♡الستون الجزء الثاني♡

9.5K 275 49
                                    

الستون الجزء الثاني
‏وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ *فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ ..

سبحوا الله فلعل في التسبيح نجاة ❤️

*****
خرجت من حجرته واجمه يمزقها القلق على حالته، دخلت المطبخ وخرجت ممسكةً بكوب أعشاب فاستوقفتها والدتها مستفسرة «في إيه يا أبرار؟»
زفرت أبرار بخفوت ثم أخبرتها ودموعها تترقرق في ألم «سليم تعبان من بالليل يا أما» انتفضت السيدة واقفة تهرول تجاهها مستفسرة بقلق مزّق سكينة ملامحها «واه ماله سليم يا أبرار؟»
وضّحت أبرار بحزن وهي تستمع لصوت سُعاله الحاد «جه بالليل بيتنفض من بره يا أما وجسمه مولع ومن وجتها وهو ونايم مطلعش وتعبان»
ضربت  على صدرها في جزع «يا ضنايا يا ولدي»
اندفعت السيدة تجاه الحجرة تهتف بإسمه في قلق امتزج بندمها  «سليم»
اعتدل سليم جالسًا والتعب يشوش أفكاره ونظراته تتراقص بهلاك فلا يميزالأجساد بوضوح «أيوة يا أمي»
مزق السعال الجاف صدره وأنهكه فجلست جواره تستعطفه بحنو «جوم يا ولدي روح للدكتور»
رفض من بين سعاله الذي ينهش صدره بمخالبه فيضع كفه على صدره متألمًا «جبت علاج وهبجى كويس»
ربتت فوق رأسه بحنو ونظراتها تعتذر منه في حسرة ولسانها يتوسله «جوم يا ضنايا اكشف أحسن»
تمدد بإرهاق وتعب رافضًا الذهاب «بإذن الله هبجى كويس اطمني»
استسلمته حين رأته واهن الجسد، دثرته جيدًا ورفضت تركه تتابعه بإشفاق وتربت فوق رأسه بحنو، يمزقه السعال فيتأوه تعبًا وتتألم مثله في كبدٍ ومشقة.
نادى على أبرار فساعدته والدته بعلو صوتها «أبرار كلمي أخوكي»
جاءته راكضة فسحب من تحت وسادته ورقة مطوية بعناية ومنحها لها قائلًا «بعد إذنك يا أمي خلي أبرار تروح لعاليا تديها الورجة دي وتجعد معاها شوية»
سألته والدته بإرتباك ونظراتها تسقط فوق الورقة بقلق «ورجة إيه دي يا سليم؟»
طأطأ سليم رأسه لأن ما سيقوله سيحطم آمالها ولن يريحها «مش طلاق يا أمي»
غفل عن تنهيدة الراحة التي رافقت قوله وطمأنينة روحها التي توسدت نظراتها لكنه لم يُخطىء تفسير لهفة نبرتها حين قالت«همي يا أبرار وأنا هكمل خدي الزيارة الي في التلاجة وروحي لمرت أخوكي»
رفع سليم عينيه الذابلة لوالدته في استفسار فابتسمت والدته وأوضحت وهي تمرر أناملها فوق مسبحتها العتيقة «جبنالها زيارة وكنا رايحنلها بس تروح دلوك هي ولما تروج يا ولدي هنروحوا تاني» صمت يستوعب قولها وهو يجاهد السعال فتابعت بتفاخر وكبرياء«أحب أدخل هناك معاك يا سليم واتشرف بدخلتي عليهم وفيدي الشيخ الي جدروه»
انكب سليم يلثم كفها بشكر وتقدير «ربنا يخليكِ ليا وميحرمنيش منك يارب»
مسحت على رأسه معتذرة له بحنان «معلش يا سليم يا ولدي متزعلش مني أمك كنها كبرت وخرفت»
قبّل سليم كتفها قائلًا بسرعة «بعيد الشر عنك يا أمي محصلش حاجة»
ثم وصاها برقة وحبه ينبض في كلماته «بالله يا أمي عاليا مبجلهاش غيرنا أنا متعشم فيكِ خير تكونيلها زي ما كنتي لينا»
ابتسمت والدموع تترقرق في عينيها «عشمك فمحله بإذن الله يا حبيبي تجوم بخير ونروح نزورها ونشوف متى هتكون جاهزه تشرفنا وتزودنا خير»
ابتسم سليم بإرتياح وهو يهمس حامدًا الله شاكرًا في نفسه ورد وما تركته من أثر، وتغيير قلب والدته بمجيئها وحديثها.
ارتدت أبرار ملابسها وغادرت بعدما استأذنته، استقبلتها راضية بمحبة وترحاب حتى أدخلتها لعاليا الحجرة، صومعتها التي تجلس فيها زاهدة متعبدة، تبكي مرة وتحمدالله ألف وتصبر في يقين...
لمحت أبرار واقفة بإبتسامة حنون تُشفي العلّة وتدثر بالأماني والوعود، بادلتها الابتسامة المرتجفة وعينيها تغتنم منها ملامحًا تُشبه أخيها، تأوهت عاليا بخفوت ولم تعرف كم اشتاقته حتى وقف جزءًا منه أمامها يطلب الدخول، أذنت لها بسرعة استقبلتها بلهفة تتنسم فيها ريح الحبيب وأمان ذراعيه وحنانه الذي يطغي ويتوغل في النفس فتطيب الجراح وتصبح الصحراء واحة، عانقتها أبرار مُعزية وتقبلت عاليا متنفسة بقوة تبحث بين ذرات الهواء عن رائحته، تفتش عنها بين حنايا الضلوع وبرائحة أخته، ابتعدت أبرار وجلست جوارها بصمت رفيق ثم سألتها عن حالها فحمدت عاليا الله بصبر وقوة يقين، هتفت معتذرة لها «معلش يا عاليا سليم مجاش معايا عشان تعبان»
انتفضت بقوة خرجت من الجُب المظلم تسأل بلهفة «ليه؟  خير؟»
ابتسمت أبرار وطمأنتها «من ساعة ما مات عم حسان وهو حزين وبيبات بره لغاية ما خد شوية برد شداد وسيبته في البيت مبيجومش والكحة تعبت صدره»
وقفت عالقة بين كلماته ترمش والأفكار تتنازع، ما علاقة سليم بحسان وسبب حزنه الشديد عليه وهل يعرف أن والدها من فعلها، هل كان ينقصها إثمًا آخر لوالدها تحمله فوق عاتقها، ماذا عن مرضه وألمه ماذا هي فاعلة؟
أفاقت على دخول مريم بأكواب الشيكولا الساخنة، أنقذتها اللحظة من الصمت ثرثرت مع أبرار بحماس وطيبة وكانت من وقتٍ لآخر تقحمها في الحوار وتواجهها بالأسئلة لتشارك فاستحسنت منها عاليا المساعدة والإنقاذ.. حين انتهت الجلسة نهضت عاليا فسألت أبرار بحرج «سكينة موجودة؟» تبادلتا مريم وعاليا النظرات بإرتباك تخلصت منه مريم وأجابت «موجودة بس راحت جنا مع جوزها»
هزت أبرار رأسها بتفهم قبل أن تقترب وتضم عاليا وتدس الورقة بكفها هامسةً«من سليم يا عاليا»
ضمتها عاليا بقوة هامسةً لها بخجل «لسليم يا أبرار مني له وجوليله ألف سلامة» ابتسمت أبرار وعلّقت قائلة وهي تبتعد عنها «يوصل يا ستي وبزيادة كمان»
ضربت عاليا نظراتها في الأرض بخجل وتورد فانسحبت أبرار شاكرة حُسن المقابلة ولطفهم معها.
غادرت مريم وتركت عاليا بصحبة الورقة تتلمسها برقة وتلثمها بنعومة، تتنفس رائحتها مفتشة عن عبقه فيها ليطمئن قلبها، ابتسمت وهي تفتحها وتفضها بلهفة وشوق، قرأت الكلمات بصوته وبنبرته الرخيمة التي تقبّل المسامع وتريح القلب
إلى: عالية المقام ومنية القلب والروح
اشتقت وإن كنتِ لا تفارقيني.
لن آتي لزيارتك حتى توتيني موثقًا من الله أنني لن أرى في عينيكِ التي أحب ما رأيت.
أحبك وسأظل ولن يغير قراري شيء ولن يبعدني عنكِ أحد، وإن لم تكوني لي فوالله لن أكون لغيرك ما حييت.
لا تُثقلي على النفس بإعراضك واتبعاك الظنون والهواجس، لا تتركي قلبي المتيم بك يحترق في نيران الوحدة، خذي بيده وشدي عليه ولن يخذلك يا نجمة سقطت من السماء فكان مستقرها القلب.
سليم.
لثمت اسمه عدد مرات ما اشتاقت وبكت، طوت الورقة بعناية وضمتها بكفها متنهدة وهي تمسح دموعًا غافلتها وسقطت.
أمسكت بهاتفها وراسلته قائلة
رأيت ما رأيت ولم ترى الحب يا شيخ؟
كذّب فؤاد عاليا وصدق فؤادك وحبك  ، لن ترى سوى ما كتمه الفؤاد وتلظى به، لم يكن إعراضي عنك سوى إقدامًا ولهفة ارتدت ثوب الحياء منك، عاليا لا تريد زوجًا سواك، النجمة تريد مجاورة القمر أبد الدهر...
ابتسمت وختمت رسالتها ممازحة «بالله عليك أنا شغل الفصحى ده مجدرش عليه أنا حاسه إني ففيلم فجر الإسلام يا سليم.
وصلته الرسالة فضحك ملء فمه بسعادة غافلت المرض وتربعت فوق ملامحه المُجهدة الندية بحبات العرق، راسلها قائلًا «مساء الورد بحب الكتابة والورق قدر حب ليكِ يا عاليا ومبحبش رسايل التليفون»
مازحته «خلاص اتجوز الورق يا شيخ سليم،أو نشوفلنا حمام زاجل يوصلنا الرسايل»
قهقه مستمتعًا بمشاكستها لأول مرة معه وهو يكتب من بين دفقات السعال «اكتبيلي كتير على التليفون يمكن أحبه يا عاليا»
ابتسمت وراسلته «هفكر، خف بسرعة يا شيخ وتعالى متغيبش عني تاني»
ابتهج القلب ورفرف في سعادة ومازحها بمرح «ما تقولي وحشتني»
كتبت «يوحشنا الي فارق بس الي مفارقش لحظة يتقله متغبش»
«بحبك يا عالية»
مازحته مصححة «بالألف يا شيخ»
كتب لها « زادك الألف علوّ ورفعة وسبحان من جعلك فأعلى مكان في القلب ولو إن الضم يليق بيكِ أكتر»
تنهدت برضا وراحة لأول مرة تستشعرها منذ وفاة والدتها «بحبك يا شيخ بالفصحى والعامي»
«الله يصبر الشيخ لغاية ما يجيلك أو تجيله»
أنهى المراسلة وارتشف كوب الأعشاب بحماس وهمة ثم تناول الدواء وتدثر استعدادًا للنوم والراحة.
************
جاء حمزة وبصحبته سكن التي ترى شقة أختها لأول مرة، رحب بهما زين بشدة وبلفتة طيبة منه بارك لسكن على سيرها من جديد «أخيرًا مشيتي وجيتي ونورتينا يا خالة العيال» ابتسمت سكن بخجل وشكره حمزة على لفتته الكريمة، أما مودة فهمست له بتورد «شكرًا» فأجابها «يكش يطمر يا مودة هانم»
جلست سكن جوار أختها التي سحبتها بعد قليل وخرجت فانفرد حمزة بزين قائلًا «مكلمتش سليم؟»
أجابه زين منتبهًا لكلماته «ليه هو مبيجيش لعاليا»
هز حمزة رأسه برفض وهو يخبره ببحثه عنه وهاتفه المغلق على الدوام «لاه مبيجيش ومختفي عن الجامع جولت يمكن تعرف حاجة»
هرش زين فروة رأسه وقال بتفكير وكدر أصاب ملامحه «لا والله»
سأله حمزة بجدية يقاسمه القلق «ممكن يكون رجع فكلامه؟»
عارضه زين بفهم وتنّحية لهذا الإفتراض «لا لا معتقدش هو أكيد في حاجة»
اقترح حمزة بإهتمام «بجولك إيه أبجا تعالى  ونروح نزوره ونشوف وبالمرة نعرف لو حاجة نجصاه في الشقة أو ترتيبات الفرح»
سأله زين وهو يمنحه سيجارًا «ناوي تساعده ولا إيه؟»
أجاب حمزة وهو يتناولها منه ويقترب لإشعالها «ليه لا؟ يهمني عاليا تكون مبسوطة ومرتاحة  بس أكيد بطريقة غير مباشرة يا زين»
ابتسم زين معجبًا بالفكرة مستحسنًا القول يعرض مساعدته«تمام وأنا معاك»
ثم أردف بسخط متذكرًا كلمات حمزة له من قبل«ولا هتقولي مالكش دخل»
ربت حمزة على كتفه ضاحكًا يمازحه «ده أنت جلبك أسود بجى»
هتف زين بإستهزاء «من بعض ما عندكم يا حبيبي»
اعتذر حمزة برفق «ياعم مجصدش جلبك أبيض» 
قال زين وهو ينفث من سيجاره «بقولك أنا مسافر عمرة تيجي معايا أنت ومراتك؟»
قطب حمزة بتركيز وتفكير عميق ثم قال بحماس «تمام مفيش مانع نعمل عمرة»
سحب حمزة نفسًا من سيجاره قائلًا «بس أنا في حاجة شغلاني وعايز أفهمها بجالي مدة وأكيد حلها عندك أنت متفوتكش حاجه لو مكانش ليك يد فيها »
انتبه له زين وسأله «إيه؟»
ابتسم حمزة وقال بانتظار شغوف «عمار» ثم أردف حمزة «سمعت كلام كده وعايز من الآخر عملت فالواد إيه؟»
تحرك زين من مكانه ونهض ليغلق الباب بحذر قائلًا «تمام هحكيلك»
عاد ليجلس ويقص عليه ما حدث تفصيلًا حتى انتهى فصفق له حمزة وأثنى على صنيعه «يا ابن اللذين عاش والله»
قال زين بسخط «أمال أسيبه يمشي  ورا خاله ويروح فداهية ويلبسنا فالحيط معاه»
سأله حمزة بإهتمام «واقتنع؟»
ابتسم زين وأجابه بمكر ومض بنظراته «جبته قدامي وخيرته هيمشي مظبوط ويسيبه من خاله وابنه ويراعي لأخواته تمام هساعده واخلصه من المصيبة دي مش هيسمع وهيكمل خلاص هحبسه، كل حاجه عندي هجيبه والبسه القضية ويترمي في السجن  »
سأله حمزة وهو يرفع حاجبه الأيسر «هو خاله كان بيستغله فعلًا»
أجابه زين بجدية «أيوة و كان مُعرّض يتمسك فأي وقت ومكنتش هعرف أعمله حاجة،غير التحريات والمراقبة وأنا  مكنتش عايز اسمه يظهر خالص بأي شكل، فكان لازم أتصرف وأبعده فحكيتله كل حاجه وفهمته شغل خاله واستغلالهم ليه ووريته الورق والتحريات وفهمته إن القبض على خاله مسألة وقت ممكن خاله يورطه محدش عارف.. وهددته بطريقة غير مباشرة  إني هبلغ أخو مراته والباقي هو عارفه فسمع وفهم و بدأ يفوق من تأثيرهم ويفهم واهو اتصلح حاله»
ربت حمزة على كتفه شاكرًا ممتنًا «جدع يا زين»
أوضح زين بسخرية «عايز مودة ومكنتش هسيبها ومش ناقص يبقى خالها وأخوها»
تفهم حمزة قوله وهز رأسه بإستحسان قبل أن تطرق مودة الباب وتستأذن الدخول، توددت سكن لزين بإبتسامة رائقة شفافة أغاظت حمزة «جوز أختي»
أجاب زين بإبتسامة خشنة مترقبة «عايزة إيه يا خالة العيال شامم ريحة مش حلوة»
ضحكت برقة ونظرات حمزة تتوعدها وتردعها لكنها تجاهلت وأكملت «إيه رأيك تشتري البيت الي جنبنا؟»
اتسعت ابتسامة زين وهو يحك ذقنه قائلًا «أي بيت؟»
أجابت وهي تتحاشى نظرات زوجها المشتعلة وتتجاهلها «الي جنب بيت حمزة»
ابتسم زين وقال وهو يهز رأسه بفطنة «قصدك البيت الي ساكنه فيه البشمهندسة ندى؟»
هزت رأسها بتأكيد وأمل فسألها زين بضحكة متهكمة «دي معزة وخدمة ولا عايزة تخلصي منها عشان الدكتور»
قال بضحكة مستمتعة حين أحنت رأسها بخجل وحرج «معييش فلوس»
رفعت رأسها متوددة تقنعه «فك الكيس يا جوز أختي وخده عشان مودة تكون جنبنا»
هرش زين مؤخرة رأسه مُفكرًا ثم قال «عايزة تخلصي منها على حسابي؟»
سألها حمزة بحذر «عرفتي منين عايزة تبيعه؟ ما يمكن متبعهوش»
قالت بتحدي وثقة «هتبيع سمعتها بتتكلم فجولت أجول لزين هو أولى»
صارحها زين بإبتسامة مُربكه «مش أنتِ الي هتطفشيها؟»
امتقع وجهها وارتبكت فضحك زين وقال يرحمها من الحرج «كملي أنت فطريقك ولما تزهق وتقرر تبيع هشتري»
اتسعت ابتسامة سكن وشكرته بسعادة فعرض عليها المساعدة «أنا في الخدمة وأبقي ابعتيهالي عندنا شقق في العمارة دي»
نال زجرة غاضبة من مودة فتراجع قائلًا ببراءة كاذبة «ايه؟  بساعد حرام»
ابتسم حمزة ونهض مستأذنًا «نمشي احنا بجى»
وقف زين معترضًا رافضًا «لا هتتعشوا معانا»
اعتذر حمزة بأدب وهو يسحب زوجته من كفها «لا هنتعشى ونجعد شوية على الكورنيش ونمشي»
اقترح زين عليهما «طيب ننزل معاكم نسهر هناك ونتعشى ونرجع»
خطا حمزة للخارج رافضًا بأدب «لا مرة تاني تصبحو على خير»
رحل حمزة بزوجته فأغلق زين الباب واستدار يفرك كفيه بحماس وهو ينادي مودة «روقه»
اختفت مودة لدقائق ثم عادت إليه مبتسمة بنصر جلب الشك لنفسه، ضمته وقبلته هامسة بدلال «حبيبي نبدأ بأيه»
غمزها زين وهو يضمها لصدره «أي حاجة الله يحرق خالك»
ضمته مودة بعمق ورضا غريب لتبتعد على رنين الجرس، هتف زين بحاجبين منعقدين وهو يتركها؛ ليفتح الباب «دا مين ده دلوقت.؟»
فتح الباب ليجد ابنة عمه وزوجها وأخته أسيل وريناد ووالدته يحملوا بعض الأطباق التي تحتوي على مقرمشات وبعض المسليات.. نظر زين لدخولهم مندهشًا ومودة تكتم ضحكاتها،
كان أول من تحدث أسيل التي قالت «ليه الرضا ده يا زين عزومة وسهرة وأكل من بره تأثير مودة جامد كدا»
سألها ببلاهة «نعم؟»
أجابت مودة ببراءة وهي تلف ذراعها حول ذراعه في كيد «نورتونا والله حالًا الأكل يوصل»
سأل زين متفاجئًا «أنا مطلبتش أكل»
تركته مودة وجلست جوار والدته ترمي له قبلة في الهواء وهي تؤكد «حبيبي أنا طلبت من بيت المشويات، أول ما جولتلي كلمي الجماعة وخليهم ييجوا يسهروا معانا طلبت علطول»
حملق فيها زين بذهول قبل أن يزفر مستعيدًا ثباته، ويبتسم شاكرًا «حبيبتي يا ميمو متحرمش منك»
لثمت كفها وألقت القبلة له فابتسم وجلس مُرغمًا يحرقها بنظراته المتوعدة، بدأت الثرثرة والحديث بين الأطراف، تعالت الضحكات،حتى وصل الطعام فغادرت مودة تأتي بالأطباق ولحق بها زين متعللًا وقف خلفها وانحنى مهددًا «وحياة أمك ما هعديها أنا تلبسيني فألفين جنيه وسهرة للصبح»
استدارت تكتم ضحكاتها قائلة وهي تداعب ذقنه«أنت كدها يا زينو وبعدين هما يعني هيزورونا كل يوم»
قال بجدية كاذبة «مكانش ينفع تتصرفي بدون إذني يمكن مش معايا فلوس»
قالت بإبتسامة لطيفة «أنا معايا»
علا صوته وهو يستنكر ممسككًا ذراعها بقبضته «نعم يا ست مودة هتصرفي عليا وعلى أهلي»
انطفأ وهج نظراتها وخبتت شعلة شقاوتها، عبست موضحة بحزن «مجصدش، وهي الفلوس الي معايا بتاعة مين ماهي من فلوسك»
زفر يسيطر على غضبه وعصبيته قبل أن يفك وثاقه ويهمس معتذرًا «متزعليش»
تخطته وعبرت ممسكة بالأطباق قائلة بجمود«عادي»
شدّ خصلاته واقترب يقطع طريقها متوددًا بحنو «ميمو»
وقفت مكانها فهمس «متطلعيش كدا»
قطبت بغير فهم لمقصده فمال ولثم شفتيها برقة ثم رفع نظراته يتأمل تورّد وجهها وصفاء ملامحها من الحزن وهمس «اطلعي كدا»
ابتسمت وقد فهمت مقصده،فهمس لها وهو يأخذ منها الأطباق «لو مشيوا الصبح برضو ما هسيبك هطبق يومين أنا قتيل الليلادي »
خرج ووزّع الأطباق ليبدأوا تناول الطعام بعد انتهاء العشاء، جلسوا أمام التلفاز لإتمام بقية السهرة وتبادل الدردشة والحديث.
""*********
دخلت أبرار لتجده خلف مكتبه منهمكًا في الدراسة، سألته عن حاله وصحته فأجاب ببشاشة ورضا، وقفت أبرار أمامه مستفسرة بفضول وهي تحتكر نظراته«سكتّ يعني ومسألتنيش حصل إيه؟»
سألها بإبتسامة واسعة وهو يوليها اهتمامه «حصل إيه؟»
ابتسمت بتسلية وهي تقترب أكثر قائلة «عاليا بعتالك حاجة معايا مش عايزها؟»
انتفض واقفًا بلهفة غلبته، ابتسم وسألها في فضول «حاجة إيه؟  فين»
اقتربت أبرار وضمته في صمت فبادلها العناق الحنون، لكنها أبت أن تتركه حتى توضّح «الحضن دِه متوصي عليه من عاليا  يا سليم، جالتلي أديهولك وأجولك ألف  سلامة»
تأوه بخفوت وهو يهمس بإسمها بين طيات نبرته المتعبة «حبيبتي يا عاليا»
ابتعدت أبرار موضحة بغمزة «كده وصّلت الرسالتين فالخدمة يا شيخ»
تنهد شاكرًا ونظراته تلمع ببريق يخطف القلوب وهو يشكرها «شكرًا يا ست البنات»
سألته بإهتمام «محتاج حاجة؟  أعملك حاجة تشرب؟»
أجابها فورًا وهو يفتش عن هاتفه «لا يا حبيبتي» التقط أنفاسه حين وجده، رفعه مفتشًا عن اسمها حتى عثر عليه وراسلها «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته»
ابتسمت عاليا حين وصلتها رسالته فأجابات فورًا والابتسامة تفترش ملامحها «وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا شيخ»
سألها وهو يجلس خلف مكتبه يولي الرسائل جلّ تفكيره «ازيك يا عاليا»
أجابت والابتسامة تتسع لتتحول ضحكة «ازيك أنت يا شيخ»
سألها بلهفة «أنتِ بعتيلي حاجة مع أبرار؟»
راوغت ووجهها يتورد خجلًا «أنا لاه مبعتش»
سألها يؤكد عليها «متأكدة؟  »
توفقت عن الكتابة مفكرة ثم كتبت  تتملص من الإعتراف «لاه مش فاكرة جوي فكرني كدِه» انقلبت ابتسامته لضحكة مستمتعة وهو يكتب بوضوح «وصلني منك حضن؟»
ضحكت بتسلية قبل أن تكتب معترفة «تمام  يارب يكون وصل كامل»
أجابها برقة دغدغت قلبها العاشق «الناقص هكمله لما أشوفك يا عاليا»
سألته متهربة منه «هتيجي متى يا سليم»
أجابها «خليها مفاجأة»
سألته وهي تتنهد بهيام «بقيت أحسن على العلاج؟»
كتب لها بصدق «حضنك الي بعتيه كان فيه الشفا»
مازحته بشقاوة استشف منه طبيعتها المرحة «تعالى أشوفك يا سليم وأطمن عليك أتأكد من إنك مش محتاج تغيّر العلاج»
قهقه بعذوبة قبل أم يمسد لحيته ويكتب مستمتعًا بشقاوتها «ماشي يا دكتورة عاليا مش همانع التغيير لو فيه صالحي كل الي يجي منك هحبه زيك»
كتبت هاربة منه وخجلها يزداد «تصبح على خير يا شيخ»
«وأنتِ بخير يا كل الخير والرضا»
غاصت عاليا بين الأغطية مبتهجة القلب في حالمية، تُقبّل صورته الموضوعة على الهاتف وتحتضنها ثم تغوص في نوم عميق.
**********
وقفت سكن تعدّل من وسادتها وهي تنظر لعينيه الغائمة بمشاعر غامضة وتحلّق فيها الأسئلة «حمزة» همست بها مترددة فأجاب وهو يتسطح فوق الفِراش بإنشغال «ها»
سألته وهي تجاوره استعدادًا للنوم «فيك إيه؟  إنت زعلان؟»
رمقها بنصف نظرة وهو يخبرها بضيق «شوفي إنتِ بجى»
سألته بحذر وهي تجلب وجهه ناحيتها بأناملها «عشان البيت»
قال وهو ينظر لعينيها بتيه «مفهمتكيش، مجولتليش ليه؟ وبتتكلمي مع زين عادي»
استنكرت قوله في اندهاش «ده جوز أختي وبعدين ما أنت بتكلم مودة»
أشاح متنفسًا بضيق فهمست تسترضية «خف غيرة أنا مش هطير»
لوى فمه متهكمًا من قولها «لما تخفي أنتِ وبعدين ولا أنا هطير»
أعطته ظهرها رافضة كلماته «إن كان عاجبك والله»
سحبها لأحضانه وضمها بذراعيه هامسًا «عاجب يا مفترية»
رن هاتفها فابتعدت تستكشف، وجدتها ورد فاجابت بفرحة «أيوة يا مرت خالي»
«ازيك يا سكن عاملة إيه يا بتي»
عاتبها سكن بحزن «لو بتك متسبنيش كل دِه وتبعدي»
ضحكت ورد قائلة «ما أنا سايبه ولدي ومسيبكاش لوحدك لاه معاكي حموزتك»
همست «أنتِ غير»
ثم ارتفع صوتها بقولها التالي «أنتِ وحشتيني متعودتش تبعدي وولدك بيشوفك وأنا محرومة من شوفتك»
ابتسم حمزة ومازحها بضربة خفيفة معترضًا  «أمك جنبك»
رفعت له زيتونيتها صافية وهي تقرّ «هي أمي وعايزة أشوفها»
اشتكته لعمتها «عاجبك ضربني»
هتفت ورد بقوة مستهجنة«يضرب مين يا بت يا خايبة؟  لو عملها تاني تمشي وتسبيه إن كان هو واد عبدالحكيم أنتِ بت صالح»
ضحكت سكن بتألق وهي تناظره بكبرياء قبل أن ترجوها بمودة ونبرة ذات دلال  «وحشتيني يا ورد تعالي أشوفك»
ضحكت ورد قائلة «دلوك عرفك ولدي جراله إيه وكان ينزل جنا ويجيني حاله مجلوب ليه»
ضمها حمزة بقوة بين ذراعيه وهو يؤرجح جسدها مُقبلًا رأسها بشغف كأنه يؤكد حقيقة قول والدته .
هتفت ورد منهية الاتصال «هاجي أشوفكم جبل ما تسافروا»
قالت سكن بلهفة «هستناكي من الفجر جدام البيت»
أنهت الاتصال واستسلمت لذراعي زوجها الذي أفصح عما داخله قائلًا «كنت خايف اتجوز واحدة متحبش أمي،  أكتر حاجة كانت مخوفاني جوي بس الحمدلله اتجبرت بيكِ يا سكني»
سألته بإهتمام «هنسافر فين يا حمزاوي؟»
أجابها بجدية وهو يداع بأنامله غرتها المتساقطة «هنروح عمرة بإذن الله مع زين ومودة وبعدها وبعدها أسبوع تركيا»
قالت بفرحة «بجد يا حمزة»
أكدّ قائلًا «أيوة بس الأول نسافر نطمن على إبراهيم وأخواته واخليه يجي يجضي رمضان هنا معانا ويكون تحت عيني في المذاكرة، كلمني وزعلان وأنا مجدرش أسيبه امتحاناته جربت وأنا متعود بكون معاه وبسهر جنبه»
ابتعدت منتفضة تسأل بحنق «تسهر جنبه طيب وأنا»
ضربها بخفه «دلوك هتسهري تذاكري يا جزمة معاه»
دلّكت موضع الضربة برأسها مبرطمة «ماشي»
وجهها قائلًا وهو يتمدد «يلا نامي بطلي رغي»
**********
في الصباح جلست أمام المنزل تنتظر مجيء ورد كما أخبرتها، نظراتها تفتش حولها ثم تعود لكفيها بصمت وشرود، بعدما تركها حمزة وذهب لمباشرة عمله في المزرعة.
لمح هشام سكن جالسة فترك عمته واعتذر منها بأدب ثم رحل وخطت هي ناحية المنزل بتؤدة، رفعت سكن رأسها ورأتها قادمة فركضت تجاهه تستقبلها باللهفة والشوق.
ضمتها بقوة فتأرجح جسد ورد وعاتبتها «هجع يا ملكومة»
ابتعدت سكن عنها وقبلت خديها قائلة «هسندك»
عاتبتها ورد ببشاشة «حد يجري كده؟  صغيرة أنتِ» ضمتها سكن مرة أخرى تبثها شوقها «مجدرش أشوفك واستنى مكاني»
شددت ورد من احتضانها مبتسمة ممتنة وشاكرة لقلبها، ابتعدت سكن تلف ذراعها حول ذراع ورد وتسير معها تجاه المنزل قائلة «أول ما هتدخلي حمزة هييجي متأكدة»
سألتها ورد بإهتمام «عاملين إيه مع بعض؟» قالت سكن بضحكة رائقة «ولا حاجة خناج شوية وصُلح شوية»
هزت ورد رأسها بيأس منهما، بينما تبدلت ملامح ساكن حين رأت الجارة تقف أمام المنزل مترددة تبحث بنظراتها عن شيء
جزت سكن على أسنانها وتوترت فابتسمت ورد ملاحظة لما يدور بعقل الصغير التي هربت أفكارها كما نظراتها تجاه الجارة المتطفلة.
ما إن لمحتهما الفتاة حتى ابتسمت، رحّبت بها ورد «اهلا يا بتي»
نظرت الفتاة لسكن المتحفزة، الجاهزة لإنقضاض كقطة شرسة فحمحمت وبادلت ورد السلام متجاهلة سكن ثم سألت «دكتور حمزة موجود؟»
أول من تكلم كانت سكن التي أجابت من بين أسنانها «فشغله»
ارتبكت الفتاة من ملامح سكن ونبرتها فقالت «ممكن رقم تليفونه»
أجابت سكن بسرعة «ليه خير؟  »
قبل أن تجيبها كان حمزة يقفز من فوق الحائط القصير الذي يفصل المنازل عن الأراضي الزراعية ويقترب.. قالت ورد وهي تتخطاهما للداخل وتتجاوز المشاجرة التي ستحدث ببرود ولا مبالاة «الدكتور جه»
عقدت سكن ذراعيها أمام صدرها متحدية تنظر إليه بحدة، بينما استدارت الجارة تهديه أروع ابتساماتها، ابتسم هو بتردد وارتباك، مدّت الجارة كفها له فاضطر حمزة لمد كفه بحرج وضيق، لكن سكن سارعت وفردت كفها بين كفيهما وأمسكت بكف الجارة مبتسمة «حمزة مبيسلمش»
«ازيك يا دكتور لسه كنت بسأل عليك»
قالتها الجارة وهي تسحب كفها من كف سكن وتتجاهل ما حدث ونظرات سكن وقد زادت لون عينيها قتامة
«خير اتفضلي» قالها حمزة بإبتسامة حذرة ودودة وهو يبتعد خطوة ليقف جوار زوجته التي استحسنت فعلته ولفّت ذراعها حول ذراعه ومالت عليه بدلال.. طالعتها الجارة بنظرة ساخرة قبل أن تخبره «كنت محتاجة مساعدة آسفة ملقتش غيرك»
تخلت سكن عن هدوئها وقالت بشراسة نمرة داهمها خطر «هي المساعدات دي مبتخلصش؟  رايحه جاية يا دكتور حمزة»
نظرت إليه الجارة بإستنجاد ليتدخل لكنه صمت هو أيضًا لا يروقه ما يحدث فقالت الجارة بهدوء بار مُغيظ«آسفة بس أنتم أقرب جار ليا وبصراحة أحيانا مبعرفش اتصرف»
قالت سكن بفظاظة وهي ترمقها بنظرة مستهجنة «طالما عايشة لوحدك اتعودي تتصرفي لوحدك»
ابتسمت الجارة تخبيء حرجها متسائلة «أختك دي يا دكتور»
ابتسمت سكن ابتسامة صفراء ساخرة تؤكد «لاه مرته» أردفت الجارة بتطفل يثيرالغيظ «شكلك صغننة فسنة كام»
أجابها حمزة تلك المرة متخليًا عن صمته وهو ينظر لزوجته مبتسمًا «ثالثة ثانوي»
قالت الجارة وصدرها يغلي من شدة الغيظ «صغيرة عالجواز وعليك يا دكتور»
حك حمزة ذقنه وأجابها بإبتسامة تتسع على وجهه كلما نظر لسكن «خوفت وردتي لو استنيت عليها، غيري يجطفها فجطفتها أنا لحضني»
ابتسامة مهزوزة رسمتها الجارة على فمها وفيض غيظ من نظراتها الموجهة لسكن السعيدة بكلماته التي تدلله الآن بنظراتها وتهمس باسمه مدللًا فوق مهد شفتيها ممتنة «حمزاوي»
التفت للجارة واعتذر بأدب «معلش جاي تعبان من الشغل بعتذر لو تحبي أتصلك أشوفلك عُمال بالأجرة تعمل الي تحبيه»
شكرته الجارة بحرج وانسحبت تكتم زمجرة الغضب في صدرها..
دخل المنزل فتعلقت سكن برقبته تقبله على خديه بسعادة «شكرًا يا حموزتي»
صاحت ورد وهي ترتشف من كوب اللبن الممسكة به «حموزتك هججلك «طفشها» البت أكيد لولا ما راضية عنه»
أنزل حمزة ذراعيها برفق بعدما لثمها على جبينها وخطا ناحية والدته بجناح اللهفة يضمها بشدة مستوحشًا فراقها وابتعادها عنه «وحشتيني يا حبيبتي»
اندفعت سكن تجاهه بغيرة حمقاء « وأنا يا حموزتي» فنظر إليها حمزة بنظرة شفافة وهو يهمس «في حتة فجلبي محدش يملاها غير أمي يا سكن»
ربتت ورد فوق ذراعه مبتسمة هامسةً بشجن «فيك ريح حبيبي يا حمزة بضمتك الجلب ترد فيه الروح»
ابتعد حمزة مستفسرًا «إيه الأخبار هناك»
التقطت سكن النظرة الشقية بعينيه فحذرته بغيظ «جول الي فعنيك يا حمزة واسأل وشوف هيحصلك إيه»
قهقه حمزة يزعم البراءة «ايه مسألش عن بت خالي ومرت خالي»
دهست أسنانها بشفتيها في حنق وغيظ قبل أن تبتسم وتبادله المشاكسة بما لن يستطع عليه صبرا «وأنا هسأل عن واد عمي برضك»
انتفض واقفًا يتأفف من صنيع مكرها وكلماتها، اندفع ناحيتها بغضب فركضت هاربة منه تخبره من بين ضحكاتها «أنت الي بدأت هتضايجني هضايجك بزيادة»
عاد لوالدته بينما ركضت هي للأعلى.
***************
ارتدى سليم نفس الملابس التي رأته بها يومًا فغردت على مسامعه بإعجابها، تطيّب ونظر على نفسه في المرآة نظرة رضا وبعدها خرج فنهضت والدته ما إن رأته في استعداد قائلة «الله أكبر عليك يا شيخ»
ابتسم سليم وسأل أبرار الواقفة تصفّر بعفوية كالأطفال «حلو يا أبرار؟ هيعجب عاليا» دارت أبرار حوله وقالت بإنبهار ملأ نظراتها الحنون «هو أنت لسه هتعجب يا شيخ البت جلبها اتأخد منها وخلاص»
ابتسمت والدته ونادته لتتعكز عليه فلبى متلهفًا، أمسك بذراعها وخرج بها ليذهبان.
ودعتهما أبرار وأغلقت الباب، داعية له بصدق.
بعد قليل كان سليم يضع حقائب الزيارة أمام منزل عمتها عدا واحدة احتفظ بها معه ليدخل بها، استقبلهما عمار بترحاب شديد وكذلك فعلت راضية بكل حفاوة وسرور، بينما تسللت مريم للأعلى في لهفة لتخبر المنعزلة بحجرتها في الأعلى..
