♡السادس والأربعون ♡

10.5K 317 63
                                    

صَلُّوا‬⁩ ⁦‪عَلَى‬⁩ ⁦‪مَنْ‬⁩ عَلّمَنَا اَلْحُبَّ
وَآخَى الْقَلْبُ بِ اَلْقَلْبِ
وَفتَحَ لِلْخَيْرَاتِ كُلُّ دَرْب
صَلُّوا‬⁩ ⁦‪عَلَى‬⁩ ⁦‪مَنْ‬⁩ يُنَادِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّتِي أُمَّتِي
اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا محمد💜
♥️السادس والأربعون♥️
جرت على لسانها الآية وهي تبتسم بشجن،ترددها بقلبٍ خافقٍ وثغر يأبي إلا أن يبتسم في بهجة، تتسابق دقاتها مع ضربات قدميه على الدرج
(وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ۖ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ﴾
[ يوسف: 94]
همس قلبها باسمه وقادها ببصيرته فنهضت منصاعة مأمورة، تجولت في الصالة قليلًا ثم وقفت أمام باب الشقة في ثبات عجيب، تسمرت قدماها وما عادت قادرة على تحريكها وانتزاعها والتنقل،نظراتها شاخصة منتظرة ، شيء إلهي يجبرها لتفعل وتقف على أرصفة الانتظار، دقاتها تعلو بنغمة فريدة، تضرب دفوف الفرح وترقص في سعادة..
وقف أمام باب الشقة يلتقط أنفاسها بعدما قطع درجات السُلّم ركضًا، وضع المفتاح فابتسمت وهي تردد (حمزة )
أطل  من خلف الباب بإبتسامة واسعة تحولت لضحكة رائعة حين وجدها أمامه دون طلب أو نداء،
هتفت بشوق شديد (جلب أمك يا حمزة)
ركض بلهفة شديدة ناحيتها ضمها بقوة يتشمم رائحتها التي أفتقد ويتدثر بدفء أنفاسها (وحشتيني يا أمي)
أغمضت عينيها في رضا وراحة، مستسلمة لدفء أحضانه وعناقه شديد اللطف والمودة، ابتعد قليلًا يتأمل ملامحها مشاكسًا (لسه يا ورد حلوة زي ما أنتِ)
ضربته بخفه على كتفه ودموعها تسترسل على خديها في فرحةٍ وعتاب، إلتقطها بأنامله قبل أن يقبّل رأسها معتذرًا (آسف على التأخير، آسف إني سيبتك، حقك عليا )
ربتت بحنو على كتفه وهي تطلق نظراتها المحبة في أرض ملامحه مغتنمة، انحنى مقبلًا كفها قبل أن يسحبها ليجلسا، تذكر الباب فأغلقه وعاد إليها متسائلًا (طمنيني عنك يا حبيبتي)
نظرت بعينيها الثاقبة له وهي تهمس بينما تربت على خده  (وحشتني يا واد عبد الحكيم)
سحب كفها ولثمه وهو يقول بمرح (بعتلك أحضان كتير مع سكن) مصمصت ساخرة بمشاكسة (بعتهملي أنا برضك يا حمزة هتستهبلني ، طب هي ماشي)
قهقه حمزة عاليًا وهو يقترب مقبلًا رأسها بتقدير واحترام (والله ليكِ بس أنا راجل عملي كنت بشرحلها وبأكد)
لكزته ورد ضاحكة (جصدك تتأكد)
قهقه مرة أخرى بعدما كشفته والدته وفهمت مقصده ضمها بقوة فسألته بفرحة (يارب تكون اتأكدت زين بس ومتغلبونيش تاني معاكم)
هتف ببعض الحرج وهو يتهرب بنظراته منها  (تمام يا أمي)
سألها ليتأكد من عدم وجودها (هي مشت صح؟)
قالت ورد بتأكيد وعتاب رقيق(أيوة، بس ليه يا ولدي؟)
خلع الجاكيت ووضعه جانبًا وهو يقول بفرحة(عايز أجعد معاكي لوحدنا وأشبع منك ونتكلم، ليكِ كل الحق فحمزة، النصيب الأكبر يا ست الكل، هي جاتلي وجعدت معايا، بس أنا مشتاق أكتر وملهوف على ورد)
ابتسمت هامسةً ممتنةً لقلبه ومحبته واحتوائه (ربنا يجبر خاطرك يا حمزة ويرضيك)  
سألته بنظرة كاشفة وابتسامة رائقة (فطرت يا حمزة)
قال وهو يقبل كفها في مرح (لااه ودي تيجي؟ ماكولش غير معاكِ ومينزلش جوفي غير فطورك يا ست الكل )
تأملته قليلًا برضا ثم نهضت قائلة(هعملك الفطور تكون استحميت وغيرت هدومك يا ضنايا)
رن هاتفه فابتسم وهو يرفعه قائلا (دي سكن)
قالت والدته بإشفاق وحنو (رد وخليها تيجي يا ولدي هتفرح)
هز رأسه برفض وهو ينهض ويلف ذراعه حول كتفيها ويخطو للداخل بها (سبيها وأعملي زي الحموات شوية)
اعترضت بحنان (لاااه دي بت الغالي وأم الغالي)
تأفف مُحبطًا (أم الغالي ده متى دِه؟) قالت بمصمصة شفاه (جريب بس شد حيلك)
ضحك قائلًا (أنا شاده أنتم الي معطلني)
إنتقل للحجرة وهي للمطبخ، شمل الحجرة بنظرة حنين ثم اتجه للخزانة ليجلب ملابسه،فتحها ووقف عندها قليلًا يهمس وهو يمرر كفه على ملابسها (وحشتيني يا سكن)
سحب ملابسه وهو يغمغم بابتسامة (أشبع بس من أمي وأفوجلك).
بعد قليل كان يجلس هو ووالدته مفترشين الأرض وبينهما أطباق الطعام المتناثرة، يقص عليها من أخباره وتستمع هي بكل حب، ذكّرها يوم كان طفلًا يثرثر كثيرًا ويضحك أكثر، يشاكسها ويدللها بانطلاق أحبته وحمدت الله عليه.
رن هاتفه فنظر لوالدته مؤكدًا بابتسامة شقية (شوفتي فصيلة، أمال لو جات)
أجابها فورًا وهو يُطعم والدته (خدي يا حبيبتي)
انتفضت سكن زاعقة مندهشة دفعت عن طريقها إبراهيم الذي يقف أمامها قاطبًا بتساؤل (خدي يا حبيبتي؟ مين دي يا دكتور البهايم؟)
قال ضاحكًا بمرح مستلذًا بصراخها وهو يضع قطع الخبز بفمه
(مُزة كدا مفطرتش فبفطرها)
سخرت منه في فظاظة امتزجت بغضبها وهي تتحرك في المنزل بعصبية وهيما خلفها
(يا جمالك يا واد عبدالحكيم حنين من يومك)
هتف بتنهيدة هائمة متأملًا أن يمر الوقت ويضمها بين ذراعيه
(عقبال ما أفطرك يا روحي بأيدي زي زمان)
تجاهلت كل ذلك وسألته بغيظ وحرقة(مين دي يا حمزة)
همس هيما ليستفزها أكثر (أيوه اسأليه هي حصلت)
قال بمرح غير متنازل عن عناده ولا نغمة المرح والتفاؤل بصوته
(لما تكبري هجولك)
سحب هيما الهاتف منها فضربته على كتفه بتأفف
*عمهم
-كله تمام؟
*إبداع اطمن
-الأمانة جهزت
*هند خلصتها
-تمام
*مش هوصيك
-عيب يا كبير
*اديها الفون
تنفس بارتياح ثم قال وهو ينهض متجهًا للمطبخ (ازيك يا سكني وحشتيني)
ضحكت بفرحة وهي تهمس بدلال مبتعدة عن محيط هيما وسخريته
(وأنت كمان يا حبيبي)
سخر هيما وهو يضربها على كتفها منبهًا (نسيتي فلحظة؟)
أجابته متأوهة من ضربته وكفها تمتد لترد له الضربة (أنا واثقة فحمزة)
ضحك مستبشرًا قبل أن يسألها بعاطفة (إتمني أمنية يا سكني)
أغمضت عينيها لثواني وفتحتهما هاتفةً بإنطلاق (إنك تيجي يا حمزة أحلى أمنية)
ضللها بخبث وأسف كاذب (جولي حاجه سهلة أجبهالك)
فكرت قليلًا متحيرة قبل أن تقول بإحباط (كل حاجة موجودة إلا أنت)
اعتذر منها وهو يجاور والدته من جديد (كان نفسي بس الظروف)
هتفت بحنو وتفهم رغم حزنها الراقص في حروفها (معلش يا حبيبي ربنا يرجعك بالسلامة)
أنهى الاتصال بسرعة (يلا شوفي شغلك وأنا هشوف ورايا إيه سلام)
(سلام)
سألته والدته وهي تلملم بقايا الطعام وتضع الأطباق فوق بعضها (ناوي على إيه يا جلب أمك)
ساعدها فيما تفعل وهو يخبرها بحماس (كل خير اسمعي…….)
************
♡في بداية المساء♡
دخلت الحجرة متأففة تلعن هيما في نفسها ألف مرة، لا تعرف سبب استدعائه لها وحججه الواهية،هي كرهت المكان حقًا ونفرت منه ولا تُحبذ المجيء إليه وحدها ودون زوجها، وضعت أناملها فوق زر الإضاءة وهي تغمغم بصوت مسموع موبخة (كنت سيبني يا جزمة أكلّم حمزة جبل ما ينزل شغله)
شعرت بكف فوق كفها تضمه بحنان وتتلمسه باشياق، ارتجفت بخوف وهي تسحب كفها متسائلة (مين)
مد ساقة وأغلق الباب الموارب  لتُظلم الحجرة تمامًا، احتوى جسدها بين ذراعيه في صمت، عانقها بقوة سابحًا في أفكاره الخاصة ينعش حواسه بقربها الممتع، كل خلية في جسده تنتعش بقربها المهلك وتعود للعمل من جديد بحماس، قلبه متمرد عاصي يطرق بعنف غير راحمٍ له ألا يهدأ وهي منه بهذا القرب!  بينما هي تتملص متسائلة بفزع قيدها وأعمى بصيرتها لدقائق (مين؟)
عطل الخوف حواسها فشهقت بزعر حقيقي احتل كيانها وهدم ثباتها حينما رفع كفها ولثمه برقة، هتفت مرتجفةً (مين أبع.....)
أدار جسدها ناحيته، يلثم جبينها المرتجف وعينيها التي ترمش محاربة ظلام الحجرة، همس يعيد إليها الحياة والوعي (سكني وحشتيني يا حلوة)
زالت الغشاوة عن قلبها فُكت عُصابة بصيرتها فرأت بوضوع ما خُفيّ عنها، تركت روحها تحلّق مستكشفةً، ولكيانها كله المعرفة
نفس الإحتواء واللمسة التي تصل لأعمق نقطة في روحها، نفس الدفء الذي يزيل جبالًا من جليد راسية في قلبها.
الرائحة التي تحب والأنفاس التي تذوب فيها وتختلط معها، التي تلثمها بنعومة، هو حبيبها كيف لا تعرفه.. بصمة روحه مطبوعة في نفسها لا تحتاج سوى قُربًا كهذا وهمسًا برائحته وستتعرف عليه فورًا
تشممته بقوة غير مصدقة، ليؤكد لها حين دار إبهامه فوق رسغها موضع جرحها القديم، سقط قلبها من علو شاهق شفتيها ترتجفان بإسمه في لوعة(حمزة...)
همس بشوق شديد وهو يضمها أكثر لصدره (شطورة يا سكني)
ابتعدت تصرخ بفرحة جنونية،وقد عاد الوعي كاملًا وخرجت من تأثيره المُهلك(حمزة حبيبي)
على الفور ضغطت زر الإضاءة لتتأكد،  وقفت أمامه نظراتها تتسع عليه متأملة، تلتهم، تضم، وتلثم.. قبل أن تركض لذراعيه ضاحكة فتلقفها بين ذراعيه ورفعها يدور بها في الحجرة.
توقف تُعلن نظراته انتهاء صوم قلبه وجسده رافعة أذان القرب وانتهاء العذاب
نظرت بقوة لعينيه حبيبتاها،  تفتش فيهما عن نفسها التي تركتها بغيابه، عن روحها التي انزوت فيهما كطفل معاقب ورحل به.
عن الأمان الضائع والراحة المفقودة، وفرحة العمر..
بعدها أغمضت عينيها وأغمض هو مثلها متقبلًا هداياها، لثمت وجهه كله حفرت بشفتيها تعاويذ عشقها، دللت شفتيه بقبلة سحرية خطفته بها لترى منه آخر هزمه الشوق وكواه البعد، فكانت قبلته قوية توازي حجم ما تركه الفراق بنفسه.
ابتعدت تلتقط أنفاسها لا تكتفي منه ولا يسمح لها هو بمغادرة ذراعيه، لثم باطن كفها الأيمن هامسًا (وحشتيني)
وضعت رأسها على صدره تعاتبه (مجولتش ليه إنك راجع؟)
طرق هيما مناديًا (يلا يا حمزة)
ابتعدت مستنكرة متوعدة  (هيما كان يعرف ومخبي عليا؟)
حرك رأسه بإيماءة بسيطة ونظراته تلتهمها بشوق ولا تبرح وجهها في توق شديد مُغيبًا بسحرها الآخاذ الذي أطاح بثباته، تجاهل هيما هامسًا (في حد كل يوم يحلو كدِه يا سكني )
أحاطت عنقه هامسًا أمام شفتيه (آه في الي حمزة حبيبها وروحها )
ابتسم برضا فلثمت بعدها شفتيه برقة ونعومة أذابته وانصهر معها؛ ليبعدها ملتقًا أنفاسه ينفض رأسه مغمغمًا (لينا بيت أخد حجي فيه)
ضحكت قائلة (والحساب يجمع يا واد خالي)
أمسك بكفها وسحبها للخارج في صمت، أوقفها في منتصف قاعة المطعم الواسعة المزينة وتركها تدور بنظراتها في المكان مستكشفة قارئة العبارات المتناثرة واسمها المزين لها  في المكان.عمال المطعم المتابعين بصمت وابتسامات مختلفة التأويل
فرقع بأصابعه؛ ليصدع صوت في الخلفية
« فاكرني بحبه
وأنا بالله أبيع الدنيا وما فيها عشان تجمعني لحظه معاه
جناب الحلو يتشرط ويعمل كل ما بداله
ويطلب لو عنيا مسافة السكة تكون جياله
ويعني أنا عندي كام سكر مفيش في الدنيا أمثاله
مراحل اكتمال قمري بضيه وقمره وهلاله»
استمعت للكلمات متسعة العينين تضع كفها المرتجف على فمها في غير تصديق،
استدارت تهمس بإسمه في استفسار وحيرة وفرحة (حمزة)
عاد إليها حاملًا بين يديه كعكة كبيرة مزينة بصورتها واسمها، اتسعت نظراتها بانبهار وهي تراه يتقدم بابتسامته الرائعة ونظراته الحنون التي تعدّ وتُمني 
وقف أمامها هامسًا بتألُق (كل سنة وأنتِ حبيبة الجلب والروح يا سكني العمر الطويل ليكِ يا بت عمتي وبت خالي وأم العيال )
قفزت غير مصدقة، تسأله (عرفت عيد ميلادي إزاي يا حمزة)
وضع الكعكة وأخبرها بعتاب وهو يقترب منها (ازاي مش هعرف عيد ميلادك يا سكني؟)
تعلقت برقبته شاكرةً صنيعه وحبه، ممتنة تزرف دموع الفرح بغزارة وهي تهمس من بين شهقاتها المعلنة
(محدش عمل عشاني كده يا حمزة)
ضربها بخفه على ظهرها وهو يعاتبها على قولها (هو أنا حد يا سكني وبعدين وإيه يهمني غير سعادتك وفرحتك يا سكر القلب) 
أغمضت عينيها وهمست بنبرة عميقة خرجت من قلبها (أنت حبيب العمر وراحته ودوا وجعه وضحكة أيامه الحزينة وفرحته الي مخطرتش يوم على بالي)
ضمها بقوة متأثرًا بهمسها الصادق الذي يشبهها، وهمس لها (وأنتِ زاد الي جاي من العمر،وعوضي سكن )
سألته ونظراتها تعانقه برغبة (عادي أبوسك؟)
رفع حاجبه مندهشًا مستنكرًا، قبل أن يضم شفتيه برفض مشيرًا للجمع حوله، فألحّت وهي تضع سبابتها على خده برجاء(هنا)
ابتسامة واسعة منحها لها دليل قبوله وموافقته فمالت وسرقت القبلة بشغف شديد، لتنطلق تصفيرات هيما وتصفيقات الجميع اللذين اقتربوا مهنئين في عتاب (كنت قلت لنا يا شيف سكن دي زميلة برضو)
أخبرهم وهو يضمها إليه من خصرها تاركًا نظراته لأسرها (كنت عاملها مفاجأة، في الفرح بجا أجولكم)
قفزت مرددة بفرحة (فرحي أنا)
أكد حمزة بهزة رأس (طبعًا عندي كم سكن؟ استعدي بجا واعزمي كل الي بتحبيهم)
مزق حسن الجمع بملامح جامدة غير واضحة التعبير والمشاعر، وصل إليه فترك حمزة خصر سكن وأبعدها مستعدًا، بادر حسن بالسلام والعناق (ازيك يا صاحبي)
عانقه حمزة بمودة حقيقة رغم عتابه الذي سره داخله والضيق من أفعاله في الفترة الأخيرة،ابتعد حسن قائلًا وهو يجاهد نفسه ورغبته خوفًا من أن تخونه وتترك نظراته تركض تأخذ من ملامح الواقفة قدر الاشتياق لها(نورت يا باشا)
ابتسم حمزة وهو يربت على كتفه قائلًا بعتاب (بنورك فينك لا بنلاجك هنا ولا بنوصلك اتصال إيه الحكاية؟)
خبأ حزنه خلف ابتسامة عبثية وهو يخبره بمرح كاذب (مفيش خلّص بس ومستنيك جوا)
تعجب حمزة من ارتباكه وطريقته المتعجلة، فقال مترفقًا به (ماشي استناني)
رحل من جوارها بعدما أفسحت له المجال بملاح نافرة وضيق لاحظه فسارع بالاختباء بعيدًا عنها وعن نفسه التي لا تمل النظر إليها.
دقائق وجاءت هند بصخبها، رحّبت بعودته ومنحت سكن هديتها ثم جلس معهما حول الطاولة حتى انفض الجمع ورحل الجميع..
نهضت هند قائلة (حمزة تعالى معايا نشوف حسن ونرتب الشغل)
نهض ممسكًا بكف زوجته فقالت هند بعملية وحزم رفيق خوفًا من تهور حسن غير المحسوب (خلي سكن مع هيما وتعالى)
نظرت له سكن بتفهم محتوية حيرته وإنزعاجه من كلمات هند (هستناك هنا مبحبش الكلام في الشغل)
قبّل حمزة جبينها بتقدير قبل أن يرحل خلف هند التي سبقته للحجرة، سحب حسن الستارة وعاد للمقعد منتظرًا، اكتوى اليوم بما رأه منها وانتحرت مشاعره من فوق سفح جبل الخيبة واليأس، قبلته على جبينها كانت سوطًا نزل فوق قلبه وأدماه، ابتسامتها ونظراتها له وكأنه كل الحياة أوجعته.. أشعل سيجاره بعدما سمح للطارقين بالدخول
(ادخل)
رمى حمزة عتابه مع دخوله للحجرة وجلوسه (إيه بجا في إيه؟ مالكِ؟)
فرك حسن جبهته بتوتر حاول السيطرة عليه وهزيمته وهو يستند بمنكبيه على المكتب قائلًا بإبتسامة مهتزة (مفيش والله اكتئاب)
دهس سيجاره بارتعاش ثم غطى وجهه بكفيه قليلًا قبل أن ينظر لحمزة قائلًا بثبات مزيف (أخبارك ايه؟)
حدجه حمزة بنظرة غامضة وعدم اقتناع بكلماته قبل أن يمنحه ابتسامة حيادية المشاعر (تمام بخير)
دخلت هند الحجرة وأغلقت خلفها قائلة وهي تجلس مقابل حمزة (إيه رأيك في التورتة)
صفق حمزة بإعجاب واستحسان (بصراحة تسلم إيدك )
ابتسمت هند بفخر وهي تشكره (شكرًا يا باشا الصعيد)
وجّه حمزة نظراته وعتابه لصديقه الصامت بشرود واضطراب مُحيّر (مجاتش من الشيف بتاعنا، بعتناله ولا أهتم)
مسح حسن وجهه بضيق وتأفف من عتاب حمزة الذي لا ينتهي ويصب في نهر ضميره الراكد، سخرت هند لتخرجه من محاصرات حمزة (سيبك منه المهم عجبت سكن؟)
ضحك حمزة قائلًا (هتجولك رأيهة متجلجيش وهتطلّع عينك)
أوقف حسن كلمات حمزه بكلماته (أنا مسافر شغل، جالي عقد عمل فمطعم واتفقت وخلاص مسافر)
نظر هند وحمزة لبعضيهما بصمت واندهاش قبل أن يفرض حمزة تساؤله (ولما عايز تسافر مروحتش بدالي ليه؟ وسيبتني أرن واكتب)
هتف حسن بغلظة وجفاء جلب سخط هند وتأففها (أنا حر مش عايز أروح بدالك، مش لازم كل حاجة تكون تبعك) استنكر حمزة قوله السخيف وفظاظة تعبيراته فقال وهو ينقّل نظراته بين هند وبينه (إيه النغمة الجديدة دي؟)
زجرته هند بنظراتها وعادت مبتسمة لحمزة تهديء روعه (ولا نغمة ولا بتاع حسن مش في المود ولا إيه يا حسن؟)
ضغطت على حروفها علها تصل لحسن فيرتدع لكنه صمت وطالع  النافذة باهتمام وانشغال جعل هند تقف وتمسك بريمود التحكم وتغلقها عليه عله يفيق من سكرته
عاد زافرًا بضيق (معلش يا حمزة أنا فعلا مش متظبط وأنت عارف أنا شيف حلويات ماليش فالأكل وحتى لو، فأنا مش هكون زيك فسيبني أروح للي أعرفه وأفهم فيه)
لم يستسغ حمزة حديثه لكنه ابتلعه وتجاهل محترمًا رغبته في الكتمان والصمت، قال حمزة بحدة (غيرت المجموعة هنا، هيروحوا الفرع التاني والي هناك هييجوا هنا من الأسبوع الجاي)
تساءل حسن وملامحه تحمل قبسًا من اعتراضه لكنه صبر (ليه؟)
رسم حمزة ابتسامة مستفزة وهو يخبره بهزة كتف تدل على لا مبالاته (عادي من متى بيهمك أعمل إيه ما أنت شايل يدك من كل حاجه)
زفر حسن بضجر بعدما رد له حمزة بضاعته، لتتدارك هند الموقف وتهتف لتوقف العاصفة (براحتك يا حمزة أحنا لولا إننا بنثق فيك مكناش سلمناك كل حاجه،وواثقة إن  دا أكيد قرار فصالح الشغل)
هز حمزة رأسه بصمت خانق،داخله يعلم أنه يفعلها لأجل زوجته،انتقامًا لكرامتها وتطييبًا لخاطرها الذي دُهس منهم،اصرارهم جميعًا على تذكيرها بمرام وتعمدهم السؤال فيما لا يخصهم،وتكديرها بذكرى الراحلة وتنغيصهم أيامها بالمقارنات غير العادلة والمهينة لها،لم يغفر للجميع ما فعلوه ولم يتحمل أن يصيبها الحزن والهم ويقف مكتوف الأيدي،لذلك تعمد اليوم أن يقيم لها احتفالًا خاصًا أمامهم ردًا لكرامتها وجبرًا لخاطرها الذي دُهس تحت أقدام العبث ونقلهم جميعًا حتى يصبح آمنًا على قلبها .
أنهى حمزة الحوار بنهوضه،قائلًا بجمود (معلش هسيبكم وأمشي عشان تعبان من السفر وسكن كمان متتعبش)
سمحت له هند برحبٍ وسعة صدر (تمام اتفضل أنت وبعدين نتكلم)
رمى سلامًا خافتًا بنفس مشحونة بالانفعالات والحزن قبل أن يخرج ويتخطى المكان الفاصل بين الحجرة وصالة المطعم وصل حيث تجلس زوجته منتظرة تستقبله بابتسامتها التي امتصت حزنه ووجعه، منحته بوقوفها وبعناقها الدافيء الرضا والراحة وبهمسها الخافت الفرح والسعادة (حموزتي)
همس وهو يمسك بكفها (يلا يا حبيبي عشان منتأخرش)
رأت في نظراته الكثير فسألته بقلق ورعب احتلها وهي تطالع باب الحجرة البعيد (مين زعلك يا حبيبي؟)
داعب ذقنها بأنامله وهو يهمس بابتسامة (سكن جنبي مين يجدر يزعلني؟ خدت من الدنيا الرضا قبل أوان الزعل، شيلت ضحتك وديعة لأيام الوجع)
ضمته تنعم بدفء ذراعيه وقربه فابعدها هامسًا بحنان ورفق (في بيتنا يا حلوة )
سبقتها نظراتها إليه وباحت بمكنونات نفسها قبل لسانها الذي نطق (عايزة كل الناس تعرف إنك حبيبي يا حمزة)
ضيّق عينيه اليسرى على ملامحها وابتسم قائلًا (اجولك سر يا سكني)
طالعته بدفء نظراتها هامسةً بشغف(جول)
همس وهو يحلّق بنظراته فوق محياها الجميل (عارفة أكتر حاجه شدتني ليكِ وحبيتها منك إيه؟)
ابتسمت متحمسة لاعترافه السري،وعذّب كلماته (النظرة الحلوة دي والانبهار وكأني شيء خرافي محصلش)
ضحكت مؤكدة حدسه وصحيح ما قرأه بنظراتها (أنا منبهرة بيك يا حمزة وهفضل كدِه طول العمر مهما شوفت وعرفت وجابلت ناس هيفضل حمزة عبد الحكيم الغريب عننا، أحلى راجل شافته عينيا ومبهر بكل ما فيه ويملكه)
ضم رأسها لصدره ممتنًا شاكرًا،قبل أن يهمس (بجول نخلي الفرح الأسبوع الجاي؟)
رفعت رأسها هامسةً وهي تطبع لمسات شفتيها الرقيقة فوق خده (ولو بكره عادي)
أمسك بكفها وخرج قائلًا (يلا نكمل فبيتنا يا حبيبي)
خرج حمزة وبكفه كف سكن ليجد هيما بانتظارهما أمام السيارة،استقبلهما بتصفيره المشاكس وشقاوته (الناس الي بيتعملها عيد ميلاد)
تنفست بعمق من شدة فرحتها وقالت وهي تترك كف حمزة وتصعد السيارة (نق بجا يا زفت)
صعد هيما خلفهما يثني على الحفل وصنائع هند،بينما سرى بينهما هما صمت مُربك مشحون بالعواطف الحارة،تكلله الرغبات التي نضجت فوق جذوع الصبر.
أوصل هيما وعاد للمنزل ممسكًا بكفها، فتح الباب ودخل وهي خلفه، نادى بصوته المحبب لقلب والدته، ونبراس أيامها فخرجت تستقبله بابتسامتها الصافية وحنانها الوفير (حمدالله على سلامتكم)
اندفعت سكن لذراعيها المفتوحة وجاورها هو في الذراع الآخر، هتفت سكن وهي تنظر لعينيه التي تخصها بنظرة متألقة (شوفتي حمزة عمل إيه عشاني يا مرت خالي؟)
تحركت ورد للأريكة وجلست قائلة بفرحة (شوفت يا ضنايا ربنا يسعدكم)
جلست سكن يمينها هامسةً ونظراتها تتعلق به كأنه قمرًا مضيئًا (عمل عشاني أنا كل دِه يا مرت خالي)
ربتت ورد على كفها مؤكدة بسماحة (أمال إيه مش حبيبته ومرته وأم عياله)
جلس يسار والدته فدارت نظرات سكن معه وهي تهمس بعاطفة تتفجر من عينيها وعلى شفتيها (والله هو الي حبيبي وضي جلبي)
ابتسم بخجل من نظرات والدته المنصبّة فوقه بضحكة يعرفها جيدًا، لتسألهما ورد (اتفجتوا على ميعاد للفرح)
هتفت سكن بلهفة واستعجال (الي  عايزينه أنتم إيه؟ معنديش مانع ولا اعتراض حتى لو بكره)
كتم حمزة ضحكاته ومازال على حرجه، بينما قهقهت ورد وهي تلكزها (أحنا عايزينك تفرحي، ومتدلجيش عليه كدِه)
أكدت وهي تنظر إليه بغرام (لااه هتدلج حموزتي يستاهل)
نهض محمحمًا، ينسحب من الجلسة قائلًا (هغير هدومي وأرجع ولو مرجعتش يبجا نمت)
انتفضت سكن من جلستها معترضة (تنام وتسيبني)
سحبتها ورد من كفها لتجلسها وهي تخبرها بقرارها (سبيه ونامي جنبي)
تحرك للداخل وتركها فقالت سكن برفض وزمجرة طفولية (لاااه نامي لوحدك)
عاتبتها ورد مستنكرة (بجا كده من لجى أحبابه نسي أصحابه)
نهضت سكن قائلة بعناد (متحاوليش تأثري عليا مش هنام غير جنبه)
استنكرت ورد قولها في اقتراح (بعد الفرح يا بت)
غادرت سكن للداخل تاركة كلماتها الرافضة خلفها (ماليش دعوة  اعتبريني مش عايزه فرح)
تركتها ورد موقنة بأنها لن تقدر عليهما الليلة،  ضحكت ورد وهي تنهض متجهة لحجرتها (كان الله فعونك يا ولدي)
أبدلت سكن ملابسها وتسللت حتى وصلت للفراش، رفعت الدثار وغاصت تحته فهمس (مستنيكِ عارف أمي مش هتجدر تقنعك)
ضحكت بدلال مؤكدة القول (ده لا يمكن)
همس معجبًا برائحة عطرها (حلو التوت البري يا سكن)
سألته وهي تداعب ياقة تيشرته القطني (عرفت منين إنه توت بري؟ أوعى يكون..)
فتح عينيه مُسقطًا نظراته العاتبة فوق ملامحها المنزعجة يهمس (غاوية عكننة؟)
مال فمه بابتسامة ماكرة مهددًا لها (لوكملتي الجملة هخليكي تروحي تنامي جنب أمي)
أعطته ظهرها قائلة بلا مبالاة من قراره مستهينة بعقابه  (عادي متعودة وهو النوم جنب ورد عقاب؟)
سحبها حتى ألصق ظهرها بصدره وهمس متراجعًا (عقاب ليا أنا والله، أنا عارف الروايح عادي، والله مش الي فدماغك)
استدارت مبتسمة له تهمس (مصدجاك)
ضمها لصدره أكثر هامسًا (نامي عشان أنا تعبان بجد وهلكان)
عاتبته بدلال (فين هديتي يا حموزتي؟)
ابتسم قائلًا بمشاكسة (كل دِه وعايزة هدية يا مفترية؟)
صمتت منزعجة، فقبّل رأسها واعدًا لها (معمول حسابها يا جلب حموزتك بكره هتوصلك بدل الهدية اتنين، بس نامي وبطلي رغي)
حاولت الحديث غير مهتمة بقوله فقال (اسحبي الغطا كدِه مش هتيجي بالذوج)
دغدغها فتململت معترضة بقهقات عالية (خلاص هنام وأسيبك تنام)
عاد لصمته وسكونه فهمست (اتغيرت يا حمزة؟)
قال وهو يضمها مقبلًا جبينها (احنا مع الي بنحبهم غير يا سكن)
قالت في استهجان (كنت بتجيلنا مكشر وساكت يعني كنت بتكرهنا)
قال معترفًا بضحكة مرحة (مكنتش طايجكم والله)
لكزته في كتفه في عتابٍ وغيظ، فقال متراجعًا بضحكته الرائقة(ماعدا البت سكينة ، هي قرفتني شوية بس والله لذيذة)
قفزت جالسة في غضب، سحبت الدثار ورمته بعيدًا ثم نهضت مبتعدة عنه تخبره (لذيذة؟ فاكرني طبق من بتوعك، هروح أنام جنب أمي)
غادرت وأغلقت خلفها فتركها منتظرًا مجيئها، لكنها تأخرت ويئس من أن تعود فنهض متأففًا لاعنًا غادر الحجرة يطرق بهمس على باب حجرة والدته (اطلعي يا جزمة)
شعر بالضيق والإحباط من عنادها فاستدار مقررًا تركها، وجدها واقفة خلفه تكتم ضحكاتها فهتف بنظرة متوعدة (يعني بتستهبليني؟)
أقتربت تخبره من بين ضحكاتها المستمتعة (عشان ورد تصحى وتطلّع عينك)
حدجها باستهانة ولا مبالاة قبل أن يتخطاها للحجرة قائلًا ببرود (ماشي)
استدارت تردد بعدم اهتمام كاذب (براحتك)
شهقت حين شعرت بجسدها يرتفع عن الأرض محمولًا بين ذراعيه وهو يقول بابتسامته الواسعة (وأنا راحتي مرتي تنام فحضني)
أعادها للفِراش من جديد بأحضانه وهو يهمس متثاءبًا (نامي عشان حاسس أمي هتفرض علينا من بكرة العزل)
قبّلت جبينه بحنو مترفقةً به وبتعبه الظاهر على محياه (ماشي نام يا حبيبي)
زفر بارتياح مغمغمًا ما بين النوم واليقظة (أخيرًا)
انكمشت بين ذراعيه مستسلمة هي أيضًا للنوم بعد يوم طويل تمنت أن يُحفر داخلها ولا تنساه بكل تفاصيله.
************
اطمأنت على صحة والدتها وطببت لها جروحها ثم خرجت لتمارس روتين يومها العادي، فلا حاجة لبكاء يورثها القنوط ورثاء يفقدها الأمل في رحمة الله، دخلت المطبخ تدلل نفسها بمشروب شيكولاته ساخن يدثر قلبها بالدفء تذكرت كلماته فابتسمت، أحضنت الكوب بأناملها وخرجت وضعته قريبًا منها وجلست ناقرة فوق شاشة هاتفها بافتقاد، ابتسمت لرسائل سكن الكثيرة وسؤالها المهتم توعدها وتهديدها من ثم رفقها ولين قلبها، فراسلتها (اهلا بمرات الدكتور)
أجابتها سكن فورًا بلهفة (فينك يا بت مختفية؟).
كتبت ساخرة بغصة في قلبها (كنت واخدة شوية ضرب من خالك زي الي خدتيهم)
لم تنتظر سكن أن تشرح لها وتوضح هاتفتها فورًا بقلق ولهفة، فبثتها عاليا الشكوى بطريقة ساخرة، قصت عليها بوجع حولته لضحكات متقطعة مستهزئة بينما كانت الأخرى تستمع بصمت ووجع وحزنًا قاسمت فيه صديقتها.
دخل سعد محمحمًا يتلفت حوله ببحث حتى وجد أخته فاندفع يسألها بنبرة باردة (ازيك يا عاليا)
أنهت اتصالها ورمقته بنظرة ميتة لا حياة فيها وهي تهمس (الحمدلله)
عاتبها وهو يجلس بالقرب منها مدخنًا سيجاره (أبوكي وأمك من يومهم كده كان لازم تتدخلي؟)
لم تمنحه عفو نظراتها، كيف تفعلها والعفو في قلبها مقرون بالحب الذي تفتقده منهما وتتوسله، أجابت بسخرية (معاك حق كنت سيبته موتها)
رمقها بنظرة غاضبة لانت وخضعت وهو يسأل بلمحة شجن غريبة (أخبار البت سكينة إيه؟)
على ذكر اسمها كانت هي تقلب في الصور التي أرسلتها لها، رفعت رأسها مندهشة من سؤاله عنها (وأنت مالك يا سعد؟)
هتف بعصبية وجفاء (اتأدبي وردي عدل)
عادت لهاتفها بصمت، منعزلة عنه داخل فقاعتها ووحدتها التي اختارتها رفيقًا لها بين جدران هذا البيت البارد، سحب منها الهاتف في غيظ من تجاهلها كلماته نظر فيه فرأى إجابة سؤاله، أضاءت نظراته الملتهمة وتوهجت وهو يسألها(دي بجت حاجة تاني)
ثارت عاليا واحتدت من فعلته، قفزت تحاول سحبه منه في غضب وإنزعاج شديد (سيب تليفوني يا سعد عيب كده)
استدار بجسده هاربًا من ملاحقاتها يتمتع بالنظر لمن حُرم منها في إعجاب وانبهار واضح كرهته عاليا وشعرت بوخزات من ضميرها الحي والذنب تجاه صديقتها وابن عمها (ميستاهلهاش واد ورد)
احتشدت الدموع في عينيها، وكبلتها قلة الحيلة والعجز وهي تدور حوله مع دورانه واستأثاره بالهاتف في تبجح واستباحة من نظراته لرؤية من ليس له ولا يحق له أن ينظر إليها هكذا (حرام عليك جيب بجا)
لمحت كريمة فصاحت مستغلة الفرصة متشبثة بها (هات يا سعد متبصلش لبنات الناس عيب)
انتبهت كريمة لقولها فنادته بنبرة حادة رادعة ومنبهةً (سعد)
أعاد لها الهاتف منتفضًا يتوعدها بنظراته القاسية، لكنها تجاهلتها وأكملت في انتقام وتشفي (شكلك مش مالية عين جوزك يا كوكي)
بسرعة كانت كريمة تقطع السلّم بغضب أشعله ثقاب كلمات عاليا الانتقامية
قيدت أنامل سعد ذراعها نافضًا جسدها محذرًا بغلظة (بت اتلمي)
نفضت ذراعها وابتعدت موجّهة كلماتها لكريمة التي وقفت بينهما بنظرات مستفسرة(غلطت إني بنبهك يا كوكي؟) هتفتها بميوعة مستفزة أقرب للشماتة
إلتفتت كريمة لزوجها زاعقة (صح الكلام د يا سعد؟)
لوّح بذراعه متهربًا بعصبية يتوارى خلف صياحه (صح ايه يا مخبولة أنتِ)
تابعت عاليا تخفي حرقتها وغضبها المتصاعد كلما تذكرت استباحته النظر لصديقتها (ما تجول يا سعد إنها مش كد كده)
قالتها عاليا وهي تطالعها بنظرة تقييمية غير راضية وهي تصنع بفمها أصوات تنبئ بعد رضاها واستنكار فعلة أخيها.
تجهمت ملامح سعد واندفع يصرخ بعاليا (غوري من وشي يا عاليا بدل ما ارقدك في السرير المرة دي أسبوع)
تحجرت الدموع في عينيها شاعرة بالمهانة من تهديده، لكنها وقفت بثبات ترسم ابتسامة ساخرة مستهينة قبل أن تنسحب ببطء وبرود كان الموقد الذي أشعل حرائق كريمة.
تجاهلت الثرثرات والصياح العالي واللوم والتقريع، وضعت سماعات أذنها وانعزلت بالروح والجسد، دموعها تنهمر في صمت وهي تصعد الدرج متجهة لحجرتها لتبقى فيها،الحزن يخيم على روحها يسحبها لعالمه القميء رويدًا رويدًا.
*********
جلست جواره تلف ذراعها حول ذراعه متشبثة به مما جلب سخرية هيما منها واستهزائه بأفعالها (مش هيطير يا ماما)
حدجته بنظرة مغتاظة وهي تُخرج له لسانها في ضيق، اقترب هيما وأشار لها (جومي سخنيلي أكل وسبيه شوية)
رفضت وهي تتشبث به أكثر (لاااه روّح كُل فبيتكم)
نظر لكليهما بصمت وهدوء، ليهتف هيما بنفاذ صبر (جومي مش عارفين نكلمه ولا نقعد معاه بسببك)
نهضت مرغمة، تطلق تأففًا سخي في وجه إبراهيم الذي جلس مكانها قائلا (لزقة)
جلست جوار ورد ملتصقة بها في حماية، فسخر إبراهيم منها (مربين قطة مش بني أدمة)
همست سكن مُسلطة عليه نظراتها المُحبة (حمزة أعملك حاجة تشربها يا حبيبي)
سخرت ملامح هيما وقوله منها في مصمصة شفاه متعجبة (يا مُحنه الله يرحم)
كتم حمزة ضحكاته ونظر للهاتف متصنعًا الإنشغال،ليطلب إبراهيم منها (قومي اعمليلي أنا نسكافية)
وجّهت كلماتها لحمزة (حمزة أعملك جهوة معاه؟)
رفض بابتسامة مشاكسة (لااه متتعبيش نفسك يا حبيبي)
صفق هيما قائلًا (الله يسهلكم والله)
التفت له هيما يخبره بما قد كان (سيبها تعملك دي قعدت شهور تتدرب مبوظالنا البن والسكر )
طالعها حمزة بنظراته الدافئة الممتنة سامحًا لها (طيب يا سكن جومي اعمليله هو نسكافيه وأنا جهوة)
نهضت بحماس شديد تفعل ما أمرها به لتعود بعد قليل  ، وضعتها أمامه منتظرة رأيه بشغف، ارتشف حمزة من فنجانه فلانت ملامحه بإستحسان وتلذذ، ابتسم لكنه سحب تلك البسمة وقال بإطراء غليظ مُخيب للآمال ليشاكسها كعادته (مش بطالة يا سكن)
كانت تترقب رد فعله لأول فنجان تصنعة بعدما تدربت كثيرًا وتعلمت لأجله، ردت فعله ملأت صدرها بالخيبة وملامحها بالحزن والبؤس فهمست بإنكسار (شكرًا)
لينطق هيما بغيظ من برود حمزة (مش بطالة والله لو منها أدلقها فوق دماغك يمكن التلج الي جواها يسيح)
رمقه حمزة بنظرة زاجرة وهو يطرده(أنت بجا تجوم تروّح لأمك) نهضت سكن متضايقه تشيعها نظراته الملهوفة لقربها على الدوام
رحلت للمطبخ وبقيّ هو تسأله والدته (عملت إيه فشغلك يا حمزة)
أخبرها بهدوء ولا مبالاة (فسخت العقد معاهم ورجعت)
سألته بإهتمام ونظرة كاشفة (وحسن مرضاش يروح؟)
أرخى ظهره يخبرها بضيق (حسن لما كلمته جال إن جاله عقد فمكان تاني لمدة سنة وهيروح)
هزت ورد رأسها بتفهم وتنهيدة راحة تغادر صدرها ليردف حمزة برفض (بس أنا مش موافج)
هتفت ورد مستنكرة رفضه تخشى أن يثنيه عن قراره ويلاحقه برغبته في بقائه (سيبه يا ولدي طالما دي رغبته)
رن هاتفه فقال وهو يطالع شاشته باندهاش (دِه حسن)
صمتت ورد بترقب وقور، فأجاب حمزة باقتضاب وملامح فقدت رونقها وبريق المودة بعد ما كان من صديقه (تعالى طيب يا ابني، لااه عادي إبراهيم لسه هنا، خلاص جايلك حاضر)
أنهى الاتصال وقال وهو ينهض واقفًا (حسن عايزني ومش راضي يطلع بيجول الوجت اتأخر فهنزله)
نهض هيما هو الآخر قائلًا(خدني معاك)
انسحبت ورد لحجرتها منتظرة أن تأتيها أخبار المقابلة العاجلة الغريبة داعية الله أن يصرف السوء ويحمي قلب ولدها من هجمات الغدر.
عاد حمزة باحثًا عن والدته فوجدها بحجرتها، جلس جوارها قائلًا (بيجول مسافر وبيعتذر على تقصيره )
هزت ورد رأسها بطمأنينة واستحسان وقبول لقراره الصحيح
عادت سكن مستأذنة الدخول أدار رأسه إليها فرأها في أجمل صورة وقد أبدلت ملابسها لأخرى رائعة ومشطت خصلاتها بعناية، رائحتها ملأت الحجرة وجذبت حواسه وأسكرته (تعالي يا سكن) منحتها ورد الإذن بالدخول ففعلت وجلست جوارها متدثرة معها، انتزعته والدته من أفكاره (مش هتنام يا حمزة؟)
حمحم خارجًا من تأثيرها، يخبر والدته المبتسمة (هنام) قالها وهو يراقب استعداد سكن للنوم باقتضاب، ليسألها (وسكن)
قالت والدته بإقرار سقط فوق قلبه كجبل (سكن هتنام جنبي خلاص)
سألها باعتراض غير راضيًا (ليه أنا مش موافج؟)
خبأت سكن ابتسامتها وصمتت مترقبة وهي الأكثر منه شوقًا للقرب، متعطشة للنوم بين ذراعيه تأمل بأن يخرق حكم والدته وينقض قرارها، أجابت ورد بهدوء وهي تراقب ثورة ولدها (لغاية ما تروحوا البيت الجديد وتعمل فرح زي ما اتفجنا وأنا فهمتها وهي رضيت وموافجة)
نظر لها بلوم حاد واندهاش من موافقتها الابتعاد عنه، ورضوخها لرغبة والدته القاسية، مط شفتيه بضيق قبل أن ينهض يحبس عنهما انفعاله، يواريه خلف ابتسامة باردة ورضوخ مستهين (تمام تصبحوا على خير)
خرج تركض خلفه نظرات سكن المستغيثة، قبل أن توجهها لورد وتتوسل (طيب النهاردة بس يا ورد)
تسطحت ورد قائلة (لاااه)
رجتها سكن ونظراتها تتنقل بين باب الحجرة ووجهها المبتسم (عشان خاطري وخاطره) 
أصرّت ورد بعناد وعزم لا يلين (لااه ونامي)
نفضت سكن الدثار بقوة وهي تتأفف بغيظ وحنق مما جعل ورد تهتف بها منزعجة(نامي)
عادت سكن تحاول (طيب الوجت بدري أجعد معاه شوية)
أوضحت ورد بشفقة وحنان خصت به ولدها في فِهم (كفاية امبارح شكله تعبان سبيه ينام بدري)
ظلت جالسة تقضم أظافرها في غيظ، تهز جسدها بقلق وتوتر جعل ورد تنهاها (نامي يا سكن وبطلي هز)
بعد قليل
رأته يخرج من باب الحجرة متجهًا للمطبخ فقالت بمكر (ينفع أروح الحمام)
أجابت ورد وهي ما بين النوم واليقظة (ماشي روحي)
قفزت بفرحة غامرة جعلت تفيق من سنة النعاس و تحذرها بتفهم (تروحي وتيجي بسرعة)
صمت أذنها عن التحذير وخرجت راكضة ضفيرتها الطويلة تتأرجح مشاركةً لها الفرحة.
وقفت على باب المطبخ هامسةً بدلال وأعين لامعة في لهفة (حمزاوي)
قال بنظرة جليدية لم تقف عليها في عدم اهتمام بوجودها (ايه؟ منمتيش ليه؟)
أجابت وهي تقطع المسافة الفاصلة بينهما وتقف جواره (هنام ازاى وأنت جنبي ومعايا فنفس المكان وبعيد عني)
رمقها بنظرة باردة تخفي خلفها الكثير قبل أن يقول بعتب (مش رضيتي خلاص)
شبت قليلًا على أطراف أناملها وقبّلت خده معتذرة برقة (غصب عني مرات خالي صممت ومعرفتش اتكلم)
يعرف أن الأمر ليس بيدها ولا تملك فيه رأيًا تفرضه، لان قليلًا وهو يطالعها بنظرة عاشقة كشفت دواخله بعدما تبخر بروده (خلاص يا سكن)
سألته بابتسامتها الجذابة التي تخصه بها (بتعمل ايه؟)
أخبرها وهو يتنقل في المطبخ وهي خلفه (حاجة سخنة أشربها جبل ما أنام)
عرضت عليه وهي تراقبه (روح وأنا هعملها وأجبهالك يا حبيبي)
توقف سعيه، تراجع كفاه حين استمع لها، نظرإليها بدفء ورغبة في المزيد، همس وهو يتأملها باشتياق (بحب كلمة حبيبي منك يا سكن، بحس كأني أول مرة اسمعها)
ضحكت بفرحة وسعادة، اقتربت منه أكثر منه قائلةً (عشان أنا بجولها لأول مرة) 
غادر وتركها منتظرًا قدومها بالحجرة لتعود بعد مدة حاملةً الكوب وضعته وجلست منتظرة أن يترك ما بيده وينتبه لها، لكنه أطال الصمت 
فهمست بنبرة خافتة ذات دلال ورقة لها تأثيرها عليه (حمزاوي)
رفع الكتاب ليغطي وجهه هاربًا من تأثيرها المثير للأعصاب يزفر بإنهزام وقلة حيلة، فعاودت الهمس وهي تتقدم (حمزاوي مشغول عني بأيه)
عض القلم الموضوع بفمه لاعنًا في غيظ وقهر ليحمحم مجليًا صوته الرخيم مجيبا سؤالها (بقرأ شوية في حاجه روحي نامي؟)
قالها وهو يتعمد ألا يكشف وجهه لها ولا يراها في هروب واضح منها، اقتربت واقفة أمامه وانحنت تبعد عن وجهه الكتاب هامسة برقة (هربت عشان أجعد معاك يا حموزتي )
طافت نظراته فوقها يتأملها، بعناية معجبًا يلتهم تفصيلها وملامحها الجميلة التي زادتها جمالًا بتحديد مواضع الفتنة فيها بدقة، شفتيها المكتنزتين المطليتين بلون وردي لامع وخديها الجميلين بلونهما الوردي، رموشها التي تحركها الآن ببراة كاذبة تشفيًا فيما تراه منه من تسليم وعينيها غابات الزيتون التي تتوهج كأن شمسًا تعانق الأشجار..
تنفس بعمق وهو يسحب نظراته منها مرتبكا متلعثمًا (لا هنام)
وقفت فاردة قامتها تخبره (لا يلا نسهر مع بعض أنا مجاليش نوم وورد نامت وأنت وأنا صاحيين)تأمل بجامتها تلك المرة حامدًا الله مغمغمًا بإستحسان (الحمدلله معجولة)
قرأتها في عينيه فابتسمت بخبث منتظرةً ردة فعله على مالا يراه ومتحمسة له
أشاح قائلا بتوتر (ذاكري واشغلي وجتك)
استدارت أمام نظراته متعمدة تكتم ضحكاتها، ما إن رأى ظهر بجامتها حتى لعنها داخله ألف مرة،التي تكشف نصف ظهرها المرسوم عليه  بالحناء بخط مزخرف كبير(حمزة)
أصرّت اليوم وألحّت على ورد حتى رسمته لها كما تريد
استوقفها بنبرة هالكة وهو ينهض واقفًا (سكن)
أبدت خطتها ثمارها وفارها المشاكس وقع بمصيدتها، أجابت بمكر ودلال (نعم يا حمزاوي غيرت رأيك)
قال بحدة مستفسرًا (ايه الي فضهرك ده)
أجابته ببراءة وهي تستدير لتواجهه وترى أثر فعلتها في عينيه مرآة روحه (ايه؟ عجبك؟)
سألها قاطب الحاجبين في ضيق (مين عملهولك إزاي تتكشفي جدام حد ؟)
مطت شفتيها مفكرة متصنعة القلق والرعب قبل أن تبتسم وتخبره (عمتي الي عملتهولي في مانع؟)
ضيق حدقتيه مغمغمًا (أمي )
سألته بدلال وهي تقترب ملتصقة به (ها سمّعني بتجول إيه؟)
قال مُدعيًا الانزعاج (في حد يكتب اسم حد كده)
أحاطت عنقه بذراعيها متسائلة (معجبكش يا حموزتي أغيره)
أخفى تأثره ببراعة وأنزل ذراعيها قائلا ببرود ظاهري(لاااه  عادي)
ضمت شفتيها منزعجة مدبدبة بقدميها قائلة (والله ماشي متشكرين، هتيجي تسهر معايا ولا أروح اتخمد)
أجابها بإبتسامة متسلية وهو يعاود الجلوس بإسترخاء عائدًا لما كان يفعله (لا اتخمدي أنا مش رايج)
خرجت متزمتة تغمغم بضيق من بروده وأفعاله وصده لها ، جلست أرضا متربعة فوق اللحاف الذي افترشته استعدادًا للسهرة، نظرت لما أعدته من أطباق والمشروب متحسرة قبل أن تمد يدها وتأكل بغيظ.
بعد قليل جاء ليجدها منسجمة مع التلفاز، تأكل بنهم وجوع وهي تتوعده من وقت لآخر بصوت مسموع.
سحب شال والدته الذي تركته بالجوار وانحني يحيط به كتفيها هامسا ( هتاخدي برد)
فاجئته بقولها المغتاظ (مولعة منك متخفش مش هيأثر) ابتسم وهو يجلس متربعًا جوارها ناظرًا للطعام وهو يستهزىء(وأنا أجول الخزين بجا بيخلص ليه بدري)
التفتت تسأله (جاي تغلس عليا يا دكتور البهايم وتحسبلي الأكل)
فرد ذراعه على حافة الأريكة في استرخاء فتقهقرت قليلًا مبتسمة، وضعت رأسها على كتفه وضمته منتظرة أن يبادلها العناق ويضمها بذراعه لأحضانه التي اشتاقتها، تيبس جسده قليلًا قبل أن يزعن ويقبل الهزيمة على يد دلالها وحبها له، تنهدت بانتصار فتنهد هو بإستسلام، استغلت تلك اللحظة وهمست بنغم (وحشتني يا دكتور ألف ليلة فجربك ساعة وليلة واحدة فبعدك سنة، إيه يكفي جلبي ويعوضه عن غيابك وأنا بشتقلك كل لحظة)
طبع قبلة رقيقة فوق مقدمة رأسها قائلًا (الي يكفي إنك  تبجي جنبي طول العمر)
قال يستميلها بمكر (سكني يا حياتي بجولك إيه ما تجولي لورد مش فارج الفرح وتعالي أخدك ونسافر يومين) غمزها فقفزت معلنةً موافقتها الفورية (ماشي هجولها دلوك)
نهضت فجذبها من ذراعها وأجلسها قائلًا(بكره يا سكن…
هتفت ورد من خلفهما قائلة (ولا بكره ولا بعده هتعمل فرح يعني هتعمل فرح..
انتفض واقفًا مذنبًا أمامها، فسخرت منه ورد (كنت حاسة هتجولها كدِه)
كتم ضحكته فأشارت ورد لسكن بغيظ (يلا يا خايبة على أوضتك ضحك عليكي بكلمتين وأنتِ كل حاجه ماشي وموافجة)
حاولت سكن التعبيرعن رأيها (عادي مش لازم)
استنكرت ورد وهي تُلقي ناحيتهم خُفها فتفاداه حمزة بينما نال من وجه سكن، نظرا لبعضيهما متذكرين تلك الليلة، ضحك حمزة فضحكت سكن وشاركتهما ورد الابتسامة وقد تذكرت مثليهما..
لكنها جلست مستريحة تخبرهما بشجن وأمنية (عايزة أفرح هتحرموني كمان من الفرحة؟)
جلس حمزة أسفل قدميها على ركبتيه قائلًا وهو يأخد كفها ويرفعه لفمه مقبلًا(لا يا حبيبتي الي عيزاه هعمله)
تقدمت سكن تحذو حذوه في جلوسها مؤكدة (خلاص الي تشوفيه)
ضربت ورد جبهتها بإستياء وإحباط لا تصدق خنوعهما ولا قولهما (يارب تصدجوا عشان أنا جبت أخري منكم )
وليثبت لها حُسن نواياه وطاعته لها صرف سكن بإشارة (على أوضتنا يا سكن يلا نامي متزعليش أمي)
استنكرت ورد قوله الذي فهمته فورًا فضربته عدة ضربات خفيفة على رأسه وهي تهتف بكلماته في تقريع ولوم (على أوضتنا يا سكن، بتستهبلني يا واد عبد الحكيم)
قهقه عاليًا وهو يقبّل كفها معتذرًا (بهزر معاكي يا مرت عبدالحكيم مهزرش يعني)
ضمت ورد رأسه لصدرها وقبلته داعية له (لا يا ضنايا هزر، أعيش وأشوفك مبسوط ومتهني والضحكة منورة وشك)
مال وقبّل جبينها بتقدير داعيًا أن يمنحها الله الصحة وينعم عليها بطول العمر..
لتهتف سكن التي نهضت منتظرة قرارهما(أيوة يعني أروح أنام  فين أنا دلوك)
ضرب حمزة كفه بكف والدته وهما يضحكان بيأسٍ وإحباط.. لتقول ورد بنفاذ صبر (جوم خد مرتك من جدامي جوم،ضغطي ارتفع)
نهض مستحسنًا القول يشيد بما لم تفعله (جدعة يا سكن يلا بينا)
أحاط كتفها وغادر فهتفت ورد منبهةً لهما (كل واحد على أوضته وإلا والله الشبشب ينزل على روسكم)
**"**"*****
♥في اليوم التالي بقنا♥
داخل حجرة زين بالمشفى
عرفهم قائلًا وهو يسحبها لتجلس جواره في حماية مُعلنة وحب يرفع راياته ليستسلم من حولهم ويخفضوا أسلحتهم رضوخًا
(بنت عمي، وأحمد ابن عمي ودي مرات عمي)
حيتهم بإيماءة بسيطة وابتسامة أظهرت حُسنها وبهائها، قالت زوجة عمه مُشيدة بجمالها وأدبها (مراتك حلوة يا زين )
قال بفخر وهو يضمها بينما تكاد هي تنزوي من شدة الخجل (طبعا مفيش أحلى من كِده)
قالت ابنة عمه غير مستحسنة (مش عارفة إيه حبك في الصعيد، بنات القاهرة قصروا فايه؟)
حرك لسانه داخل فمه وهو يرمقها بتوعد خفي، ليقول بابتسامة (في زي الصعيد وبناته وحلوياته وبعدين أنا الي عايز أطول من قنا يا ستي)
لوت فمها بغير رضا قبل أن تقول (طنط بتقول إنها مسابتكش خالص)
أمسك بكفها وضمه لمواجهة تلك العاصفة (بتحس عقبال الي فبالي)
عقدت ساعديها في غيظ من كلماته الفظة، لتقول باستهزاء (قولت أجي أحضر الفرح لقيتك متلقح وكنت هتموت)
انزعجت مودة من كلماتها الثقيلة وغير المحببة التي تركت على ملامحها استياءّ واضح مُعلن، لتتابع مستفزة له (مودة شكلها وشها حلو عليك)
زعق زين بانفجار مدركًا بشاعة ما نطقت به وترك أثره على ملامح مودة وجسدها الذي انتفض (جاية ليه؟  مكنتش عايز حد)
واجهته ابنة عمه بحدة وعناد لا تعنيها كلماته (ازاي جيت ليه؟  كان لازم أجي واطمن عليك وأفهم)
زجرها زين بنظراته الحادة التي يتطاير من الشرر، لكنها تجاهلت في عناد.. قالت زوجة عمه مهدئة الأمور (في إيه يا ولاد مالكم)
ثم التفتت لمودة معتذرة في حرج (معلش يا بنتي هما كدِه دايما ومغلبينا هو زين مقالكش ولا إيه؟)
التفتت مودة لزين تقول بابتسامة (لااه شكل زين نسي يجولي حاجات كتير)
أشاح زين نافخًا بضيق متوعدًا ابنة عمه، لتنهض مودة وتستأذنهما الرد على هاتفها الذي رن.
غادرت وخلفها زوجة عمه التي طلبت منها (مودة في كافتيريا هنا قريبة؟)
انتظرتها مودة حتى اقتربت وقالت بابتسامة لطيفة (أيوة اتفضلي)
خرجت هي وابنها بصحبة مودة التي أرشدتهما ووقفت بالقرب منهما على مسافة  تعتزل عنهما وتمنح مكالمتها الخصوصية المطلوبة ثم أجابت...
داخل حجرة زين كانت الأمور تشتعل بينه وبين ابنة عمه، التي استغلت رحيل مودة وزعقت فيه برفض  (هو دا اتفاقنا يا زين؟)
صاح بغضب وهو يضغط على كتفه حابسًا الألم داخله (احنا متفقناش)
قالت بعصبية شديدة وهي تدور حوله (لا اتفقنا وقررنا هتتنقل وتيجي تاخد حق عمي مش تتجوز منهم)
تحركت نظراته تجاه الباب في زعر، قبل أن يزعق (مالكيش دعوة ومودة ملهاش ذنب)
سألته بسخرية (حبيتها ولا إيه؟  دا أنا قولت انك متجوزها علشان تدخل وتطلع وتعرف الأخبار)
واجهها وهو ينظر للباب بخوف حقيقي من أن تأتي مودة (أنا خلاص لغيت الموضوع)
ضربت بقبضتيها فوق حافة الفراش معترضة (لا يا  حضرة الضابط دا مش قرارك لوحدك،احنا مفضلناش أيام نخطط ونرتب وندوّر ونفتح الملفات عشان تاخد قرار زي ده)
صاح بغضب وهو يكتم الألم ويحبسه في ملامحه خلف الغضب (لا دا قراري واختياري وابعدي عن مودة أنا بحبها وعايز أكمل، وكفاية سخافتك معاها)
اتجهت نظراته للباب مرة أخرى في خوف لتظهر مودة أمامه دامعة العينين تسرّ العتاب فيهما، خصته وحده به قبل أن تضع كفها على فمها تكتم شهقاتها وتحبس بكائها في جوفها،  نهض منتفضًا (مودة)
ركضت للداخل، سحبت حقيبتها غير عابئة بندائه المتوسل (مودة استني هفهمك)
عاد للفراش في إحباط وتثاقل، ضربه بقبضته في غضب قبل يصرخ بابنة عمه التي تقف عاقدة الساعدين في برود (امشي ومتدخليش فحياتي الي مات أبويا وأنا حر مراتي ملهاش ذنب أنا مباخدش حقي من مظلومين زيي ولا ضعفاء ولا ستات،حقي هاخده من الي عملها بس)
سألته بعدم تعاطف وعقلانية وهي تحيطه بالنظرات الساخرة (وهي لما تعرف هتقبل تكمل يا زين؟)
نظر إليها بجمود مفكرًا في نفس الإجابة والتي يخشى البوح بها.
*****************
تركت المكالمة معلقة وطالعت زوجها المنشغل بنظرة ذائبة في العشق قبل أن تعود وتهمس (هكلمك تاني مرت خالي بتنادي)
رفع رأسه من على الأوراق التي يفترشها أرضًا متعجبًا من قولها الذي انتبه له، تلاعب بالقلم بين أنامله وهو يخبرها (أمي مبتناديش يا سكن)
وضعت الهاتف وجلست على ركبتيها أرضًا أمامه تستأثر بنظراته هامسة (حمزة أنت روحت قنا؟)
رفع حاجبه قائلًا وهو يعود ببصره للأوراق مراوغًا (قنا متى؟ ما أنا معاكى اهو؟)
سحبت القلم من يده وغاصت في نظراته مواجهة له بما عرفته للتو(ضربت عمار يا حمزة؟)
مرّ على ملامحها ببطء مغتنم قبل أن يهمس لها بعاطفة ويصارحها بما لن يستطيع إنكاره أو إخفائه كثيرًا (إيده تتمد عليكي وأعديها عادي؟) داعب ذقنها بإبهامه هامسًا بغرام (محدش يمد يده على مرتي ولا ينزل دمعة من دموعها جولتله هكسرلك دراعك وكسرتها)
تساقطت دموعها بغزارة وجسدها يرتجف في صدمة ذابت في نظراتها الممتنة والعشق الذى طفا فهمست (عملت كل دِه عشاني أنا يا حمزة)
ترك ما بيده واعتدل منزعجًا من بكائها (أمال أنتِ فاكرة إيه؟  جولتلك أعمل عشانك أي حاجة)
مسح وجهها بكفيه وسحبها لأحضانه ثم ضمه بقوة معاتبًا (بطلي بكى..)
رفعت رأسها تضم شفتيه في عناق رقيق ناعم يعبر عما في نفسها اللحظة من عشق وتقدير.. ابتعدت تلتقط أنفاسها فهمس (اتطورنا)
همست هي برضا (كله لرضا عيونك يا دكتور)
قالت بإنزعاج شديد وندم خالطه إحساس بالذنب تجاهه (راضية هتزعل منك)
لملم خصلاتها عن وجهها لا مباليا (زعل عمتي غالي، بس أمي وأنتِ أغلى )
همست وهي تنكمش بأحضانه مغمضة العينين في ذوبان (أنا بموت فيك يا حمزة)
سألها بقلق متخطيًا ما قالته (هتجولي لورد)
رفعت رأسها تسأله أولًا(أنت عرفت منين؟)
ابتسم ساخرًا منها بمشاكسة (واحدة بجرة وقّعت صورة المحضر من شنطتها فكلمت ابراهيم أفهم وفهمني)
ضربت جبهتها بإدراك (أوووف دورت عليها ملجتهاش فعلا)
قال حمزة شامتًا متشفيًا (دا من حظ عمار العفش)
سألته في قلق (مش زعلان إننا مجولناش؟)
أوضح بتفهم (لااه عارف أمي محبتش تجلجني بما إن الموضوع خلص)
ابتعد يحيط وجهها براحتيه هامسًا أمام عينيها (عارفة الأهم من كل دِه يا سكن إنك شطورة وفرحتيني بالي عملتيه،أنا فخور بيكِ جدًا يا سكني)
ترجمت إحساسها بكلماته وفرحتها بما قاله لعناق طويل شديد اللطف والمحبة تقبله منها بهمسه الدافيء المشجع (عايزك كده دايما يا سكني متخافيش من حاجه ومتعمليش حساب لحد،الي يزعلك خدي حجك وحمزة فضهرك)
ابتعد يمسح لها دموعها فقالت متذكرةً حديثهما يومًا ما (وياخد طلجتين)
غمزها متذكرًا حديثهما في هذا الشأن، يصارحها بما امتنع عن قوله يومها وأخفاه في صفحات نفسه متعذبًا برغبته (وأنتِ تاخدي بوستين)
أشارت لشفتيها وهي ترفرف بأهدابها في دلال،ترجوه بهمسها الناعم (ممكن واحدة بس جبل ما تيجي ورد وتجفشنا)
اعترض بمرح وهو يدفعها بعيدًا (أنا بسمع كلام أمي)
عادت إليه مجددًا وهي تهمس بغمزة لكشفها رغبته من نوافذ عينيه (وأنا بسمع كلام حموزتي)
حذرها بابتسامة وهو يبتعد في هرب ومزاح مقلدًا والدته  (بت اتجلي يا خايبة)
اقتربت منه ضاحكة فضمها بقوة وهنت مع نداء ورد لها (سكن)
انتفضت واقفة فطلب منها وهو يعود لأوراقه (سكن اعمليلي جهوة)
عادت متسائلة بإندهاش (أنا؟)
ابتسم وهو يرتدي نظارته الطبية ويخبرها بغمزة (أصلها عجبتني حلوة زيك)ثم نبهها (ومتشربيش منها زي المرة الي فاتت عشان كده هتحلو بزيادة يا سكني)
ابتسمت بخجل لمعرفته بها وكشفه ما حدث بسهولة، ثم ضيقت نظراتها تتأكد منه (عجبتك بجد ولا تطبيل؟)
غمزها مؤكدًا (بجد)
ابتسمت قائلة بحماس (عنيا يا حموزتي)
غادرت وتركته يعود لأوراقه من جديد منشغلًا منغمسًا في حساباته
******
في المساء بعد خلودهم للنوم، تعجب حمزة من عدم مجيئها الليلة متسللة كما عودته، نظر لساعة الهاتف وهو ينهض باحثًا عنها والاطمئنان عليها
منحها إشارة قد اتفقا عليها وظل واقفًا في انتظار حتى يئس ورفع هاتفه يحاول مراسلتها.
بينما كانت هي تقف في المطبخ خلف الثلاجة  مبتعدة عن محيطه ومحطّ نظراته تهمس بقلق (ايه الأخبار يا هيما؟)
أجابها الآخر بيأس وإحباط (تعبان يا سكن اديتله العلاج ومرضاش ياخده)
زعقت بغضب (يعني إيه مرضاش ياخده؟)
نظرت لباب المطبخ وأخفضت صوتها بحذر(حاول يا هيما ومتسيبهوش عشان خاطري)
نفخ هيما بسأم قبل أن يصارحها بمخاوفة (خايف حمزة يعرف وألبس معاكي)
طمأنته ودموعها تنمر، ممزقة بين الافتراضين ضائعة في التأويل (متخافش هجول أنا الي أجبرتك، هات أكلمه طيب جبل ما حد يصحى)
انتبه حمزة للهمسات الخافتة الآتية من المطبخ اتجه للداخل بقلق ليتسمر جسده مكانه وهو يستمع قولها بعدما مسحت دموعها (ليه يا حبيبي مخدتش العلاج؟)
تراجع حمزة خطوتين حتى لا تراه ولا تكشف وجوده فتسترسل  باطمئنان ليفهم
قال حسان من بين سعاله المتواصل الذي لا يترفق به ولا بأنفاسه الضعيفة (الله هو الشافي يا بتي)
همست متوسلة له وهي تتلوى حزنًا عليه ووجعًا مما هو فيه (عشان خاطري يا حبيبي عشان أكون مطمنة عليك لغاية ما ألاجي فرصة وأجيلك)
نهاها خوفًا عليها (متجيش حمزة يزعل، إبعدي كأنك معرفتنيش ولا شوفتيني)
استنكرت بغضب وهي تدور بقلة حيلة وعجز (مجدرش أسيبك ولا أبعد، أول ما حمزة ينزل بكره هجيلك أطمن عليك وعشان خاطري كُل وخد العلاج)
توقف مكانه صامتًا قلبه ينتفض نفضًا في ذهول مما سمعه للتو وتسلل لعقله ناحرًا كلماته وأفكار تاركًا دماء الفجيعة تلوث ساحاته الفسيحة.
#انتهى

ملاذ قلبي سكن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن