في اليوم التالي، استيقظت زمرد مبكرًا. كانت عازمة على الاستمرار في مهمتها رغم كل ما حدث. ارتدت ملابسها بحذر، ثم توجهت إلى المطبخ حيث كانت أصليهان، والدة ويليام، تعد الإفطار. كان الصمت بينهما محملاً بالتوتر، إذ كانت أصليهان تراقب زمرد بنظرات متجهمة.
توجهت زمرد إلى الصالة حيث كان الجميع يجتمعون لتناول الإفطار. نظرت إلى الوجوه التي اعتادت رؤيتها، وعندما دخلت إلى المطبخ، حاولت أن تتصرف بشكل طبيعي. لكن أصليهان لم تستطع إخفاء انزعاجها.
قالت أصليهان بصوت خافت ومليء بالسموم: "أتعلمين، يا زمرد، منذ أن دخلت إلى هذا المنزل، شعرت بشيء غير مريح. ماذا ستفعلين هنا، غير أنك ستحطمين الأسرة التي قبلتكِ كعائلة؟"
تجمدت زمرد في مكانها. نظرت إلى أصليهان بجمود وقالت: "لقد جئت لأكون جزءاً من هذه العائلة، وليس لتدميرها. كل ما أريده هو أن أعيش حياتي كما أراها."
أصليهان ضحكت بصوت خافت: "أوه، حقًا؟ أعتقد أن لديكِ الكثير لتتعلمي عنه. هذا المنزل ليس مكانًا للفتيات الضعيفات، ولا للذين يظنون أنهم يمكنهم السيطرة على كل شيء."
حاولت زمرد تجاهل التعليقات السامة، وجلست إلى طاولة الإفطار حيث كانت ساندي، التي كانت تراقب زمرد بحقد واضح. كانت ساندي متلهفة لفرصة الانتقام من زمرد لأنها كانت تخطط لخداع ويليام. وعندما أخذت زمرد مكانها، تحدثت ساندي بلهجة استفزازية: "عليك أن تكوني حذرة، فالزواج من ويليام ليس مجرد إبرام عقد. عليك أن تتأكدي من أنك تستحقين مكانك هنا."
ردت زمرد بنفاذ صبر: "أنا هنا لأنني أريد ذلك، ولن أسمح لأي أحد بإذلالي أو التقليل من شأني."
أصليهان، ساندي، وكل من في الغرفة، كانوا يتظاهرون بالاهتمام، لكن كانت نواياهم الحقيقية واضحة. كانت زمرد تعلم أن كل لحظة من حياتها هنا ستكون اختبارًا لقوتها وتصميمها. وعندما كانت تتناول الإفطار، شعرت بأن العيون تراقبها من كل جانب، وكل كلمة يسمعها الجميع كانت تحمل معانٍ خفية.
فجأة، انقطعت المحادثة بصوت صرخات من الطابق العلوي. استدارت زمرد، وعرفت على الفور أن هذه الأصوات هي صرخات المرأة المحبوسة. تزايدت حدة الصرخات، وشعر الجميع بالقلق. خرجت أصليهان وسارعت إلى الطابق العلوي، وساندي أيضاً تلتزم الصمت، بينما كانت زمرد تتبعها بصمت.
في الطابق العلوي، فتحت أصليهان الباب ووجدت المرأة المحبوسة تصرخ بجنون، وكانت الخادمة في الممر، تتجنب النظر إلى الغرفة. حركت أصليهان يدها بعبث لتفتح الباب، وطلبت من الخادمة أن تنصرف. ثم دخلت الغرفة وسألت المرأة بحزم: "ماذا تريدين الآن؟ ألم تتعلمي الدرس بعد؟"
أنت تقرأ
نور وظلمات
Aksiفي عالم يعج بالتناقضات والصراعات الداخلية، تنبثق قصة فتاة حملتها الحياة على السير في طريق لم تختره بإرادتها. تحمل على عاتقها أعباءً أثقل من قدرتها على التحمل، وتخفي في أعماقها جروحًا لا تندمل. ورغم كل ما يظهر منها من قوة وشجاعة، إلا أن روحها لا تزال...