♡الثاني والخمسون♡

9.8K 279 45
                                    

اللهم إني إستودعتك تعبي ومجهودي وأفكاري وتعب أيامي وسهر ليالي يارب.
****
لا اله  الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين.
*"""""
     ♕الثاني والخمسون ♕
أمسك بكفها لتنهض لكنها صرخت بفزع وهي تنظر لقدميها بعجز ودهشة عظيمة لا تصدق تلك الخيانة منها «مش حاسة بيهم يا حمزة ولا هجدر أمشي»
رمش يستوعب كلماتها ويُقحمها لعقله في تلك اللحظة التي توقف فيها الزمن عنده «يعني إيه»
اعتصرت عينيها موضحة بهمس متألم واستجداء مُر «مش عارفة يا حمزة»
انتصبت ورد واقفة محوقلة، متخبطة هي الأخرى في التفسير والتأويل. انحنى حمزة وحملها بين ذراعيه منتشلًا لها وله من هذا الضياع ومحاصرة التوهة لهم ، ادخلها الحجرة ووضعها برفق فوق الفِراش ثم جلس جوارها يستفهم «حصل إيه»
تبعته ورد وجلست فوق الفِراش المقابل تنتظر إمداد سكن لهم بالمعرفة؛ لتتضح الرؤية أمامهما، أخبرتهما سكن ودموعها لا تتوقف «كنت واجفة حسيت بدوخة ونَفَسِي بيروح مني، فجأة وجعت»
طمأنتها ورد وهي تنسحب من الحجرة في حيرة وقلق يُشكلان داخلها دوامة تبتلع كل مشاعرها إلا واحدًا تركته غير قادرة على انتزاع جذورة وهو الحنان الطاغي «اهدي يا ضنايا هجوم أعملك عصير لمون»أومأت سكن 
فغادرت ورد وتركتهما على انفراد مُفكرة فيما يحدث، بينما أعطى حمزة وعيه واهتمامه لها كاملًا، لا يتحمل أن يراها هكذا ولا يحب ضعفها وخوفها الذي يهزمه ويُلقي به غريقًا في بحر يأسه وجزعه.
مسح لها دموعها المسترسلة بكفيه غير مستسلم لانقباض قلبه ولا حزنه الذي يقطّع أحشائه ويدمي فرحته «ليه يا بابا كل البكا دِه متخافيش»
دفعت كفه بغلظة وهي تنبهه من بين دموعها الغزيرة وألم روحها «المرة التانية تجول بابا»
ضحك رغم حزنه ووجعه، لكنه مرغم لتهدئتها و طمأنتها، ضم رأسها لصدره بحنو وهو يجاريها في رغبتها «خلاص يا سكني»
أبعدها يشاكسها بمرح ليخفف عنها ثقل الوجع واضطرابات نفسها وخوفها الذي يراه في نظراتها الكسيرة«سكني جولي إن ده مجلب عشان نبيت هنا في الأوضة وإنك ولا مكسوفة من أمي ولا حاجة يا جزمة»
ابتسمت لمحاولاته وهمست وهي ترفع طرف ما يرتديه تمسح فيه أنفها ووجهها «أيوة نفسي، بس أنا تعبت صُح» ضربها على كفها متأففًا من فعلتها«مش هتبطلي جرف؟ المناديل جنبك»
قالت بإنزعاج وهي تهز رأسها رافضةً «لاه مرتاحة كده، عايز تجلعه اجلعه »
قهقهه وهو يضمها لصدره مُعاتبًا في شقاوة «كنتي جولتي من غير جرف وكنت هجلع والله»
رمقته بطرف عينيها قائلة «حمزة كنت أجول عليك متربي سبع مرات أتاريك كنت محوش جلة الرباية»
غمزها بمكر وشقاوة «محوشهالك مين غيرك يستاهلها»
دفعته بقبضتها على صدره ضاحكة في خجل من كلماته، ضمها لصدره بقوة
وقبّل رأسها بحنان وهو يتمدد برفق محافظًا على وجودها بين بأحضانه وهو يهمس «نامي يا حبيبي شوية»
سألته وهي تغمض عينيها بإرهاق وتعب خوفًا من أن تظل مستيقظة وتقف على قدميها فلا تستطيع،فاختارت أن تستسلم لاقتراحه في هروب واختباء من الهواجس اللعينة،لكنها تريد مراضاته وإسعاده وتعويضه عما فات فلا أحب إليها من ذلك،هي مستعدة للتضحية بنفسها إن احتاج الأمر بذل نفسها في سبيل رضاه وراحته، تحمّل الكثيرلأجلها وعانى، ألا يستحق شيئًا من السعادة والراحة؟  ألا يستحق أن تختاره على نفسها؟ هو الذي صنعها على عينه وأوصلها لما هي عليه الآن؟ 
جعلها تتقبل العالم بمساوئه مفتشة فيه عن حلوه، أن تعفو عن راضية وتحتضن مودة، أن تمنح السعادة كما منحها إياها بطيب نفس.
أن تذوق الرضا وتأخذ سر وصفته ونكهته، منحها الحياة بعد موت وأعطاها أنفسًا من صدره تحيا بها بعدما أقتسمها معها.
كيف كانت سكن بدونه وكيف أصبحت به وبلمسات عشقه السحرية؟
أي شعور يكفيه؟  أي حب هذا الذي يرد له حبه الفريد وحنانه الذي لا ينضب بل يتجدد بطاقة هائلة،عزيز القلب أمام نُبله كل بضاعتها بخس.
همست بقلق أصبح سمة وعثرة لحروفها المحترقة«هتصحيني تاني؟»
أكد وهو يرفع الغطاء بإحكام على جسديهما «أيوة يا سكني هصحيكي)
همست وهي تلثم عنقه كعادتها«بحبك يا حمزة»
ربت فوق خصلاتها بعشق «وحمزة بيعشجك يا سكنه» 
الآن فهم معنى السكن الحقيقي، أن يكون صدر أحدهم وقلبه بيتك الآمن وراحة نفسك، سكن كانت قبلة الترضية التي منحتها له الدنيا على جبينه وضمتها الحنون له، عزاءً لأوجاعه ومواساةً لقلبه.. ماذا إن عادت لا تريده وتنفره؟ تلفظه كبصقة؟ أن يُحرم من الوطوء لأرضها؟ ألا يكفيه منها نظرة؟ بل يكفيه منها نفسًا يتردد في صدريهما وهواءً يتشاركان فيه سويًا، يكفيه همسًا منها باسمه يفتح به ذراعيه للحياة، وضحكة تداعب قلبه وتفتح له أبواب السعادة، هو رجل ذاق كل وجع وعايش كل حزن، يرضى بالقليل ثقةً في الله ويصبر ثقةً في عطائه.
غرق في النوم متشبثًا بها بعدما أطمأنت نفسه لقضاء الله وقدره واستعد للقادم بصبره  ، استيقظت قبل الفجر مالت ناحيته تهمس بعدما طالعت شاشة الهاتف  «حموزتي»
فرق بين جفنيه يسألها بقلق «أنتِ بخير يا حبيبي»
أجابته بإبتسامة أظهرت حُسنِها«بخير إيه هتكمل نوم ولا تجوم؟»
دفن وجهها في تجويف عنقها «هنام نامي أنتِ»
ضربته بخفة على رأسه «جوم أحنا نايمين من المغرب يا كسلان»
أجابها بملل «هنعمل إيه؟»
أعتدلت جالسة تخبره بإبتسامة رائعة وحيوية، مما جلب انتباهه وجعله يجلس منتبهًا نافضًا النعاس«شوفت خالي يا حمزة»
سألها بلهفة وهو جلس جوارها مترقبًا قولها «بجد»
ابتسمت بإنشراح وهي تخبره بنشاط وفرحة أصابته بالعدوى «بيسلّم عليك جوي»
ابتسم حمزة متأثرًا بقولها فتابعت موجّهة حديثها له «جلي جولي لحمزة
إنُمْا يٌوٰفٓيَ الَصْابٌرٓوَن أجُرَهٰمٓ بـّغَيْر حَسُاْبٰ)
تذكر حمزة ما كان يفكر فيه قبل نومه فأدمعت عيناه متأثرًا داعيًا بالرحمة والمغفرة لوالده وصديقه، تأثرت سكن برؤيته هكذا مرتعشًا دامع العينين كطفل وحيد منحه أحد المارة حلوى يشتهيها،أحاطت وجهه بكفيها وهمست ببداية بكاء«حمزاوي زعلان ليه؟»
ابتسم وهو يبعد كفيها ويقبلها في لوم لها «وأنتِ هتبكي ليه؟»
قالت بإرتباك شديد انطلق منه الصدق «محبش أشوفك كِده»
قبّل جبينها بتقدير قبل أن يقترح بشقاوة ومرح «بجولك ما تجومي ترجصي شوية»
نسيت ما كان في زحام ثرثرته ومرحه، ضحكت تشاركه الحماس «موافجة طبعًا بس الأغاني؟ ورد جالت أغاني لاه وأصلًا مش هينفع نشغلها الساعة ١ تجوملنا بالشبشب»
هرش رأسه مُفكرًا قبل أن تلمع عيناه ويقترح بهمة ونشاط «مش جولتلك هطبل يبجا خلاص هطبل»
ضحكت مستنكرة قوله وحماسه الشديد رغم العوائق «بتتكلم جد»
لم يجيبها قفز من فوق الفِراش وغادر للمطبخ،عبث فيه قليلًا قبل أن يأتيها بدلو صغير من البلاستيك،أغلق خلفه جيدًا وأقترب منها قائلًا (مش هنحرم نفسنا من حاجة جومي يلا»
نظرت إليه بتشتت وفم مفتوح في ذهول مما يفعله «حمزة بتتكلم جد»
سحبها من ذراعها وأوقفها مؤكدًا بمرح «طبعًا جد يا سكني»
اتجهت للخزانة سحبت منها أحدى طرحها الموجودة هنا للطواريء وحاوطت خصرها في استعداد ومرح لمعايشته تلك الأفكار المجنونة والحماسية،سألته بهمس خافت «غنّي حافظ حاجة؟»
هرش مؤخرة رأسه مُصرحًا بخيبة وإحباط «لاه أخرى حافظ أغاني كاظم أو أشعار المتنبي»
شهقت مستنكرة بسخرية واستهزاء «هرجص على المتنبي؟»
ضحك حمزة وهو يضرب براحته ق فوق الدلو بعدما وضعه على ساقه في استعداد، ثم ردد في استهزاء «عشان يبجا
أنا الذي نظَر الأعمى إلى سكني
وأسْمعَت ضحكاتها مَن بهِ صَمَمُ.

ملاذ قلبي سكن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن