١٦

124 6 0
                                    

(بتول)
(قبل الجريمة بيوم)
           ________________

قدت السيارة دون وجهة محددة.

كنت هائمة على وجهي، بينما لم تتوقف جدتي عن سب والدي ونعتهما بأسوأ الألفاظ، لأنهما فرطا في حقي، وظلت تؤكد أنه لو كان جدي شرف الدين ما زال حيا لما سمح بهذه

المهزلة المشينة.

انتهت ملحمة السباب، ثم وجدتها تضرب كتفي وتقول:

كيف لم تخبريني من قبل كنت لأقتص لك على الفور؟

لم أخبر أحدًا، أخواي أنفسهما لا يعلمان حتى هذه اللحظة، لم أقو على جمع شتات نفسي للاعتراف بأنني هزمت شر هزيمة على يد معلم وثقت به واتخذته قدوة لم

يشجعني أحد على الكلام، ولا حتى طبيبي النفسي.

أتذهبين إلى طبيب؟

فعلتها وأنا بالإعدادية. كانت لدي نوبات غضب عارمة تليها نوبات حزن عميق. أخذت أدخر من مصروفي لأذهبإلى جلسات الطبيب سرا. لم يعرف والداي بالأمر وقتها.

هل كان طبيبا جيدًا ؟

بل أكثر حماقة وجهلًا من أبي كانت لديه تلك النظرات الفاحصة وكأنني فأر تجارب يتأملني من رأسي حتى أخمصي ثم يقول أحاول فك شفرة لغة جسدك. أجريت اختبار الاكتئاب، لم يكن اكتئابي حادًا فأخبرني أنني حزينة فحسب ثم أخذ يسألني أتصلين يا بتول؟ الفرض بفرضه يا دكتور هل تقرئين القرآن؟ أتممت حفظه بالعام الماضي يا دكتور. إذن، لم الحزن يا بنيتي ؟ أتسألني أنا، أيها اللعين؟

- أي طبيب هذا!

كان يقول تلك الجملة المستفزة في أكثر من جلسة أنت تكبرين الأمور كيف أكبرها يا سليل البهائم؟ أتراني أرضع مشكلاتي وأطعمها السيريلاك مثلا حتى تكبر وتصير عروسة ؟! فتاة في الإعدادية تأتي بمفردها إلى عيادة طبيب

نفسي كي يساعدها على تخطي صدمة تحرش معلمها بها

وينتشلها من شتاتها، أهذا ما تنتظره منك؟ أن تخبرها أنها

تبالغ وتلومها على أخذ الأمور بحساسية ؟

فرت دموعي مجددًا، فمسحتها بظهر يدي وأنا أقول:

خنزير بل الخنازير أطهرتوقفي عن استخدام تلك الكلمة المقيتة. إنها تلازمني كلما تذكرت أي معتد يا جدتي. الأستاذ وليد كان يشرح لي قبل أن يتحرش بي بثوان درسا عن لماذا الخنازير تعد كائنات شرهة إذا جاعت أكلت لحم صاحبها دون صون للجميل والعشرة، كما أنها نجسة لا تعرف غير الوسخ والوحل. والله إن الإنسان ليخنزر أكثر من الخنازير نفسها. على الأقل، تلك الكائنات لا تعرف بالفطرة غير الشره والوحل، أما البشر فهم يختارون التمرغ فيه بكامل إرادتهم.

أعجز عن فهم هؤلاء المتحرشين الأنجاس. يقبلون على فعلة محرمة في الأديان كلها ومجرمة في القوانين كلها وتستنكرها المجتمعات كلها، من أجل ماذا؟ اختلاس صفعة على المؤخرة أو قرصة فخذ أو لمسة ثدي؟ ماذا يجنون من هذه المخاطرة القذرة التي قد تكون تبعتها فضيحتهم أو حبسهم؟ أي متعة تلك التي يجدونها في التعدي على كائن

دليل جدتي لقتل الاوغاد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن