الفصل الثالث عشر 🥀

38 1 0
                                    

"الفصل الثالث عشر"

لم يَسبق أن أودّع حَبيبا ، وجزءاً من روحي أو حتى مرّت عليَّ فاجعة بتلك القوة من قبل ،، حتى أنني لم أستقبل وفاة والدي بصدمة وخيمة بهذا الحد الذي أنا فيه الآن من مغادرة إياس عن عالمي ..

لأول مرة ينتابني شعور التعري وكل جسدي مُغطى ، وكأن برحيلهِ إنتزع غطاء روحي عني فانكشفت وأصبحت خاوية وتائهة .....بغيابهِ غاب عني مأمني الساكن. وصخبة أحاديثهِ ومناوشاته وفوضويته معي ...ذهبت دون بوادر نُذُر لقلبي يا إياس ياحبيب قَلبي و أنيسهِ ..

مرّت ثلاثة ليالٍ على فجعتنا الكُبرى ،، لازمت زوجة خالي بها الفِراش تُصارع الموت أو بالأحرى تهرب من واقعها المرير ، وخالي كما هو حاله لم يبتعد إنشاً واحداً عن سجادة صلاته وتضرعه لخالقه لعلّه يصطحبه جِواره ،، أمي المسكينة التي أصبحت عاجزة عن النطق أو التصديق لما حلّ بنا وعلى ما آل به أمر ماكان فلذة كبدها وأكثر مني حتي ..وخالاتي اللواتي بجانبنا حميعاً وبناتهنّ .

ما رأت عيني طيفه قط ،، كل علمي بمكوثه داخل غرفته التي لم أخطِ بها منذ فجعتنا هذه ولازمت غرفتي وحدي تشهد على ملحمة أحزاني ومعارك الأحداث .
لا أعلم ما به وما آل به أمره حتى هذا اللحظة .ولكنه السبب ، نعم هو من ورّطه وأوصله لهذا المكان والناس ..هو سبب موت إياس بأبشع الطرق .
نهضتُ عن فراشي عند هذه النقطة وكلّي غضب وثوران منه ..لا يأتي عليّ إلا بمصائبهِ وكوارثهِ وكأنه يتعمّد .
وصلت أمام غرفته التي خيّم عليها السكون فدلفتُ للداخل كَـهبوب ريحٍ عاصف دون إذن بطرق بابهِ ، يجلس على مقعده بصمت وسط الظلام ولا شُعاع واحد للضوء يتسلل للمحيط ، ضغطتُ على الضوء فانكشف وجهه الذي بادر برفعه كاملاً لرؤية الزائر الجريئ بما فعل لوهلة فرآني ورأيتُ أنا عيناه المتورمة ووجهه الشاحب وكثير الاحمرار من كثرة بكاؤه ، نهض عن مقعده ليقترب مني وظهرت بسمة خفيفة على طرف فمه قد أوضحت خطأ حدسه هذه المرة لسبب مجيئى .

وقفت أمامهِ بمعالم خالية وهادئة عكس الضجيج بداخلي وهتفتُ بنبرة هادئة صُدم على أثرها
_ خاين ، وبتاع ستات ، وبتعمل كل حاجة غلط وماشي في طريق كله غلط وقرف ومافيش حاجة عدلة تخليني اغفرلك ....وبعد كل دة زاد عليهم انك قتّال قُتلى وجاحد ......إرتفع صوتي بغضب كبير أمامه ووغزته بصدره بقوة وتابعت ببكاء
_ قتلت إيااس ، انت اللي قتلته يااااخاين انت اللي قتلته ...مااات بسببك انت وبسبب طمعك وجشعك ...مااااات بسببك يادائب إيااس ماات بسببك انت اللي قتلته .

لم يُبدى فعل لوهلة حتى شعرت به يأخذني بأحضانه بقوة وبدأت شهقاته تعلو ونحيبي يزداد ،، كِلانا يزرف دماء وليست دموع من عينانا ، كما لم أبكِ من قبل ، وكما لم أراه من قبل ..كان يبكي بحُرقة وضعف وندم وكأنه شعر بفعلته الوخيمة ...ماعادت أعصابي ولا قدماه تحتمل الوقوف فخارت قوتنا سوياً وسقطنا أرضاً ومازلت داخل أحضانه فرفعت رأسي عنه أنظر له بصمت .
قطعنا صوت هاتفه الذي صدح لعدة مرات متتالية برسائلهِ فنظر إلىّ ثم للهاتف وقام بفتحه فظهرت بسمة خافته على محياه ودون مقدمات جذبته من يده عنوة حتى رأيت ذلك المدعو "أرون" شقيق "أناتولي" الذي أخبرني عنهم "چون"
فكان بنفس الوضع الذي كان به إياس من قبل ..رأسه تنفصل عن جسده وباقيه على أجزاء فشهقت بقوة من بشاعة المشهد .

دائب الصبا ❤Where stories live. Discover now