العابر، تحكيها: سديم

379 5 1
                                    

هل القصة حقيقية؟!.. ما زلت عاجز عن الإجابة على هذا السؤال.. لأن الأمر سيبدأ بحادثة بسيطة قد لا تثير الاهتمام.. إلا أنها ستكبر بتسارع غريب لتصبح كالبئر العميقة التي تمتلئ بالألغاز لتبتلع أبطال القصة أنفسهم.. حتى نصل إلى نهاية صادمة تجيب عن كل شيء لكنها تطرح المزيد من التساؤلات في نفس الوقت!!.

سأترككم الآن لقراءة القصة بكل تفاصيلها.. ومن ثم الحكم عليها بأنفسكم.. على أن أعود بعد ذلك لأعلق على أحداثها كما أفعل دوماً.

الدكتو (.......)
____________________________________

مجنونة.. هذا ما قاله أو ظنَّه كل من أستمعَ إلى قصتي.. فمجرد الحديث عن الأمر سيجعل كل إنسان يشك في سلامة عقلي.. لكن لم يعد يهمني رأي الناس.. حتى وإن أدى ذلك إلى وجودي في هذا المكان.. مستشفى الطب النفسي.. نعم.. إنني نزيلة المستشفى الآن.. ولا أشعر بالضيق من ذلك.. بل قد يكون هذا هو الحل الأنسب حالياً.. كي أحمي نفسي ممن يرغبون في التخلص مني.. فالشرطة نفسها تعجز عن حمايتي.. خاصة وأنهم لا يصدقونني بدورهم ولا يعترفون بسلامة عقلي.

لقد تحولت من فتاة بسيطة تعيش حياة طبيعية.. إلى أخرى يراها الجميع مجنونة لا تملك عقلها.. كل هذا في غضون أيام قليلة تسارعت فيها الأحداث وتغيرت خلالها حياتي بأكملها.. مما جعلني أخسر كل شيء سوى عقلي الذي ما زلت مصرة على أنني لم أفقده بعد.

لقد بدأ الأمر في تلك الليلة الممطرة من عطلة نهاية الأسبوع.. حين كنت في السيارة مع زوجي وابنتي التي لا يتجاوز عمرها 7 أعوام.. وقد خرجنا للتو من بيت أحد الأقارب في مدينة (الأحمدي).. حيث دعانا إلى العشاء بسبب الترقية التي حصل عليها في وظيفته في إحدى شركات النفط.

كان زوجي شديد الحذر في قيادته وسط الشوارع الرئيسية المبتلة.. قبل أن يظهر أمامنا فجأة ذلك الرجل الغامض الذي لا نعرف من أين أتى بالضبط.. لكنني لمحته سريعاً وهو يرتدي معطفاً مطَرياً مع غطاء للرأس حجب ملامحه وسط هذا الظلام.. أتذكر شهقتي ومحاولة زوجي السريعة في مقود السيارة كي يتفادى الاصطدام.. ولا أدري في الواقع إن كان قد نجح في ذلك.. فقد جرت الأحداث بسرعة رهيبة كما هو الحال مع مواقف كهذه.. وبسبب الأمطار الغزيرة التي بللت الشوارع تماماً.. انحرفت السيارة بسبب هذه الحركة المفاجئة.. وانقلبت بعنف.

وبالطبع فإن حادثاً كهذا لن يمر مرور الكرام.. إذ تعرض رأسي لاصطدام عنيف بزجاج النافذة الجانبية رغم ربطي لحزم الأمان.. إلا أنني لم أفقد الوعي.. ربما هي الأمومة التي جعلتني أتجاوز كل هذا، وألتفت إلى المقعد الخلفي نحو ابنتي التي كانت أيضا تربط حزم الأمان وتبكي بذعر وهي تطلب منا مساعدتها.. لكنها لم تكن في محيط بصري للأسف بسبب وضع السيارة المقلوب.

أما زوجي.. فقد رأيت وجهه ممتلئاً بالدماء وهو يبعدها عن عينيه كي يتمكن من النظر إلينا ليسألنا بصوت خافت إن كنا بخير.. ثم رأيته يحاول الخروج من نافذة السيارة بصعوبة إلى أن نجح في ذلك وسط صمتي التام وبكاء ابنتي، وصوت الأمطار الذي أعطى كل هذا مشهداً درامياً مهيباً.. وحين شعرتُ -ببعض الاطمئنان- أنهما على قيد الحياة.. استسلمت لآلام رأسي.. وفقدت الوعي أخيراً.

حالات نادرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن