رحلة إلى النور | Journey to the light

الفصل السابع

عدة طرقات على الباب... حتى وجدته أمامي بوجهه

الذي يظهر عليه كبر السن الشديد، وعكازه الذي يتكأ

عليه، والخصلات القليلة من شعره الأبيض، وحدقتيه

التي بلون البندق الداكن التي ورثتهم أمي منه ...

نعم هو جدي «عبد الله» والد أمي ...

_مـــــن؟!

قالها بتساؤل وهو يدقق في ملامحي ~ثم أكمل بنبرة

تخمين سرعان ما تحولت إلى صدمة ~:-

_مــــــــرام!

_نعم أنا يا جدي.

_أهلاً يا إبنتي ... تفضلي

وبالفعل دلفت إلى الداخل ...

                                 * * *
أجلس داخل غرفة الضيوف التي تملؤها الآيات

القرآنية الموضوعة على حوائط الغرفة، وصوري

عندما كُنت طفلة وبجانبي في تلك الصور طفلاً

يشبهني كثيراً، أظن أن الفرق الوحيد بيننا هو أنه

ولد وأنني بنت ...

                                 * * *
وضع أمامي على الطاولة كوباً من الشاي وبعضاً من

المُعجنات، وجلس أمامي وهو يقول :-

_والدتك عندما كانت طفلة حتى الآن تتصف

بالأنانية، حيث كانت عندما تريد شيء يجب أن

تأخذه وهذا بالفعل ماحدث معك عندما أنجبتك

وطلبت أن تنفصل عن والدك الحقيقي «خالد»،

ولكن للأسف كان هو أيضاً أناني وكلاهما أنفصل عن

الآخر تحت مُسمى " الحب"؛ حيث كان والدك يُحب

أمرأة أخرى غير والدتك، وكانت والدتك تُحب

«عُمر» وكانوا مخطوبين قبل زواجك ولكن هناك

ظروف جعلتهم ينفصلوا والسبب أن «عمر» لم يكُن

لديه القدرة على تكوين أسرة فكان مجرد عامل

مهيته لا تكفي حتى لتسديد إيجار منزله وعلاج

والدته؛ولذلك رفضته جدتك«جميلة»؛حيث ورثتك

والدتك منها الأنانية ، وعندمت طلقها والدك، جاء

«عمر» لطلب والدتك للزواج، ولكنني رفضت ... ~ثم

صمت~وبدأ في السعال والعطس وكان يظهر عليه

المرض!

_هل أنت‌َ مريض يا جدي؟!

سألته بقلق، ومن ثم ذهبت حتى أجلب له كوباً من

الماء، وبالفعل بعدما إرتشف منه قال لي وهو يُكمل

سرد أشياء لما تسردها إمي بالأمس؛حيث أكتفت أن

تعبر عن مدة ندمها أنها لم تُخبرني من هو والدي

الحقيقي وأن «عمر»ليس والدي،ونسيت أنها من

فعلت كل ذلك بسبب أنانيتها :-

_بعدها هربت والدتك وتزوجته، وبعد سنة جآئت لي

وفي يديها أختك «مريم» وكانت تطلب مني السماح

، وكما تعلمين مهما غضب الأب من أبناءه سيسامحهم

في النهاية، ولكنني بعدما أتممتي الثالثة عشر من

عمرك طلبت منها أن لا تجلبك إللي مرة أخرى لأنني

لن أستطيع الكذب عليك وإنكار الحقيقة، وخاصتاً

إنكي دائماً كُنتي تشتكين لي من معاملة «عمر»

الجافة لكي ...

ألقى علي كلماته تلك بنبرة مُتعبة يظهر عليها المرض.

فقال لي بنبرة حزينة :-

كم كُنت أتمنى أن تكون إبنتي ليست أنانية، وأهم

شيءٍ مُلتزمة، ولكنني أخطأت في تربيتها وأخطأت

عندما إخترت زوجة أنانية مثل«جميلة» حتى تكون

أمٌ لأولادي~ثم تابع وهو ينظر إلي ويقول~لذلك يا

إبنتي أُريدك أن تكوني قريبة من ربك؛ لن ينفعك

أحد في هذه الدنيا سواه، هو من يعلم مافي قلب

عبده من حزن، وغم، وكرب؛ لذلك في وقت المحن

لا تلجأي إلا له، وإبتعدي عن تفاهات تلك الحياة

﴿وٌمًآ آلَحًيَآةُّ آلَدٍّنِيَآ إلَآ لََعٌِبًٌ وٌلَهّوٌٌ وٌلَلَدٍّآرُ آلَآخِرةُّ خِيَرٌ

لَلَذِيَنَِ يَتٌّقُوٌنَِ أفُلَآ تٌَعٌقُلَوٌنَِ ﴾، ولا تلتفتي لتفاهات

الحب أيضاً لأن لو هناك شخص يحبك بالفعل سوف

يحافظ عليكي من نفسه حتى تكوني زوجته، هو

عندما يشعر بحبه لكي يذهب فوراً لطلبك من منزلك

، وليس ليعترف لكي بحبه،ودخوله من باب المنزل

هو أكبر دليل على حبه لكي ...

شعرت بشعور غريب عُقب كلماته تلك،ولأول مرة

أسمع تلك النصائح من أي حد، وعندما أنهى جملته

الآخيرة لا أعلم لماذا تذكرت «جواد»،ولكن أخرجني

من دوامتي تلك ما صدمني بشدة ....!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"يتبع"
        يهمني رأيكم في الفصل 😊

                               للكاتبة :- فاطمة وليد فوزي