دخلت تلتقط أنفاسها بصعوبة فاعتدلت عاليا تسألها بقلق «مالك يا مريم؟»
ابتسمت مريم لتطمئنها وقالت وهي تجلس على طرف الفِراش «سليم وأمه تحت يا بت»
قفزت عاليا من جلستها متخلية عن هدوئها تتأكد «أمه ولا أخته»
ابتسمت مريم تشاركها فرحتها ببلوغ مرادها وتحقق أمنيتها «لاه أمه»
نهضت عاليا واقفة ترتب ملابسها فسحبتها مريم للأعلى حيث شقتها قائلة «تعالي معايا فوج عندي عباية حلوة سودة هتعجبك البسيها متلبسيش من الي معاكي»
رفضت عاليا في حرج منها «لاه يا مريم كويسين الي معايا»
لكن مريم لم تسمع لها ولم تتوقف تابعت الصعود ممسكة بها في تصميم وعزم وهي تقول بمودة «لاه مش كويسين»
فتحت الباب وأدخلتها قائلة بحزم رفيق «البسي وظبطي نفسك وانزلي»
وقفت عاليا مكانها في خجل، فضمتها مريم قائلة «احنا مش اخوات ولا إيه يا بت؟»
ضمتها عاليا في امتنان ومودة شاكرة لها معروفها معها واهتمامها وحتى فرحتها بمجيء والدة سليم تلك الزيارة التي تُعلن بها السيدة تقبلها زوجة لابنها وإرتضائها بها لتكمّل عائلتهم وتصبح فردًا منه.
ابتعدت مريم عنها وقادتها تجاه الحجرة حيث خزانة الملابس، سحبت العباءة وقدمتها لها بطيب نفس وابتسامة بشوش تحفزها وتشجعها «يلا بسرعة عشان متتأخريش»
«وهشوفلك خمار مناسب» فتشت حولها حتى عثرت عليه وقالت بزفرة رضا «كنت كويته للطواريء الحمدلله جاهز يلا همي مش عايزين نتأخر من أولها على حماتك»
عانقتها عاليا دامعة العينين قبل أن تنسحب تجاه المرحاض وتبدل ملابسها..
وقفت مريم تنتظرها حتى خرجت، وجّهتها للحجرة قائلة بإهتمام «تعالي ألفلك الخمار»
استسلمت عاليا بصمت لأيادي مريم وبالها مشغول، متوترة وخائفة من تلك الزيارة، لا تعرف هل ستروق لوالدة الشيخ أم لا؟  طمأنتها مريم التي شعرت بخوفها «اطمني أم الشيخ كويسة وطيبة أعرفها من بعيد»
هزت عاليا رأسها ومازال القلق يسيطر عليها وخوفها من المواجهة يزداد.. سمعت مريم نداء عمار وطلبه عاليا فشجعتها «يلا يابت والله أم الشيخ هتنبهر»
ابتسمت عاليا بتردد قبل أن تهبط السلّم بإرتجاف تتبعها مريم التي تبث فيها القوة بالكلمات.
استلمتها نظرات والدة سليم التي أحاطتها حتى وصلت إليها مع وصول ورد، تبادلت عاليا النظرات مع زوجة عمها لدقائق قبل أن تقترب ورد منها وتهمس «ارفعي رأسك يا بت و ادخلي عليهم بجلب جامد منتيش جليلة ولا ناجصة» ابتلعت عاليا ريقها ورفعت ذقنها في كبرياء وشموخ قبل أن تقترب بصحبة ورد، نهضت والدة سليم قائلة «اللهم صل عالنبي، الله أكبر»
ضمتها بحنو بالغ وعاملتها برقة ثم أجلستها جوارها معزية مواسية بكلمات دافئة،سلّمت ورد عليها بكبرياء «يا مرحب بأم الشيخ سليم حصلتلنا البركة وزاد بيتنا نور»
عانقتها والدة سليم بمودة وهي تهمس بالشكر في أذنها لصنيعها معها وإفاقتها لها ، ابتعدت ورد عنها متقبلة الشكر بإبتسامة متفهمة ومراعية ثم جاورت عاليا، تثني عليها وعلى جمالها وأدبها وأخلاقها بفخر.
بينما ظلت والدة سليم تتأملها بإعجاب وفرحة.
صوته الهاديء الرزين وصلها من الحجرة الصغيرة المُعدّة لاستقبال الضيوف فارتعشت بشوق وتحركت نظراتها تجاه الباب متمنية لو يطلب رؤيتها، وصلها صوت ضحكته الهادئة التي تشبهه فارتبكت أكثر وابتسمت بخجل وهي تفرك كفيها بإضطراب واضح لنظرات والدته الخبيرة وورد المستحسنة لما يحدث.
خرج عمار من الحجرة قائلًا «سليم بيسأل عن عاليا» انتفضت قبل أن ينهي كلماته، فضحتها لهفتها لنظرات الجميع المراقبة فابتسمت والدته وشجعتها «روحي يا بتي»
نهضت فورًا متنهدة براحة، طرقت باب الحجرة فأذن لها بابتسامته الحنون الدافئة التي تعيد لها توازنها وتحرر قلبها من أوجاعه وهمومه فتطلقه حرًا طليقًا في فضاء العشق «تعالي يا ست البنات»
تقدمت ببطء ونظراتها تنخفض أرضًا في حياء، جلست بالقرب منه في زاوية بعيدة عن أعين الجميع، سرى بينهما صمت قصير قطعه في تأمله لملامحها والاطمئنان عليها والشبع منها، همس وهو يفرد كفه بينهما في دعوة مسّت شغاف قلبها «عاليا»
تسلل كفها المرتعش لكفه فتخلل أناملها بأنامله هامسًا بعاطفة «وحشتيني يا ست البنات» ضم كفها بكفه قويًا حتى تهدأ خفقات قلبه قليلًا بينما هي تكاد تذوب من شدة خجلها.. مازحها هامسًا «مخدتش علاج جولت طبيبة الجلب والروح هتجوم بالمهمة، ها يا دكتورة هتكرريلي العلاج ولا هتغيريه»همست وهي ترفع نظراتها الشفافة إليه  «سليم»
قطبت متسائلًا «إيه؟  مفيش علاج؟»
ابتسمت فأضاء وجهها وتأوه هو بعشق، اعتذر منها «معلش غبت عنك غصب عني وجت تاني هحكيلك» 
تحررت أخيرًا من خجلها وركلته دافعة بلهفتها وخوفها ليطفوان على السطح «خفيت يا شيخ»
سألها وهو يغمرها بنظراته «أنتِ شايفة إيه؟» أخفضت نظراتها خجلة لا تقدر على مواجهته اللحظة وهي بكل هذا الشوق.
ما أعظم صبره عليها ورفقه بها، حين تصمت لتتماسك يصمت مثلها مبتسمًا يكتفي بتأملها ومراقبتها، وحين تتحرر من خجلها يترقب وينتظر بلهفة ومحبة، يستمع لها بإنصات وعناية..
سحب من جواره حقيبة بلاستيكية ومنحها لها قائلًا وهو يحك لحيته «مكنتش عارف أجبلك إيه؟ جبتلك زي ما بجيب لأبرار»
لمعت عيناها بنظرة متألقة، ودقات قلبها تتراقص على إيقاع أنفاسه وكلماته، ثم أخرج من جيب بنطاله مبلغًا ماليًا وقدمه لها قائلًا «خليهم معاكي يا عاليا»
رفعت نظراتها مندهشة تستفسر فأوضح بإبتسامته الحنون ورقة مشاعره التي احتضنت وجعها وحاجتها «يمكن تحتاجي حاجه، عارف الوضع اتغير وحياتك اتجلبت فجأة فهكون مبسوط لو طلبتي مني الي تحتاجيه ومتطلبيهوش من حد،وخلي دول معاكي»
ترقرقت الدموع بعينيها وهي تنظر لابتسامته وتستمع لكلماته التي أرق من النسيم، شعوره بها وبما تعانيه وتفهمه كان أكبر من حفنة أموال، تساقطت دموعها غزيرة ومازالت نظراتها عنده ارتجف بقلق واقترب يسألها «غلطت فحاجة؟  بتبكي ليه ؟  » كانت كلماته صادقة لم تتسلل للقلب بل اقتحمته عنوه وفرضت سطوتها عليه، شعوره أعظم من حروف وصلها بختم كلماته، رمقها بضياع يريد الاقتراب منها وزرعها بأحضانه ولملمة دموعها لكنه يشعر بالحرج، نقّل نظراته بينها وبين باب الحجرة المفتوح بضياع ثم ترك المال جانبًا وحرر كفه من كفها ورفعهما لتضمان وجهها عوضًا عن جسدها وهمس «بتبكي ليه؟»
لملم لها دموعها بأنامله منتظرًا برفق إجابتها الضائعة كإبرة في كومة قش من المشاعر المختلطة وغير الواضحة.
هتفت بمرح تخفف من حزنه وخوفه عليها «الفلوس كام يا شيخ»
ابتسم وهو يواصل مسح وجهها «مش عارف معدتهمش»
قالت بمرح «أجل من متين جنيه مش هجبل»
نظر لعينيها ووقف عندهما هامسًا بآسف وحزن خيّم على ملامحه الجميلة وعاث في روحه الفساد «عاليا أنا يمكن مجدرش أعيشك زي ما كنتِ عايشة، أنا...
صمت يبتلع ريقه وقال بإبتسامة مهزوزة «الشيخ سليم على كدُّه يا عاليا وبيجاهد في الماجستير»
همست بإبتسامة خجول «الحمد الله إني على كدّ الشيخ سليم»
ابتسم بتردد قبل أن يوضح لها «يمكن تتعبي معايا شوية يا عاليا، حياتنا بسيطة ويمكن..
قاطعته متسائلة بمشاكسة «هتشيلني حديد ولا إيه يا سليم»
ابتسمت بحنو قبل أن تحتوي شتاته وتطمئن قلبه ببضع كلمات في حكمة ورزانة «مش عايزة حاجة يا سليم كفاية عليا أنت ، وأنا حياتي أبسط مما تتخيل، ركز فمذاكرتك ومتشلش هم حاجة»
أبعد كفيه عن وجهها  وصمت فاقتربت منه قليلًا وهمست «هات الفلوس ولا رجعت فكلامك»
تناول المال ووضعه بكفها المفرود مبتسمًا فأغلقت عليهم مصارحة له «شكرًا يا شيخ دي أول فلوس أخدها من ساعة الي حصل»
همس مرتبكًا «هو أنا مش هاخد العلاج بتاعي»
قالت ضاحكة بتسلية «لاه المرة الجاية العلاج  الي بعتهولك ممتد المفعول»
نادت عليه والدته فنهض واقفًا بتلبية سريعة، رجته عاليا «متتأخرش عليا يا شيخ»
ابتسم قائلًا «بإذن الله»
خطا للخارج وهي خلفه، ودّعت والدته وودعته بنظراتها وركضت بحقيبتها البلاستيكية للأعلى لتعرف ما الذي جاء.
ابتسمت دامعة حين أفرغت الحقيبة من محتوياتها التي لم تكن سوى حلوى وبطاطا مقلية ومقرمشات، تسطحت على جنبها وصفّتهم جوارها على الجانب الآخر من الفِراش تطالعهم بعين الامتنان والحب، ضمتهم لصدرها في عناق ترى فيه سليم بقلبه وروحه المحبة الصافية، انسابت دموعها دون استئذان تُغرق صفحة وجهها، اعتادت أيام الدلال أن تشتري كل ما تشتهيه نفسها دون حساب، اعتادت أن تمتلىء خزانتها بهم وحقائبها بالأموال أما الآن فهي لا تشتهي سوى الطمأنينة ولا ترغب سوى في أمان النفس، لا تفتش سوى عن الحب ودفء الأيام وونس لليالي.. اليوم أمدها بما تحب وربت على قلبها الموجوع، دثرها بالطمأنينة وغزى الروح برقته واحساسه.
فجأة شعرت بإفتقادها لجدها ورائحته
وصحبته، شعرت بالندم يتسلل لنفسها فهي نسيته في غمرة الألم وانغمست في وحل الضياع بأنانية لابد أنه يعاني، كيف تجاهلت؟  لملمت الحلوى وخبأتهم ثم نهضت مقررة الذهاب إليه.. لكن أولًا ستصنع له الطبق الذي يحب وتتناوله معه.. دخلت المطبخ بحماس وعاونتها مريم في صمت، تمُدها بما تحتاجه وتوجهها إن شردت حتى انتهت وسكبت الحريرة الساخنة في طبق مزخرف اختارته وفقًا لمزاجها الرائق، تناسب ألوان نقوشه  الأمل الوليد بصدرها.
خرجت به متجهة ناحية منزل حمزة حيث يقيم جدها بالمندرة، وجدتها مغلقة فطرقت الباب وانتظرت حتى فتح لها حمزة فقالت معتذرة منه «معلش عايزه أشوف جدي»
ابتسم حمزة ببشاشة ومازحها قائلًا وهو ينظر للطبق «أوعي صاحبتك تأكله منك»
ابتسمت تجاريه في مزاحه «فوتني على المندرة علطول وبسرعة»
دخلت عاليا المندرة لتجد جدها جالسًا فوق الأريكة التي يتخذها مخدعًا له بصمت حزين وبؤس يملأ النفس ويحفر أخاديد واسعة في وجهه.
أدمعت بندم، تلوم نفسها على انغماسها في الحزن ونسيانها له، من المؤكد أنه يعاني ويتعذب أكثر منها فإن كان رفعت والدها فهو ولده وفلذة كبده.
خطت للداخل والعذاب يملأ نظراتها التي تضمه بحنو، وضعت الطبق فوق الطاولة الصغيرة التي تتوسط المكان وجلست جواره تهمس له «وحشتني يا جدي»
كلماتها كصاعقة كهربائية أعادته للحياة من جديد يتنفس، نظر إليها يتأملها لدقائق يستعيد ذاكرته المسلوبة ويقف على أعتاب الواقع شامخًا بقبضته حفنة من تراب الشوق «عاليا» همسها وهو يتأملها فاتسعت ابتسامتها ورفعت من على وجهها أستار الحزن القاتمة، بمرحها المعتاد والذي صافح الروح من جديد همست بعتابها الرقيق «كدِه يا جدي نسيت عاليا، جاعد هنا مع حمزة وسايبني هو أنا مش زيه ولا عشان هو واد عبد الحكيم»
لم تقصد إيلامه وإن فعلت فكان لنفسها قبله، هي المنبوذة بنسبها الملعونة بخطايا الأب، ضغطت على جرحها بالملح فتأوهت بحزن عاصف وتألمت بوجع، ماذا انطفأ بروحها؟  وجعل مرحها يخطو في ظلام النفس مستوحشًا، نسي الطريق وكيف يرقص منتقيًا الكلمات... نظراتها اعتذرت عن إخفاقها، أمسكت بكفه وقبّلته فارتعش الجد وطأطأ رأسه يبكي كطفل ضائع أشد ما يحتاج إليه أن يلتقي بمن يحب، ضمته عاليا معتذرة له عن بشاعة العالم وظلام النفوس،  تحرر الرجل من ثقله وبكى بشدة، اعتذر لها عن سوء تربيته وضعفه ووهن نفسه أمام جبروت الفساد.. تركته يفرغ ما في قلبه حتى يهدأ، استمعت بإنصات وتفهمت بصبر، عاملته بقلب جُبل على المنح والعطاء، وربتت كأم رؤوم وهو طفلها الضائع المطارد من الهم، مسحت له دموعه وملّست على رأسه بحنان ثم استعادت مرحها وهمست «عملتلك الحريرة الي بتحبها»
صمت قليلًا ثم مط شفتيه وقال «وفين العيش يا عاليا»
همست له بمرح وضحكة تراقصت على ثغرها «عيش راضية مش مليح وناشف باظ منها الخبزة الي فاتت، هنسرج من عيش مرت عمي»
راقب حمزة ما يحدث بسعادة، وإعجاب
أحب علاقة عاليا وجده والتواصل الروحي بينهما، ابتسم حين استطاعت بكل صبر احتواء جدها والعبور به حاملة حزنه على عاتقها بتفهم لمنطقة أمان ، أعجبه منها طريقتها في التعامل واستماعها له ثم لملمتها كل الوجع بضحكة عابثة وطبق حريرة... دخل المطبخ وأحضر لهما رغيفًا من الخبز، وجدها تقف حائرة في خجل وحرج فمنحه لها مبتسمًا «خدي يا بت العم»
ابتسمت بشكر واستدارت لتذهب به لكنها توقف مكانها واستدارت توصي حمزة بخجل «خلي بالك من جدي يا حمزة معدش ليه حد غيرنا دلوك، جدي مش محتاج غير إنك تتكلم معاه وتسمعه وتطلعه من الي هو فيه»
أومأ بتفهم شاكرًا لها فأردفت بحكمة «عارفة إنك بار بيه وبتحبه بس يمكن الغربة عملت بينكم مسافة اتمنى تتخطاها معاه»
وقبل أن تغادر ابتسمت بمرح وشاكسته وهي ترى صديقتها تهبط درجات السلّم وتقترب«اعتبره زي سكن، الي عملته معاها والي وصّلتها ليه يتدرس والله دي كانت بجرة، وهخليه يجولك يا حموزتي»
اتسعت نظرات سكن التي استمعت للحديث، وصرخت بها «بتتنمري عليّ يا بت يا عاليا»
كتمت عاليا ضحكتها وركضت للداخل وسكن خلفها تقذفها باللعنات والشتائم متوعدة،أغلقت عاليا الباب الفاصل بين المندرة وباقي المنزل فهتفت سكن وهي تطرق «ماشي هجيبك برضك»
أحاط حمزة خصرها وذهب بها للأعلى ضاحكًا «عملالي مشاكل إنتِ بحموزتي دي» عاتبته بدلال ورقة «يعني مجولهاش»
نصحها حمزة بلين ورفق «لاه نخليها فأوضتنا بس يا سكني»
ضمته موافقة له على رأيه بينما انشغل هو بحالة جده ونصائح عاليا له وتخطي الفجوة ليصبح مقربًا أكثر من جده.
**********
في اليوم التالي  استعدا للسفر، وقفت أمام المرآة تضبط النقاب لكنها فشلت مما جعله يقترب منها وينهاها «أنا هلبسهولك»
نثر عطره حول جسده واقترب منها يلفه ويضبطه لها كما تعلّم، قضى وقتًا ليس بقليل وهو يشاهد فيديوهات تعليميه ليتعلم ويفعلها لها هو بنفسه.
يحرك يديها وعلى وجهه ابتسامة ممتعة رائقة تغازل القلب المتيم به، فوق ملامحه ارتياح غريب وشغف لذيذ جعلها تهمس «كأنك بتلبسني طرحة فرح»
دللها بنظرة متألقة وابتسامة أكثر روعة وهو يميل ويلثم شفتيها هامسًا «بحب أعملك كل حاجه بنفسي، وأول مرة فكل حاجة حلوة ولها ذكرى يا سكني وحابب صورتي دايما مع كل ذكرى»
شعرت بالاختناق قليلًا كون الأمر جديدًا عليها لكنها تجاوزته مستمتعة بالنظر إلى عينيه الآن ونظرته الفريدة لها، غاصت بكيانها تستمع لهمسه «شكرًا إنك وافجتي وريحتيني يا سكن»
همست وعينيها تلتهمه بحب «أنا فالدنيا عشان أريحك يا حبيب سكن»
ضمها معتصرًا جسدها بين ذراعيه قبل أن يبتعد ويمسك بكفها هاتفًا «يلا سكني»
تشبثت بكفه وغادرت معه ودّع والدته ورحل بعدما أوصى عليها عمار الذي طمأنه ممتنًا لتلك الثقة.
في المحطة جلست منتظرة أنا يجلب لها عصير القصب الذي تحبه والذي أصرّت أن يغادر ويشتريه لها.
شعرت ببعض الاختناق كون أن النقاب جديدًا عليها ولم تعتاده،  فتنفست بعمق محاولة السيطرة على توترها من ضيق أنفاسها..
أمامها وقف شابًا سمجًا يغازلها بضحكاته، يتابعها بإهتمام، اقترب منها يعرض خدماته بوقاحة «محتاجة حاجة يا آنسة»
رمقته بنظرة مختنقة بالاشمئزاز قبل أن تصرفه بغضب «لا شكرًا»
نهضت واقفة وتحركت ليرحل، لكنه ظل مكانه يهتف «طب أي خدمة»
زجرته بنظراتها الحادة فضحك قائلًا «العنين دباحة والله» نقرت فوق هاتفها تستعجل زوجها، فمرّ المتطفل من أمامها في تصميم وهو يهتف بضحكة «أمال الي تحت النقاب إيه بس؟»
رفعت رأسها وانحبست أنفاسها في صدرها حين سمعت صوته الرجولي الغاضب «تعالى أوريك الي تحته»
قبض حمزة الذي ألقى ما بيده أرضًا بلا مبالاة وغضب، ثم سحب الشاب من ملابسه واشتد بينهما العراك، ليتجمع كل من في المحطة يجاهدون لتخليص الشاب من بين براثن حمزة لكن لا فائدة واصل ضربه بعنف وغضب حتى توسله الشاب معتذرًا له «خلاص يا عم»
تقدّم رجل كبير في السن يستعطف حمزة «سيبه ده عيل غلبان»
قال حمزة وهو يلكمه بقوة على فمه «غلبان مش غلبان يتربى»
كلما حاولت سكن الاقتراب منه، عنفها بنظرة نارية وحذرها من الاقتراب فابتعدت عنه في خوف وحذر.
بعد عناء مع رأس حمزة الصلد والتعامل الحذر مع غضبه، ترك الشاب وجلس على المقعد جوارها قائلًا «هاتي مية»
منحته زجاجة المياه فارتشف منها وأعادها لها في صمت، يرتب بعثرته ويعيد هندمة ملابسه وهيئته، يستعيد رباطة الجأش والثبات.. وصل القطار فنهض ممسكًا بكفها في حماية ونظرات الناس تراقبهما في فضول بعد ما حدث..
جلسا في صمت استرخى على مقعده وأغمض عينيه، تذكرت الشجار انطلقت ضحكاتها تمزق السكون وتطعن الصمت.. فتح عينيه مندهشًا، زجرها بنظرة غير راضية فكتمت ضحكاتها ونظرت للنافذة
بعد قليل مالت وهمست «أنا مالي بتعاقب ليه»
قال من بين أسنانه «لسه ضارب واحد عشان عنين حضرتك تجومي تضحكي»
همست «ضحكتي مش حلوة اطمن»
رفع حاجبه للأعلى مستنكرًا يهتف بدهشة «مين جال كِده؟»
أجابته وهي تضع رأسها على ذراعه «أنا»
قال بجدية تناقض دفء كلماته «طيب جلبي ليه لما تضحكي بيفارج صدري ويروح لعندك»
مازحته وهي ترفع له نظراتها العاشقة «اسأله»
غمغم بإستياء وضجر «النقاب زود عنيكِ حلاوة،الأول الي يشوفك كان يحتار إيه أحلى فملامحك دلوك هيشوف الأحلى ويضيع زي ما واد عبد الحكيم ضايع»
همست وهي تمسك كفه تتلمس باطن كفه بأناملها الرشيقة الناعمة «وواد عبد الحكيم يضيع ليه وأنا ملكه»
ثم عاتبته بلين «عدمت الواد العافية»
تمتم بغيظ «كويس مفجعتلوش عينه»
زفرت محذرة له «حمزة »
رن هاتفه فأجاب حين طالع الشاشة ورأى اسم المتصل: الووو
هتف زين بسخط
*اهلا بالبلطجي الي عامل مشاكل، هو أنا مش هرتاح منكم.
سأله حمزة بلا مبالاة وبرود
-عايز إيه...
سأله زين بحدة
*بتضرب ليه؟  أنت عارف الواد ده منين؟  لو كنت صبرت شوية كمان كان جاب اهله وعملوا منك سيخ شاورما.
ببرود أجابه حمزة 
-عادي وبعدين أنت إيه بتنام بعين مفتوحة، أنا خايف يكون حد معانا في الجطر.
سخر زين بمرح
*لا القطر مش تبعي  ضربته ليه؟
أجاب حمزة ببساطة
-عاكس خالة العيال أسيبه.؟
أجاب زين بإقتناع
*لا كنت كلمتني جيتلك وروقناه زي عمك.
انطلقت الضحكات المستمتعة منهما قبل أن ينهي زين الاتصال
توصلوا بالسلامة.
أعاد حمزة الهاتف لجيب معطفه ومال ناحية سكن مبتسمًا يتودد إليها بشغف «سكني ما تجوليلي كلام حلو»
********
انتظر في القاهرة حتى خرجت تأشيرة العمرة
ولحق بهما زين ثم سافروا جميعًا إلى السعودية لأداء العمرة
أنتهت العمرة الأولى وغادرا للفندق،جلست أمام النافذة الزجاجية الواسعة تنظر للبيت الحرام متأثرة تدعي بخفوت وفرحة لا تترك صدرها بل تستوطنه وتعمّر فيه، بكت ثم مالت وهمست أمام نظرات زوجها المُراقبة  «دا أكتر ما اتمنيت يا حمزة»
ربت فوق رأسها بحنان وعينيه تصطفيها بالنظرة والحب، ثم مال وهمس متنهدًا «ادعيلي يا بت الخال»
لمعت عيناها تسأله وذراعه اليمنى تطوّق كتفيها «بأيه»
أجابها وهو ينظر للكعبة المشرفة «بيكِ فكل زمان ومكان»إلتقطت أنفاسها المتسارعة انبهارًا وشغفًا وهمست له «آه من عينيك يا حمزة بتوعد وتوفي وتمني وتحقق »ابتسم متنهدًا مُحبًا لغزلها، يعشقه منه ويفضله، ضحكتها على ابتسامته تعثرت في بعض الدموع المتساقطة وقد امتزج فرحها بتأثرها واختلط لينتج مزيج رائع اللحظة .
احتار بشدة فيما سيقول، منشغل بترتيب كلماته التي تتبعثر رغمًا عنه، حزم أمره مستغلًا اللحظة الخاصة و صفاء نفسها  وهدوء سريرتها ، ابتسم بتردد قبل أن يستأذنها «سكن عايز أعمل حاجة ومش هعملها غير لما أجولك، مش حابب مجولكيش»
صمتت بتركيز، نظراتها تتفحصه وتغوص في قاع نفسه مستكشفة، ظل هو مترددًا يبتلع ريقه بإرتباك، يدعو الله داخله أن توافق، أنقذته بإبتسامتها الحنون لملمت بعثرته بحنوها وطيبة قلبها وسماحة نفسها،  تعلقت الدموع بأهدابها وهي تبتسم هامسةً «أعملها عمرة يا حمزة أنا موافجة» أمسك بكفها وضمه مؤكدًا بتأثر «أنتِ حبيبة الجلب والله يا سكن»
أوضحت شعوره بحكمة «وأنت أصيل ومن بيت أصله طيب  يا حمزة ومتنساش المعروف ولا تهون عليك العشرة بسهولة، هوّن عليك يا حبيبي أنا موافجة»
سألها ببراءة طفل يخشى فقدان ما يحب «مش هتبكي ولا تزعلي ولا تخاصميني صح؟»
ضحكت وهي تندفع لحضنه مؤكدة«مش هعمل كل دِه يا حبيبي بس هغير غصب عني»
ربت على ظهرها متفهمًا يهدؤها ويطعمها الحب بأنفاسه الحانية وكلماته العميقة «لاه متغيريش حمزة جلبه ليكِ لوحدك والله بت الخال»
**********
بعد مرور أسبوعين بعد عودتهم اجتمعوا بمنزل راضية على العشاء.  
قبض عليها حمزة واقفة أمام طبق كبير ممتليء بالأرز تتناوله بنهم وجوع شديد «سكن»
رفعت وجهها الملطخ ببقايا الطعام مُجيبة ببراءة «نعم»
استنكر حمزة فعلتها وأمسك بها ينهرها «سايبة الأكل هناك وجايه هنا تاكلي»
اعتذرت منه بأسف وهي تنظر للطعام بإشتهاء «ريحته يا حمزة حلوة وأحسن من أكلك»
ضم شفتيه في غيظ من قولها «أحسن من أكلي كمان دا أنتِ ليلتك..»
ضحكت مقاطعة بشقاوة وهي تخبره بخفوت «ليلتي حمرا يا حموزتي»
خبأ ابتسامته وضربها بخفة خلف رأسها قبل أن يسحبها للخارج معه، أوقفته راضية رافضة ما يحدث «سيبها يا ولدي»
رفض وهو يغادر بها للمرحاض، يغسل لها وجهه الملطّخ بالطعام وهو يستنكر «سكن كنتِ بتاكلي بوشك كله؟  »
رفعت وجهها متنفسة بعمق وهي تخبره بإستياء مما يفعله «أنت مالك أكل بالي أكله»
نظر لوجهها مبتسمًا يتأمل ملامحها وعينيها التي تمتليء بالشقاوة هامسًا «شبه الجطط بالي أنتِ عملاه فنفسك ده»
ابتسمت هامسة بدلال «والجطط وحشين؟» غمزها هامسًا بشغف « مفيش أحلى من كدِه» سحبها يجفف لها وجهها وبعدها خرج يمسك بكفها.
جاء زين ومودة وعاليا وسليم لتكتمل الأمسية، فرشت مودة الأرض ورصّت الأطباق مثنية على صنيع مريم «تسلم يدك يا مريوم بس ليه تعبتي نفسك»
قالت مريم بمودة «مفيش تعب ولا حاجة وبعدين عمتي ساعدتني وسكن شوية وعاليا»
جلست سكن جواره وعاليا ومودة أمامهما مراقبتين بينما راضية على الرأس تفتتح الغداء بهمتها وحماسها. 
اختارت سكن أفضل معلقة ووضعتها أمامه لأنها تعرف حرصه في اختيارها وانتقائه لها، وقرفه الشديد... تناولها وشرع في الطعام وهو منشغل بمبادلة زين  الحديث، الحديث الذي لم يشغله قط عن انتقاء وحصر حبات الزبيب من طبق الأرز ووضعه أمامها لمعرفته المسبقة أنها تحبه وتفضله.
هتفت عاليا وهي تراقب فعلته بسخرية «لمّه محدش بيحبه في الرز غيرها من يومها بجرة» لكزتها سكن بضجر 
بينما انتبه حمزة لفعلته التلقائية فنظر إليها وجدها غارقة في الخجل على غير عادتها، همست موضحة «جبتلي كل الزبيب يا حمزة»
نظر لما وضعه أمامها ليجد حفنة كبيرة جعلته يبتسم، غمغمت راضية «اللهم صل عالنبي، الله أكبر عليكم»
عاد للطعام من جديد وكلما رأى ما تحبه وتفضله قربه منها لتنال أكبر قدر، بينما تسخر مودة تلك المرة «محدش ياكل غير سكن ولا ايه يا دكتور»
أجاب زين وهو يحمل البطة التي تتوسط الطعام منحها لمودة قائلًا  «خد يا حبيبي أنت تأكل الي يعجبك والي مش عاجبه الحبس يشيل من الحبايب ألف»
ضحك الجميع على قوله، ليشير زين ناحية طبق كبير ممتلىء بقطع اللحم قائلًا بتهكم«خدي يا عاليا نصيبك جوزك مش هياخد، واحنا مش هنسيب حاجه لحبيب عمته»
تناولته عاليا هاتفة بمزاح «لا هاخده لو انشغلنا شوية هيأكله كله لسكن»
فجأة صمت الجميع على قول الجدة الغاضب ونهرها حمزة بغضب وعنف «جيت ليه يا عبد الحكيم، مش جولتلك متخطيش البيت طول ما أنا عايشة»
أصابته غصه ولم يدري أهي بسبب توقف الطعام بحلقه أم بسبب كلمات جدته المفاجأة التي أصابته بالحرج، بسرعة ناولته سكن الماء وهي تحيطه بنظرات دافئة حنون تلملم ما تبعثر من أفكاره وتعيد إليه ثباته
أردفت الجدة وهي تقترب وتلكزه بعصاها  على أعين الصامتين المترقبين بإشفاق «اتجوزت بت السحارة، سحرتك وجوّتك علي يا حكيم، ربنا ياخدها زي ما خدتك مني» ارتبك حمزة بشدة وطأطأ في حرج وحزن ولكزات العصا تؤلمه كأنها في القلب
كان أول من تصدى وصرخ بإنفعال سكن، التي وقفت رافضة ما يحدث والدموع تترقرق بعينيها «دِه حمزة يا جدتي مش عبدالحكيم، عمتي مش سحارة دي ست الناس كلها ربنا يخليها لينا وميحرمناش منها سندنا وضهرنا»
صرخت الجدة مستنكرة نافرة «مين أنتِ يا بت؟  وعمتك مين الي ست الناس يا ملكومة الله فسماه لو شوفتها لأموتها»
اندفعت سكن تُبعد العصا عن حمزة تقف حائلًا بينهما تستقبل هي كل شيء
نهض حمزة رغم رفض زين الذي أمسك بكفه في مؤازرة حنون مشفقًا عليه متفهمًا يخفف من حرجه بالدعم ، ضم زوجته وقبّل رأسها بتقدير ثم اقترب وانحنى يقبل كف جدته التي استقبلت صنيعه بنفور ونظرات مشمئزة رافضة أوجعته
أجلى صوته وقال بصوت خرج ثابتًا قويًا تحيطه الابتسامة «أبوي عمل الصح يا جدة، فخور أنا إن أمي بت السحارة الي بتجولي عليها ولو هتمنى أهلى مكنتش هتمنى غيرهم، أمي بكل حلاوتها وطيبتها وأبوي بحبه ليها ونبله وشهامته وجوّته»
نهرته الجدة دون وعي «غور من جدامي يا واد السحارة»
ابتسم حمزة والتفت يعتذر للجميع وبعدها انسحب ورحل، وهي خلفه تناديه «حمزة» دخل بين الأشجار التي زرعها وقف، استدار مبتسمًا برقة يسألها وهو يتأمل لهاثها «جايه ورايا ليه؟» ضحكت برقة وقد فهمت ما يقصده ويشير إليه، اقتربت هامسةً «كل ما تزعل هتلاجيني وراك بصالحك وأراضيك»
ضيق عينيه وشرد مُفكرًا يسألها بمرح«دافعتي عني للمرة الكام دلوك؟»
ارتمت بين ذراعيه مستغلة السياج  الذي صنعه بالأشجار المتراصة والظلام في تلك البقعة وأغمضت عينيها هامسةً «التانية، التالته، المليون مش مهم»
سألها وهو يحيطها بذراعيه يستقبل دعمها ومواساتها «أمال إيه المهم»
رفعت وجهها وهمست بنظرة متألقه وقلب يدق مُعلنًا العشق «إنت أهم ما في الدنيا وخاطرك أهم من كل الناس، متزعلش يا حمزاوي»
ضم ذقنها بأنامله وهمس «وأزعل ليه وسكينة الصغيرة بتدافع عني كل مرة وتجف لأي حد يجيب سيرتي»
تقلصت ملامحه وانتبه يراقبها وأنفاسها تعلو وتهبط بإنفعال، تنهيداتها الناعمة تتوالى وهي تنظر إليه بتلك النظرة الرائعة...سألها وهو يضربها بخفة «مالك يا بت.؟»
همست من بين أنفاسها اللاهثة بعاطفة ونظراتها تتبع عينيه كقبس من نور «مالي إيه بس يا واد خالي  بحبك»
تعلقت برقبته تضمه، ليبعدها مُخفيًا تأثره «طب ما عادي من يوم ما عرفتك وأنتِ بتجوليلي بحبك»
ابتعدت وسألته بقلق «إنت شايف إنهم واحد كل مرة ياحمزة.؟»
أحاط خصرها بذراع وقربها منه لتلتصق بجسده، رفع كفه يمرر أنامله على وجهها كأنه يستكشفها من جديد «كل واحدة أحلى من التانية وليها طعم مختلف»
ضحكت برقة قبل أن تستطيل على أطراف أناملها وتداعب أنفها بأنفه هامسةً «أحساسي بيك كل مرة بيختلف يا حمزاوي، ياريتني أعرف أوصفه لك ياحبيبي بأكتر من كلمة بحبك»
«سكن» خرجت حروفه مرتجفة متأثرة بها، ابتسمت لارتباكه واقتربت تلثم خده بقبلاتها الناعمة بينما هو مغمض العينين تاركًا لمساتها ودف أنفاسها يتغلغل داخله يلمس كل ما فيه ويمر على روحه ويمسح أي وجع  .
رن هاتفه فانتفض، أبعدها وهمس حين طالع شاشته «ده زين شكلهم بيدوروا علينا»
ضمها مرة أخرى ثم ابتعد يستعيد ثباته وتوازنه ويجيب على الهاتف قائلًا «أنا في الجنينة تعالوا هناك نعمل شاي وجول لمودة تجيب فرش»
بعد دقائق انضم لهم الجميع متجاهلين ما حدث عمدًا، تحلقوا يتناقشون ويثرثرون،يحددون موعد زفاف عاليا وسليم  ضحكاتهم تملأ المكان وتطرد الوحشة.
مال حمزة وهمس لسكن الملتصقة به رافضة تركه «الليلة أنتِ بتاعتي»
همست بإبتسامة نضرة «وكل ليلة يا حبيبي» سألها مُعاتبًا صنيعها فيه وحرمانه منها «مش هتنامي من العشا  وتسبيني زي كل ليلة؟»
همست بسرعة تتبرأ من ظنونه وشكّه فيها«لا مش هيحصل يا حمزاوي»
عاد بنظراته وانتباهه للجمع وهو يهمس «هشوف»
******
#انتهى

ملاذ قلبي سكن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن