٢

812 20 2
                                    

المرحلة الثانية "الاكتئاب"
(عيسى)
(قبل الجريمة بشهر)
          __‌‌_______________

جاهدت لأربع ساعات حتى أقنع عقلي بأن يعطي أطرافي

إشارة بالنهوض من الفراش.

لا يجوز أن أتأخر على ميعادي الأول.

بدت غرفتي المظلمة كبطن حوت أسود وحيد، مهما طال بقائي بداخله، سينتهي أمري عاجلا أم آجلا بأن يهضم بدني

الضعيف بعصارة بطنه المهلكة حتى أفنى من الوجود.

هذا هو الاسم الذي اخترته لاكتئابي الحوت الأسود.

أعتقد أن الأديب الصغير الذي بداخلي هو الذي دفعني إلى تسميته. وددت أن أتبع خطى ج. ك. رولينج التي اخترعت كائنا أسطوريا اسمه «ديمنتور»، ليكون رمزا في رواياتها

لفترة اكتئابها الحاد.فكرت بالأمس وأنا أحملق إلى السقف بصمت تام، أن أكتب قصة قصيرة بعنوان: «الحوت الأسود: اكتئاب مراهق»، أفرغ فيها مشاعري وأسهب في الحديث عن صراعي مع قتامة وضراوة الاكتئاب، ولكني فشلت في ترك السرير حتى أحضر

دفترا وقلما من على المكتب.

السرير، أصبح مؤخرًا مثله مثل كثبان رمال متحركة كلما

عافرت للخروج منها سحبتني إلى أعماقها أكثر فأكثر.

الكثير من التشبيهات الأدبية ولكن النتيجة واحدة أنا منهك القوى ولا أقدر على تسجيل تلك الصور البلاغية في دفتري، وعلى الأغلب ستتوه في حنايا عقلي دون أن

أحفظها.

بدأت روتيني اليومي. أزحف وألهث في طريقي من

الفراش إلى حمام غرفتي.

كل عضلة ببدني ترهقني وأنا أصلي فروضي.

أسمع طرقعة عظامي وأنا أركع، ثم أجهش بالبكاء مع كل

سجود.

يطول الصمت المحيط بي قبل أن يستيقظ أول فرد

من أسرتي ويخرج من غرفته في تلك الأثناء تبدأ فوضى

الأصوات التي تدور في رأسيأنت ضعيف النفس يا عيسى أنت هش الإرادة، أنت عديم القيمة. لو من الآن لن يفتقدك العالم العالم لا يبالي بمراهق

في السابعة عشرة من عمره.

أتبكي مجددًا يا عيسى ؟! لا تستحق كلمة ذكر المكتوبة

ببطاقتك الشخصية.

تداخلت الأصوات الضارية بداخلي، حتى لم أعد أعرف أيها

صوت الاكتئاب وأيها صوت نفسي الحق! هل هذه أفكار الاكتئاب أم هي نظرتي الحقيقية إلى

نفسي ؟

منذ يومين حاولت مقاومة تلك الأفكار المؤذية التي

تصحبها رغبة ملحة في إلقاء نفسي من النافذة.

دليل جدتي لقتل الاوغاد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن