لغز شقيقتي، يحكيها: شاب لم أسأله عن اسمه

615 11 6
                                    

أنظر إلى لهب الشمعة الصغيرة في مكتبي واغنية تنبعث من هاتفي حيث أستمع إليها للمرة المليون ربما!!.. ثم أنقل نظراتي إلى الساعة الرملية الصغيرة.. أعشق الساعات الرملية إنها تشعرني بحنين غريب لأزمان لم أعشها.. إنها الفترة المسائية في المستشفى.. الفترة التي أحمل خلالها نفسا راضية وصفاء ذهنيا كبيرا بسبب الهدوء الذي يعم المكان.. والذي تحدثت عنه مرارا وتكرارا في السابق.

أتامل دخان الشاي الأخضر بشرود.. ثم أسمع تلك الطرقات الخفيفة على الباب.. فلا أرد.. إنهم يفتحون الباب دوما ولا يحتاجون إلى ردّي.. سواء الممرضات أو زملائي الأطباء.. أو حتى المرضى.

لكن بالطبع أضغط بسرعة على زر إنها الاستماع كوني لا أحب أن أكشف حياتي الخاصة لأحد.. وأتأهب في مكاني وأنا اتنحنح.. ليدخل ذلك الشاب المتوتر كما بدا لي.. ويلقي على التحية بصوت مرتفع نسبيا.. ربما هو في منتصف الثلاثينيات من العمر.. إنه طويل القامة ذو تقسيم عضلي دقيق بارز من ثيابه الغريبة.. مما يدل على أنه مواظب على رفع الأثقال بصورة تثير الحسد.. وقد أرجع شعره إلى الوراء فبدا شديد الأناقة.. هل الشعور بالغيرة طبيعي حين تجد شابا أكثر وسامة منك ومنضبط بممارسة الرياضة أكثر منك؟!.. ربما.. وألا لماذا أشعر بالضيق؟!.. عموما.. ستمر الأيام ويتزوج هو وسأظل أنا أعزبا منسيا.. نحيلا حزينا وحيدا كما هو حالي دوما.

رحبت به وطلبت منه الجلوس.. ثم سألته كالعادة عن سبب الزيارة:
- إنني في مأزق يادكتور ولا أعرف ما يجب فعلة.. فالسر الذي أحمله يثقل كاهلي كثيرا وأريد أن أبوح به لأحد.. وبعد تفكير طويل فكرت باللجوء لطبيب نفسي.

كالعادة.. إنه يخلط بين الطبيب النفسي والاستشاري النفسي وهو أمر معتاد.. فكما أردد دائما.. الأول يعالج المرضى بالأدوية والثاني يعلجهم من خلال الاستماع إليهم عبر جلسات علاجية ويتحدث إليهم ويحثهم على مواجهة مشاكلهم والتغلب عليها.. عموما سأحاول ألا أرجعه خائبا.. وسأرى إن كان باستطاعتي مساعدته.

نظرت إليه وأنا أشير إليه أن يكمل.. ليضيف:
- لقد بحثت كثيرا عبر شبكة الإنترنت.. وعرفت أنه لا يحق لك أن تحسابني أو تبلغ عني مهما كان الخطأ الذي ارتكبته.. أليس كذلك؟.

قلت مؤكدا ما أقوله وأردده باستمرار:
- صحيح تماما.. لا يحق للطبيب النفسي أن يكشف أسرار مرضاه.. والقانون لن يأخذ بكلامة لو فعل.. يحق له فقط أن يبلغ الشرطة لمنع حدوث جريمة مثلا.. ففي هذه الحالة يتوجب عليه إنقاذ ضحية محتملة.

هز رأسة بارتياح وكأنها اطمأن تماما.. ثم قال:
- حسنا يا دكتور.. المشكلة تتعلق بشقيقتي.. إنها مصابة بالتوحّّد وأنا الوصى الوحيد عليها.. فقد توفيت والدتي

 فقد توفيت والدتي

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
حالات نادرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن