١٢

142 8 0
                                    

(بتول)
(قبل الجريمة بيوم)
            ________________

تجاهلت صياح أبي المعتاد سماعه في كل مرة يتكرم فيها

بزيارتنا.

كان معترضا على كل شيء.

على أننا لم نأت مع بهيج لاستقباله في المطار، على أن عيسى عصاه وذهب إلى الطبيب النفسي، وأنه سيفوت الغداء العائلي المقدس، لأن ميعاده يتداخل مع ميعاد جلسته

النفسية. وبالطبع كان لي نصيب الأسد من اعتراضات أبي.

لماذا أدخلت كلبا إلى بيته ؟ لماذا صرت أرتدي التربون وهو خرقة لا تليق بوصف الحجاب؟ لماذا أتسكع على المقاهي حتى وقت متأخر مثل المنحرفات؟ أي عمل هذا الذي ينجز في المقاهي؟ لماذا أرفض سماع تفاصيل وصفه للعريس الجديد الذي أحضره لي ؟ يجب أن أحمد ربي أنني مقبلة على

عمر الثلاثين وما زال يتقدم الشبان لخطبتي.

الكثير من الثرثرة الفارغة، والذكورية السامة التي جعلها

المجتمع سلاحًا في يد الرجال أمثال أبي حتى ينكدوا عليناأهز رأسي. ابتسم ابتسامة شديدة البرود. أقول إن شاء

الله يا حاج منتصر.

ينعتني بـ «المستفزة»، ويهددني بكسر رأسي العنيد هذا. يسبني. يسأل الله أن ينزل علي لعناته، فتنهاه جدتي عن

هذا وتصيح فيه فيضطر إلى أن يصمت.

جلست العائلة البائسة إلى مائدة الغداء.

لم ينضم إلينا بهيج ولا مريم تجاهلا مكالماتنا.

ودت أمي أن تصعد لطرق بابهما، ولكن أبي أخبرها أنه تحدث حديثا تحفيزيًا مع بهيج في طريقهما من المطار وعله ينفذ نصائحه الآن، ثم غمز لأمي وقال دعي العريسين وشأنهما، فقد آلمني رأسي ليلا ونهارًا بثرثرتك عن تخيلك

الأحفادك المستقبليين.

بجح

وزعت أمي الطعام في أطباقنا، وفي أثناء الطعام انشغلت

في تقليب منشورات الفيسبوك.

صاح أبي واعترض على ذلك، ولكني تجاهلته، لم أعد

مراهقة حتى يأمرني وينهاني.أكملت ما أفعله بالبرود والتجاهل أنفسهما حتى رأيت صورة أثارت حفيظتي وتوتري وأخرجتني من فقاعة

اللامبالاة التي أحبس نفسي في داخلها كلما زارنا أبي.

صورة الأستاذ وليد الكيلاني، معلم العلوم الذي كان يدرس

لي وأنا في الصف الخامس الابتدائي.

كان منشور نعي شاركته إحدى زميلاتي من مدرستي الابتدائية، كانت من القلة التي لم ينقطع التواصل بيننا بعدما

دليل جدتي لقتل الاوغاد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن