نافذة، تحكيها: أبرار

388 8 3
                                    

عزيزي القارئ.. لن أتدخل في سياق هذه القصة.. فقد طلبْت من بطلتها أن تكتبها كما عاشتها لعل هذا يساعد في علاجها.. فالورقة البيضاء أحيانا أفضل طبيب نفسي.. إذ تكتب عليها كل ما يطرأ بذهنك.. وتجدها آذانا مصغية تستمع إليك ولا تنكر شيئا مما تكتبه.. إلا أنني تدخلت في إعادة صياغة الأحداث وإضافة بعض المفردات على القصة كي تخرج لكم بأفضل صورة ممكنة.

أعرف أن هناك غرائب كثيرة في هذا العالم.. وأدرك أن هناك أسرارا نجهلها.. لكني رغم ذلك أجد أن قصة (أبرار) تفوق الغرابة نفسها.. إنها من القصص التي تقف عندها مصدوما.. فلا تعرف إن كانت الفتاة مختلة عقليا.. أم عاشت تجربة كهذه بالفعل!!.

لنقرأ القصة معا.. ولي عودة بعد ذلك للتعليق.

الدكتور (........)
______________________________________

الإجازة الصيفية.. الحلم الذي يعيش من أجله وينتظره كل طالب.. فطلبة المدارس لا يفكرون عادة بالمستقبل البعيد.. بل ينتظرون الأجازة فحسب.. ويشعرون في بدايتها وكأنها ستدوم إلى الأبد.. أتحدث عن نفسي على الأقل.. لذا لا يمكن أن يتصور أحد سعادتي حين أنهيت الاختبارات النهائية.. ذلك اليوم الذي عدت فيه إلى البيت وقد رميت أعباء السنة الدراسية كلها خلف ظهري أخيرا.. لأذهب إلى الفراش وقد قررت أن أنام كما لم أنم من قبل.. ذلك النوم الذي أستيقظ من بابتسامة عريضة وأبدأ بوضع الخطط للاستمتاع بوقتي خلال إجازتي الصيفية الطويلة.. هكذا هو اليوم الأول من الإجازة.. وتكون الأيام التالية أجمل بالطبع حين تظهر نتيجة العام الدراسي.. وأنجح بتفوق يرضيني ويرضي والديّ.

لكن المشكلة الأزلية أن كل شيء في حياتنا يتحول إلى روتين حتى الإجازة نفسها.. مما يجعلك تبحث عن أشياء أخرى تقتل فيها وقتك.. هذا ما كنت أقوله لابنة عمتي (رنيم) والتي أعتبرها أقرب صديقاتي.. فقد خرجنا معا وذهبنا إلى السينما.. وجلسنا في البيت نشاهد الأفلام.. وتحدثنا عن مغامراتنا العاطفية.. وخرجنا أكثر من مرة مع مجموعة من صديقاتنا.. أي أننا فعلنا كل شيء تقريبا خلال الشهر الأول من الإجازة.. ليبدأ الملل يطل على حياتنا تدريجيا.. ونبدأ في البحث عن شيء جديد نفعله.. نفكر.. ونفكر من دون أن أتصور للحظة أن حياتي ستمر بمنعطف خطير للغاية في الأيام القليلة التالية.

أتذكر ذلك المساء جيدا.. حين زارتني (رنيم) لتقضي الليلة في بيتنا.. وقد ظننته يوما لن يختلف عن أي يوم آخر.. إلى أن جاء وقت النوم.. حيث ذهبْت إلى فراشي وذهبت (رنيم) للاستلقاء بدورها على المفرش المريح الذي وضعته لها أمي على الأرض وقد غرقنا في ظلام الغرفة الدامس.. وكل منا تتحدث عن ما يجول في خاطرها..
إنها اللحظات الحميمة التي تشعر فيها برغبة شديدة في البوح بأسرارك.. لكن شعرت ليلتها أن (رنيم) بدت مترددة قلقلة.. وكأنها تريد أن تقول شيئا.. إلا أنها تخشى ردة فعلي.. مما جعلني أطلق ضحكة وأنا أستغرب ترددها هذا وأؤكد لها أنني كاتمة أسرارها كما كنت دوما.. وتستطيع أن تخبرني بما تريد.. لقد توقعت منها كل شيء.. سوى ما قالته!!..
حين بدأت تتحدث عن تفاصيل قراءاتها لكتب الغموض والماورائيات التي أدرك عشقها لها.. أما أنا فأبغض هذه الأجواء السوداية.. لكن (رنيم) ذكية.. تعرف كيف تجذبني إلي عالمها بسبب قوة شخصيتها وتأثيرها الكبير علي.. أعترف بهذا.. فلم يكن من العسير أن تجرني ليلتها إلى التفكير بأسرار الكون ونشأة الأرض وتاريخ حضاراتها المجهول.. للتحدث بعد ذلك عن انضمامها لبعض المنظمات الخاصة بالأفكار الغريبة الخارجة عن المألوف.. لا أعرف مرادفا في اللغة العربية لكلمه (CuIt) التي استخدمتها أكثر من مرة أثناء حديثها.. ربما تعنى(مجتمع سري)..
حيث وجدت (رنيم) طريقها لإحدى هذه المجتمعات السرية وانضمت لها خلال (الشبكة العميقة)
(Deep web) التي تمكنت من الولوج إليها بطريقة لم تخبرني عنها

حالات نادرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن