♡السابع والأربعون♡

10.7K 318 59
                                    

صَلُّوا‬⁩ ⁦‪عَلَى‬⁩ ⁦‪مَنْ‬⁩ عَلّمَنَا اَلْحُبَّ
وَآخَى الْقَلْبُ بِ اَلْقَلْبِ
وَفتَحَ لِلْخَيْرَاتِ كُلُّ دَرْب
صَلُّوا‬⁩ ⁦‪عَلَى‬⁩ ⁦‪مَنْ‬⁩ يُنَادِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّتِي أُمَّتِي
اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا محمد💜
******
لا أحلل نقل ولا مشاركة الفصل...
******
♡السابع والأربعون♡
عاد لفِراشه يجر ساقيه جرًا كسقيم مغيبًا بالصدمة مُعذبًا بما سَمِع تمدد على جنبه مكتوف الذراعين في صمتٍ وسكون تام، أنهت مكالمتها وتسللت لحجرته كما اعتادت سحبت الدثار فوق جسده واندست جواره ملتصقةً تأخذ الدفء منه، رفعت جسدها قليلًا وهمست قرب أذنه (حمزاوي أنت نمت؟)
استعذب سجون الصمت وألِفَ أصفاده  وأغلاله، استحب العمى على الرؤية وتلذذ به، ترك سؤالها يطن بأذنيه يتردد مع صرخات ظنونه و كلماتها التي سمعها، همست بندم عله يسمعها ويغفر لها تأخرها عنه (معلش اتأخرت؟)
فتح أبوابه، طرد تنهيداته وأنفاسه الحارة المشتعلة داخله ثم همس دون أن يوليها وجهه محتفظًا بتلك المسافة التي تبيح له الهدوء والصبر عليها (اتأخرتي ليه؟) قبل أن تتفوه رحم قلبه من العذاب ووجّهها بفطنة حتى لا تكذب أو ترواغ فيصاب بالخيبة فيها مرتين وتلطمه يد الخذلان ألف مرة (كنت بره وسمعتك بتكلمي حد، مودة وعمتي بخير؟)
تراجعت بإهتزاز، لملمت الصدمة ابتسامتها فصمتت مترددة بخوف حقيقي وارتجاف، تودّ لو سألته ماذا سمع فتقرر حينها ما يتوجب عليها قوله ؟  لكنها خائفة مزعورة تتمزق بين رغبتين إما البوح  القاتل أو الكتمان السام ، مرّ شريط علاقتهما أمام عينيها فصمتت، ليهمس مغمض العينين في ألم ورجاء يمنحها شربة طمأنينة لا تخاف بعدها أبدًا (احكي يا سكن متخافيش)
اقتربت أكثر، لثمت صدغه بتقدير وحنو قبل أن تجلس ضامة ركبتيها لصدرها  وتبدأ في السرد، تلتمس من قلبه العفو ومن روحه الأمان.
انتهت من السرد فعادت لمكانها جواره هامسةً (آسفة يا حمزة كنت عيزاك راضي ومبسوط وكان عندي استعداد اعمل اي حاجة عشانك)
سألها بهدوء وهو مازال في طور الصدمة مما سمع للتو (وأنا كده مبسوط يا سكن؟ومرتي حبيبتي مع أكتر حد كرهته، فضلت معاه واتكلموا وبتجوله حبيبي) همسها بسخرية قاتلة يصوّب سلاحها لصدره هو، فيموت قهرًا وكمدًا وغيرة.
ربتت على خصلاته بحنو بالغ وتفهّمُ قبل أن توضّح له (هو اتغير وتا....
حذرها وجسده يهتز في غضب مكتوم لو خرج لأرعبها ،كلماته حادة عنيفة تحمل جزءًا مما في صدره (متكمليش يا سكن، تاب، ندم... اتغير أنا الي خسرت فكل الحالات مش هو)
شعرت بالشفقة عليه فهمست ترجوه (جوم اتوضأ وصلي يا حمزة)
هتف بجفاء وهو يسحب الدثار حتى رأسه (أطلعي يا سكن، سبيني لوحدي ونامي جنب عمتك)
رفضت في عناد وهي تضم رأسه لصدرها في احتواء (لااه يا حمزة مش هسيبك)
هتف بعصبية يثنيها عن قرارها فتتخلى، وينعزل مع ذاته في مواجهة أفكاره وتفنيد ما قالته (امشي يا سكن عايز أفضل لوحدي)
أصرّت وهي تلملم دموعها المتساقطة (لاه مش هسيبك هتضربني؟)
همس في وجع متراجعًا في ضياع يتضخم داخلها ويبتلع ثباته  (لااه وأنا أجدر أنتوا الي بتضربوا)
مزقتها كلماته لأشلاء،جاءتها كطرقة حادة فوق رأسها، لو صرخ وغضب وضربها ما حزنت هكذا وتوجعت، صمته وحزنه الوقور كان أقسى مما تظن على قلبها وأبشع مما توقعت على روحها التي تعشقه، هو بتلك الحالة وهذا الإنكسار لهوالألم في ذاته وصورته.
ظلت ساهرةً جواره تزرف الدموع، تربت على رأسه كل حين، وهو على حاله وسكون جسده المقلق، يزفر أنفاسه الملتهبةً من وقتٍ لآخر وبعدها يطبق على الصمت بين جنباته بأنين مكتوم.
في الصباح منحته قبلة على جبينه وخرجت، قابلتها ورد التي كانت تخرج من المطبخ ممسكةً بكوب اللبن، قبل أن تتفوه بتوبيخ أو لوم على مكوثها بحجرته  لمحت دموع سكن وذبول نظراتها الواضح فتقدمت منها بقلق متسائلة وقلبها يرتجف(مالك حمزة فيه حاجه؟)
تنفست سكن وقالت بما أشد وطأة (حمزة عرف بعمي حسان يا ورد؟)
سألتها ورد وبنظرة حادة (مين عرّفه؟)
مسحت سكن دموعها ووضحت بأسف  (أنا، سمعني وأنا بكلم عمي وسألني ومجدرتش أداري عليه)
صمتت ورد بضيق ولم تعقب، قبل أن تصرفها بحنو مترفقةً بها فلا عتاب الآن ما حدث حدث وانتهى (ماشي روحي اتوضي وصلي وجهزيله فطور وأنا هشوفه)
دخلت ورد بكوب اللبن مبتسمة  تمتص توتره ببشاشتها تؤكد على حبه في قلبها وتذكره بما قد ينساه ويتبخر تحت مواقد الغضب (صباح الخير يا ضي عين أمك)
اعتدل جالسًا متنهدًا يبادلها تحيتها بهمس خافت بالكاد خرج منه  (صباح الخير)
جلست فوق الفراش الذي أمامه متسائلة بابتسامة ودودةً (معيزش تكلم أمك ولا إيه يا واد عبد الحكيم)
أخفض نظراته المليئة بالعتب لقدميه هامسًا بحشرجة (لا يا أمي صباح الخير)
وجهت نظراته المتصيدة تجاهه متسائلة (فيك إيه يا حمزة؟)
بهدوء حَذِر عاتبها وحفاظ على النبرة (مجولتليش ليه إن حسان هو الي هيعالج سكن ولا استأذنتيني ؟)
قالها ومازال يخفض نظراته أرضًا حتى لا تكشف دواخله، ولا ترى عتبه ولومه  فقالت بهدوء مستهجنة  وهي تضع كوب اللبن جوارها فوق الكومود(استأذنك؟ أنت ليك جول بعد جولي يا حمزة؟ وبعدين  ليك مين عالجها ولا ليك إنها بجت بخير؟)
رفع نظراته قائلًا بحدة سرعان ما انتزعها من حروفه تأدبًا واحترامًا ( مجصدش بس أنا ليا الاتنين ده مش أي حد )
فردت كفها وأوقفته أمامه علامة التوقف والإعتراض قائلة  (لاه ليك إنها خفت وخلصنا،وبعدين ما أنت صالحتهم )
ضرب الفراش بقبضته متحسرًا (ياريتها ما خفت ولو أعرف مكنتش وافجت،صالحت أيوه بس مش حسان الي يده كلها دم أبوي واسلمه مرتي)
استنكرت ورد قوله وعصبيته (واه...
إذا أراد الله أن يرسل لك الخير
حمله إليك ولو على ظهر عدوك يا حمزة،مرتك دي بت أخوه )
هتف بصوت عالي أزعجها (لااه يبجا بلاش منه الخير ده، ومكانش يفرق معايا الموضوع وكنت مستحمله)
واجهته بحدة وصلابة مستهجنة قوله (كت هتستحمل لغاية متى؟  وهيفضل مش فارق لغاية ما تكبر والعمر يسرجك؟)
نهض يدور بالحجرة قائلًا في غضب (أنا حر وراضي بنصيبي وجسمتي)
انتفضت واقفة تزعق فيه بحزم (منتاش حر، أنا ليا حق فيك،واجبك ترضيني )
اقترب قائلًا بحدة مشيرًا لرأسه (على راسي بس متبجاش كدِه،الشيوخ كتير ليه هو ) قالت بغضب شديد (عشان عمها هيحافظ عليها، كنت هجيب منين أنا شيخ يداويها وابجا مطمنة عليها معاه)
اقتربت وغرست سبابتها في صدره متسائلة (عمها الي من دمها أحسن ولا الغريب؟)
تراجع خطوة قائلًا متهربًا من السؤال(كنتي سبيها)
صرخت به (مسبهاش عايزة اطمن عليك، عايزة أشوف عيالك عايزة محسش العمر راح مني هدر من غير أشوفك متهني)
نفض ذراعيه صارخًا (يلعن أبو دِه هنا، الراجل دِه دمرلنا حياتنا، حرمني من السند والعزوة وإني ألاجي الي اتكي عليه ومبجاش ملطشة وواحد زي عمار يجولي أنت متفرجش معانا)
استند بذراعه اليمنى على الحائط في انهيار وتهالك، بينما هي واقفة تستوعب ما قاله ورصاصات عمار التي أطلقها لصدره دون رحمة، قالت متوجعة لأجله (أنا مجصرتش معاك يا حمزة كنت أب وأم وصاحب وسند وضهر عملت الي علي وزيادة)
دخلت سكن الحجرة باكية، وقفت مذنبة حينما استمعت لكلمات زوجها عن عمار وما قاله له، قال بهمس متألم (سكن مرضتش تكلمه عشاني دلوكت بتكلمه وتروحله وهي على ذمتي )
هتفت بإنكسار (عشانك برضو عملتها يا حمزة)
لتوقفه والدته هادرة فيه (هي ملهاش ذنب، حاسبني أنا ولو هتزعل أزعل مني أنا، هي مكانتش راضية لولايا)
استدار قاىلًا بانفلات (ده أبوي أنا مش ...
حذرته بغضب وحدّة وهي تشهر سبابتها في نهي واضح (أوعى تنطج الي على لسانك يا حمزة، أوعى الي فعنيك تورهوني ولا تسمعهوني مش هيبجا فيها سماح)
تراجع ، أسبل أهدابه بانهيار وعجز قبل أن يسحب سترته ويغادر تاركًا لهما
لحقت به سكن منادية بتوسل (استنى يا حمزة متنزلش كِده)
لكنه خرج صافعًا الباب خلفه لا يسمع سوى صوت أفكاره التي تعوي كالذئاب.
عادت لعمتها، على الفور كانت تحضر لها كوب ماء وتمنحه لها بقلق (خدي يا مرت خالي)
ارتشفت ورد بضع قطرات وقبل أن تطمئنها هتفت سكن بعقلانية (ربنا يكون فعونه، حمزة هيفهم ويرجع اطمني )
ابتسمت ورد بطمأنينة، وهي تملّس فوق رأسها هامسةً (بديتي تفهميه يا سكن، والروح الواحدة هتتجسم على اتنين)
            ♡**********♡
            في منتصف الليل
دخل الشقة متلهفًا، رمى متعلقاته الشخصية جانبًا فوق طاولة السفرة القريبة وخطا للداخل، فاستوقفته بهمسها المتحشرج (حمزة)
عاد ركضًا بأثقاله ليرميها تحت أقدامها ويعتذر، جلس أسفل قدميها على ركبتيه هامسًا (أمي)
ضمت رأسه لصدرها في صمت محتوية ، فاض حزنه فبكى،ضاق صدره فأفضى، انتفض جسده مرتعدًا بالشهقات فربتت على ظهره فزعةً لأجله (لااه يا حمزة متوجعش جلبي)
همس وجسده يختض بين ذراعيها، دموعه ترشقها سهام الوجع فتسقط دون توقف (أنا آسف حجك عليّ)
طمأنته وقلبها ينشطر نصفين على وحيدها ونبتة عشقها (اهدأ يا ضنايا متعملش كِده)
صارحها بوجعه بأفكاره السوداء،وعذابه الذي يحيل حياته لجحيم (مش عارف اتجبل إلي حصل غصب عني، مش عارف أتجبل اللجمة وأبلعها برضى من كف حسان وأرضى يا أمي، ولا عارف اتخيل الي حكته  ودفاعها عنه واهتمامها بيه)
شعرت بالأسف لأجله ابنها يغار فوق استنكاره ورفضه لحسان، فهمست بحزمها  تمنحه القوة (هونها عليك، خدنا منه الي ينفعنا وهيروح لحاله يا ضنايا)
شرح لها وهو يبتعد عنها معتدلًا يسند ذراعه على ركبته بينما ظهره يستريح على حافة الكرسي المجاور (نار جوايا مبتطفيش)أمسكت بكفه تضمه معتذرة له في أسى (سامحني يا ولدي كنت ريدالك الخير والسعادة مهانش عليا يوم ما ترجع للدنيا تديك ضهرها، اتعلجت بالجشاية الي لجيتها لجل خاطرك)
ضم كفها وقرّبه من فمه ملثمًا بتقدير وامتنان، ليهمس بتأوه متألم (دماغي هتنفجر حاسس كأني سيبت سكن لهشام للمرة التانية)
ربتت على كفه رافضة قوله تستنكره في لوم (متجولش كدِه هي خفت وهو هيبعد، المهم إنها بخير محفوظة ومتصانة ليك، هوّن عليك يا حبيبي)
تنهد بصمت وقلة حيلة فقالت (كلت ولا أجوم أعملك حاجه)
همس بوهن وزهد (ماليش نفس هنام كدِه)
نهض مقبلًا رأسها وكفها ثم انسحب للداخل، وصته رفقًا بنفسه التى تهوى(إن جاتك سكن خدها فحضنك يا حمزة متردهاش هي ملهاش ذنب، واسكت لغاية ما تهدأ و تعدي المحنة)
أصدر تنهيدة قوية بشّرتها باستسلامه وطاعته لأوامرها قبل أن ينصرف للحجرة
دخل وأغلق خلفه، حامدًا الله أنها لم تأت وابتعدت كما طلب، انزوت وحدها منتظرة الحكم وقراره.
رمى جسده فوق الفراش بتهالك، بقلبه آخر يتمنى لو تأتي إليه ولا تتركه لنفسه وأفكاره ، أن تُلقي بكل شيء وتتسلل لأحضانه فيطيب نومه برائحتها.
أغمض عينيه يستدعي النوم من مكامنه ومغاراته، يتوسله أن يرأف به وبحاله أن يتسرب من شقوق الوجع ويلفه بدوامته.
لكنها هي من فعلت، جاءت متسللة، رفعت الغطاء على جسده ودثرته ثم انكمشت خلف ظهره بصمت تحيطه بذراعيها في تردد، تُلصق وجهها بظهره فتتغلغل أنفاسها الدافئة إليه، تتنهد مثله في سكون كأنما تشكوه في عجز وتتوسله في عطف، شعر بدفئها يسري في جسده ويمنحه الحرية من أغلال ظنونه وأفكاره البشعة فأسلم نفسه للنوم منهكًا،وحدها المعضلة والحل صاحبة تاج سلطان النوم.
********
في الصباح تتابعت الرسائل على هاتفها المُلقى جواره بأمان، ما عاد شيء يقلقها وليس هناك ما تخشاه، أو تهاب أن يعرفه منحته مفاتيح خبيئتها وانطلقت بحرية، يومًا ضمد هو جناحاها المكسورانِ والآن استبدلته هو بجناحيها في أمان .. فض الرسائل
(عمك لسه تعبان)(بيقول عايز يمشي)
(بيقولك متجيش متزعليش حمزة)
(حالته صعبة يا سكن شكله بيموت وأنا مش فاهم أعمل إيه ومضطر أروح الشغل) بالإضافة لرسائلها الصوتية التي تتوسله فيها تناول الدواء والاهتمام بصحته لأجل خاطرها.
لو كانت الكلمات تقتل لقتلته اللحظة
رمى الهاتف بعيدًا بعنف ينبذ الرسائل ويركل الكلمات،خرج من الحجرة ليجدها أمامه أشاح بعيدًا مغيرًا وجهته للمرحاض
ليخرج منه بعد قليل للمطبخ حائر متخبط كأنه دخل مكانًا لا يعرفه ويجهل خرائطه، يعبث بغير هدى وينشر الفوضى بغير راحة، يفتش عن شيء لا يعرفه وكأنها نفسه..
ليقف أخيرًا منهزمًا كأسير أمام آلة القهوة، أخذ قسمته منها في فنجان صغير، فسألته وهي تتابعه (محتاج حاجه أساعدك؟)
تجاهل وانعزل، ترك سؤالها معلق كأنه يأتي من حُلم، وحديث يستحق التغاضي عنه، لن يكلف نفسه عناء الرد عليه وإن كان يتوجع لأجل ذلك وتلاحقه دقات قلبه العاشقة باللوم.
تخطاها كما لو كانت هواء، أو جمادًا دخل الشرنقة خاصته ينسج الحزن في خيوط.
دخلت خلفه بعدما جهزت له فطورًا  يسد جوعه ويعوضعه عن عشاء الأمس  وجدته مطأطأ الرأس بين أنامله فنجان القهوة... وضعت الصينية أرضًا وأقتربت تسحب الفنجان من بين أنامله فرفع رأسه مُحلقًا بنظراته فوق ملامحها..تلاقت النظرات في حديث صامت قبل أن يسلب نفسًا ويشيح بعيدًا
وضعت الفنجان جانبًا وهمست (جوم يا حمزة أفطر)
امتدت كفه لفنجانه فأمسكت به وضمته متوسلة (مفيش جهوة جبل ما تفطر أنت متعشتش وطلعت من غير غدا)
هتف بحدة وهو ينفض كفه منها (ملكيش دعوة يا سكن)
هتفت بحسم، متخذةً قرارها (يبجا أنا زيك مش هاكل جعدت يوم اتنين أو تلاته)
احتدت نظراته المصوّبة تجاهها وهو يهتف مستهينًا بقولها لا مباليًا (براحتك متاكليش)
اغرورقت عيناها بالدموع فأشاح متنفسًا بقوة، يعنفها بفظاظة  ويحذرها في نزاع داخلي وهو ينهض من أمامها و يدور في الحجرة ( متجربيش مني، خليكِ بعيد عني يا سكن عشان متزعليش)
ضمته من الخلف متشبثة به، لفّت ذراعيها حوله واضعة رأسها على ظهره وهي تهمس (هقرب ومش هبعد و اعمل الي عايزه حجك يا حمزة وأنا راضية ومش هشتكي)
توقف جسده وتصلب قبل أن تنطفئ حرائقه وتهدأ ثورته رأفةً بها، ازدرد ريقه وهمس محاولًا التريث والحكمة معها (تمام يا سكن بس أنا محتاج أفضل لوحدي شوية)
شددت من ضمه في عناد (لاااه هفضل جنبك من غير ما اتكلم مش هزعجك)
فك ذراعيها من حوله وأبعدها قائلًا (ماشي يا سكن)
أشارت للطعام (جلة الأكل مش حل،  مش هامك أنا،طيب ومرت خالي بتعذبها معاك ليه؟)رفع كفه لخدها ضائقًا شعور حارق بالندم تسلل إليه في غفلة من احساسها بأنها أقل قيمة وامتناعها عن الأكل لا يشكل فارقًا ولا محل اهتمام لديه، سحب كفه قبل أن تلامسها وأبتعد، انحنى ملتقطًا شطيرة قائلًا (اهو...)
بالكف الأخرى جذب جاكته وهي تدور حول نفسها تطارده بنظراته تجاريه في سرعة أفعاله... خرج بعدها دون حديث، ارتاح لعدم وجود والدته بالخارج فرحل برضا مُغلقًا خلفه بقوة.
أعادت الطعام للمطبخ وحفظته كما هو، ثم انسحبت تهاتف مودة تبثها همومها وأحزانها وتطمئن على حالها.
*******"
في منتصف الليل
دخل الشقة مرتجفًا، يأوي إلى دفئها ودفء أنفاس من فيها، خلع نعليه واتبعهما بجاكيته الثقيل وبعدها ركن جالسًا في الظلام فوق الأريكة وحده ضائق النفس خافق الفؤاد لا معين له على أفكاره،
رنى لمسامعه صوتًا مألوفًا يعرفه تناغم مع صوت حبات المطر، شهقاتها نافست البرق في صوتها وأنفاس بارزت الرعد في تسارعها.. انتفض من جلسته متجهًا نحو الشرفة في انفعال وقف يتطلع إليها بصمت وهي تفرد ذراعيها مستقبلة المطر تدعو مغمضة العينين بصوت مسموع لأذنيه (يارب اعمل إيه؟ كل حاجه كانت غصب عني، يارب رجعه ليا)
توقفت فتقدم خطوة ليزجرها ويعنفها على وقوفها تحت المطر بهذا الوقت من الليل وحدها في البرد، لكن رنين هاتفها منعه وجعله يقف مستمعًا بعدما تنحت عن المطر وجلس تحت مظلة الشرفة محتمية
(أيوة يا مودة، حمزة مرجعش ممكن يبات بره.. هعمل إيه يعني بكلم نفسي.. غصب عني والله برضو مش عارفة انسى وجفة عمك حسان جنبي ونفسي اردله جزء، كفاية إني خفيت على إيده وحياتي بجت أحسن بجاله جميل فرجبتي يامودة ده الي واجعني ومش جادرة اتكلم وأفهّم حمزة عليه،تايهة والله وتعبانة محدش حاسس بيا لو نموت بجا ونرتاح )
وقعت الجملة من نفسه موقع مؤلم، اندفع يفتح باب الشرفة هاتفًا بإسمها في رفض وجزع وتساؤل وجّهه إليها (سكن جاعدة هنا ليه؟)
نظرت لعينيه بصمت واستسلام، غرقت فيهما دون نجاة قبل أن تتعلق بقشة صنعتها من هروبه وإشاحته بعيدًا عنها في هروب وقالت لأختها (هكلمك تاني حمزة رجع)
أنهت الاتصال ونهضت فسحبها بقوة من ذراعها للداخل ثم أغلق الشرفة جيدًا وهي تقف منتفضة..
استدار يوبخها على حماقة أفعالها وطفوليتها المؤذية (في حد يجعد كده في المطر في البرد ده اتهبلتي)
ذمت شفتيها بغير رضى أعلنته ملامحها ورفعت راياته نظراتها اللائمة، أجابت بعذر منحه حرية الانفعال (بحب المطر ومش بردانة)
حدجها بنظرة معنفة مرعبة أرجفتها كما البرد قبل أن يسخر من قولها وهو يسحبها للداخل ( والله أمال بتتنفضي ليه؟)
توقفت عن السير تلكمه بقولها (يمكن خوفت منك)
فك قبضته عنها، منح ذراعها الحركة وجسدها حرية الاختيار إما الوقوف أو المغادرة، نظراته نزلت عليها كسوط عذاب، جلدت روحها فلعنت لسانها الذي لا ينطق بالحق ويجادل بحمق، تبًا هل تخاف منه؟  أم أرادت إيلامه وإيقافه بطريقة مؤذية عله يرتدع ويتوقف عن خصامه وتعذيبها بصمته، طرقت فوق باب تعرف ما خلفه وتدري توابع فتحه في وجهها... تبدلت نظراتها وهي تراه يطالعها بندم اختلط بالعتاب، نظرته الضائعة حطمتها (خايفة مني)
اندفعت لصدره تعانقه معتذرة عن تهورها (لا مجصدش طلعت مني من غير جصد)
ذراعاه شاركته الصمت والرفض امتنعت عن ضمها وجسده تصلب في استنكار.
فهمست مكررةً اعتذارها (آسفة يا حبيبي والله)
نغمة ساخرة وتعويذة منحته ردة فعل، أبعدها عنه بكفيه يرسل لها لومه وعتابه قبل أن يخبرها (أنا خايف عليكِ)
رفعت كفيها لتضم وجهه فأبعدها قائلًا بحدة (تصبحي على خير)
اندفع للحجرة، استلقى فوق الفِراش يطالع الثقف بسكون حتى جاءت التصقت به فأبعدها بنبرة جافة تناقض كلماته (جومي بدلي هدومك المبلولة)
عاندت وهي تتحسس بلل ملابسة (لم تبدلها أنت)
عَلِم أن لا فائدة من الجدال وهو اللحظة يمقت الحوار ويحتاج لصمتٍ هاديء، نهض  فورًا للخزانة سحب لها ملابس وله، رماها جوارها قائلًا (اهو يلا)
خرج فأبدلت ملابسها ولملمت المنزوعة وخرجت لتضعها مع الملابس المتسخة
وجدته يخرج من المطبخ ممسكًا بكوب من اليانسون دخل به الحجرة ووضعه فوق الكومود بعدما انتقل للفراش الآخر بغطاء آخر. (اشربي اليانسون)
تأففت بخفوت قبل أن تتناول منه جزءًا وتتسطح جواره منكمشة بظهره كما تفعل دائمًا، تأكد من إحكام الغطاء حول جسدها ونام بإرهاق شديد. 
*******
في اليوم التالي كان يقف أسفل البناية التي تسكن بها خالته ينتظر خروج إبراهيم، نظراته تركض في الشارع وتطارد الوجوه والأشياء، يدخن السيجار بشراهة كأنه ينتقم لها من الأيام التي زهدها فيها.
خرج هيما من باب العمارة مطمئنًا يرفل في الأمان، يصفر كعادته عند خروجه ويشاكس المارة، حتى وقعت نظراته على حمزة المتكيء بجزعه على سيارته، توجس في نفسه خيفة من تلك الحالة وهذا الانتظار الذي أراق دماء الطمأنينة في نفسه، غمغم وابتسامته تنتقيها طيور القلق وترحل بها (استر يارب، عارف سكن دي وش مصايب)
أشاح بعيدًا للجهة اليسري وهو يتصنع الإجابه على نداء وهمي له متجاهلًا هذا التربص به  (أيوة جاي حاضر)
قبل أن يستدير هتف حمزة بنبرة خشنة حازمة (تعالى بدل ما أنت عارف)
بكت ملامحه وهو يغمغم (روحي يا بعيده منك لله)
استدار مبتسمًا، يستقبله بتمثيل فاشلة،وترحاب كاذب (عمهم مخدتش بالي)
دهس بأقدامه السيجار ورفع رأسه له قائلًا بنظرة غامضة أربكت ابراهيم (متستهبلش)
سأله إبراهيم بتلعثم وهو يثبت عويناته جيدًا (في إيه؟)
صعد حمزة السيارة وأشار له بإقتضاب (اركب)
فتح هيما باب السيارة وصعد جواره متسائلًا وهو يمرر نظراته فوق لملامح حمزة المُقبضة لنفسه (هنروح فين؟)
هتف بإختصار ونظراته الشاردة كما أفكاره تعانق الطريق (عايز أروح لخالك)
لطم هيما بكفيه وهو يردد (خالي)
أدّعى البلاهة والجهل بحماقة (خال مين أنا ماليش أخوال، أنا واحد كدا فالدنيا...) نظر بطرف عينيه لحمزة الصامت ثم تابع بأفكار مشوشة وكلمات متفرقة (بص أنا ماليش دعوة أنت قولتلي خلي بالك منها وأنا خليت بالي، كنت بعمل واجبي... أنا أصلًا مش طايق خالي ... طب أقولك طلقها أنا زهقت)
هتف حمزة بهدوء وقد بدا غائبًا عما حوله، تائهًا في صحراء أفكاره الجرداء(اخرس)
أشار هيما لفمه مؤكدًا على غلقه وحفاظه على الصمت في هذا التوتر المخيف ومع ملامح حمزة المرعبة الآن.
أشار له هيما (هنا ساكن هنا في العمارة دي) ثم رفع ذراعيه متنصلًا (مش هطلع معاك) زجره حمزة بنظراته قبل أن يترجل ويتركه داخلها، وجّهه هيما (الدور الأول الشقة الي فالنص)
عاد له حمزة مهددًا بغلظة، محذرًا له من بين أسنانه (لو جريت كلمتهم هطلع عينك)
انكمش هيما برعب مضطرب الكلمات في زعر،مبرئًا نفسه(مين أنا معرفش حد غيرك)
رحل حمزة فرفع هيما هاتفه وراسل خالته يُعلمها بكل التفاصيل، مشددًا عليها بعدم إخباره، لو فعلتها لن ينجو من براثن حمزة
صعد بقلبٍ خافق حد الجنون،رياح الماضي تدور في دوامات تركض خلفه لتبتلعه، فتح الباب الموارب ودخل مفتشًا بنظراته في صمت، يتخيلها في كل ركن، شقة قديمة متهالكة، متصدعة الجدران، صالة صغيرة مفروشة بكليم بسيط متهالك وسجادة صلاة فوقها مصحف ، زجاجات مياه متناثرة، ارتدى كمامته ودخل الحجرة البسيطة، وجده فوق الفراش يرتجف بضعف ووهن، مغمض العينين يهذي..فرّق حسان بين جفنيه  بنظرة واهنة وهو يغمغم (حكيم)ثم أغلق عينيه المحمرة من جديد وغاب عن الوعي. 
أغلق حمزة عينيه متوجعًا قبل أن يقترب، مد كفه في محاولة لتحسس جبينه، لكنها تعلقت في نزاع.. التقط أنفاسه واستجمع قواه ومدها بعملية ليصفعه لهيب الجسد فيتنهد ويعود خطوة..
توجهت نظراته لطاولة صغيرة متهالكة، وقد عرف الدواء الذي أحضره لها برغبةً منها كي ترسله لراضية التي تعاني من السعال المتواصل، دفعه من فوق الطاولة بقبضته في غضب فوقع وانكسر، كذبت عليه مستهينةً بما تفعله، غير مدركةً لعواقبه الوخيمة على نفسه المكلومة..
غادر هاربًا يختنق ويضيق صدره، هبط للأسفل ووقف أمام هيما يلتقط أنفاسه المتسارعة، هيما الذي ترجل في قلق وتساؤل بحمق (حصل إيه قتلته ولا إيه؟)
صعد السيارة قائلا (اعمل الي هجولك عليه من غير كلام)
ليعودا بعد قليل ثلاثة هو وهيما والطبيب، صعدوا للأعلى وهيما على بلاهته وعدم فهمه لا يفهم سر ما يفعله حمزة ولا يدرك أبعاده..
دخل الطبيب وقام بالفحص وبعدها أحضر هيما الأدوية، نقّد حمزة الطبيب وغادر به بعدما أعطى هيما التعليمات (هتجعد جنبه لغاية ما يفوج وبعدها ترنلي)
هز هيما رأسه بالموافقة وجلس يلملم قطع الزجاج المتناثرة وينظف سطح الأرض بجهد(لاعنًا سكن ومصائبها)
عاد بعد قليل متمسكًا بإرتدائه الكمامة مشددًا على هيما بأن يفعل حتى لا يصاب بعدوى ويكون سببًا في تعبه ومرضه، بعدما امتثل لأوامره وبقيّ جوار خاله مطببًا..
وضع ما يحمله من طعام بالخارج ودخل بأقدام رغم ثقتها عرجاء الخطوة، الأرض التي جف فوقها دم أبيه وأبت أن تبتلعه في جوفها تهمس وتعتب وتلوم.. تهتز من تحت قدميه مؤنبة فتنحدر خطواته بميل..
تأمله حسان بإبتسامة ودودة متذكرًا كلمات سكن عنه ومدحها له، وصفها لهيئته، وشكله يراه الآن بعين سكن وبعين القلب العاشق الذي يحفظ من تقاطيع والدته ما يشبهها هو فيها..
أولاه حمزة ظهره وسبح في أفكاره، لو التفت لو نظر لعينيه اللحظة لقتله ومزق لحمه وسيعينه الشيطان ويصفق له على فعلته،أو ربما سينكسر أمامه بعد مجيء زوجته وعلاجها على يديه فاختار أن يستدير، مزق حسان الصمت ليعرف أسباب فعلته ومجيئه اليوم، فقدم شكره الصادق قربانًا لينتهي هذا الترقب القاتل (كتر خيرك يا ولدي) استلم طرف الخيط وقال بجدية شديدة  وجفاء (مش عشانك؟  عشانها هي...
ابتسمت شفاه حسان الجافة وصمت منتظرًا، فأكمل حمزة واصفًا وجعها ووجعه (هي مش مرتاحة وأنت تعبان،وأنا مش مرتاح وهي كده)
ظل هيما واقفًا يقضم أظافره بصمت وإنصات يركل نظراته المستكشفه بينهما، يحفظ انفعالاتهما وردودهما، يسجلها جيدًا ليأتي بها خالته..
هدر حمزة بقسوة (الي بينا مخلصش ولا عمره هيخلص، توبت أو ندمت.. صالحت أنا أو لاااه.. أنت حافظت على مرتي وداويتها وأنا ردتهالك ونبجا كدِه خالصين في الجديد)
حاول حسان التوضيح فقاطعه حمزة بنبرة عالية مملوءة بالقسوة (متفكرش بالي عملته معاك الجديم هيتنسى الي عملته بتاع مرتي، وبتاع أبوي سلمته للي خلجك، حياة جصاد حياة يا خال)
سخرية ردت لصدر حسان قتلته ومزقته لأشلاء، ضغط حمزة على حروفه بمرارة وإنكسار وكل حرف يخترق صدره مُصوبًا لقلبه، انسحب دون نظرة أو التفاته، خرج عائدًا لدفء أحضان والدته وربتاتها المهونة.. بعدما أبلغ هيما أن يخبر زوجته بامتثال عمها للشفاء دون تفاصيل؛ ليطمئن قلبها ولا تحزن.
**********
في قنا
أدرك إنه ما نجى من الموت إلا ليموت بحزنه وتبريراته وخوفه من فراقها ومن ترقبه قولها وقرارها اللعين الذي يعرفه ، خابت رصاصة وصابت أخرى وحطمت كل شىء.
غاب محياها عن ناظريه اليوم وأمس ، حرمته رؤيتها والحديث معها، أغلقت الأبواب في وجهه كاملةً وانتظرت، استعد للخروج فتساءلت والدته (هتروح لمودة يا زين؟)
اعتصر عيناه بحزنٍ أليم قبل أن يُلقي بقراره (لازم أروحلها يا أمي)
قالت والدته في إطراء وإعجاب شاعرة ببعض التوتر مؤخرًا في علاقتهما،بعد انقطاعها عن زيارته وشروده الحزين،انعزاله بحجرته وصمته المشتعل بصخب نظرات الفقد لها (مودة تستاهل يا ابني بنت أصول ومتربية مكنتش هتلاقي أحسن منها، كانت خايفة عليك ومهتمة بيك أكتر مننا)
أكدّ باختصار وهو يبتلع جمرة الفقد في جوفه ويغلق عليها (عارف)
ساعدته والدته في ارتداء الحذاء وهي تسأله(هتسوق عربيتك إزاي؟)
تمخضت ملامحه عن ألم طرق جسده وهو يقول مبتلعًا ريقه في سيطرة عليه (هتصرف ممكن أروح تاكسي)
منحته دفء الدعم وربتة المؤازرة وهي تسأله بقلق (لو في حاجة احكيلي وأساعدك)
نهض واقفًا في عزم متهربًا من سؤالها الذي لا يملك إجابته الآن ولا كلمات منتقاه ليفجر قنبلته، احتفظ بكل شيء في آتون حزنه، يصيغ الكلمات في عقله ويفتش عن فصاحة القول ليتخذها زورق نجاة له
(لا مفيش متقلقيش غلست عليها شوية)
حرم ملامحه البسمة في غير وجودها، وهو يرحل بعدها بصمت حزين
بعد مرور ساعة كان يقف أمام منزلها يتنفس بعمق، يستجمع شجاعته ويلملم بعثرة مشاعره، رن الجرس ففتحت والدتها الباب ما إن رأته أمامها حتى هتفت ببسمة حنون ولطف زائد مرحبة بوجوده (يا مرحب يا ولدي نورت اتفضل الف سلامة عليك)
خطا للداخل بابتسامة مهترئة، يهز رأسه بصمت حتى أطلق صراح كلماته القصيرة المختصرة (الله يسلم حضرتك)
جلس في بهو المنزل الواسع منتظرًا نظراته عرجاء بخطى مهزوزة على غير عادته يهاب حضورها ويخشى في ذات الوقت رفضها
جلست والدتها جواره تدعو له وتسأله عن حاله وهي تربت على كتفه السليم برفق وحنو ثم استأذنته لتصعد وتخبر مودة بقدومه وقبل أن ترفض عاجلها برسالته (انزلي عايز اتكلم معاكي ضروري)
قرأتها وصمتت، دخلت والدتها الحجرة تخبرها (زين تحت يا بتي)
تسللت ابتسامة من ثقوب الوجوع وهي تهمس بخفوت ودموعها تترقرق (هجهز وجايه يا أما)
طلبت منها والدتها وهي تعود من حيث أتت (هنزل وتعالي ورايا متعوجيش)
هزت رأسها بالموافقة ومازال وجهها يحتفظ بالابتسامة الباردة  ، رفعت الهاتف وراسلت أختها تستشيرها في تردد (زين هنا وعايز يجابلني يا أعمل إيه؟)
(انزلي يا مودة افهمي منه وأسمعيه يمكن عنده عذره وبعدها ليكي القرار والحكم)
(عايزة أجفل الباب وخلاص من غير كلام)
(مينفعش لازم تنزلي وتجابليه، طالما جالك لغاية عندك يبجا عنده الي عايزك تفهميه وتسمعيه)
تركت الهاتف شاعرة بالاختناق، نهضت برغبة منحورة، بدلت ملابسها لأخرى مناسبة وهبطت قوية متماسكة رغم ارتجاف نظراتها،،
منحها نظراته حتى وصلت وسلمت عليه بجمود (ازيك يا زين؟ حمدالله على سلامتك)
شملها بنظرة ثاقبة تستشف من ملامحها ما يريد معرفته، لكنها عادت إليه خائبة في مسعاها (الله يسلمك)
جلست بعيدًا جدًا كما روحها، تهتف بتهرب واضح (شربت حاجه ولا أجبلك)
قبل أن يتفوه ضربت جبهتها بإدراك ساخر(نسيت إنك مبتحبش تشرب حاجه ولا تاكل)
بالقرب منهما كانت والدتها صامتة تتابع بنظراتها في قلق وتوجس، هناك ما تخفيه فتاتها وتراه في أفعالها المضطربة ونظرات زوجها الصاخبة رغم صمته، طلب من والدتها بأدب (ممكن بعد إذنك يا أم عمار كوباية يانسون)
نهضت راضية ملبية (حاضر يا ولدي)
اقترب منها قليلًا ملتهمًا المسافة بينهما وهو يقول بآسف (ممكن نتكلم جد شوية يا مودة)
أشاحت قائلة بجفاء انغرست أشواكه في قلبه (جول الي جيت عشانه يا حضرة الضابط)
تنهد مردفًا بجدية (الكلام الي سمعتيه مش صح يا مودة، آه جيت هنا عشان أدور وأعرف حقيقة الي حصل لوالدي وأخد حقه بس أبدًا مكنتيش هدفي ولا حتى وسيلة ولا يمكن أعمل كدا، لو عايز كان أولى اتجوز بنت الي تاري عنده مش أنتِ)
صمتت دامعة العينين ليتابع بصدق (صدقيني يا مودة مستحيل أعمل كدا معاكي)
هتفت بغضب حاد (ليه مستحيل؟)
همس معترفًا بقوة ونظراته تعزف لها مقطوعةً خاصة (عشان أنا حبيتك يا مودة ومستحيل أخدك بذنب خالك)
انهمرت دموعها في حسرة وانهزام وتوهة تقاذفت جسدها بين أياديها الطويلة حتى وهن جسدها، واجهته بحدة (لما تاخد تارك من خالي و تجتله هنكمل إزاي ولو مجتلتوش هنكمل كيف؟  وأنت جواك كل الكره لينا وأنا عارفه دِه،  تار أبوك هيجف بينا لو مخدتوش وتار خالي هيجف بينا لو خدته يا حضرة الضابط)
انتفض سهم كلماتها ينغرس في صدره (يعني إيه؟)
وقفت معلنة قرارها دون تراجع غير مقتنعة بقوله (وصلنا لباب مسدود معدش ينفع)
وقف قائلًا بحدة وغضب (نجوم السما أقربلك من الي عيزاه وبتطلبيه، الباب المسدود هكسره، وخالك هاخد حقي منه وهاخدك برضو فدية أو حسنة تذهب سيئات عيلتك)
حملقت فيه تستوعب كلماته فهز رأسه يؤكد لها بحسم (مش هتكوني لغيري يا مودة وأعلى ما فخيلك اركبيه، مفهمتيش بالذوق تفهمي بالعافية، اقتنعتي أو مقتنعتيش)
هددته بغضب ورثته من كلماته (هحكيلهم على كل حاجه يا زين وهجول لخالي)
ابتسم بشر قبل أن يقترب منها هامسًا (مش هتعمليها، ولا أقولك اعمليها يا مودة، ثم أخرج الرصاصة من جيبه وفرد كفها ثم وضعها فيه وأغلقه قائلًا وهو يميل لأذنها (اديله دي وجوليله ربنا طول فعمر جوزي عشان يردهالك فقلبك المرة الجاية)
شهقت مفزوعة مما قال، تراجعت خطوة شاخصة البصر في ذهول تطلب تأكيدًا على ما اعترف به، ليهز رأسه مؤكدًا بمرارة (هو، عيني جات فعينه وهو بيدوس برجله على كتفي) رمى كلماته ورحل، يتألم وحده وينفث الوجع وحده، يمسك بكتفه الأيسر ملتقطًا أنفاسه قبل يعبر الطريق المؤدي للجسر بتعب.
قبضت على الرصاصة متمسكة بها وركضت للأعلى تكتم شهقاتها بباطن كفها ورائحة أنفاسها تختلط برائحة المعدن من رصاصته، ليس بجديدًا على خالها ولا محل استنكار لكن ما أقساه الوجع، ما أمرّ اللوم حين يحتبس في جوفنا وتضيق به صدورنا. 
********
في اليوم التالي عصرًا
ما إن أخبرتها والدتها بالضيفة التي حلّت عليهم حتى أمسكت بهاتفها وسجلت له رسالة صوتية بجرأة وبجاحة اتخذتها سبيلًا لإيلامه وردّ بضاعته له، انتقت من انفعالاتها السخرية أقرب الطرق في الوصول إليه، هو رجل السخرية الأوحد (باعتلي أمك والله لو جبتلي مدير أمن جنا وعساكرك واحد واحد هنا يترجوني ما هيحصل يا بتاع ماما أنت )
ضرب المكتب بقبضته في غضب وهو يستمع لرسالتها، توعدها من بين أسنانه(وحياة ماما لأربيكِ)
دخلت الحجرة الصغيرة المجاورة لباب المنزل ببشاشة، مرحبة بتلك السيدة الودودة التي لم ترى منها إلا كل خير، ابتسمت وهي تقترب فاردة كفها لكن السيدة ضمتها (إنتِ بنتي يا مودة)
توردت مودة بخجل من كلمات السيدة وإحساسها الصادق المنبثق من نظراتها، ضمتها في امتنان لتلك المعاملة الراقية منها ثم جلست جوارها منتظرة أن تدلو بدلوها، قالت السيدة وهي تربت على ظهرها (جاية بنفسي أعتذرلك عن الي حصل من زين وآية، أنتِ ملكيش ذنب يابنتي وأنا مسكتلوش والله هو كده دماغه شغالة طول الوقت)
أدمعت عينيها بقهر مما غُمست فيه، هل يكفيها اعتذرًا، أو ترّضية طُعنت ممن ظنّته أكثر المواضع أمانًا و قررت الإستناد عليه بضعفها، وتسليمه مقاليد روحها، بالله كيف تأمنه بعد ذلك؟
أجابتها بحدة طفيفة تقديرًا واحترامًا للسيدة التي قدرتها وجاءت لأجلها اليوم (معلش حضرتك أنا بالنسبالي موضوعي أنا وزين انتهى)
قدمت لها الحنان في ربتة وهي تثنيها عن قرارها (متقوليش كده أنا ربنا يعلم فرحانة بيكي إزاي، أول ما قالي إنك بنت راضية وخالك الأستاذ عبدالحكيم اطمنت وارتحت، لو على كلامه وشكوكه فدا مش ذنبك يا بنتي ولا هنشيلك غلطة غيرك)
انهار حائط صمودها فانهارت في البكاء تحت نظرات السيدة التي جزعت مما ترى وشعرت بالذنب تجاهها فضمتها مهدئة (يا بنتي حقك عليا أنا)
أوضحت مودة من بين شهقاتها تمزق أنفاسها لتخرج الكلمات سليمة (كفاية إنه مجالش، مأمنيش على سره لو أنا فعلا مش مجصودة، إنه يسكت ويكمل ده ميخلنيش أصدج غير سوء نواياه)
وضحت السيدة مشفقةً عليها من معاناتها شاعرة بالذنب تجاهها وعقلانية ما تقوله (معاكي حق طبعًا، بس فكري كويس واتكلمي معاه تاني وافهمي)
ابتعدت مودة عن أحضانها تمسح دموعها معتذرة (آسفة، أجعد معاه واسمع يعني في تفاوض لكن أنا معدنيش تفاوض ولا كلام قررت وخلاص)
اتخذت السيدة سبيل اللطف معها والعتاب الراقي (كدا يا مودة ؟)
صممت مودة بعناد وإصرار
(آسفة لحضرتك جيتك لغاية عندي على راسي بس مينفعش،الي حصل صح أو مجرد شك هيفضل بينا العمر كله)
حاولت معها السيدة رغم صدق ما نطقت به مودة وحقيقته(يابنتي فكري زين بيحبك ومتمسك بيكي )
قالت ساخرة في استهانة  (يتجوز بنت عمه)
أوضحت السيدة ببسمة رزينة،لتخفف من حدة الأمور 
(بالمناسبة هي متجوزة ومخلفة وأكبر من زين)
لم يعد الأمر يهمها من الأساس، ولا تطأ الغيرة عليه موطأً في قلبها
(مبجتش تفرق)
نهضت السيدة بعدما شعرت بالصد من مودة وإصرارها على موقفها فحبّذت المغادرة وتركها للتفكير
(مش عارفة أقولك ايه ربنا يصلح حالكم)
نهضت مودة هي الأخرى في إنهاء للأمر بجفاء لتتركها السيدة وشأنها وحتى لا تضطر لإزعاجها أو مضايقتها بالكلام فعلى أي حال السيدة ودودة معها ويكفي تفهمها ورجاحة عقلها لولا ذلك ما جاءتها من الأساس تطلب ودها وتعتذر،غيرها كانت أخذتها فدية كما قال زوجها
(قولي لابنك يطلجني ويسيبني أكون شاكرة)
ضمتها السيدة مودعة لا تنطق بإجابة شافية،وقد اعتبرته هذيان صدمة، وهرطقات فارغة نتيجة ما حدث
(مع السلامة يا بنتي)
خطت السيدة ناحية الباب فأوقفتها مودة شاكرة ممتنة معتذرة لها ومقدرة ما فعلته لأجلها رغم ما سمعته من ولدها (متشكرة لحضرتك واعذريني كان نفسي أحججلك طلبك بس مش هينفع)
هزت السيدة رأسها بتفهم قبل أن تخرج وتودع راضية ومن بعدها ترحل
دخلت راضية الحجرة مستفهمة بقلق (في إيه يابتي مدارياه عننا؟)
نظرت لها مودة بنظرة ذبيحة وجفون ذابلة ثم أخبرتها (أنا طالبة الطلاج من زين؟)
شخصت عينا راضية بصدمة حولتها لرفض واستنكار منطوق (ليه كفانا الشر؟  حُصل إيه؟  وليه مجولتيش)
نظرت إليها مودة طويلًا قبل أن تخبرها بحدة (أجولكم ليه دي حياتي وأنا حرة فيها مش هجدر أكمل معاه هتغصبوني؟)
دخل عمار من باب المنزل مُلقيًا السلام (سلام عليكم)
استنجدت به راضية وهي تبتعد عن فتاتها (تعالى شوف أختك وعمايلها)
تحولت مودة لنمرة شرسة، نهشتهما بأنيابها في قسوة (يشوف إيه؟  هو ماله هتدخليه ليه؟)
ضربت راضية على صدرها فزعة مستهجنة قول فتاتها وهجومها (كيف ماله؟  أمال مين يتدخل؟  هو أخوكي فمجام أبوكي وسندك)
صرخت فيهما مودة ممزقة ثوب الخنوع والذل، رفعت رايات العصيان وحشدت مآسيها في ثورة (أخويا أيوة لكن مش فمجام أبويا ولا سند)
صرخ بها عمار في قسوة وحدة (غوري فوج بدل ما أكسر دماغك كنك اتجنيتي)
ووقفت أمامه في تحدي وعصيان، تُخرج ما كتمته في سريرتها وابتلعته في جوفها فأصبح بركانًا ينفث حممًا (كان زمان محدش له حكم عليا)
وضعت راضية قبضتها اليمنى على فمها وهي ترميها بدهشة وذهول، تبحث عن فتاتها الخانعة المطيعة (وه يا مودة يا بتي)
انهمرت دموع مودة تسابق رياح الألم في نفسها وهي تتوسلها (سبيني فحالي يا أما وأبعدي عمار عني، أنا مش هكمل ولا عايزة أتجوز من الأساس)
زعق عمار وهو يحاول الاقتراب منها فحجزته والدته (ليه؟  ناجصة إيه عمل إيه معاكي؟)
صرخت فيه بنفاذ صبر (من غير ليه أنا مش مرتاحة ومتعملش نفسك مهتم يا عمار ولا عايز تسمع، إنت كل الي يهمك النسب وتتباهى حتى لو هموت أنا)
دفعتها راضية تحاول خرسها بالزجر (أخوكي يا بت ملكمش غير بعض)
قالت مودة وهي تطالعه بنفور (أخويا مالوش غير مرته بكفاية يا أما تدافعي عنه ولو فاكرة بالي بتعمليه هيتعدل مفيش فايدة ده زي جلته)
صفعتها راضية بغضب صارخة فيها (عيب يا مودة مش دِه الي ربيتك عليه)
وضعت كفها موضع الصفعة وقالت وهي تمسك الدموع في عينيها، تؤنب والدتها وتلومها (كل الي ربتينا عليه غلط يا أما، طلعتيه علينا وجوتيه، علمتيه يبجا أناني ميشوفش غير نفسه وحاله وفاكر المرجلة ضرب وحكم واعر)
تراجعت راضية خطوة مذهولة تترقرق الدموع في عينيها بينما يستمع عمار بغضب ساحق، لولا ذراعه لحطم رأسها، حذرها بعنف (اكتمي)
أردفت مودة بحسرة (أنتِ علمتيه الجسوة بدل من الحب يا أما، ربايتك وتكبيرك ليه معملش منه راجل صُح..ولدك لو سند مكانش سمع كلام خاله وراح لأخته وجوزها غايب وبهدلها وضربها لو سند مكانتش اتحامت في الحكومة منه)
سألتها في مواجهة قاسية وهي تنظر لعينيها بقوة غير راحمة لها (أنتِ مربتلناش سند يا أما أنتِ غرستي فاس فجذعنا بيضرب فيه كل شوية عشان يجطمه)
تساقطت دموع راضية غير مستوعبة صراخ مودة ولا ما كتمته وفاضت به الآن، اندفع عمار بغضبةً لاعنًا موبخًا (فاس يجطم رجبتك)
قبض عمار على شعرها وسحبها فصرخت وهي تنتفض بين يديه في غضب (ابعد عني)
قبل أن تتقدم راضية لتخليصها من براثنه وإطلاق سراحها للأعلى كان زين يفرد ذراعه أمامها مانعًا يمنحها الإشارة لتتوقف وتترك له الفعل، رأسها المنخفض منحت نظراتها رؤية حذائه يقف بينهما، يد عمار انسحبت وتوقف سبابه فارتجفت من هول الصدمة وبشاعة الموقف الذي وضعت فيه، مال زين وهمس له (هكسرلك التانية)
تراجع عمار غاضبًا بعينين محمرتين في قسوة، ضم زين عصفورته المرتجفة لصدره في حماية مُعلنة واضحة وهو يحذر عمار (إياك)
جلست راضية منهكة، متهالكة القوى والعزيمة تبكي دون توقف، أما الأخرى فنفضت نفسها من بين ذراعيه ودفعته في عدوانية تداري بها خذلانها وإحراجها من الموقف وشعورها بالمهانة والذل، وقفت قريبًا تتنفس بسرعة هائلة أقلقته، طافت نظراته فوقها يطمئن عليها ويمنحها الأمان والقوة، عادت لوعيها متجاهلة تلك النظرة منه (إيه جايبك وتدّخل ليه أخويا وهو حر)
صمت يعض باطن شفتيه في غيظ وغضب، بينما شمخ عمار من قولها وتغطرست نظراته المتشفية المصوبة لزين... قال زين بهدوء ينذر بالعواصف (لما اطلقك يحقله يمد يده بس طول ما أنتِ على ذمتي لو يده اتمدت همسح بيه الأرض)
قالها بتحذير شديد اللهجة قبل أن يهتف موجهًا حديثة لراضية المتهالكة (فهمي ولدك يا حاجة بدل ما هفهمه بطريقتي ولو خايفة عليه ابعديه عن مراتي)
قفزت مودة صارخة رافضة تواجهه لأخر نفس ودموعها المنسابة لا تتوقف (عايزة اتطلق مش عيزاك هو بالعافية)
أوجعته كلماتها لكنه قال بثبات وبرود ظاهري (أه بالعافية عشان بحبها)
اقتربت ودفعته بذراعيها في جنون وثورة،كأنما تبدلت ولبسها شيطان (أبعد عني أمشي)
ركضت بعدها ناحية الدرج القريب التهمته بسرعة كبيرة ودون وعي جعلها تسقط متعثرة أكثر من مرة حتى وصلت أخيرًا لحجرتها دخلتها وأغلقت خلفها بقوة، فرحل هو لاعنًا كما جاء.
ولولت راضية وبكت مناديةً على زوجها وأخيها ترثيهما وحالها، فانسحب عمار لشقته بالأعلى مستاءً
*****
جلست نفيسة فوق التخت متأوهة بتعب، تشكو للجدران حالها وللجماد خذلانها وخيبتها، وضعت راحتها فوق رأسها متألمة بنظرات غائمة بالحزن ملبدة بالقهر الذي تجذر في نفسها العطبة وأنتج من أرضها البور أشواك، عاجلتها الجدة بسؤال متلهف ونظراتها تركض صوب الباب  (حكيم جه يا نفيسة؟)
تذكرت نفيسة ما أصاب عمتها والنسيان الشديد الذي يضرب ذاكرتها ويعصف بها فتتناثر الأفكار وتتبعثر فتلملم ما تقدر عليه وتترك الباقي، لا تعرف الزهايمر نعمة لها أم نقمة عليها، أن تعود للماضي من جديد وتحضره بعذابه وشقائه لهو الخير أم الشر، النسيان نعمة لكن في حالة عمتها ومع ماضيهم المشين هو نقمة، بل هو انتقام السماء العادل أن تُحبس داخله وتتلظى في جحيمه، يكرر على نفسها الشعور ألف مرة وتنغمس في الأحداث فتهلك لا صراخ ينقذها ولا استغاثة تأخذ بيدها.
دخلت عاليا متسائلة بقلق حلّق في فضاء عينيها وحجب ضوء الأمان (محتاجه حاجه يا أما؟)
قالت نفيسة بحنو وهي تطالع فتاتها برأفة (لااه يا عاليا)
سألتها عاليا وهي تجاورها جلوسًا ونظراتها تتفقد جدتها الغائبة مع هذيانها وقصصها (جيتي هنا ليه؟)
وضعت نفيسة راحة كفها على صدرها ملتقطة أنفاسها بمصارحة (الأوضة هناك بتطبق على صدري ومبرتاحش)
هزت عاليا رأسها متفهمة القول قبل أن توجّه نظراتها صوب جدتها (عايزة حاجة يا جدة؟)
قطبت الجدة مدققة النظر فيها قبل أن تسأل (أنتِ مين؟)
ضمت عاليا شفتيها بأسف ونظرة أسى، لتخبرها برفق دون كلل(أنا عاليا بت ولدك)
سألتها الجدة بلهفة باهظة الثمن (بت حكيم؟  أبوكي فين يابت طلع ومرجعش)
ترقرقت الدموع بعين عاليا وهي تخبرها بحسرة مريرة (لااه أنا بت ولدك رفعت)
كرمشت الجدة ملامحها في امتعاض وضيق وهي تهذي بنفور (رفعت؟ طيب يا اختي غوري)
قالت نفيسة بهدوء جذب انتباه عاليا فلبّت(عاليا)
-(أيوة يا أما)
هتفت نفيسة بإنكسار تشعّب في روحها وظهرت شقوقه وتصدعاته في ملامحها (طالت ولا جصرت البيت دِه هيخرب على يد أبوكي)
انقبضت عاليا من كلماتها وصمتت بحزن عتيق مستمعة بإنصات لما تقوله والدتها (يوم ما يحصل دِه يا عاليا والدنيا تضيج بيكِ روحي لواد عمك ومرت عمك)
اتسعت عينا عاليا بصدمة غير مصدقة تطالع والدتها بدهشة لتؤكد والدتها بإنهزام (حمزة راجل زي أبوه وواد أصل لما تحتاجيه مش هيتأخر كيف أبوه)
صمتت تطأطأ رأسها بخزي وضعف قبل أن تغص في أنفاسها المتلاحقة وتقول (حتى ورد زينة ومش هتسيبك يا بتي، مش هتاخدك بذنب حد)
تابعت تكتم ألمها وتخنق شهقاتها (ملكيش غيرهم هما وجدك، سيبك من أبوكي وأخوكي دول مفهمش رجا خلاص)
تسابقت الدموع فوق وجنتيها وهي تهمس بصوت هلك في الافتراضات وتناثرت أشلاؤه بين الكلمات (ليه بتجولي كدِه؟ وإيه لزمته الحديت ده دلوكت)
تأوهت نفيسة بألم وحرقة قلب قبل أن تقول (أبوكي مش هيجيبها لبر وأخوكي متبّعه وياعالم إيه هيجرى فبجولك يا بتي)
ثم أردفت بابتسامة متأملة (جدك جلي على الشيخ وبيشكر فيه جوي وبيجول إنه رايدك)
تبسمت عاليا في خجل وتورت على ذكره فقالت والدته (لو ريداه يا بتي ونفسك مرتاحه ليه وماله) شردت ثم هامسة بحسرة (متى كانت بالفلوس والطين يابتي؟ الفلوس منفعتش حد، المهم الراحة والستر وأني أبجا مطمنة عليكي)
همست عاليا بإحباط (أبوي وأخوي بهدلوه  وجلوا منه )
قالت نفيسة بقوة واستهانة (سيبك منهم هيدبرها ربنا، إنتِ طيبة وجلبك أبيض وربنا هينجدك من هِنا، بدعيلك يابتي يجعل حظك أحسن من حظي)
ضمتها عاليا بمحبة وامتنان وهي تطلق دموعها في سخاء، لتربت نفيسة على ظهرها بحنو قبل أن تُبعدها عنها قائلة (روحي يا بتي هريح شوية)
غادرت عاليا وتركتها، فاستدارت نفيسة تجاه عمتها وقالت (ريتي ياعمتي ولدك بعد العمر دِه عايز يتجوز؟)
أجابت الجدة (عبدالحكيم دِه روحه فورد عصى أمرى لجل خاطرها وأمر جلبه)
تأففت نفيسة بملل قبل أن توضّح (لاااه رفعت)
لوّحت السيدة بكفها قائلة في استهانة (هيلف ويرجعلك يا خايبة حاجي بس أنتِ عليه وعلى عويلاتك)
هتفت نفيسة بنقمة (محدش جواه غيرك، خدتيه تحت باطك ودلعتيه كيد فحكيم لما خربها)
قالت الجدة كأنما تذكرت للتو (واه يا بت وماله مش ولدي)
مصمت نفيسة قائلة باستهزاء (ولدك؟  ربتيلنا شيطان، ياريته الي عاش عبدالحكيم وعمّر وهو مات)
اقتحم رفعت الحجرة ساخطًا (مين الي يموت يابت المركوب، حنيتي للجديم؟)
أشاحت برأسها في نفور، ليضربها فوق رأسها بقبضته في تجبر قائلًا (أشيعك ليه)
دخلت عاليا الحجرة راكضة تتوسله بعدما استمعت لصوته العالي أمسكت كفه وقبلتها في إذلال وخنوع (سيبها يا بوي)
أشاحت في قرف ونفور من رائحة الخمر المنبعثة من فمه، سكن غضبه وطالعها بعينين مهتزتين تنهمر منهما القسوة كالسيل، لكن نظراتها هي الوديعة الباكية بحسرة جعلته يدفعها ويعود أدراجه في هلاك.
***********
في القاهرة
جلس حمزة حول السفرة يتناول طعامه بصمت وإنعزال عنهم جميعًا يكتفي بالسمع دون التدخل أو المشاركة، غائب عما حوله وإن اشتاق، منعزل وإن مزقه الحنين للحديث معها ومشاكستها.
عيناها عليه، تراقبه بعناية، لاتفوّت منه شيء تنتظر ولا تمل، لاحظت حيرته وتأففه فأدركت بفطنتها ومن مراقبتها له ماذا يفتقد على الفور كانت تنهض وتأتي بما يحتاجه، قبل أن يقف وضعت المعلقة أمامه بصمت، تلاقت النظرات وتعانقت قبل أن يعود للجلوس من جديد شاكرًا (تسلمي)
تعلم أنه لايحب تناول الطعام وحده ومع ذلك يفعلها دون رغبة في مشاركتهما بعدما أصبح كئيبًا صامتًا بحزن تطارده سهام هواجسه المسممة،فيطلق عتابه ولومه بسخاء دون أن يتفوه.
جلست أمامه مستأذنة (أنا مأكلتش ممكن أكل معاك؟)
بإيماءة بسيطة أعلن موافقته وهو يخفض نظراته لطبقه في هروب واضح، بدأ في تناول طعامه بإرتباك ملحوظ وتخبط فكانت توجّهه كطفل، تضع له قطع اللحم ليتناولها، وتقدم منه طبق السلطة، تصب كوب الماء وتضعه بالقرب في انتظار لطلبه..
تدلله كما كان يفعل معها.
كل ذلك وهو يخفض بصره متجاهلًا وجودها يكتفي قربها يتنفس رائحتها.
انتهى فلملمت الأطباق وساعدته في إدخالها المطبخ، وقفت لتنظيفها فترك كل شيء ودخل الحجرة منعزلًا.
استحسنت ورد أفعالها وتقربها منه رغم صده لها، عدم تركها له وحيدًا واقتحامها عزلته رغمًا عنه، هكذا شعرت أن فتاتها وصلت بر الأمان، أعدّت له كوبًا من العصير وذهبت به، ولجت للحجرة بعدما أذن لها..
وضعته فوق المكتب الذي جلس خلفه منشغلًا، وبعدها جلست قربه تقلّب في كتبها وهاتفها، تلتقي نظراتهما في شكوى من الهجر وتوق للقرب فيتهربان في تجاهل  ، هي تنظر وهو يجاهد ليفعلها لكن أفكاره كانت له بالمرصاد.
بعدها تخطاها وتسطح فوق التخت في استعداد للنوم، لملمت أغراضها ورتبتهم ثم انكمشت خلف ظهره كما تفعل دائمّا أحيانًا تترك لأنفاسها المشتعلة حرية البوح بما في صدرها وأحيانًا تكتب له بسبابتها على ظهره ما تريد قوله وتعجز عنه أو يتقيد لسانها به
اليوم وفي تلك اللحظة اختارت اللمسة الساحرة الناعمة والكتابة فوق ظهره ربما تكن أكثر سرعة في الوصول إلى قلبه، متمنية أن تخترق الحروف جسده لقلبه فيلين (وحشتني جدًا يا حبيبي)
انتبه لها ككل ليلة تفعلها فيها، تتبع بشغف حركة إصبعها على جسده، تكتبت الحرف وتكرره ليصل، ليفهم.. ثم تتخطى للحرف الآخر وتؤكد عليه حتى انتهت وطبعت بشفتيها ختم مصداقية اعترافها، تأكيدًا لقولها بإمضاء من ثغرها ولمساتها الناعمة، ارتجف وقد نالت ما تمنت، اخترقت حروفها صدره ولامست شغاف قلبه.
اطمأنت وابتهجت لردة فعله فكتبت مرة أخرى (بحبك)،(متبعدش عني)
(أنا بموت) أكدت تلك المرة بختم دموعها لا شفتيها، أغمض عينيه يعتصرهما من ضراوة من كتبت وشعر به، هزمته حروفها فسقط صريعًا يتقلب في آتون الحزن وحده.
صمت غير مستجيب،يحرك شفتيه بإجابه يعجز عن نطقها وإطلاق صراح حروفه، صوته يعانده كما كل ما فيه وحده قلبه يشاركها الشعور والأسى ويهيم عشقًا وشوقًا
حتى عاندته كفه، نبتت لها إرادة حرة،تحررت من أصفاده...طاعةً لقلبه الذي ينبض بعنف، بحثت عن كفها وضمته فارتعشت من استجابته، ضم رسغها محركًا إبهامه فوق جرحها القديم.. وبعدها صمتت أناملها وأنامله وسحبهما النوم يعدهما بلقاء حار.
في منتصف الليل استيقظ على همهماتها الضعيفة وارتجافة جسدها القوية، هذيانها المرير وندائها الخافت باسمه في رجاء، انتفض جالسًا مستديرًا ناحيتها في فزع، فرد كفه فوق جبهتها ليتأكد فصح ظنه وحدث ما كان يخشاه منذ رأها تحت المطر
حاول إيقاظها وهو يربت على خديها برفق ونبرة محبة قلقة (سكن فوجي)
تحتاج للمياه الآن وبعدها يمكنه إعطائها الدواء
سحب الدثار وامسك بذراعها يحاول قائلًا بفزع حقيقي ارتسم على ملامحه (جومي يا سكن حرارتك عالية جوي)
تأوهت هامسةً بإرهقاق وتعب بدأ يغيّب وعيها ويسلب قوتها (مش جادرة )
حملها بين ذراعيه بسرعة فانتفضت قليلًا لكنها استوعبت فعلته فأحاطت عنقه وأراحت رأسها المكدود على كتفه، اندفع بها ناحية المرحاض اقترب من مرش المياة وفتحه ووقف بها أسفله لا يقدر على تركها وحدها تعاني، شهقت من اندفاع المياه على وجهها وجسدها،ضم وجهها قليلًا لصدره لتستطيع التنفس بحرية دون فزع
هدأت حرارة جسدها فعاد لعا وعيها المسلوب، رفعت رأسها وطالعته بنظرة ممتنة، رأت خوفه جليًا فابتسمت وهمست (نزلني)
رفض ومازالت نظراته تجوب ملامحها بعشق وخوف واضح (لااااه)
عاتبته برقة امتزجت بوهنها (هتتعب يا حمزة،أنا خلاص جادرة أجف لوحدي)
مال بشفتيه لجبينها هامسًا يحجب عن وجهها الماء رأسه (مش مهم بس مش هسيبك)
تململت برفض وعناد فاضطر لإنزالها ووقف يساندها فدفعته (امشي)
عاد وجذب جسدها لأحضانه ضمها بذراعيه مستقبلًا معها دفء المياه،يفرد كفه أمام جبهتها مستقبلًا المياه على ظاهر كفه بعيدًا عن أنفاسها المتعثرة ينظر لعينيها بحنان ودفء، ضمته بقوة عانقته بإحتياجٍ وشوق ثم بكت، تعالى صوتها بالنحيب فابتعد قليلًا ولملم خصلاتها متسائلًا بقلق وهو يجوب بنظراته فوق وجهها (بتبكي ليه؟)
قالت بصوت متحطم غارق في البكاء (خلاص طلعني)
أغلق المياه وسحب منشفتين واحدة لف بها خصلاتها والأخرى كفيها وهو يوجهها يلا على الأوضة غيري هدومك بسرعة،قادها بمساعدة منه وأدخلها الحجرة ثم أبدل ملابسه وغادر للمطبخ ليعود بعد قليل الدواء..
وجدها تحت الدثار فجاورها يضع الحبوب بين شفتيها ومن بعدها فوهة زجاجة المياه تناولته فلملم لها خصلاتها جيدًا وأمرها بحنو (نامي)
استلقت مغمضة العينين في وهن وهو جوارها يضع الكمادات على جبهتها مراقبًا بالجهاز حرارتها من وقتٍ لآخر ، حتى وصلت لمعدلها الطبيعي ونامت
******
في الصباح بقنا
استدارت مودة على تحيته جاءتها، ابتلعت ابتسامتها الودودة وزفرت قائلة من بين أسنانها (خير)
حك ذقنه النامية قبل أن يعيد كفه لجيب بنطاله قائلًا وهو يستكشف المكان حوله بنظراته (إيه جابك؟  مخدتيش أذني ليه؟)
هزت رأسها بعصبية قبل أن تهتف بفظاظة (وأنت مالك؟  )
أقترب أكثر ومال يهمس بالقرب من أذنها (اتكلمي كويس بدل ما أعملك فضيحة فالحرم الجامعي)
لملمته كله في نظرة ساخرة قبل أن تميل ناحيته مقلدة له (اعمل أي حاجة وهجول شايفين الحكومة بتفتري إزاي وأطلعك الترند بصاروخ)
ابتسم وقد راقه الحديث وأمتعته اللعبة، قطته نمت لها أظافر تهدده بخربشاتها، يالها من متعة، ابتسم وهو ينزع نظارته الشمسية (وماله هقول بحبها واجيب بوكية ورد وأنزل على ركبي ويقولوا شوفوا محدثة النعمة الجاحدة بترفض ضابط زي القمر)
كزت على أسنانها بغضب قبل أن تهتف بغلظة (أمشي من هنا)
سألها بهدوء وهو يضع نظارته بجيب قميصه (بتعملي إيه؟)
أجابته وهو تنظر حولها في المكتبة (قررت أعمل دراسات عليا)
هز رأسه مبتسمًا وهو يسألها ببرود ونظراته تتوهج فوق ملامحها (ماشي يا كليو باترا ومخدتيش أذني ليه؟)
ضمت قبضتها ورفعتها لفمها تعضها في عصبية وزمجرة كتمتها جلبت الابتسامة لملامحه قبل أن تقول (برضو إنت إيه؟ أفهمك إزاي؟)
هز حاجبيه قائلًا بوقاحة لاستفزازها (بفهم بطرق تانية لما نتجوز هعرفهالك)
رمت الكتاب الممسكة به وقد نفذ صبرها منه ومن أفعاله، سحبت حقيبتها وتخطته زافرة بقوة في وجهه، فتنفس ما ألقته وغادر خلفها يسأل (إنتِ شاربة عصير برتقال بالجزر)
تبعها حتى صادف سيرها في مكان منعزل، سحبها من ذراعها وأوقفها أمامه قائلًا بجدية (مش هسيبك لو اتنططتي على دماغك، أنا بحبك يا مودة)
قالها بانفعال متمنيًا أن يصل شعوره إليها، تنازل عن غطرسته ليمنحها صدق الاحساس، لكنها فاجأته حين صمّت قلبها كما أُذنها وصرخت به (أنا لا حبيتك ولا هحبك بالنسبالي كنت حد مناسب وخلاص جوازة والسلام)
الألم الذي مرّ كطيف فوق ملامحه أربكها ، انسحبت قبل أن يرى ندمها غادرت وتركته يقف مكانه، هي تعلم أنه لن يتبعها ثانيةً ولن يطاردها مرةً أخرى.
وصلت المنزل ومنه لحجرتها لملمت ملابسها في حقيبة صغيرة وهبطت تُعلن قرارها أمام والدتها وجدها الذي جاء بعدما أرسلت له راضية تستنجده (رايحة بيت خالي)
سألتها راضية ببلاهة وهي تقف وتقترب متطلعة لحقيبتها(بيت خالك مين؟)
أجابت مودة بتهكم وعجرفة (هو أنا ليا كام خال وأنتِ ليكِ كام أخ) 
جذب الجد ابنته ليستفهم بنظرة غامضة (على فين يا مودة لوحدك كدِه)
أجابته مودة بهدوء (رايحه عند سكينة يا جدي)
استنكر الرجل وضربت راضية على فمها متطلعة لها بحسرة (لوحدك كده من الباب للطاج)
أوضحت مودة وهي تشيح  في كبرياء بعدما هاتفت حمزة وأخبرته بحاجتها للمجيء والحديث الطويل مع عمتها وتوضيح كل شيء لهما حتى يشيران عليها بالفعل الصائب ويدلانها على ما فيه الخير (أنا مش صغيرة، وكلمت حمزة واستأذنته)
رن هاتفها فأجابت أمام نظراتهما في عناد (أيوة يا حمزة)
سحبت راضية الهاتف واستغاثته في بكاء (ايوة يا ولدي عجلها الله يرضى عنك)
هدأها حمزة بحنوه المعتاد واحتوائه ضعفها وشتاتها (متجلجيش يا حبيبتي سبيها تيجي تغير جو وتجعد مع سكن شوية وترتاح تفكر براحتها)
قاطعته راضية حائرة (يا ولدي كيف لوحدها؟)
طمأنها حمزة محتويًا الموقف مدركًا عناد مودة ومتفهمًا حالتها (متشليش هم في عربية مخصوص هتيجي تاخدها من عندك للمحطة وهحجزلها في الجطر هتركب وهكون مستنيها هناك أنا وسكن)
صمتت راضية تستنجد بوالدها بنظراتها، ليمازحها حمزة حتى تهدأ وتطمئن (خليها تيجي وأنا هضربهالك جلمين عشان زعلتك والله)
اقترحت مودة على جدها (سافر معايا أنت يا جدي)
#انتهى

ملاذ قلبي سكن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن