١٨

92 5 0
                                    

المرحلة السادسة "أعادة البناء"
(عيسى)
(ليله الجريمة)
            ________________

تخطينا منتصف الليل، فأعلنت الساعة عن يوم جديد

العاشر من أغسطس.

جدتي أمرت مريم بأخذ أبي إلى الطبيب، بينما ظلت أمي

جالسة على الأرض في صمت لا تعلق ولا تتكلم.

أخبرتها جدتي أنها وبتول ستأخذانني إلى القسم فهزت

رأسها ولم ترد.

ساعدتني بتول على الدخول إلى الحمام وتهيئة نفسي للذهاب إلى القسم، فتطوعها مع جمعيات التصدي للعنف ضد

المرأة جعلها خبيرة في التصرف في ظروف كهذه.

أخبرتني ألا أستحم ثم غسلت لي وجهي وضمدت جروحي، وأخذت مني ملابسي ولفتها في ظرف ورقيكبير حتى لا تفقد ما عليها من آثار الجريمة وتفيدنا في

التحقيقات.

وجدت صعوبة وألمًا شديدًا في الجلوس في سيارتها، كانت مقعدتي تئن ألمًا بمجرد أن تلمس أي سطح.

جلست جدتي بجواري، تضع رأسي على صدرها وتربت

على شعري.

كم كان الأمر غريبا.

كنت في حالة يرثى لها، ولكن بطريقة ما، لم يركز عقلي على أي شيء سوى التفكير في رد فعل لارا إذا عرفت ما

حدث لي.

هل سأظل في نظرها البطل الذي دافع عنها وتصدى لمن تحرشا بها، أم سأكون الصبي القاصر المسكين الذي تعرض

للاغتصاب على يد مريض بيدوفيليا ؟

الفكرة وحدها أطبقت على صدري، وشعرت بنار السعير

تلتهب بداخلي.

أردت أن أبكي، ولكن يبدو أن دموعي تخلت عني

و هجرتني دون عودة.

بدأت أدرك أن الأمر أكبر من لارا بكثير، ماذا سيقول عنيالناس جميعًا، إذا كان أبي نفسه نعتني بـ «اللوطي»؟

أعرف ماذا سيقولون؛ فتى ضعيف عديم الرجولة عجز عن حماية نفسه. ولكنهم يقولون هذا عني على أي حال لمجرد

أنني تأثرت بموت زميلتي وأصبت بالاكتئاب.

يقولون هذا عني لأنني أحب اللون الوردي، لأنني أربط شعري للخلف، لأنني أستخدم بعض المفردات الفرنسية في حديثي، لأنني أطالب بمساواة الذكر والأنثى، لأنني عاطفي

وبعض الأفلام المؤثرة تدمع عيني.

هل حقا أبالي الآن بما سيقولونه بقدر مبالاتي باسترداد حقي من بهيج ؟ بقدر مبالاتي بالقصاص منه وجعله عبرة لأي معتد مثله ؟ لأي شخص يشتهي القاصرين؟ لأي معلم تحرش بتلميذته مثل وليد الكيلاني ؟ لأي سائق تاكسي غدر بزبونته

دليل جدتي لقتل الاوغاد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن