتعب وبجت كويسة جوي وأحسن اطمن)
تنفس بإرتياح وهو يغمغم بالحمد والشكر، فرحًا لأجلها مطمئن البال والخاطر لتسأله والدته بإهتمام شاعرة بالإشفاق عليهما مما يحملانه في قلبيهما من ثقل العتاب فلعل عودته ومجيئه تنهي هذا الألم ويعيد إليهما حيويتهما وسعادتهما المفقودة ويفتشان عنها (هترجع جريب يا ضنايا؟)
عاد لشاشة الجهاز موضحًا (المفروض كانوا تلت شهور يا أمي فات منهم شهر  بس لسه مش عارف)
أخبرته ورد بحسرة وحزن عميق،مفصحةً عما تكتمه عن سكن (فرح مودة جريب ياريت ترجع وتروح معاها يا حمزة هي مش هتسيب هنا ولا تسيبني مهما حصل لو أنت غايب ومكنتش معاها، وأنا عيزاها تفرح مع البنته كفاية بكاها وحزنها الي فعنيها كل ما تكلم مودة ويتحدتوا على الفرح ويختاروا الفستان،سكن خايفة يا حمزة تسيبها )
قالتها ليخبرها هو أيضًا بعذاب وانكسار وهو يطرق برأسه في ألم لا يشفى منه (وأنا خايف منها وعليها،خايف من مخها وظنها وخايف تبعد عني واتحرم منها،وخايف اتكلم تجولي كداب وخايف أرجع وأجرب منها توجعني تاني أنا محتار وعاجز معاها عشان كدا سايبها للدكتورة تقى )
طمأنته بإبتسامة بشوش وراحة (شوفتلك حلم حلو جوي يا حمزة يارب يكون من نصيبك)
سخر في استنكارونظراته تعانق الشقاء بتوجع مرير (حلم وحلو ليا أنا؟)
عاتبته والدته في حزم رقيق يغلبه تفهمها (استغفر ربك وظن فيه خير يا واد حكيم)
ضحك حمزة مشاكسًا لها (متجوليش واد حكيم غير لما تزعلي )
قالت بحنو متفهمة ما يعانيه موضحة له برفق(سكن بتتغير ياحمزة ، بتعمل كل حاجه عشان ترضيك يا ضنايا سيبك من الي جالته ما أنت عارف لسانها، تعالى وريحها، اعملها فرح زي أختها
والله يا ولدي كل ما بشوفها بتكلم أختها وتجهز معاها بتصعب علي وازعل عليها مكسورة بغيابك وندمانة ونفسها تفرح )
ضم شفتيه في ألم وضيق وقد نقلت له والدته معاناتها التي شعر أوجعته بحق  بها فقال بإختصار (ربنا يسهل يا أمي، تصبحي على خير هروح أنام عشان الشغل)
أنهت الاتصال متفهمة (وأنت بخير يا ضنايا في رعاية الله وحفظه)
وضعت ورد الهاتف ونادت عليها (سكن)
جاءت ملبية بسرعة فتحت الباب ووقفت أمامها تسأل (إيه يا أمي)
ربتت ورد جوارها قائلة بحنوها وأحتوائها المعهود (تعالي جنبي)
تقدمت سكن منها مرحبة بتلك الدعوة وهي تسأل ونظراتها تبحث عن الجهاز (حمزة جفل؟)
أخبرتها ورد بإبتسامتها الرائعة التي تهدهد قلبها وتضمه في مودة ليست زائفة (بيجول تعبان وعنده شغل)
جلست سكن جوارها متدثرة بنفس الغطاء منتظرة أن تخبرها ورد بسبب استدعائها في شرود وحزن انبثق من نظراتها واطفأ روحها، لتربت ورد على كفها تجذبها بمواساتها من ظلام هواجسها (متزعليش من حمزة)
أدمعت عيناها وقالت بصوت متقطع تخنقه العبرات ويطوقه الذنب(مش زعلانه منه زعلانه من نفسي ومن الي عملته وأني مش عارفه أراضيه كيف ولا أشيل من دماغه الكلام الي جولتله)
ابتسمت ورد وقالت بسكينة قلبها المعهودة (جولي الحلو الي يطرد العفش، اغسلي وسخ الشك الي فجلبه بمية اليقين النضيفة، اثبتيله عكس الي جولتيه يابتي طمنيه وهو هيطمنك)
صمتت تسمع بإهتمام وعناية شديدة، لاحت الحيرة في نظراتها لتستطرد ورد (متستنيش يرضى ومتدهوش فرصة يبعد وتسبيه للفِكر، اشغليه واتكلمي واحكيله كل حاجه، فهميه وافهمي منه ولما يجول حاجه تزعلك اسأليه وعاتبيه دا حمزة طيب وجلبه يساع الدنيا)
ضحكت ورد قائلة وهي تتمدد في استعداد للنوم ( فتحي مخك يابت راضية وركزي وساعتها شوفي هينسى ولا لاه وكيف هيرجع على ملا وشه راضي ولوكمل شغله تعالي عاتبيني وجتها)
طالعتها ببلاهة وعدم فِهم قبل أن تسألها بلهفة مستعدة لخوض المغامرة التي ستعود منها رابحة بفارسها (طيب أعمل إيه؟)
اتسعت ابتسامة ورد وقالت سعيدة بحماسها ورغبتها الشديدة في مراضاته
مرحبة هي بخوضها تلك الفقرة معهما للنجاة بهما من تلك المحنة (أممم ركزي معاي فالي هجوله وافهميني زين وهنخليه يجول حجي برجبتي أنا راجع)
ابتهجت وأضاء وجهها، صفقت متحمسة (ماشي موافجة يا ورد)
هتفت ورد بجدية شديدة وابتسامة مخفية (بس أنا ليا شرط يا حبيبة عمتك)
ضحكت سكن وهتفت بطاعة وهل هناك أروع من عودته (تأمري أمر يا عمتي)
لمعت نظرات ورد بشغف وهي تشرد في البعيد الذي تريده والحلم الذي تتمنى أن تصالح به أيامها الماضية وتُرضي به القادمة منها.
**********
دخلت الشقة متخذة نفس عادته، ما إن تطأ أقدامها عتبات البيت حتى تنادي اسمها ببهجة خاصة حفاظًا على روحه في المكان وتيمنًا به وتربيتًا على قلب ورد التي تراها أصبحت أكثر حزنًا منذ سفره.
كأن اتصالاته لاشي مجرد قطرات لا تروي ظمأ
تركت حقيبة يدها على الطاولة وولجت للداخل مفتشةً، في طريقها تخلصت من حجابها ليسقط شعرها النحاسي على ظهرها كشلال، تخللته بأناملها وهي تنادي (ورد)
لم تجدها بالمطبخ لكنها وجدت من جعلها تعود الخطوتين اللتان قطعتهما شاهقةً بذهول، وقفت أمام الباب شاخصة البصر فاغرة الفم أهدابها ترمش دون توقف ولسان حالها ينطق (حمزة)
ترك ما بيده ووقف يتأملها ازدرد ريقه متوترًا وهو يراها بكل هذه الفتنة الطاغية كحورية خرجت من كتاب أساطير، أو حورية بحر بشعرها الطويل الذي يكاد يلامس الأرض. تبخر عناده وجفائه، رفعت نظراته الملتهمة راية الإشتياق.
ابتسمت وهي ترى نزاعه وتفهمه، عيناه حبيبتاها سرت لها بكل شيء وأخبرتاها بما يعانيه، غاصت فيهما تبحث عن جنتها المفقودة وأمانها الخاص.
تقدمت خطوة ولم تفق من ذهولها دموعها تنساب على خديها بحرارة(حمزة إنت رجعت بجد؟)
حمحم مجليًا صوته الذي ذاب في حرارة عاطفته وسحرها يغيبه عن العالم(لااااه مش بجد)
ضحكت بشقاوة قائلة (ماشي أنا هتأكد بنفسي)
أنهت جملتها بإندفاعها القوي لأحضانه، تغمغم بكل شوق العالم (وحشتني يا حبيبي)
وقف متصلبًا متفاجئا احتفالًا جنونيًا يقيمه قلبه في صدره، ضربته بخفه معاتبةً له (احضني يا حمزة عايزه أحس بيك)
رضخ استسلم لها ولقلبه وكل كيانه الذي اشتاق تلك المعذبة، ضمها يعتصرها بين ذراعيه، رفعت رأسها تتفقد ملامحه فنالت عبث قبلاته.. أغمضت عينيها مستسلمة مرحبة أنفاسها تصرخ هل من مزيد.. وهو رجل اشتاق حد الوجع..وعلى كل إنش من وجهها ترك بصمة وروى قصة اشتياق، ابتعد يلهث لا يصدق ولا يرغب في تركها، فتحت عينيها لتجده ينازع بين رغبتين فابتسمت وبادرت هي بجنون عاطفتها.
دللت شفتيه بقبلة توازي عشقها وتحكي أحجية شوقها، قوية وناعمة تشبهها تمامًا، جنونية كغرامها.
ابتعدت تلهث تطالع استسلامه بإنتصار، فتح عينيه لتنطلق الأسئلة منهما فأخمدتها بتلثيمة سريعة لشفتيه  وابتعدت قائلة (فين ورد؟)
نظراته المتعطشة تجوب خريطة جسدها الذي تبدل وأصبح أكثر فتنة وجمالًا، لاحظته فسألت(اتغيرت؟)
ابتلع ريقه وأجاب (أيوة)
ضحكت قائلة بثقة شديدة (عارفة وكنت مستنية أشوف النظرة دي فعنيك اتأكد بيها)
سألها محاولا السيطرة على أنفعاله تجاهها (اشمعنا)
اقتربت منه بحساب تناولت كوب الماء من جواره بدلال وهي توضح بإبتسامة خلابة (جولتلك عينيك مرايتي، لو كل الدنيا جالت إني حلوة حاجة ولما تجولها إنت حاجة تانية)
ارتشفت من الكوب تحت نظراته الهائمة، ثم منحته الباقي متدللةً بشقاوة (اشرب يا حموزتي يمكن تجري ورايا)
منجذبًا لها لا يرحم عينيه من النظر إليها وتتبع كل حركاتها، مسلوب الإرادة مسحورًا بما يراه تناول الكوب منها هامسًا بتشتت(فين ورد)
قهقهت بدلال وهي تلملم خصلاتها الطويلة وتضعهم على كتفها (أنا الي بسأل)
تركت المطبخ متجهةً للحجرة، بينما غادر هو للمرحاض غسل وجهه ليفيق من تأثيرها.
استيقظ من نومه ، فرق بين جفنيه في ضيق وخسارة، شعور بالفقد يتسلل لصدره ويحيل واحات صدره لصحراء يلهث فيها شغفًا واشتياقًا ليت الشعور اكتمل ليته أحسها ولو كان حُلما فقد لايجود الواقع بتلك اللحظات الرائعة معها، ليته بقيّ معها هناك ولم يعد،هي جارة القلب وسكينته، اعتدل جالسًا بعدما هزم اشتياقه النوم، رافضًا أن يسيطر على عقله سواها ولا يحتل جفنيه غيرها هي..
فتش بهاتفه متمنيًا لو يجدها مستيقظة فيهرب لصوتها ونعومته، يتعزى به عن لقاء تتوق إليه نفسه المعذبة في هواها..
زفر بإحباط ورغبة في الاتصال بها تتملكه وتسيطر عليه يريد رؤيتها الآن ليرتوي ويخفت صوت الألم.
تغلق منذ ساعات الغائبة الحاضرة بين أنفاسه وفي متكأ عينيه.
نفض الدثار ونهض ممسكًا بهاتفه في أمل منتظرًا ربما ترد له مرسال روحه لها بالحضور.
صنع لنفسه كوبًا من العصير المنعش وجلس يتصفح هاتفه وجد رسالة من هيما فسارع بفضها في لهفة كانت صورة لها وهي تجلس أما الآريكة النائم فوق تطالعه بنظرة رائعة فريدة ابتسم وسارع بسؤاله
(جبتها منين)
(لما كنت تعبان فقنا جات وشافتك وفضلت جنبك)
(اول مرة تبعتهالي)
(صورتها واحتفظت بيها وأنا بقلّب في الصور لقيتها وبعتهالك)
حرك أنامله فوق الصورة ليكبر وجهها فيتأمله متسارع الأنفاس هامسًا بإشياق ملأ كيانه (وحشتيني يا سكن)
حضرت كأن الهمس في أذنها، لبت نداء قلبه واستدعاء روحه كتبت بإختصار اسمه (حمزة) تتأكد من استيقاظه دون إزعاجه وتستدعي خادم السحر بنطقها أحرفه، سحر كلماته التي يفتنها بها.
تهلل وجهه فهمس بحروفها فرِحًا بحضورها
(سكن)
(صاحي يا حمزة؟)
(أنتِ صاحية ليه؟)
جابت الصالة الفارغة بنظراتها المقهورة المتحسرة قبل أن تعود لشاشة الهاتف وتهمس بإفتقادها له ربما توقظ حنينه النائم
(حلمت بيك يا حبيبي ومن وجتها لا عارفة أرجع للنوم وأجابلك تاني ولا عارفه ارتاح )
على الفور ضغط زر الاتصال فأجابت
صمت، أنفاسه الثائرة مقابل أنفاسها الناعمة وكل نفس يوشوش لأذن الآخر منهما بالغرام، ليقطع الصمت ويغرد بنبرته في قلبها المتلهف (حلمتي بأيه؟)
توهجت روحها وابتسمت متذكرة حلمها الرائع معه (شوفتك رجعت وحضنتك ياحمزة وشبعت منك)
أخبرها بتنهيدة عذاب تفارق حلقة (وأنا حلمت بيكِ ياسكن)
سألته بإبتسامة رائقة (حلمت بأيه يا حمزة يارب يكون حلو؟)
أجابها بصفاء متذكرًا لقائهما الذي طُبعت آثاره داخل قلبه ومازالت أطياف من صوره تُختزن بعينيه (حلو جوي يا سكن شوفت...)
صمت مترددًا متحيرًا يخاف البوح ويخشى المصارحة، ربما لو نطق ينال من سوء ظنها جرعة أخرى ترديه قتيل الخذلان منها، ربما تخطئ التأويل وترميه بكلماتها الفظه وبما لن يتحمله فآثر الصمت وكتمه داخله حتى لا تحيل مذاق حلمه الحلو داخله لمر يبتلعه مرغمًا.
عضت شفتيها وقالت حابسة وجعها داخلها في غضب يشعل حرائق من الندم والحسرة داخلها،تذكرت كلماته لوالدته وما يعانيه من كلماتها التي أفسدت كل شيء، أي جنون دفعها لتهذي بتلك الكلمات التي تراها دائما نصلًا حادًا ينحر عشقه كلمت حاول إظهاره لها(زعلتك كتير أنا يا حمزة؟)
قال بضحكة مبتورة يقطر منها الوجع (مش مهم عادي أنا متعود يا سكن )
عاتبته وهي تكتم آنات وجعها (سبتنا ليه يا حمزة وسافرت ليه مجعدتش واتكلمنا واتفاهمنا)
(جولت أتعود على غيابك ياسكن زي ما اتعودت على وجودك ومش عايزك تشوفي مني غير الخير لو فضلت يمكن كنت زعلتك أكتر ومعرفتش اتحكم فغضبي منك وزعلي ، وكمان تفكري زين أنتِ عايزة إيه؟)
قالها بهمس متألمًا متوجعًا بينما هي تتلوى حسرةً وندمًا تقبض عليه كالجمرة 
قالت وصوتها يتهدج ببكاء (أنا حمارة يا حمزة ومبعرفش بجول إيه؟ بفهم غلط وغبية ارجع يا حمزة وهنتكلم أنا خلاص خفيت)
زفر بضيق قبل أن يوضح لها في يأس (مش بعدت علشان الي عندك ولا مستني تخفي علشان أرجع، ولا الموضوع دِه هو الي هيحدد مصيرنا مع بعض ولا كان يفرجلي، إنتِ بس الي كنتِ فارجة وجودك جنبي هو الي يفرج، إني أكمل حياتي وأنت معايا، عادي كنا هنصبر ونعدي كل حاجه يا سكن وأحنا مع بعض،مكنتش هجرب غير لما تكوني فاهمة وراضية وموافجة )
اكتوت بنار كلماته التي خرجت عميقة أحرفها ملثمة بعشقه، همست بخفوت متوسلة ترجوه (طيب خلاص أنا فهمت سيب كل حاجه وارجع)
أخبرها بجدية (هخلص شغلي وأرجع)
سرى بينهما صمتًا طويل قطعه بهمس متفهم (جومي نامي كفاية سهر)
قالت بتردد خائفة من رفضه (بس متجفلش غير لما أنام عشان خايفة)
هتف بموافقة ورضا مشفقًا عليها من وحدتها (ماشي يلا جومي)
نهضت بحماس متجهة لحجرتهما وهي تحكي له عما عانته (كتير كنت بصحى أدور عليك يا حمزة)
انكمشت فوق الفِراش تحت الدثار ليهمس منبهًا (خففي برودة التكييف ياسكن عشان أنتِ مبتتغطيش كويس)
ضحكت قائلة وهي تغمض عينيها استعددًا للنوم (مودة مكانتش بتحب تنام جنبي وبتجولي إني بعذبها)
حذا حذوها وتمدد فوق فراشه مغمغمًا بتمني رسم خطوط الاشتياق فوق ملامحه المتأثرة (أنا بحب وعندي استعداد منمش وأفضل أخد بالي منك طول الليل يا سكن)
ما بين النوم واليقظة وقبل أن تسقط همست بآسف (معذبة كل الي بحبهم أنا مش يبجا الموت برضو أحسن)
قاطعها بنبرة تتأرجح ما بين الحدة والتحذير والرجاء الذي سكبه في أذنيها (سكن)
ابتسمت مستسلمة للنوم، ليستطرد بعدما أغضبه قولها (متعرفيش تسكتي خالص ولا تختميها غير بعكننه)
غمغمت بنعاس(هتزعل عليّ وجتها يا حمزة)
تنهد والفكرة تحتل تفكيره وتجلده بعنف(هموت وراكي يا سكن)
غمغمت وابتسامة ضعيفة تزين ثغرها (بس أنت عيشت بعد مرام يا حمزة)
تثاءب هامسًا بإبتسامة (بس إنتِ روح حمزة الي لو راحت يموت)
سقطت في النوم قبل أن تعي ما يهمس به، ليغلق الهاتف وينام هو الآخر بعد يوم طويل متعب.
******
في اليوم التالي ظهرًا
دخلت الشقة تدندن، تهز رأسها طربًا مع اللحن المنغم الذي تنطق بكلماته، توقفت في المنتصف مفتقدة استقبال عمها متعجبة من اختفائه عن ناظريها  (حسان، حسان)
خرج من المطبخ ملبيًا بعاطفته الأبوية الشديدة،مبتهجًا لمجيئها (أيوة يا بتي)
قطبت معاتبة في طفولية (مبتفتحش الباب زي عوايدك)
رمقها بنظرة ثاقبة قرأت ما في نفسها و ليبتسم بإنشراح ويشاركها فرحة وضياء روحها من جديد قائلا (حمد الله على سلامة حمزة نوّر الدنيا ونور روحك)
ضحكت نصف ضحكة بحياء من معرفته وكشفه دواخلها بسهولة  اقتربت منه مضيقة عينيها تسأله حائرة (عرفت منين دا أنا كنت جاية أجولك)
هز رأسه قائلًا وهو يعود للمطبخ من جديد (شوفته مرسوم فعنيكِ ونورة طلّ من روحك لما دخلتي)
وقفت خلفه تعاين المطبخ قائلة بمرح (مش سهل إنت يا حسان)
سألها بإهتمام وهو يصب لها كوبًا مما صنعه بحب أبوته واهتمامه بها وانشغاله بحالتها الأخيرة (كيفها الغالية بجت كويسة؟)
قالت بتأكيد متذكرة اللحظات الفائتة بسعادة تشع من روحها (أحسن جوي ردت ليها روحها واطمنت)
حمدالله وأثنى عليه وهو يصنع لنفسه كوبًا آخر وهو يشرح لها بحنين (دي تلبينة كانت أمي تعملهالنا لما نحزنوا ولا نتنكدوا وكانت ورد بتحبها جوي)
هزت سكن رأسها وهي تخرج من باب المطبخ يتبعها هو (ورد عملتهالي كتير يا عم)
جلس أرضًا وكذلك فعلت هي، ليستطرد حسان وهو يسند ظهره للحائط مسترجعًا ماضيه بحنين (كان أبوكي بعد ما ماتت أمي يعملهالها لما يلاجيها تبكي ولا زعلانه)
ابتسمت بشجن ونظراتها تخطف من عينيه قبس الذكرى، يتشاركاه في رحلتهما داخل أنفاق الوجع المظلمة.
همست سكن والدموع تطفر من عينيها (ورد مبتحكليش عن أبوي)
ابتسم يهمس لها بما تسره ورد في نفسها ويعرفه عنها (الغالية مبتحبش تتكلم كتير، وأبوكي عندها كان حاجه تانية والي حصل وجعها وبعّدها عنه وهو اشترى خاطرها ورضاها وجاطعنا)
عاتبته وهي تترك كوبها وتحني رأسها في بؤس تلومه بحدة (فرجتنا ليه ياعم)
شرد قائلا بمرارة وغصة قيدت قلبه وخنقته بحبال الندم الغليظة يشعر بحاجة للبوح كما بشعر بقرب نهاية رحلته معها فليمنحها الحقيقة من فمه هو شيطان الحكاية ووحشها المنبوذ  (غيوم رفعت جه وغواني، دلني على مجبرة كبيرة حراسها كانوا واعرين وشداد بس الي كان فيها ميتسبش، شوفتها واتسعرت غرتني الدنيا وسحر المال خطفني ولعنته رمت شباكها علي، بعت الأرض والحال والمحتال  جمعت الفلوس واتيسر فتحها بس خالك وسوس لحكيم ودله عليها مكانش يعرف إنها بتاعتي،رفعت كان بيثبت بيها حسن نيته لأخوه، خالك طوالي بلغ أبو زين وتصادرت المجبرة ورجعت عالحميد المجيد، وفضل خالك يوسوس ويملاني من تلاه، لغاية ما مسكت فأبو حمزة وفساعة شيطان رفعت سلاحي عليه وكان الي كان) توقفت شهقاتها مع كلماته التي اختنقت واصطفت في حلقة مشيدة سدود عالية جاهد ليتخطاها وأردف بهلاك متعذبًا بها (هربت فبيت واحدة معرفة اسمها نرجس بس رفعت مسابنيش اتفج معاها و بلغ عني ومش كدِه وبس دا حطلي في الشقة مخدرات وسلاح وبدل ما تجبا جضية جتل خطأ بقت حيازة سلاح وتعاطي )
غطت وجهها بكفيها في ألم يزحف داخلها ويسعى بدبيب قاتل كالأفاعي،تعالت شهقاتها وداخلها يلعن خالها ويطلق عليه رصاصات القصاص العادلة
تنفس حسان بقوة ثم قال بضحكة هزيمة (جتل أخوه بيدي وخلص مني ومنه وغايته كانت ورد ومن بعدها المال والمجبرة)
سحبت كفيها وطالعته بنظرة ميتة تؤكد في شماتة (واهو مطالش ربنا عادل)
ضحك في سخرية  وانهزام قبل أن يصفعها بالحقائق (دِه الي كنت فاكره أنا وغيري، هو مطالش ورد بس خد المجبرة والي فيها وروح تانية ملهاش ذنب)
سألته بإهتزاز وخوف ملأ كيانها كله (مين؟)
أعلن بصمته ومغادرته بروحه وعقله لدنيا لا تعرفها انتهاء جلسة المصارحة، يظل فيها مصفدًا بقيود الماضي،مسجونًا خلف وجيعته معصوبًا بذنبه يستغفر ويسبح يعلن حسرته وندمه ألف مرة و يقر صادقًا بالتوبة
*************
عادت متعبة منهكة القوى وكأنها ركضت مع عمها العشر سنوات حتى  وصلت للماضي وعاصرته ورأت بعينيها ما حدث، تهربت من نظرات ورد التي تقرأها ونأت بنفسها عن أسئلتها التي تتقافز ولا تنطقها، لا تريد اخبارها وتفتح بوابات الماضي العتيقة وتدفعها لها دفعًا دون رحمة، هي تعلم أنها لم تنسِ قط ولم تغفر، يسوَد وجهها حين تنطق هي اسم عمها سهوًا، يتبدل حالها حين تغادر ويتلون محياها الجميل بالألم حين تخبرها أنها تحدثت معه..يتهدل كتفاها حسرة وذنبًا
أدركت كم تحبها عمتها هي وحمزة حين قبلت بحسان معالجًا،رغم ما كان ولايهمها سواهما.
تحركت من جلستها نافضةً شرودها الذي أحسته ورد لكنها صمتت منتظرة
وقفت جوارها وانحنت تضمها بمودة حقيقية نابعة من قلبها وامتنان شديد وهي تشكرها بحرارة (بحبك أنا يا ورد ربنا يخليكِ ليا وميحرمنيش منك ولا من وجودك جنبي ودايما ترضي عند)
ربتت ورد على ذراع سكن المحيط لها هامسةً (ربنا يراضيكي يا سكن الغالي ويريح جلبك وبالك)
طبعت سكن قبلتين فوق رأسها هامسة بنصف ضحكة (واحدة ليا وواحدة لحمزاوي)
ابتسمت ورد وهي تشد جسدها لتُجلسها جوارها متسائلة (عمك جالك متى آخر جلسةً؟)
اهتز فكها بتوتر وهي تخبرها (جريب جوي  يا أمي)
أشارت لها ورد (طيب جومي غيري وتعالي حمزة سأل عليكي كتير وطفشني)
ضحكت قائلة (حاضر)
بعد مرور وقت طويل حاولت فيه الاتصال به كثيرًا لكنه لا يجيبها، سحبت احدى روايات ورد وجلست لتقرأ منتظرة له.
رن جرس الباب ففتحت ورد واستقبلت هيما الذي اندفع للداخل صائحًا بحماس وسعادة (سكن فين)
أجابته من الداخل حيث تجلس متربعة فوق الآريكة ممسكة بروايتها وأمامها طبق كبير من الحَبّ
صرخ قائلًا بإنفعال ونظراته تتابع حركات حمزة في الفيديو الظاهر على هاتفه(مش برنلك مبترديش ليه؟)
تأففت معترضة من صراخه العالي متسائلة(في إيه؟  التليفون جوا يا زفت)
ضربها فوق رأسها حانقًا يجذب انتباهها بقوله (حمزة يابت بيتكلم عنك)
قفزت واقفة تسأله بلهفة تعانق ملامحها وابتسامة تترنم فوق ثغرها(فين وبيجول إيه؟)
أشار للهاتف بضحكة متحمسة
ركضت تجاهه وقفت جواره تتابع بنبض مرتفع وأنفاس مترددة بعشق وشوق.
جلست ورد تتابع ما يحدث بصمت تتقاسم معهما الابتسامة وتتشارك السعادة، حيث أخبرها حمزة مسبقًا ما ينوي فعله وسألها عن رأيها الذي كان مماثلًا لرأيه لذلك فضلت البقاء بعيدًا ومشاهدة رد فعل سكن من بعيد هي لم تنصح سكن وحدها وتدفعها تجاهه بل فعلت معه المثل وأكثر وكلاهما يظن أنه يدير الأمر ويخطط معها لإخضاع الطرف الآخر ونيل رضاه.
سألته أحدى المتابعات (دبلتك دي منين يا شيف)
أجابها وعينيه تلمع بعشق، شاردًا في ذكراها(هدية من مراتي)
ابتهجت لاقتران بسمته ولمعة عينيه بذكرها، نبضات قلبها تعلو بإضطراب
ليأتيه تعليقًا آخر حبس أنفاسها (شكلك بتحبها عينك دايما على دبلتها)
رفع كفه المضمومة يطالع الخاتم الفضي بنظرة شوق ثم منحه قبلته مفصحًا عن مشاعره (طبعًا بحبها ربنا يباركلي فيها وتدوملي طول العمر، وبالمناسبة هي أكيد شايفة البث وأنا عايز أقولها إني بحبها وآسف لو كنت زعلتها وآسف للي حصل مني في المطعم كان غصب عني وأنا راضي بأي ترضية تحبها)
اتسعت نظراتهاعلى صورته،احتوتها كلها ومشاعرها تختلط،تبكي وتضحك في ذات اللحظة لا تعرف أي شعور عليها أن تحتضنه وتظهره في لحظة فريدة كهذه،قفزت مختصرة كل ما تريد قوله في نطقها اسمه كأن كل حرف منه هو قصيدة عشق وقاموس لمفردات الهوى،زينة روحها وقلادة قلبها السحرية التي ما إن تلمسها حتى تدخل عالم هواه الساحر،تاج رأسها الذي يتوجها ملكة على عرش مدينة العشاق (حمزة)
ضحك هيما يشاركها سعادتها البسيطة موضحًا لخالته التي سألت بمكر (ما توروني) (الشيف قالها بحبك في البث)
ضحكت ورد على سعادتها وقفزها ومرحها، فدعت له متأثرة بفعلته (ربنا يجبر خاطرك يا ولدي، زي ما جابر خاطر مرتك دايمًا)
ظلت تتابعه حتى انتهى البث خاصته فسارعت بالكتابة له
(ايه الي جولته دِه؟  دا حجيجي
ولا تمثيل؟)
قرأ مبتسمًا ثم أجابها مشاكسًا لها
(عادي بعمل خير يا بت عمتي متصدجيش عشان حمزة كداب)
عاتبته برقة (متبوظش الي عملته دا أنا جلبي ركّب جناحين وطار عندك يا حبيبي)
أوضح لها بندم ( مبحبش اطلع واتكلم نادر جدًا بس حسيت أن حجك عليا أطلع عشانك وأردلك كرامتك جدامهم واعتذرلك لأني غلطت يومها)
سارعت بمهاتفته ليجيب بسرعة فتهتف بعاطفة شديدة
(أنا بحبك يا حمزة اعمل ايه عشان تصدج وتريح جلبي وجلبك)
أجابها منعزلًا عنها بتأثره في فقاعة البرود (أحبك الله يا سكن)
أجابت من بين أسنانها بغيظ (ماشي يا شيخ حمزة ميهمش هعديها)
صمتت قليلا ثم أخبرته بخجل ورقة شديدة خطفته بها لعالم خالص بهما 
(شيف حمزة أنا غِيْرت عليك منهم)
حمحم بإرتباك وطاقة تحمله لفراقها تنفذ من كلماتها ودلالها،قال بجدية (بفكر أجفل صفحاتي يا سكن)
سألته بضيق غير راضية بقراره (ليه يا حبيبي؟)
أخبرها محاولا التماسك أمام نبرتها الناعمة ودلالها له الذي يُضعف مقاومته (شايف هتجبلي مشاكل وهتأذينا)
اقترحت عليه بتفهم وعقلانية مشاركة له القرار والتفكير (لاااه يا حمزة متضيعش تعبك ومجهودك سيبها الناس بتحبك وبتحب شغلك)
ثم هتفت محذرة بنبرة غليظة (ومتطلعش تاني خليك في الشغل وبس بدل ما أجفلهالك أنا يا حبيب مرتك)
كتم ضحكته وقال بتماسك (هحاول بس الموضوع عجبني يمكن اعملها كل فترة)
صاحت في غضب وغيظ متوعدة له (وجتها شوف مين يخلصك مني يا دكتور البهايم أنت)
قهقه عاليا لأول مرة منذ ما حدث لتفغر فمها ببلاهة قبل أن تهتف بإعجاب وغرام (يا جمالوا يا حمزاوي ضحكتك هزت جلبي، صوتها وصل لحيطانه وبيبانه وفتحتهم،بتتردد جوا روحي من حلاوتها،الدنيا كلها ضحكت معاك وحسدتني عليها)
توقف عن الضحك قائلا وهو يتنفس معبقا رئتيه بالهواء (طيب يلا أمشي معايا شغل هتجازى بسببك)
مال فمها بخيبة وإحباط قبل أن تستسلم وتنهي الاتصال (ماشي يا حمزاوي سلام)
**********
بعد مرور يومين
سألته والدته بإهتمام واندهاش لم تخطئه أذناه بعدما أخبرها هيما بما حدث ومجيء والد زهرة له ورغبته في زيارتها وطلب السماح منها (حمزة صح رضيت بحبس زهرة)
قال بإنفعال حاد وتحفز وقد تبدلت ملامحه لأخرى شرسة متوعدة (أيوة ووالله لو كنت طولتها كنت مسحت بيها الأرض)
قطبت ورد مستفهمة عن سر غضبته القوية منها وإصراره على تأديبها (ليه يا ولدي من متى وأنت كدِه؟  طول عمرك رحيم وبتسامح)
قال بحدة (أسامح في الي يخصني لكن تشتم مرتي جدامي وتدعي عليها والله ما أسيبها غير لما تتحبس وتتأدب، دا أنا جلبي واجعني من يومها على سكن)
ظهرت سكن عبر كاميرا التابلت قائلة بضحكتها الرائقة وقد فضحت أمر ا
وصولها واستماعها(سلامة جلبك يا حبيب مرتك)
سحبت الجهاز وغادرت به للحجرة ضاحكة بمزاج رائق وهدوء نفس.
رفع حاجبه متسائلا مخبئًا حرجه من تلك المفاجآة (أنتِ هنا من متى؟)
هزت حاجبيها تغيظة وهي تتصنع التفكير مردفة مقلدة طريقته (باين من وجت ما جولت  سكن وحشتني جوي يا أمي بجالي يومين مش عارف أسمع صوتها ومش بتكتبلي)
أنكر بمزاح وهو يسترخي مشاكسًا لها (لاااه مجولتش دي أحلام وأماني، أو أوهام بجا)
ضحكت برقة قائلة لتغيظه أكثر (أنا سجلتلك علشان عارفة هتنكر يا دكتور البهايم)
خبأ ابتسامته قائلا في مراوغة (غلطت عادي، أو صعبتي عليّ فبطيب خاطرك وبعمل الخير وأرميه البحر)
قالت وهي تزيح خصلاتها خلف أذنها (مش هكلمك تاني يا دكتور البهايم)
هتف بإستهانة وعدم اهتمام (براحتك عادي)
عضت شفتيها مبتسمة لتحديه لها فقالت بغمزة شقية (هنشوف يا كئيب، بس لو حصل العكس ليا عندك هدية اختارها بنفسي موافق؟)
قال بإبتسامة رائقة (لاااه)
ابتعدت قليلا عن الشاشة هاتفة (تمام يبجا موافج يا حمزاوي باي بجا نازلة الجيم مع هند)
اندفع هاتفا متفاجئا (أنتِ مش لسه داخله هتنزلي تاني، ومجولتيش ليه؟  ولا استأذنتيني؟)
هتفت وهي تقف بعيدا ترتدي باقي ملابسها وتستعد للمغادرة (مش جولت ماليش دعوة ورد حرة معاكي وجوزتني لورد وورد أدتني الأذن خلاص)
ختمت قولها بضحكة ساخرة منه وهي تلقي له قبلة طائرة بأطراف أناملها.
أقترب يتأمل ما ترتديه قليلا قبل أن يقول وملامحه تعلن الاستحسان والإعجاب في آن واحد (تمام ماشي خلي بالك من نفسك)
سألته من بعيد (ليه خايف عليا مثلا)
قال يستفزها أكثر متعطشًا لشقاوتها ومشاكستها التي يفتقدها دومًا (لاااه أنتِ أمانة عايز أرجعك لأمك سليمة )
ضحكت بدلال قائلة وهي تضع حزام حقيبتها على كتفها (دِه عند أمك أنت يا حموزتي أنت لسه مصدج إني هسيبك أنا خلاص بجيت جدرك وبلوتك )
ابتسم قائلا (يا سلام لو أنا مش عايز  هتكملي كيف غصب عني؟)
اقتربت هاتفة مقلدة له تذكره بما قاله يومًا ومازال محفورًا بجدران قلبها(معلش يا حمزاوي وافج على سكن المغرمة بيك دي وهتموت عليك علشان أملك حج تصليح حياتك البايظة يا كئيب وأكسب ثواب فيك وأجبلك عيلين يتنططوا حواليك ويطلعوا عينك) تنهدت بهيام ثم أردفت وهي تتابع (اصل والله هموت وأربطك بيا العمر كله يا لذيذ أنت )
رن هاتفها فقزت وهي تلقي له المزيد من القبلات قائلة (باي يا حمزاوي متنساش اتفاجنا)
نبهها قائلا بإهتمام (خدي كارت البنك معاكي أو فلوس من أمي)
أمسك بالجهاز قائلة بلا مبالاة وتعجل (معايا فلوس)
مال فمه بسخرية وهو يخبرها بنزق (جصدك الي ادتهالك أمك وخبتيها يا برميل الذكاء)
قطبت مستفسرة (وعرفت منين يا نبيه)
ضحك منها مستهزئًا (دا أنتِ مخبياها تحت هدومي)
ضربت جبهتها متأففة لتسأله بذمة شفاه غير راضية (أنت متضايج ليه عادي دا حجي من فلوس أبويا)
أوضح لها بحزم (لا يا حبيبة حمزة أنتِ مرتي وملزمة مني فلوس أبوكي متلزمنيش)
رفرفت بأهدابها متأثرة بقوله غائبة في مذاق دلاله اللذيذ (أيوة جول الله يهديك واطربني)
تغاضى ببرود وثبات مغيرًا الحوار(هتلاجي عندك ورج لحساب في البنك باسمك خدت الفلوس وحطيتهم فيه ومعاهم فلوس مهرك يا سكن)
استنكرت بضيق (ومخدتش رأيي ليه؟)
ابتسم قائلا (لسه صغيرة أنت يا بابا لما تكبري وتعجلي أوعدك هاخد رأيك)
هتفت بإمتعاض شديد وضجر من مشاكسته لها المستفزة(ماشي يا دكتور البهايم مردودالك)
رن هاتفها فهتفت بإستعجال (يلا سلام أنا ماشية)
أعادت الهاتف لورد وخرجت تودعها همساته
(استودعتك الله يا سكني ربنا يحفظك)
ابتسم بهيام يعيد على مسامعه كلماتها الشقية التي قالتها له وحوارها الذي لا يشبع منه قبل أن ينتبه لوالدته ويبدأ معها الحديث.
*************
في المساء عادت وجلست منتظرة سؤاله وهي تعلم أنه يحترق الآن ليفعلها ويطمئن عليها ويعرف تفاصيل يومها، فقررت أن ترحمه وتبدأ هي 
أرسلت له أغنيتها المفضلة التي تذكرها به دائما

ملاذ قلبي سكن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن