الستون الجزء 3

9.2K 271 44
                                    

الستون الجزء الثالث
في اليوم التالي
مال حمزة وهمس في أذن والدته ببعض الكلمات التي جعلتها تبتسم وتمنحه نظرة رضا رائعة وتسترخي بسلام تطالع سكن بنظرة جديدة ، جلست سكن جوارهما تسأل بغيظ وهي ترى توحّد الابتسامة بينهما وبشاشة النظرات،وهمسهما المستمر منذ الصباح  ، توجست منهما خيفة «مالكم مش مرتحالكم أنا يارب متكونوش بتتفجوا عليا»
ضحك حمزة وضمها لصدره موبخًا لها «هنتفج عليكي ليه يا بجرة؟» سألته وهي تنقّل نظراتها بينهما بريبة «في إيه؟  بتجولوا إيه مش عايزيني أسمعه؟» زجرها بنظرة خاطفة يوبخها على حشر أنفها بتصنع يريد الهرب من مواجهتها الآن حتى يتأكد من ظنونه وبشرى والدته «أنتِ مالك؟ دِه سر»
تأففت منزعجة في غير اهتمام من قوله ،تُلقيه بعيدًا فهي تعرف مزحه من جدّه  التقطت حبة برتقال من أمامها ومنحتها له مطالبة بوداعة «حموزتي جشرها وشيلي البذر» تناولها حمزة بصمت وبدأ في تقشيرها وتقسيمها لفصوص، يمتص البذور ويمنحها لها حتى شبعت بعدما تناولها خمس برتقالات، ابتسم حمزة قائلًا «بالهنا والشفا أجشرلك تاني؟»
تابعتها ورد بفرحة غريبة وابتسامة كزينة للفرحة التي تخالط نظرتها الشفافة الآن
تثاءبت سكن قائلة بكسل «لاه هنام»
أشار لساقه في رحابة وحنو بالغ «نامي يلا شوية يا حبيبي»
لكن ورد اعترضت «لاه خدها فوج الكنبة ناشفة عليها يا ولدي»
أطاع حمزة بتفهم، سحبها من كفها وصعد بها للأعلى، ارتمت فوق الفِراش بقوة فحذرها بإنزعاج شديد وقلق وهو يقترب ويساعدها «سكن بالراحة يا بابا»
مطت شفتيها مستاءة من كلمته، تمددت فوق الفِراش فسحب الدثار على جسدها قائلًا «نامي هشتغل جنبك عاللاب توب»
تشبثت بكفه هامسةً بدلال «لاه تعالى نيمني فحضنك سيبك من الشغل»
مرر كفه فوق رأسها موضحًا برقة «احنا لسه صاحيين مش هنام»
زفرت بضيق من اعتراضه وقالت وهي تُبعد الدثار بقدميها متعنتة كالصغار «لاه حتى لو منمتش تعالى جنبي عشان أعرف أنام»
استسلم لطلبها بحنو، جاورها ضامًا لها بين ذراعيه فهمست «حمزة لما أصحى جبلي عصير جصب»
قبّل جبينها هامسًا «حاضر لما تصحي نطلع واشتري الي تحبيه ونفسك فيه»
ضمته أكثر بذراعيها وهي تهمس بخفوت قبل أن تسقط في النوم «أحلى حمزاوي»
هدهدها حتى نامت ثم تسلل وتركها ليعمل حتى تستيقظ..
في المغرب ذهب بها للقرية المجاورة طلب منها أن تشتري ما تريده بشرط واحد أن تذهب معه لمعمل تحاليل وتُجري تحليلًا ضروريًا، سألته عنه فأجاب بمراوغة ودهاء «شاكك عندك أنيميا يا سكن فهشوف»
ابتسم فبقرته لا تنتبه لتأخرعادتها الشهرية ولا تهتم ويقسم أنها حتى لا تعرف حتى مواعيدها .. قادها للمعمل، سحب منها عينة الدم وبعدها خرج بها متجولًا اشترى لها من تريده وعاد بها.
منح والدته إشارة التمام وجلس أمام المنزل معهم ينظر لساعته من وقتٍ لآخر بقلق وشغف، يلتقي بنظرات أمه فتبتسم براحة وطمأنينة ويشرد هو في أفكاره وقلقه.
بعد مرور ساعتين انسحب متعللًا غادر ليأتي بنتيجة التحليل، ليعود بعد نصف ساعة، كان الجمع قد انفض وحدها والدته في انتظاره أمام النافذة وسكن تضع رأسها على فخذ ورد غارقة في النوم.
دخل المنزل يستقبله سؤال والدته المترقب لإجابة تعرفها لكن لا ضرر من التأكد ومقاسمته الفرحة التي انتظرتها طويلًا لتراها بنظراته وتشعر بإنطباعها على روحه «ها يا أبو عبد الحكيم؟»
تنفس بعمق قبل أن تتسع ابتسامته ويهز رأسه مؤكدًا بعدم تصديق وفرحة «حامل»
هللت ورد وحمدت الله «الحمدلله ألف حمد وشكر ألف مبروك يا حبيبي ربنا يتملها على خير» فتح حمزة الورقة يقرأ النتيجة مرة واثنان وثلاث، بنظراته مرة وبصوته مرة، يرددها على مسامعه وهو يضحك ضحكات متقطعة، رفع نظراته لوالدته الدامعة مرة أخرى يهتف «سكن حامل يا أمي» فتحت له ورد ذراعيها تدعوه ليسكب فرحته داخل أحضانها، فاندفع بلهفة تجاهها، بكت ورد من شدة السعادة،استمعت لدقات قلبه العالية وأنفاسه اللاهثة بفرحة فبكت أكثر داعية له.. قبّل رأسها وابتعد يمسح عينيه من أثر الدموع، فنهضت سكن من على فخذ عمتها متسائلة «في إيه؟ مين مات تاني؟»
ضحكت ورد من بين دموعها فقال حمزة موبخًا وهو يدللها بنظرة خاصة فاق بريقها الحد «والله بجرة ولا دريانة»
قطبت بغيظ وضيق وهي تتثاءب في تعب موضحة لهما «جسمي مكسر وبنام كتير زهجت والله» قهقه حمزة موضحًا لها «لسه تسع شهور يا حلوة»
جعّدت ملامحها بغير رضا ولا فِهم  وهي تنهض واقفة تسأل «جبت التحليل؟»
رن هاتفه فسحبه وأشار لها لتصمت، فغادرت للمطبخ منتظرة أن يُنهي الاتصال، بينما انسحبت ورد تصلي شكرًا لله على مِنَحِه وعطاياه.
وقفت أمام الطاولة تلتهم الطعام بشهية مفتوحة وجوع غريب يفترسها على فترات ، وقف خلفها ملتصقًا بها يضمها لصدره واضعًا ذقنه على كتفها بتنهيدة مفعمة بالمشاعر، فسألته وهي تتناول الطعام دون توقف «مجولتليش جبت التحليل؟»
أجابها وكفيه تتسللان لبطنها وتُبسطان فوقها وهو يهمس برضا «جبته»
تعجبت من تمريره لكفه على بطنها، سكنت قليلًا بين ذراعيه متوقفة عن إلتهام الطعام تهمس بإسمه بنبرة خافتة مجهولة المشاعر«حمزة»
لثّم عنقها وغمغم «أمممم»
سألته بإرتباك وترقّب ونبضات قلبها تعلو  «ده تحليل إيه؟  »
ضحك برقة هامسًا أمام أُذنها«خمني يا أخرة صبري»
أغمضت عينيها ثواني تتنفس بقوة ثم فتحتهما تسأله بذهول «أنا حامل يا حمزة؟» استدارت تتأمل ملامحه تقرأ الإجابة قبل أن ينطقها لسانه تمنت رؤيتها بعينيه أولًا ككل شيء، فرأت بهجة خاصة وسعادة ليس لها مثيل، تعلقت برقبته غير مصدقة تبكي من شدة فرحتها بما رأت وأحست فضمها بقوة متأوهًا يهمس مشاركًا لها فرحته بالقول «هبجى أب ومن مين؟  منك أنتِ يا سكن ودي أحلى حاجة» هزتها كلماته وتغلغلت داخلها لتتجذر وتنبت بساتين من زهر ، بكت فربت على ظهرها مواصلًا الهمس «لف ودار دكتور البهايم وفالنهاية سكنه كانت فجنا مستنياه، ذريته منها وحبه الكبير ليها»
ابتعدت تمسح دموعها هامسةً «الحمدلله عشان تتربط بيا ومتتجوزش عليا ولا تشوف غيري» ضربها بخفة على مؤخرة رأسها يلعن شيطانها «ده الي هامك يا بجرة» أحاطت عنقه ولثمت شفتيه برقة مؤكدة «أيوة بس تبجى بتاعي أنا ملكي»
سخر منها بمرح «هو أنا فدان أرض»
سألته وهي تبتعد عنه «عمتي عرفت؟»
أجابها بضحكة متهكمة «جبلك أنتِ»
تركت ذراعيه واندفعت للخارج، بحثت عنها فوجدتها فوق سجادتها، جلست أمامها متربعة تنظر لعينيها بقوة نظرة مستسلمة مُبهجة نظرة من بلغ أمانيه ورأى أحلامه حقيقة تتجسد ، ربتت ورد فوق رأسها بحنو مباركة لها «مبارك يا سكن هتمليلنا البيت عيال» سحبت سكن كفها من فوق رأسها ولثمته بعاطفة وهي تهمس بمرح وانفعال«هجبلك عبد الحكيم تاخديه وتسبيلي حمزة خالص»
شهقت ورد قبل أن تضحك وتضربها قائلة  «واه سلم واستلم يعني؟»
أجابت سكن بضحكة رائقة «أيوة حمزة يبجى بتاعي لوحدي» وقف عاقد الذراعين يستمع لهما بسعادة خاصة، بدون مقدمات اندفعت سكن لأحضان عمتها باكية،تخبرها  فضمتها ورد بحنو مشاركةً لها البكاء، الأفكار تنقسم بينهما كما الفرحة، نالت ورد فرحتها الخاصة أخيرًا وأمنيتها ونالت سكن سكينة القلب والروح، والحب الذي تمنته،حمزة عبد الحكيم الكئيب الصموت شَغَل عقلها يومًا فطلبت من مودة أن توقظها لقيام الليل في قلبها ما تريده بشدة  لكنها ليلتها استيقظت في جنح الليل تهمس بإسمه منقادة لمشاعر خفية تنبت وتترعرع،توضأت وافترشت سجادتها ثم صلّت وفي سجودها همست بما لا يعرفه سوى قلبها وربها «يارب يكون ليا،يارب عيزاه هو..حمزة يارب»في الصباح نسيت وأخذتها دوامة الحياة ومرّت الأيام، نسيت لكن الله لا ينسى دعوة قلب صادق أحسن به الظن،فنالت ما تمنت وأكثر.
تركهما حمزة وبقيّ متفرجًا يشاهد بتأثر، يفهم سكن وما تريد قوله لوالدته بهذا الحضن ويشعر بوالدته مثلها..
ابتعدت أخيرًا سكن تهمس «لو فضلت طول عمري أشكرك مش هوفيكي حجك، كفاية رجعتي حمزة جنا»
استدعته بعاطفتها فاقترب حمزة وجلس خلفها ضمها بقوته هامسًا «ياريت حمزة كان يعرف إن روحه وراحته فجنا مكانش هيجعد يوم واحد بعيد عنك»
التفتت إليه سكن تتدلل «من هنا ورايح متعملش فحياتك غير تدلعني وبس»
سخر منها حمزة في سخط «على أساس محرومة من الدلع هو أنا من يوم ما عرفتك ورايا غيرك»
ابتسمت ورد داعية لهما «ربنا ما يحرمكم من بعض ويهنيكم ويتم حملك على خير»
مررت سكن كفها على بطنها بإنبهار لا تصدق أنها تحمل قبسًا من روحه، في أحشائها ستمتد جذوره وتنال بعضًا منه ومنها،وقرة عين لعمتها الصابرة
نهض حمزة يخبرهم بفرحة «هروح أبشر عمتي»
نهضت سكن قائلة تتمسك بذراعه «خدني أشوف فرحة أمي بحبيب عمته»
سحبها حمزة من كفها وغادرا لتبقى ورد وحدها تزرف دموع الفرحه دون توقف.
فرحة ورد كانت طاغية، القت الزغاريد دون توقف متناسية أمر عاليا وحزنها، تُعلن فرحتها للجميع، خرجت عاليا تسأل فاستقبلتها راضية بالخبر، لم تخيب عاليا الظن ضحكت بتفهم وشاركتهم الفرحة مهنئة حمزة وسكن.
********
اتفقت عاليا مع سليم وأبرار على الخروج لانتقاء وحجز فستان الزفاف وصالون التجميل، عرض عليها حمزة توصيلهما وكذلك رغب عمار وأصرّ لكنها رفضت، أرادت أن يكون الأمر عاديًا يشبهه ويليق بظروفه، أن تخطو أول خطواتها معه وحدهما دون مساندة، أن تكون رفيقة الدرب والرحلة كما يحب أن تكون، ولو أراد السير على قدميه حتى يصلوا لوافقت بطيب نفس واختارت بملء قلبها مشاركته.
انتظرتها أبرار حتى ارتدت ملابسها، خشيت السؤال عن سكينة ولو بلغت أمنيتها برؤيتها عنان النفس وجاورت الرغبة، تريد أن تُطفيء جذوة الندم بماء العفو، نظراتها تفتش تلقائيًا متمنية أن تحالف الصدف القدر، ويعانق الجود تعاسة وفقر حظها.
نفخت فهي تريد رؤيتها وتخشى العواقب واندفاع سكن الذي تعرفه وسياط اللسان، لكنها تدرك طيبة قلبها أيضًا.
جاءت عاليا ووقفت جوارها تُعلن استعدادها «يلا يا أبرار»
دخلت سكن كعادتها تنادي بصخب «راضية»
توقفت الكلمات في الحلق وسكن القلق الحشا وتمرّغ فيه، نظرت للواقفتين بصمت.. مشاعر متقلبة متلظية في جحيم التردد، تقهقرت متراجعة خطوة، اثنان.. عاليا ترجوها بنظراتها القبول وكسر الحاجز واستقبال لأبرار يليق بأصل سكن وتربيتها فعلى أية حال أبرار ضيفة في منزلهم، أما أبرار فصامتة تتنفس برعب وتنزوي بتردد
الكلمات تحتشد ثم تتفرق بعصا الخوف الغليظة.. تفتح فمها لتُلقي اعتذارًا،تريد استغلال الفرصة التي تمنتها لكنها تغلقه وتصمت، وعاليا تنظر إليها بشفقة وحزن، ما عادت أبرار غريمة ولا عدو.. هي شق روح الفؤاد وأخته، جارة قلب حبيبها دخلت هنا لأجلها هي وهي مَن تتحمل مسئوليتها بالكامل حتى عن مشاعرها.
اصطدمت بجسد حمزة خلفها، استدارت وقد وصل ريحه لأنفها، نظراتها تستنجد وقلبها يمد ذراعه، ابتسم برقة وداعب خوفها بأنامل تفهمه، منحها النظرة التي تحب والدعم الذي يوفره دائمًا في متاجر الروح لأجلها، ابتسمت ضاحكة فوجهها بنظراتها منتظرًا له.
تقدمت سكن بجفاء، سلّمت عليها مُرحبة
بابتسامة خالية من الحب قليلة المشاعر ومتآكلة الأطراف كورقة قديمة
«أزيك يا أبرار»
تمنت صفعها وتخيلت ذلك ألف مرة لكنها مقيدة،فخطيئة أبرار كانت أبشع من سما،كانت هي الأقرب لها،مازالت تنكر عليها صمتها وخذلانها له،تلك التي اقتسمت معها ملابسها وطعامها يومًا كيف خانت؟كيف سولت لها نفسها أن تشاهد فضيحتها وتشارك بالصمت.
هي ليست ملاك لتسامح أو تغفر،لولا حب عاليا لسليم ما تقبلتها في منزلهم.
مدت أبرار كفها بإرتعاش، سلّمت عليها متحاشية الالتقاء بنظراتها  في خجل وحرج وخوف واضطراب .
سلامًا عابرًا يفتقر للود معدوم المشاعر بنفس متعالية.
حرّكت عاليا نظراتها لسكن في امتنان وتفهم، فلن تطالبها بأكثر من ذلك ولن تثقل عليها، بعض الجروح تبقى للأبد.
تمنت عاليا لو احتضنت سكن اللحظة معتذرة لكنها تخاف أن ينعكس ذلك على مشاعر أبرار سلبًا فأجّلت ذلك.
هتف حمزة «عاليا محتاجة حاجة؟»
أجابته بابتسامة ممتنة «شكرًا يا دكتور»
انسحبت سكن، سحبها زوجها واتجه بها ناحية الحديقة التي يعمل على زراعتها جلس على جذع نخلة يضمها لصدره بصمت..
أما عاليا فأمسكت بكف أبرار في حماية ومؤازرة وخرجت بها لتلتقي بزوجها الذي ينتظرهما.
حيّته عاليا بنظراتها قبل أن تصعد للسيارة وتنتظر حتى تمتلىء، طأطأت رأسها تُخفي ابتسامتها الرقيقة حينما تذكرت مواقفهما سويًا في نفس الموضع، اليوم سيجلس الشيخ جوارها بكل الحق وكل الحب، رفعت نظراتها فالتقت بنظراته التي تشاركها اللحظة الذكريات ليضفّران منها شعورًا واحدًا يختلج في قلبيهما .
أشاح مبتسمًا حتى جاء رجل عجوز صعد ليجاورعاليا في مزاح، لكنها هتفت بشراسة وحدّة غلبتها «في ايه يا عمي العربية فاضية اهي»
ضحك الرجل وغيّر وجهته في صمت وهو يراقب ما يحدث، صعد سليم ليجاور عاليا فمال الرجل وهمس«اشمعنا الشيخ عشان حليوة ؟»
توردت عاليا بحياء وصمتت احترامًا له، فتحدث سليم بحنوه المعتاد «لا يا عم عشان أنا جوزها»
انطلقت من الرجل ضحكة خافتة وهو يقول «واه اتجوزتها عشان مرضتش تجعدك جارها المرة الي فاتت؟ ده الشيوخ طلعوا واعرين؟  »
ضحك سليم مؤكدًا مجاريًا الرجل العجوز في مزاحه «واعرين يا عم وميسبوش حجهم جالت مجعدش عشان راجل زي أي راجل وأنا اتجوزتها هي عشان مبجاش  زي أي راجل»
ضمت شفتيها في حياء وحرج من كلماته،قلبها يعزف لحن عشق من كلماته التي خصها بها وفخره بإرتباطه بها، بينما ضحك العجوز باستمتاع وقال «كلام كبير جول اتجوزتها عشان يهنالك الجعاد جارها»
ضحك سليم مؤكدًا بلين «صُح يا عم»
فرد كفه لتمسك به وهمس لها «عالية المقام مختارتش حد يجعد جارها واختار سليم ميجعدش غير جارها  »
عاد الرجل العجوز مسترخيًا في مقعده يتابعهما بعين التقدير ولسان يلهث بالدعاء لهما، مبتسمًا لأجل العشق الي ينبض في نظراتهما، مستمتعًا بمراقبتهما.
اختارت عاليا أقل الفساتين تكلفة مراعية ظروفه لا تثقل عليه بطلباتها، يكفيها من الدنيا هو وصحبته.. صمت هو متفهمًا، يقرأ أفعالها التي تواريها عنه وتخبيء مضمونها.. رغم ضيقه من فعلتها لكنه صمت ولم يناقشها أو يجادل، لن يُفسد اليوم بعتابه ومناقشة لن تُجدي.
لم يقتصر الأمر على فستان زفافها بل كل شيء قامت باختياره، شعر بالضجر من أفعالها وقبولها بأشياء عادية ربما لا ترقى لذوقها من الأساس..
بداخل مطعم صغير منزوي يتيح لهما الحديث والجلوس بأريحية، فرك ما بين عينيه متنفسًا بعمق، متهربًا من نظراتها حتى لا تكشف ضيقه، لكنها اقتربت منه وسألت وبداخلها قلق من أن يكون اكتشف أمرها «سليم تعبان نروّح»
نظر لعينيها يسأل بعتب ضاق بكتمانه «ليه يا عاليا؟»
راوغت بابتسامة لطيفة عذبة المشاعر «ايه هو الي ليه؟»
قاطعتهما أبرار وجلست جوارهما حول الطاولة تسأل «طلبتوا»
انتبه سليم توه لأبرار ولمعة الحزن بعينيها اعتدل ومال بجزعه ينظر لعينيها ويمسك بكفيها يضمهما متسائلًا «مالك يا بابا زعلانه ليه؟  نفسك فحاجة؟  عايزة حاجة مجبتيهاش؟» تابعت عاليا ما يحدث بإنشداه، نظراتها مسلطة عليهما بترقب.
نظرت أبرار لعاليا قليلًا ثم وجّهت نظراتها لسليم وصمتت، ارتبك سليم من حركتها العفوية وفهم دلالتها فنظر لعاليا التي تبرأت بخوف أوجعه «معملتش حاجة والله»
سحب كفه الأيسر ووضعها على وجهه مستغفرًا، عاليا تظن أنه يتهمها أنها السبب، أرّق مضجع أمانها بنظرته غير المقصودة لها فحزن قبلها وقلبه.. همس سليم وهو يربت على وجنتها«أبرار متجلجنيش عليكي»
انكمشت عاليا بقلق حتى أنها فتشت في الوجوه حولها تبحث عن طمأنينه بينهم، تحركت خطوة بكرسيها للخلف مبتعدة عن سليم الذي شعر بها وأغمض عينيه متنهدًا، ثم فتحهما على وجه أخته ودموعها التي أثارت الفزع في نفسه فنهض متخبطًا «حصل حاجة ولا إيه؟»
قالها وهو يمسح لها دموعها بكفيه فقالت بصوت مبحوح عاصف بالهم «اجعد طيب»
جلس فهمست له معتذرة «معلش يا سليم بوظت عليك فرحتك»
ضم كفيها بحنان «مفيش حاجة اتكلمي بس وطمنيني»
استأذنتهما عاليا متعللة بحاجتها للمرحاض، فمال بجزعه وأمسك بكفها رافضًا ينهاها بحدة «اجعدي يا عاليا»
نظر لأخته مستنجدًا بعاطفته، تفهُمها، فسحبت عاليا كفها «هروح الحمام يا سليم»
غلبته حدته فهتف «هنقوم نمشي لو أنتِ مجعدتيش وهي متكلمتش علطول»
تردد أبرار قليلًا من مصارحته بما حدث مع سكن أمام عاليا، لكنها استجمعت شجاعتها وقالت «قابلت سكينة وأنا عند عاليا» اندفع بحدة«زعلتك؟ حد زعلك أو قالك حاجة هناك؟»
انتفضت عاليا مدافعة لا تروقها نبرته ولا تحفزه فنبهته «سليم»
تجاهل تحذيرها له وواصل السعي لمعرفة ما سبب الحزن لأخته.
أردفت متخذة قرارها «عايزة امشي»
تحركت أبرار تجاه عاليا لشعورها بالخطأ.. ضمتها معتذرة لها «اجعدي يا عاليا متزعليش»
هدأت عاليا لكنها جلست متحفزة نفس تحفزه، في أهبّ الاستعداد لأي كلمة أو هجوم منه،لاحظ سليم ذلك فخصها بهمسه المتوعد «ماشي يا عاليا»
أشاحت بلا مبالاة غير مترددة في أن تدافع عن أهلها وصديقتها إن احتاج الأمر
اعتذرت أبرار كثيرًا وبكت موضحة سوء الفهم «معلش يا عاليا اتعودت لما أزعل أو اتضايج احكي لسليم علطول ولأننا مش في البيت زاد ضيجي، فبكيت»
لم تتخلى عاليا عن تحفزها ولم تركل غضبها سريعًا بعزة نفس وأباء رفعت ذقنها وصمتت منتظرة الباقي، وجّهت أبرار كلماتها لسليم «محدش زعلني يا سليم، سكينة سلمت عليا لما جوزها أذنلها، هي مكانتش راضية ولا عايزة وسلمت غصب عنها بطريجة زعلتني من نفسي عشان أنا الي عملت كده فنفسي»
التقطت عاليا أنفاسها وصمتت، لكنها مازالت تشعر بالغضب من كلمات أبرار، ماذا تريد من سكن؟  أن تتقبلها هكذا ببساطة؟  أن تنسى وتمرر الأمر؟ 
مسح سليم دموع أخته وأوضح بحنانه «طبيعي يا حبيبتي وعادي ميهمكيش، متزعليش حجك على جلبي أنا، لو سلامها عليكي هيزعلك تاني متسلميش وخليكي بعيد عنها ولو شوفتيها متسلميش»
عضت عاليا شفتيها بغيظ وحنق  من قوله الذي جلب السخط لنفسها ، اندفعت تهتف بتصميم «عايزة أمشي لو سمحتوا الكلام خلص»
رفعت أبرار نظراتها لعاليا متوسمة فيها التفهم، رغم لين عاليا إلا أنها أشاحت مصممة محترمة وجودهم في مكان عام ، هدّأ سليم أخته واحتواها ثم نهض قائلًا «تمام يلا بينا»
تحرك سليم دون أن يتفوه بكلمة، مشلول الفكر عاجز الروح عن احتواء الأمر والموقف الصادم من أخته وزوجته وتحفزها، داخل الحافلة اختارت عاليا أن تبتعد عنه، جلست جوار النافذة وسمحت لأبرار أن تجاوره، انشغلت بأفكارها تطالع الطريق وشيء ما في نفسها يدفعها للبكاء بحرارة فتمنعه، وربما تريد الصراخ وترك جسدها لأنياب الكسرة تنهشه، حزينة بائسة تتوارى عن الأنظار، لا سند لا عائلة ولا أم... لا أم.. لا أم.. أعتنقتها أفكارها كحدث مأساوي ، بانهزام وبلا غاية سوى الوجع، حتى أذعنت شفتيها وتحركت تهمسها بخفوت، تتلوها على مسامعها وصداها في الروح يتردد، أمها لا تنتظرعودتها لتضمها مباركة، لن تسألها عن سر حزنها، لن تخبرها أنها هي زوجته ويحبها أيضا فلتغفر له حبه لاخته وتعلقه بها، لن تسمعها وتواسيها.
نبّهت أبرار أخيها لحالة عاليا المزرية، وبكائها، دموعها التي أغرقت خمارها.. تأملها في جزع لولا وصولهم لبدّل الأماكن رغمًا عنها... في الطريق سارت جواره بصمت غائبة عمن حولها، لاتنتبه سوى لعثرات الحياة في نفسها يتحدث فلا تجيبه حتى أوصلها للمنزل ورحل.
جاءتها ورد بعد ساعات اختلت بها تقوم بدورها كأم، تسألها عن حالها وما ينقصها وعن خروجها مع سليم وكيف كانت..
فهمت ورد أن شيئًا ما حدث تخفيه عاليا وتحتفظ به فصمتت بصبر وتفهم تحتوي دون ضغط و تؤازرها دون فضول للمعرفة
*******
في اليوم التالي جاء سليم يطلب رؤيتها، منذ ما حدث وهي لا ترد على رسائله ولا اتصالاته، وخزه قلبه فقرر المجيء إليها ليعرف ويتناقشان بهدوء.
جاءته قوية شامخة، بنظرة تلمع ذكاءً، وملامح تشربت عزة النفس وارتوت منها،
رحبت به وجلست متأهبة للنقاش والجدال، مستعدة حتى للتخلي إن أراد.
فرد كفه كعادته لكنها ظلت على وضعها ثابتة كالطود لا تنحني لرغبة ولا تخضعها مشاعر، سحب كفه في لوم وحزن قائلا «زعلانة جوي كدِه»
صمتت تهز ساقها البركان داخلها يوشك على الإنفجار، فهمس بحرج يعلن أسفه  «أختي غلطت وأذت مجدرش أنكر، وأنا غلطت يا عاليا حجك على جلبي »
أوضحت عاليا بعزة نفس دون أن تنظر إليه  «مرت حمزة أختي يا سليم مرضاش عليها أي حاجة والي جولته فحقها غلط يا شيخ لأنها مغلطتش مع أختك بالعكس إحنا متربيين نعرف الأصول،بت عمتي جات وسلمت، وتأكد لو كانت عملت حاجة لأختك مكنتش هجف ساكتة الحق حق»
برر سليم بحزن خطأه «أبرار بتي جبل ما تكون أختي يا عاليا روحي فيها »
ابتسمت بإنكسار وحزن هامسة «بس ميبجاش على حسب حد روحه فيك يا شيخ» تأثر بشدة من تصريحها الذي داعب نبضات القلب، اعترفت له بمكانته عندها وحبها في عتاب رقيق أوجعه.
أردفت عاليا توضح بصلابة «بت عمتي هي الي جات وسلمت رغم كل حاجة بكل احترام ، فمتجبرهاش وتجبرني على حاجة أكبر وحط أبرار مكان سكينة وأعكس الأدوار وجولي»
همس بتوتر وضيق  «يا عاليا»
قاطعته وهي تنهض من مكانها منهية الحديث «الحق حق يا شيخ وأنت أولى من يطبجه، يوم المشكلة حمزة واد عمي احترم الي عملته ومضغطش عليك بأكتر من كده ولا جه ناحيتك مع إن أختك كانت تستحج وأنت عارف، فليه عايز تضغط على بت عمتي بيا وبالوضع الجديد ولو معملتش تبجى هي غلط وأنت صح،
لما جيت تناسبنا اشترينا الجديد منك وبعنا الجديم والي كان، بس برضو جلب بت عمتي ملناش سلطة عليه»
تحركت خطوتين وهي ترمي كلماتها « زي جلبي الي مكانش ليا سلطة عليه لما حبك واختارك والي منك أذى أجرب الناس ليا»
«يعني مجبش أختي تاني يا عاليا؟»
قالها ونظراته ممتلئة باللغط، فسارعت بضيق من سوء فهمه «يبجى أنا وجتها مجيش عندك ولا حد منهم يروح عندك يا سليم حسبتها غلط»
ثم أوضحت له بصبر وهي تحبس دموعها «الي يجي على راسنا من فوج أنت بجيت واحد مننا، وأنا مرتك كرامتك من كرامتي وعمري ما أجبل حاجه تأذيك ولا احنا هنعملها، بس يا واد الناس سيب الجلوب للي خالجها يجلبها، وارمي السماح واعذر الي ميجدرش، وطاطي للريح  تكسب الود»
انسحبت بعدها وتركته يتنهد بحزن ويرحل بتوهة 
*********
جلست سكن جوار عاليا الصامتة تسألها «بت يا عاليا مالك؟ »
ابتسمت عاليا قائلة «مفيش يا بت»
سألتها سكن بحماس مشتعل وهي تتأملها «عملتي ايه مع شيخنا؟»
أجابتها عاليا وهي تنهض من أمامها متهربة من نظراتها، تتفقد حقائبها «مفيش عادي»
اقتربت منها سكن وقالت بتردد كبير وارتباك «عاليا أنا هروح العفش بتاعك بس غصب عني مش هتعامل مع أبرار سامحيني»
ابتسمت عاليا مقدرة لها مشاعرها متفهمة، قالت محتوية حزنها «لو مش عايزة تروحي جبل ما أروح مش هزعل لإني مش هجبل متجليش يابت وأنا هناك»
ضمتها سكن بقوة قائلة بتحشرج «لاه هروح محدش هيفرشلك غيري وهجيلك»
اعتذرت منها عاليا «متزعليش يا سكن نصيبي جيه فأكتر ناس مبتحبهمش»
ابتعدت سكن ممازحة وهي تمسح دموعها «المهم أنتِ تحبيه يا أختي مش أنا» ثم أردفت بحزن كامن بين ضلوعها «مش هعرف يا عاليا اتجبلها تاني ولا نرجع دي كانت أعز أصحابي وأنتِ أكتر واحدة عارفة ولا هعرف انسى، جتتي الضرب معلّم فيها لغاية دلوك يا بت ولولا حمزة مكنتش أعرف كان هيبجى ايه مصيري دلوك»
ضمتها عاليا  قائلة «ربنا يخليهولك وميحرمكوش من بعض»
استأذنت سكن فجأة من عاليا «طالعة ورجعالك؟»
سألتها عاليا بقلق وهي ترى سرعتها بعين القلق «رايحه فين تعالي ساعديني»
«جيالك تاني»
خرجت من الباب وهبطت مسرعة، رأها حمزة تركض على الدرج دون وعي أو حساب فنهرها بحدة ونظراتها تتابعها «سكن اعجلي شوية وخدي بالك»
تزامنت ضحكاتها مع خطواتها الملهوفة تجاهه وكأن شعورها به ورغبتها فيه هي من أحضراه اللحظة إليها لتفعل ما تريد فعله وسرى على أفكارها خاطرًا ، وقف نهاية السلّم يستفسر عن سر لهفتها تلك ففتحت ذراعيها وألقت بنفسها في أحضانه فضمها متعجبًا، وراضية تتابعهما بابتسامتها المندهشة دائما، ووقف عمار يتابع المشهد هو الآخر وقد اعتاد طريقة أخته مع زوجها ومعاملته لها كطفلة مدللة.
«لجيت نفسي عايزة أحضنك حضن كبير وأجولك شكرًا يا حمزة، لما افتكرت الي فات ولجيتك حاضر فيه كله، بصيت على الي عدى وطلعت منه وعلى النهاردة والي أنا فيه، معرفتنيش يا حمزة اتكتبلي على يدك عمر تاني اسم تاني وحياة تانية حلوة فكان لازم أجري أجولك بحبك وربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك أبدًا» 
سيطر على انفعاله بما قالت وهمست، خبأ تأثره في حرج وأبعدها عنه محمحمًا، من بعيد سألت سكن والدتها «لو حمزة مرجعش يا راضية كان هيحصل إيه»
غمزها بعينيه يردعها عن جنونها، لكنها ابتعدت منتظرة إجابة والدتها «كان زماني بزورك في الجبانة يا سكن»
انقبض حمزة وتشائم، عبس بحزن لكنها اقتربت وفكت عبوسه وعقدة حاجبيه بأناملها هامسةً «الي يدي حياة يستحق إيه يا حمزة»صمت فضحكت وأكملت «يستحق الحياة الي ادهاني أعيشها ليه»توترت نظرات حمزة وارتبك من جرأتها وإفصاحها أمامهم، رغم تعوّده على تهورها وحبها غير المحدود لكنه حزن لأنه لا يملك حق التعبير عن مشاعره اللحظة ولا الرد بما يليق عليها والإحتفاء بكلماتها التي تلثم الروح وتنعش النفس، بل عليه أن يتحلى بالصبر ورباطة الجأش والجدية..
همس بما لا يصل لسواها  «هنفخك في البيت»
دخل زين اللحظة يطلق فمه بالسخرية والتهكم «حلوة وصلة الغزل دي بس مكانها فأوضتكم اكبروا»
أحاط حمزة كتفي سكن وقربها منه في مؤازرة وحماية لها من تهكم زين قائلًا بغمزة «اصغر أنت زينا شوية»
جلس قائلًا باستهزاء يسلّم على راضية وعمار «لا يا شيف أحبوش»
دخلت مودة فسارعت سكن بضمها واستقبالها بلهفة وحب، قبل أن يشير زين لحمزة الذي اقترب منه وجاوره «خير يا كبير يا عاجل»
حك زين ذقنه ومال يطلب «عايز أكلة سمك متنوعة زي بتاعة القاهرة شد حيلك بقا، عايز قاع البحر كله»
ابتسم حمزة قائلًا بصوت عالي عن قصد «عايز أكلة سمك جامدة ليه يا حضرة الضابط؟»
نفض زين جانب معطفه متأففًا يصب على مسامع حمزة اللعنات «أبو دي عيلة متسترش الله يحرقلك عمك»
قهقه حمزة
بينما انسحبت سكن مع مودة للأعلى وتركتهما.
*********
راسلها في المساء معترفًا بخطئه «عاليا»
أجابت فورًا «نعم يا شيخ؟»
كتب معتذرًا لها عن سوء تقديره للأمور وما حدث منه «أنا غلطان يا عاليا، يمكن حبي لأبرار طغى فسامحيني والتمسيلي أنتِ كمان العذر، وشكرًا لأنك كنتي عيني الي شوفت بيها، اتعلمت منك كتير ولسه بتعلم  اغفريلي جهلي وإسرافي فحبي لأختي وسامحي سليم لأنه ميجردش على زعلك وخصامك متساويش دنيته من غيرك»
صمتت طويلًا تقرأ مترددة فكتب يرجوها «أنا غلطان يا عاليا وفهمت كلامك عن صاحبتك ومجدره»
مسحت دموعها المنسابة بكفها وكتبت «حصل خير يا حبيبي، أنا عارفة إن جلبك كبير وطيب يا سليم فعز عليا يطلع منك أنت الغلط»
«والله مفيش حاجة تساوي كلمة حبيبي الي كتبتيها يا غالية، موازين الدنيا متشيلهاش بس ميزان جلبي يتاجلها بكنوز الدنيا ويدفع فيها العمر»
كتبت وهي تواصل مسح دموعها «أطال الله عمرك بصحبة من تحب يا شيخ»
كتب سليم برقة «مفيش أحلى منك صحبة وونس تأنس بيه الروح يا عاليا ربنا يخليكِ ليا وميحرمنيش منك»
«ولا منك يا سليم»
«لا إله إلا الله»
«محمد رسول الله»
******
انتفضت من نومها حين وصلها صوت مريم لها «عاليا جومي سليم تحت وبيجول عايزك ضروري وبسرعة»
وقفت مكانها مندهشة من مجيئه دون موعد، أو إعلامها بذلك وبتلك الساعة التي من المفترض أن يبدأ فيها عمله بالمعهد الأزهري، لفّت حجابها بعشوائية لا تُرضيها فتأففت ونزعته وأعادته من جديد..
ضربت جبهتها بإدراك ثم اتجهت ناحية الخزانة وسحبت عباءة ملائمة ارتدتها وعدّلت حجابها وهبطت درجات السلّم، مفكرة في الأمر الذي دفعه لأن يأتيها الآن ويقف على بابها مُطالبًا بحقه في رؤيتها على وجه السرعة.
دخلت الحجرة تحمل في صدرها سلام نفسي وهبه الله لها وأعانتها الأيام على اقتنائه، وجدته واقفًا يعطيها ظهره يضع كفيه في جيبي بنطاله بسكون، تنفس الهواء الطازج الذي يحمل رائحتها واستدار على سلامها «السلام عليكم ورحمة الله»
أجابها «لكِ الحب وإليكِ الشوق ومنكِ الرضا يا عالية المقام»
ابتسمت برزانة لا تمنحه من روحها إلا القدر البسيط ومن لهفتها معشار ما عندها، حكيمة في السير تجاهه، بهية الطلة بنظرات لا تنحني... منحت نفسها تهويدة عشق بالنظر إليه وتأمله فهالها ما رأت من ضعف وإرهاق يحتل الجفون، وذبول لا يليق بروحه الخضراء، مما دفعها لأن تسأل بقلق لم تحاذر من إظهاره «سليم أنت كويس؟»
أجابها وعيناه تبتسمان «لا يا عاليا مش كويس»
أشارت له بقلق حقيقي أحاط نظراتها الموجّهة له «أجعد يا سليم»
أجابها بثبات وهو يملّس على ذقنه «مش هجعد جاي أجولك حاجة وأمشي لشغلي»
قطبت مستفسرة بخوف وقلق، لا تعرف ما سيقوله والذي دفعه لأن يترك كل شيء خلفه ويأتيها، قلبها ينتفض بخوف ميزته من بين مشاعرها المتراكمة بفوضى في نفسها، ككومة ملابسة تحتاج منها جهدًا لتفصلهم وتستخلص النظيف من غيره فتعم الراحة في نفسها.
تلعثمت رغمًا عن أنف قوتها «خير يا سليم»
الخجول المراعي دائمًا اقترب وضمها بين ذراعيه بقوة غير عابيء ولا متهم لا يرى سوى عتاب عينيها التي يحب ولا يفقهه سوى أنّ هجر ليلتين كان كافيًا ولا يقدر على أكثر، تتزاحم المشاعر وتختلط لكن واحدًا سيطر بقوة فهمس به «حجك عليا يا عاليا أنا آسف»
همست باسمه في شتات، فأردف لا يتخلى عن جسدها «الرسايل مش كافية، والكتابة مش هتريحني وتريحك، ريحتك فارجت صدري فخوفت وجيت أخدها تاني منك، أنا غلطت»
انهمرت دموعها دون حساب، تستمع لكلماته ولا تصدق عدم هوانها عليه وتنازله أكثر من مرة معترفًا بخطائه دون مكابرة أو عناد.. ابتعدت عنه فمسح لها دموعها هامسًا «بالله عليكِ يا عاليا لما بكيتي في العربية كرهت نفسي ألف مرة وخدت عهد على نفسي منزلهمش تاني»
قبّل رأسها مكررًا اعتذاره «متزعليش يا صاحبة التفاحة، على راسي أنتِ وناسك ولو عايزانا نعتذر لصحبتك لخاطر عينيكِ نعملها ولخاطر قلبك أتنازل »
همست ودموعها لا تتوقف ولا شعورها به يتوقف عن التدفق لنظراتها «سليم محكتش حاجة لحد ولا عمري هحكي حاجة عنك لأي حد، الي بينا مبيطلعش وأنا مستحيل أزعّل حد منك ولا أجللك فعنين حد عيزاك دايما كبير فعنيهم زي ما أنت»
ضمها مرة أخرى فلا كلمات ستسعفه ولا أفعال يقدر عليها، وإن كان يريد الثغر البهي الذي يرمي الكلمات كأيادي ترمي الورد، يريد تقبيله في شكر وعناقه في شغف ومنحه التحية بكل الشوق الذي يسكن قلوب العاشقين.
ابتعد عنها قليلًا يسألها قبل أن يرحل «خلاص راضية يا عاليا؟»
قالت بمرح وهي تبتعد عنه «راضية بره دجيجتين وهتاجي تجولك خبر ايه يا ولدي»
ضحك بخفوت وهو يتجاوزها مُذكرًا إياها  «حساب اختيارك للفستان الي أجل من جيمتك فبيتنا يا عاليا»
رحل تودعه بابتسامتها الحنون، تضع كفها على قلبها كأنما تُخبيء عن الأعين الفراغ الذي حلّ بصدرها  حين رحل وأخذ قلبها معه تلك المرة.
غادر وترك خلفه بضع شطائر والمزيد من الحلوى وورقة مكتوب عليها «بما إني جيت الصبح فدِه فطورك يا عاليا أنا الي عملته بنفسي وجهزته بالهنا والشفا»
غادرت الحجرة للأعلى حيث مستقرها، تشيعها كلمات مريم «سيدي على الحب»
ابتسمت عاليا بخجل وشيعتها راضية بالدعوات. 
*******
ليلة الحنة الخاصة بعاليا، اجتمعن بمنزل راضية يغنين ويرقصن ببهجة، للتخفيف من حزن عاليا الواضح في نظراتها وإلهائها، قررتا سكن ومودة المبيت معها للدردشة والثرثرة حتى الصباح  حتى لا تختلي بنفسها وأفكارها وتغوص في الحزن
أصرّت مودة على زوجها أن يبقى لكنه رفض لا يريد ترك والدته وأخته وحدهما، فودعها ورحل.. أما حمزة فغضب بشدة ورفض فلماذا تبيت بعيدًا في حين يمكنها البقاء حتى يناموا وتأتي إليه، لكنها عاندته بغنج وتمنعت بدلال فقرر أن يبقى بالخارج ولا ينام حتى تأتيه، سيزعجها حتى تفعل هاتفها قائلًا بأمل« مش هتيجي عايز أجولك حاجة قبل ما أنام يا سكن»
خرجت من الحجرة وأغلقت خلفها تهمس متأففة من ملاعبته لها«ياحمزة مش هعرف عايزه ايه.؟» قال بوداعة كاذبة وجدية «هجولك حاجه مهمه»
جلست على الدرج ترفض مغادرتها وعناده «لاه مش هينفع»
استطردت برجاء وهي تكتم ضجرها من أفعاله الصبيانية «حمزاوي نام أنا مشغولة مع البنات ومش فاضية»
صرخ بغيظ وحنق منها «خلاص غوري يا سكن مش عايز حاجة»
استسلمت له تخشى خصامه وإغضابه
«طيب خلاص متتحمجش نازلة اهو»
ابتسمت بإنتصار وهو يقترب من باب منزلهم منتظرًا قدومها، فتحت الباب بحذر  متسللة على أطراف أناملها حتى لا تستيقظ والدتها وجدتها، فتحت الباب فدخل مبتسمًا أغلقت الباب بهدوء واستدارت.. لتجده واقفًا بإنتظارها اقتربت منه تهمس وهي تخبيء عنه ابتسامتها«ها جول بسرعــ....»
قبل أن تنهي كلماتها كان يحتضنها بقوة، يغمرها بين ذراعيها متنهدًا براحة  اندهشت أول الأمر من فعلته لكن سرعان ما تبسمت وبادلته ضمته بنفس الإشتياق والشغف «هو ده الي عايزني علشانه»
همس بهيام  «جه على بالي أحضنك ياساكن ومعرفتش أنام غير لما اعمل كده»
همست وهي تتملص من بين ذراعيه 
«طيب مش تسيبني وكفاية»
رجاها بحنو وهو يغرقها بشوقه«لاه استني شوية يا جلب حمزة»
زفرت قائلة في تحذير «لو اتجفشنا؟»
ابتعد يستفسر منها بتهكم 
«هو أنا مش جوزك ولا ايه.؟» ثم عاتبها بحنق وغيظ من عنادها وهو يمسك بكفها ويسحبها«هتبيتي هنا ليه...؟ تعالي معايا»
رفضت متوسلة «عيب يا حمزة أسيبهم وأمشي دلوك»
وقف يستفسر منها بغضب مكتوم
«ايه هو الي عيب يا بت المجانين أنتِ »
ابتعدت عنه منزعجة من كلماته فجذبها مرة أخرى وضمها..فتوسلته «سيبني يا حمزة واعجل» ابتعد ملتهمًا ثغرها في قبلة طويلة فدفعته ملتقطة أنفاسها تعاتبه «لو حد نزل دلوك»
أجابها بلا مبالاة «ميهمنيش غيرك»
نهرته بجدية كاذبة «اتأدب بجى يا أخي هتجبلي الكلام» كمم فمها محذرًا «جلي أدبك وهشيلك وأخدك وهتعرفي كيف الأدب وجتها» هددته بابتسامة متلاعبة «هصرخ يا حمزة وهتبجى فضيحة»
ترك كفها وابتعد، استدار يفتح الباب ليغادر بصمت ليستوقفه همسها الناعم بعدما تراجعت في ندم «حموزتي»
حينما استدار ألقت بجسدها بين ذراعيه تبادله الشوق والحب بأكثر منه « بحبك يا حمزاوي» همس بنصف ضحكة «وأنا لاه» همست مستمتعة بوجودها داخل أحضانه «أنت متربتش يا حمزاوي ومغلبني معاك» ضحك في سخرية هامسًا «لاه ورد كنت مشغولة»
ابتعدت عنه حين خرجت والدتها من الحجرة متثائبة تدقق النظر في جسديهما متسائلة «مين؟»
فتحت الباب ودفعته للخارج وهي تجيب والدتها «ده حمزة يا أما كان عايز حاجة»
لثم أطراف أصابعه ووضعهم على شفتيها هامسًا «سكن لو عرفتي وجدرتي متبيتيش تعالي هستناكي يا حبيبي»
همست بطاعة متأثرة بأفعاله قلبها لا يطاوعها على تركه وحيدًا ولا تعذيبه «حاضر يا حمزاوي»
ودّعته وأغلقت الباب ملتقطة أنفاسها وصعدت للأعلى راكضة.
عادت سكن واختفت مودة تراسل زوجها
الذي يعاتبها «مش عدل تسبيني أنام من غيرك يا ميمو»
(معلش يا زينو الليلة بس عشان عاليا ونفسيتها، جلبك كبير)
«أنا مبعملش حاجة لله وللوطن أنا عايز تعويض»
(عارفة، ومتأكدة إنك موافجتش غير علشان هتأخد قصاد موافجتك تعويضات مش تعويض)
«أحبك وأنت فاهمني يا مجرم قلبي»
(هتعوض إزاي بقى؟)
«خليها مفاجأة يا زينو»
(يا مسهل الحال يارب)
«تصبحي على خير»
(وأنت بخير خلي بالك من نفسك)
«نايم تحت فأوضتي محبتش أطلع وأنتِ مش فوق»
(طلعت رومانسي يا زينو)
«من يومي بس أنتِ الي غشيمة ومبتعرفيش تطلعيها»
(ماشي لما أرجع أشوف الكلام ده بنفسي)
«تصبح على خير يا مجرم قلبي»
(وأنت بخير يا حبيبي)
عادت مودة وجاورتهما فوق الفِراش يثرثرن بحماس وطاقة، يضحكن ويغنين ويرقصن حتى نمن بتعب وإرهاق.
في أذان الفجر تسللت سكن من جوارهما بحذر وانتباه، تشعر بالشوق لأحضان زوجها وإفتقاد لدفء ذراعيه وحنانه، وشعورها با نفاسه قريبًا منها..
راسلته لعلمها أنه يستيقظ لأداء صلاة الفجر «انزل افتحلي»
على الفور كان يلبي بلهفة، فتح الباب وخرج متجهًا ناحية منزلهم، انتظرها على الباب حتى خرجت وسحبها من كفها هامسًا «مجدرتيش على بعدي صح»
أكدت بجدية «صح يا أبو ورد مجدرتش»
دخل بها وأغلق الباب، صعدا للأعلى بدلت ملابسها و جاورته منكمشة بأحضانه حتى عادت للنوم من جديد بهدوء وراحة.
*******
اليوم التالي مساءً
أوصلهما عمار بسيارته للمنزل، وانتظر ورد التي قررت البقاء لتطمئن عاليا وتمنحها الأمان الكافي لتتخطى تلك اللحظات ولا تشعر بالغربة،
أغلق سليم باب الشقة بهدوء فانتفضت مغمضة العينين في ترقب، وقف أمامها يسأل بروح شفافة تطفو «عاليا ينفع أشيلك صح؟»
ابتلعت ريقها ورمشت تستفسر ببلاهة «ايه؟» سحب نقابها من على وجهها وابتسم هامسًا «ماشاء الله لا قوة إلا بالله» مال وطبع قبلة فوق جبينها هامسًا برقة «ربنا يباركلي فيكِ يا عاليا ويحفظك، تبارك الخلاق العظيم»
نظر لعينيها بقوة حد الغرق والغوص وهو يهمس «وإن نسيت الحمد عنيكِ الحلوة هتفكرني يا عاليا»
ابتسمت بخجل وامتنان لرقة مشاعره، أغمض عينيه وسحبها يضمها بين ذراعيه، يحتويها بكيانه ويظللها بحبه، مُطارد من اللهفة وينهره الشوق على صبره... استسلمت لذراعيه مطمئنة تبادله على استحياء حتى ابتعد عنها وحملها حيث حجرتهما، وضعها فوق الفِراش برفق وجلس جوارها، تأملها متذكرًا حسان فترحم عليه ودعى له في قلبه.. ارتفعت دقات قلبها وارتجفت في خوف، تذكرت والدتها فتضافر الواقع مع ما تشتهيه من خيال وتغزله بأمانيها الحلوة
شردت مبتسمة في تخيلاتها حتى أفاقت على لمسته لذقنها ومطالبته بها حاضرة معه، نظرت لعينيه تتمسك بحبل ابتسامته الحنون لتنجو من أفكارها، تسلقتها ووقفت تطالع ما حوله ببعض التيه، سليم حبيب القلب، لحن الحياة وعزف القدر في حكايتها، أمنية ألقتها في سجدة وتمتمة باسمه في الثلث الأخير، هو بطل خيالها الجامح وهبة الله ليقينها الصادق، هو برعم الثقة وعوض الصبر الجميل.. لكن أين والدتها؟  لترى هذا العشق الذي يتدفق من نظراته الآن؟ لتسمع تمتمته باسمها كأنه يحيا بحروف اسمها..؟  أين هي لتضمها وتخبرها أن حلمها تحقق والمحنة أنجبت حبًا غزير.. تشتاق لأحضانها ونصائحها للملمة أفكارها.
فرد سليم كفيها وانحنى يقبلهما برقة ثم مرّغ وجهه بهما يستنشق عبيرهما ويداعب بشفتيه خطوط العمر ويصافحها، يعد ويمني ويرسم حدود مملكته.
رفع وجهه يتأملها من جديد مبتسمًا، لا يصدق أنها هنا بقربه له ومعه، يفترشان طريق العمر بالأمنيات.
مرر كفه على خدها برقة متلمسًا قبل أن يهمس «وحشتيني يا عاليا، ووحشتني اللحظة دي، علمتيني كيف اتمنى ويتحقق» ثم ضمها بقوة وقربها من خافقه يهمس «الحمدلله يا أمنية العمر وربيعه»
شرع في تحريرها من طرحتها مستفسرًا «ست البنات خايفة من سليم ليه؟»
هزت رأسها تبرىء نفسها من ظنونه «لا مش خايفة» كاذبة الخوف يتسرب لأوردتها بسرعة ويحيل هدوئها لفساد، هتف «مجولتليش على النقاب يا عاليا؟»
سألته بدهشة تربعت عرش نظراتها «اتضايجت؟  حبيت افاجئك بيه»
ابتسم مقدرًا فعلها مباركًا صنيعها «لاه بالعكس»
همست مطأطأة «مش عايزة عين تشوفني بعد كِده غيرك»
همس وهو يحرر خصلاتها الطويلة على ظهرها «مهما شافوكي محدش هيشوفك بعنيا يا عاليا ولا حد يجدر يشوفك بعيني » همست غائبة في تأثير همسه الرقيق وهدوء نبرته «ليه شايفني كيف؟»
مال ولثّم خدها مستشعرًا ملمسه ونعومته تحت شفتيه هامسًا «شايفك متوصفكيش حروف، ولو وصفتك مفيش معجم يفسر، حروفي عاجزة وحروفهم جليلة، محتاج ألف حرف ومليون معنى وياريت يكفيكِ»
عضت شفتيها بخجل من همسه قبل أن تهمس بصوت مبحوح تُلقي فرمان«سليم الطرحة بس»
تنهد باستسلام قبل أن ينهض من جوارها ويبتعد قائلًا «ماشي الطرحة بس، هغير هدومي وأنتِ اجهزي وتعالي نصلي »
تحررت من فستانها، مسحت وجهها من مستحضرات التجميل وارتدت قميصًا ومئزره وفوقهما إسدالها تسللت لتتوضأ  ثم خرجت لتجده بالصالة يفرد السجادتين وينتظرها..
تقدمت منه ببطء ونظراته تمسك بيدها وتقودها حيث يجلس، وقف يكبر ويؤمها بخشوع وهي جواره..
تستعذب صوته فتبكي، سجد طويلًا جدًا وبعدها واصل حتى انتهى وسلّم..
مال برأسه ينظر إليها متنهدًا قبل أن يفرد ذراعه ويدعوها لحضنه.
تمدد بعدها ووضع رأسه على حجرها هامسًا وهو مغمض العينين في استرخاء مفعم برائحة وجودها ونكهة قربها يستقي الحب من لمساتها الخجولة على لحيته ، ابتسم في صمت يمنحها حرية التعبير والمساحة لإظهار مشاعرها، تمرر أناملها في خصلاته السوداء الناعمة  ، ثم أحاطت لحيته النامية بكفيها الناعمين تضم وجهه برقة وهي تهمس «سليم إنت نمت»
فتح عينيه ورفعهما للأعلى ينظر إليها هامسًا بشقاوة وهو يقبّل باطن كفها «نوم والنهاردة يا عاليا لاه متحلميش »
ابتسمت تسأله متجاهلة ما يقصده «نايم كدِه ليه يا شيخ؟»
أخبرها بإبتسامة دافئة وهو ينظر أمامه «بستعوب إنك معايا أخيرًا وجنبي»
قالت بإمتعاض وهي تهمس مفصحةً له «هتفضل كتير تستوعب أنا جعانة يا سليم بجالي يومين مكلتش»
اعتدل جالسًا يخبرها بحنان «جومي غيري الإسدال وتعالي ناكل»
زمت شفتيها وأشاحت معترضة بحياء «لا مش هجلعه أنا مرتاحة كدِه»
ابتسم سليم وهو يتأملها بعشق ويشاكسها بحنو «طيب 130جميص يا عاليا هيتلبسوا متى؟»
حملقت فيه وهي تُسرّب من بين شفتيها شهقة ناعمة متفاجئة بقوله تستنكرعليه «أنت عديتهم؟»
قطب مُفكرًا قبل أن يبتسم ويخبرها بحمحمة «مجصدتش هي جات كدِه»
نهضت واقفة منزعجة تبرطم بحياء «خيبت أملي فيك يا شيخ والله»
اتسعت ابتسامته وهو ينهض ويقف يجاريها في مزاحها «لا والله أنتِ كدِه الي هتخيبي أملي»
زمت شفتيها وأشاحت مبتعدة عنه،تستنكر «مكنتش فكراك كده»
ضحك قائلًا وهو يتبعها «لا أنا كده وأكتر»
تخطته مغادرة للحجرة فتبعها يسأل «مش هتاكلي»
انكمشت بإسدالها تحت الغطاء مرتعشة تفكر بقلق فيما سيحدث «لاه لاه أنا تعبانة وهنام أجفل النور واطلع»
استهجن طلبها واقترب منها يسألها «أطلع أروح فين ماليش مكان غير هنا؟»
تمدد جوارها فانتفضت معترضة ترتجف بخوف «لاه أنا متعودتش حد ينام جنبي روح الأوضة التانية يا سليم لو سمحت دلوك»
ربت سليم بحنو ورقة فوق رأسها يطمئنها «عاليا متخافيش»
زاد توترها وارتباكها، تذكرت اللحظة والدها ومجونه، لمساته القبيحة مثله ورائحته العفنة التي أصابت روحها بالعطب سقطت دموعها غزيرة واختنق صوتها فابتعد عنها مندهشًا يسرقه القلق من رضا النفس «خلاص متبكيش همشي»
حاول ضمها لكنها دفعته بعيدًا عنها والمشاعر القديمة المدفونة تحيا وتقف على أرض الحدث لاعنة لها إن خضعت
رمقها بنظرة مزعورة قبل أن يبتعد وهو يبثها الطمأنينة بكلماته «خلاص نامي وارتاحي شوية»
خرج وترك لها الحجرة فازداد بكاؤها وأنينها، ظل سليم جالسًا بالخارج في هم وحزن تعصف به الأفكار،يتحرك تجاه الحجرة بتردد، يتأمل حالتها ويقترب فتردعه نظراتها، نهضت وأغلقت الباب ليتوقف عن المحاولة، التقط مصحفه من أمامه وفتحه ليقرأ فيه هاربًا لملجئه.
هاتفت عاليا زوجة عمها ورد التي انعزلت بحجرتها بعد عودتها  منتظرة اتصالها بعدما همست لها قبل رحيلها أنها موجودة يمكنها مهاتفتها في أي وقت والحديث معها إن احتاجت.
ولم تخيّب ورد ظنها ابتهجت حين سمعت صوتها، عانقت روحها بكلماتها وربتت بكف الحنان على قلبها المتألم، غذتها بالطمأنينة واحتوتها بفهم، كانت أمًا وصديقة ودرعًا حاميًا لها من هجمات الألم
تنفست براحة حين أنهت الاتصال، منحتها ورد ما تحتاجه من دفقات الحنان والطمأنينة ودثرتها بتفهمها ونصحتها بقلب حنون، فاستعادت ثباتها ورممت صدع قوتها لكنها لا تملك الشجاعة الكافية للخروج ومواجهته ، خلعت عنها إسدالها وجلست تستمع لتلاوته بخشوع حتى انتهى وأغلق مصحفه..
نهض ليطمئن عليها، دخل الحجرة فوجدها جالسة بصمت، ما إن إلتقت نظراتهما وقرأت الإعجاب والانبهار بنظراته حتى هربت نظراتها منه في خجل وتوتر، جلس جوارها يهمس والقلق ينازع كل المشاعر  «بجيتي أحسن؟ منمتيش ليه؟»
فركت كفيها بتوتر لا تجد إجابه واضحة تمنحها له وخجلها الشديد يقف حاجزًا بينها وبين الاعتراف بإنتظارها له وندمها على ما فعلت في حقه وضياعها وخوفها.
أمسك بكفها البارد وهمس وهو يتخلل أناملها بأنامله يمنحها طمأنينة النفس في كلمات «من يوم ما وجّعتي على دماغي التفاحة وأنا بدعي متكونيش لغيري وتكوني نصيبي وجبري بعد الكسر، كنت شايفك بعيدة جوي إيدي مهما طوّلت مبتطولكيش» أخذ نفسًا مرتجفًا،بينما كتمت هي شهقة البكاء متأثرة بقوله الذي سكن القلب ووجد فيه متكأ ومكان، أردف بإبتسامة حنون «متخافيش مني، جومي اتعشي وارجعي نامي وأنا هنام فالأوضة التانية»
اقتربت منه ببطء وعانقته شاكرة معتذرة له «سامحني يا شيخ غصب عني»
ربت على ظهرها برقة واحتواها متنعمًا بحضنها في تفهم، فابتعدت عنه مضطربة الدقات منزعجة ومشتتة الأفكار.. سحبها من كفها فنهضت على استحياء تمسك بمئزرها وتقبض عليه خشية أن يتحرك ويكشف شيئًا من جسدها  ، جلست جواره أمام الطعام، رغم شدة الجوع شهيتها مغلقة وزاهدة، القلق يشتت ذهنها ويتسرب لأوردتها فتتألم وترتجف، أطرافها باردة وحنينها لوالدتها يزيد ويتشعب ممتلكًا الروح، ليتها هنا جوارها تشعر بالوحدة دونها، تمسح جبينها وتشرد بصمت فتنتبه على همسه «عاليا» تبتسم وتدس الطعام بفمها عنوة  حتى اكتفت وابتعدت،  حملت الطعام وغادرت به للمطبخ حفظته بالبراد ووقفت مكانها دامعة، غسلت وجهها تحت المياه الجارية وتنفست تستعيد رباطة جأشها لاهية غافلة عن نظراته المتألمة لأجلها وضياعه الذي يشبه ضياعها،  هو لن يقترب قرر أن لا يفعلها حتى تعتاده ففاجأته بخوفها الشديد ورعبها الغريب.
نظر لعينيها يسكب الحنان في روحها سكبًا قبل أن يسحبها للخارج ويجلس بها أمام التلفاز مخيرًا لها «تسمعي إيه؟»
أجابت بخفوت «أي حاجة ممكن مسلسل تركي» لبى لها طلبها دون مناقشة أو جدال، سألها عن القناة التي تريدها فأعلمته بها، آتى بها لها وصمت يستمع معها بصبر ويناقشها في قصته والأحداث حتى تنشغل وتندمج معه.
وضعت رأسها على كتفه متثائبة وأغلقت عينيها براحة وطمأنينة حتى سحبها النوم لعالمه، ابتسم سليم بحنو وأغلق التلفاز وبقيّ مكانه صابرًا حتى تغرق في النوم حتى يمكنه بعدها حملها لحجرتها بهدوء.
بعد قليل حملها ووضعها فوق الفِراش و دثرها جيدًا ثم لثم جبينها بحنو وخرج ليقيم الليل كما تعوّد.
*******
في اليوم التالي مساءً
لكزتها سكن التي جاورتها مستفسرة بشقاوة «ها إيه الأخبار»
قطبت عاليا مراوغة بخجل «أخبار إيه؟»
جلست مودة التي أنهت ترتيب الحجرة وتنظيفها وإطلاق زخات المعطر في جوانبها، وهمست هي الأخرى «استعبطي يا عاليا»
عضت عاليا شفتيها وصمتت شاردة الذهن متحيرة، تلملم أفكارها وتتحدى خوفها وحيرتها لكن عبثًا تحاول فقررت البوح لهما ومشاركتهما العلة فمن لها غيرهما؟  هي مازالت تخجل من ورد «كل واحد بيبيت فأوضة»
نظر الفتاتين لبعضهما بصمت وقلق تشاركها قبل أن توبخها سكن ممازحة «ليه يا بجرة أمال ١٣٠جميص دول لإيه»
مسحت عاليا وجهها بتوتر لم توّفته عينا مودة فاحتوتها مهوّنة عليها «مفيش مشكلة يا عاليا بس فهمينا ليه؟»
نظرت لوجهها في المرآة بحسرة تتأمل ملامحها الشاحبة وعينيها التي فقدت بريقها ووضحت «مش عارفة خايفة وجلجانة» أغمضت عينيها ووضحت بإنكسار «مش عارفة أفرح يابت حاسة كل حاجة ناجصة وحياتي غريبة تايهة، بنام أكتر ما بصحى عشان مفتكرش أي حاجة»
صمتت الفتاتين عاجزتين عن الرد لا تفهمان سر معاناة عاليا ولا خوفها  فكانت سكن أول من تحدث وطمأنتها ببعض التهكم «طيب متزعليش خدي تجربتي عظة يا اختي حمزة حمّض جنبي»
ضحكت عاليا وابتسمت مودة قائلة « أنا بجى معايا واحد ميجدرش عليه لا عفاريت ولا أي حاجة والله»
ضحكن على قولها ثم سألتها مودة «أخبار أمه معاكي إيه؟»
أجابتها عاليا بصدق وامتنان «كويسة جوي والله  وأبرار طيبة  مش مخليني محتاجة حاجة ولا بعمل حتى كوباية عصير لنفسي»
لكزتها سكن ممازحة بضحكة شقية وهي تقف أمام المرآة لترتدي نقابها وتضبطه «طيبة زي أخوها الي منشفة ريجه يا هانم وجاعد مكتوم وهيطج أكيد»
غمزت مودة لسكن ثم وضحت بتفهم وحكمة «سليم عاقل وفاهم ومظنش زعلان وبيحب عاليا»
طأطأت عاليا رأسها وهمست مغلوبة على أمرها «والله غصب عني يا سكن مش بيدي» ندمت سكن على ما تفوهت به واقتربت تضمها معتذرة عن حماقتها «بهزر يا بت والله على يدك الي كان بيني وبين حمزة، روجي كله هيتعدل خدي وجتك بس من غير ما تبعدي يا عاليا وتبني بينك وبينه حيطان يتعبك هدها»
أثنت مودة على قول سكن وأردفت «سكن معاها حج يا عاليا اتكلمي وفهميه الي عيزاه منه وجوليله محتاجة وجت وفي الوجت دِه قربي متصديش وتنفري لغاية تاخدي عليه»
زفرت بحيرة لا تعرف هل ستتخطى وتنفذ قولهم أم ستعود لإنعزالها وصمتها وعزوفها عن مواجهته والحديث معه، كلما حاول التقرب منها بأي شكل تصده، كلما تحدث معها أجابت بإختصار وتهربت منه.
أعلنوا عن موعد الرحيل فودعتاها الفتاتين ورحلتا، دخل سليم بعينين غارقتين في الحيرة طالعها بنظرة شوق وابتسامة حنون وهو يسألها «كويسة يا عاليا؟»
هزت رأسها وهي تخشى النظر لعينيه وتتهرب في لوم لنفسها وحسرة تبلغ آفاق الروح، سألته بإرتباك «محتاج حاجة أعملهالك؟»
ابتسم وأجاب رضا «لا ياست البنات هدخل أذاكر شوية لغاية موعد القيام لو احتجت حاجة هجوم أعملها ارتاحي شوية»
تحرك تجاه الحجرة الصغيرة المجهزة بمكتبة صغيرة ممتلئة الأحشاء بالكتب القيّمة ومكتب صغير فوقه حاسوب والركن الآخر منها سجادة مفروشة وحامل مصحف، اتجه للنافذة المفتوحة استند على حافتها يتنفس الهواء الطازج بعمق وهو يهمس بوحشة وإفتقاد «فينك يا عم تايه ومش فاهم» أغلقها حينما تسلل البرد لصدره فسعل، عاد لمكتبه وجلس خلفه تائهًا لا تمنحه فرصة للحديث ولا تفتح بابًا بينهما وهو لا يفك طلاسمها.
ارتدى نظارته الطبية وبسمل قبل أن يفتح كتابًا أمامه ويغرق فيه. رفع رأسه يأذن للطارق بالدخول ظنها أبرار لكنه تفاجيء بها تبتسم بتردد وتطلب الدخول الآمن لصومعته الباردة، اتسعت ابتسامته ولم يتحرك حتى لا تقلق وتفرّ هاربة، بقيّ مكانه يأذن لها «اتفضلي»
حلّ الدفء وانتشر بدخولها، الحجرة الباردة  أضحت دافئة وحميمية وضعت كوب الشيكولا الساخن أمامه هامسةً بإرتباك «الجو برد عملتلك حاجة تدفيك»
نظر للكوب إبتسامة حنون يشكرها على إحساسها به «تسلم يدك يا ست البنات بس معملتيش لنفسك ليه؟»
أزاحت خصلة ضايقتها خلف أذنها وهمست «هشرب بره عشان متتعطلش»
أراح ظهره للكرسي موضحًا «خلصت جزء هاتي كوبايتك وتعالي شوية هنا ولا نشرب مع بعض»
حمحمت بخجل وهي تبتسم هامسةً «هجيبها» خرجت فنهض وفتح النافذة من جديد وقف أمامها ممسكًا بالكوب ينتظر مجيئها حتى جاءت على استحياء وقفت جواره، رفعت الحجاب على خصلاتها واستندت على حافة النافذة متسائلة «حلو؟  »
قطب حائرًا ينظر لعينيها بهيام فهمست تنبهه «سليم لو محتاج سكر أجبلك»
حمحم منتبهًا من شروده وتأمله لها وقال بإرتباك «لا تمام أنا مش بفضل غير معلجة واحدة سكر يا عاليا»
ابتسمت قائلة وهي تعود بنظراتها للفضاء حولهما «أنا بحبه جوي وعادي ممكن تلاجيني بأكل فيه من غير أي حاجة»
ابتسم لها قائلًا بحب «فداكِ، أبرار زيك وأمي عشان صحتها متتعبش كانت بتجفل عالسكر»
ضحكت برقة وهي توجّه له نظراتها مستفسرة «أممم ناوي تعملها معاي»
نظر إليها طويلًا برقة قبل أن يهمس «لاه هعمل حاجة تانية»
قطبت مستفسرة ونظراته تخترق الحصون وتهدم الحواجز«إيه؟»
ارتشف من الكوب وأشاح بنظراته قائلًا بإبتسامة «بعدين هجولك لما يجي وجتها» ابتعلت ريقها وصمتت، أنهى كوبه فانسحبت لحجرتها وتركته وحده لأفكاره.
*******
في اليوم التالي
دخل الشقة ليجدها في المطبخ، ضيّق حدقتيه يتنبأ بما تفعل الساعة وحدها وبإنشغال تام، غائبة عما حولها، وجدها تضع حبات السكر أوسط كفها وتأكله بنهم
ابتسم لرؤيتها تفعل تلك العادة وقد خلعت عنها ثوب الخوف والحرص.. تحرك تجاهها ببطء ونظرات مسلطة عليها «عاليا» همس بها بنبرته الودودة الجميلة التي تُضفي على الحروف سحرًا وعلى الاسم جمالًا فريدًا فتودّ لو نطقه مرات ومرات، رفعت وجهها تُجيبه بإرتباك بعدما أغمضت أناملها على حبات السكر الباقية في أمان، بينما بقيت حبات من السكر حول شفتيها وفوق أنفها توشي بفعلتها وتفضح طفوليتها وبراءة الأفعال «بتعملي إيه؟»
فكرت قليلًا ثم اهتدت للإجابة فقالتها بسرعة وانتصار «بسخن أكل»
ضيّق حدقتيه فوق وجهها يمنحها الاختيار قبل القبض عليها متلبسة «بتسخني أكل متأكدة»
أكدت بهزة رأس وضحكة متكسرة تلملم شظاياها لتثبت «أيوة»
استدارت متهربة من نظراته شديدة العمق ومن أسره الذي لا فكاك منه، وقف خلفها ينظر للرخامة المتناثر فوقها حبات السكر بعشوائية وعلبة السكر المفتوحة كفعل فاضح لكذبها.
«كنتِ بتحطي سكر للنمل ولا إيه؟»
حمحمت تخفي إبتسامتها في حرج وهي تخبره ببؤس مزيف ومزيج من شفقة «صعب عليا النمل والله قولت أوكله»
أحاط خصرها ثم أمسك بكفها المضمومة ورفعها أمام نظراته يحاول فتحها «طب ما أوكله أنا»
ارتبكت من قربه منها وكلماته، أنفاسه المضطربة التي تقبلها الآن، فتحت كفها فهمس بآسف كاذب «مرت الشيخ بتكدب»
قطبت بآسف وخجل مما يحدث وإرادتها التي تضعف وعزمها الذي يلين، استمتاعها بقربه ورغبتها المزعجة بألا يبتعد «الي بيكدب بيتمد على رجله عندنا»
حملقت بذهول فابتسم مؤكدًا «جدامك حللين يا أوكل أنا النمل يا تتمدي على كدبك»
وجدت منفذ هربها قالت بفرحة «وكل النمل طبعًا» اتسعت ابتسامته وكرر سؤاله «متأكدة»
منحته السكر وتجاوزته مؤكدة «طبعا خد يا شيخ الله معك»
حك ذقنه النامية مفكرًا ثم ابتسم وأمسك بذراعها وسحبه لصدره وانحنى برأسه يهمس أمام أذنها بعاطفة «النمل مش هياكل السكر تاني غير من على يدي، فلما يحب ياكله يجولي»
أدركت مقصده الآن وغبائها، رفعت وجهها ترمش بعينيها فهمس بإبتسامته التي تداعب الروح «ها تتمدي على الكدب ولا تكملي أكل من على يدي»
همست بإسمه في تردد و رجاء «سليم»
أجابها وهو يميل ويلثم موضع السكر المتناثر حول شفتيها وخدها، لا يقدر الابتعاد وإهمال حاجته للقرب منها، لا يستطيع تجاهل رغبته في ملامسة ثغرها هو بطعم السكر... تخشب جسدها بصدمة وزادت خفقات قلبها، تائهة ومتوترة، مصافحة أنفاسه متعة ولمساته الناعمة تخضعها وترجوها برقة الاستسلام، تدعوها للذوبان معه بشغف، أحاط خصرها حين لمس لينها، كاد يغرق لولا همسها وابتعادها المفاجىء  «هسخن الأكل»
وابتعدت وانسحب هو لحجرته ومكان انعزاله.
***********
#انتهى

ملاذ قلبي سكن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن