لحظات صغيره قد تصبح أعظم مسراتكالرابعة والنصف صباحاً
تجلس الحسناء على مقعد الطائرة عيناها المكتظة بالدموع تحدق من خلال النافذة بصمت تشعر بكل التحركات والازعاج الذي يحيط بها تتنهد بملل منتظره الإقلاع
تهدأ الأصوات ويعم الصمت في انحاء الطائرة وتتعالى اصوات أفكارها التي كانت تحاول تجاهلها من خلال اشغال نفسها بالإستماع الى الأحاديث الكثيرة التي كانت سائدة في ارجاء الطائرة، تغرق في بحر افكارها السوداوية غالباً تشوّش نظرها بسبب دموعها التي شعرت بها تتسلسل على وجنتيها والتي سارعت بمسحها بأناملها الرقيقة، رفعت رأسها لتلقي نظره على ماحولها لم تستطع ان تميز شيئاً بسبب الظلام وبسبب دموعها التي لم تتوقف عن الانهمار وجهت نظرها للمقعد الذي بجانبها الشاشة الصغيره تنير وجه الفتى الذي بجانبها تفكر كيف تبدأ حديثها معه فهي تريده أن يبتعد قليلا لكي تستطيع المرور من أمامه والذهاب لدورة المياة الصغيره لكي تكمل بكاءها
لاحظ تحديقها الطويل به لدرجة جعلته يتوتر، شخصيته الخجولة لن تساعده على أن يسألها عن سبب تحديقها الطويل، أسترق نظره سريعه لها وأنعقدت حاجبيه بإستغراب حين لاحظ دموعها لوهلة عاطفته تغلبت على خجلة اللامتناهي نطق بلهجته الركيكة ولدغته الملحوظة " أنتِ بخير؟" لسبب ما سؤاله البريء جعلها تنفجر بالبكاء وتحرك رأسها بالنفي كجواب لسؤاله، أرتبك حينما زاد بكاءها تحركت يده بعشوائية يبحث عن المناديل الصغيرة التي يحملها معه دوماً ويمدها لها بكل هدوء، أخذت المنديل منه بأيدي ترجف بشدة لدرجة أنه لاحظ رجفة يدها رغم الظلام ، نطق بلطف شديد " فيه حاجة مضايقتك؟" لم يأتيه اي جواب منها ألا انه اكمل حديثة " ترا مدة الرحلة فوق ال١٠ ساعات ولا راح منها الا ساعة مستحيل تقعدي كل هالوقت تبكين"
أبتسمت بخفة حين لامست من حديثة الإهتمام.كانت تقتلها فكرة انها ستذهب للدراسة في الخارج بعيدا عن عائلتها ودلالهم المفرط لها فهي الفتاة المحبوبة لدى الجميع لطالما كانت تتلقى الإهتمام والدلال من عائلتها لم تتحمل مسؤولية طوال حياتها ولكن فجأه وجدت نفسها أمام الواقع الذي لم تكن تتوقعه أبداً الغربة والدراسة في الخارج بعيداً عن كل الدلال الذي عاشته منذ طفولتها.
نظرت له بإبتسامتها الصغيرة ودموعها الي تشكل خط على وجنتيها الوردية " متضايقة شوي بس وبالمناسبة شكرا عالمنديل" شَعرَ انه أستمع لصوتها اللطيف عن طريق قلبه أراد أن يسمعه مجدداً ومجدداً وبدون ملل! "حكيني أيش مضايقك وأوعدك اني حساعدك" مد لها علبة الماء بعد أن فتحها ونطق مازحاً "أشكريني كمان عليها"
ضحكت بخفة بعد أن اخذت منه علبة الماء " لا ما بشكرك عليها لأني ماطلبتها منك أساساً" أبتسم حين لاحظ توقف دموعها فهوا كان سبب ضحكتها! مد يده لها ليصافحها "بالمناسبة انا احمد" صافحت يده بخفه ونطقت بإبتسامتها الجميلة " تشرفنا احمد وانا دينا"
"طيب يادينا ماراح تقولي ايش الي مضايقك؟" تنهدت بعد شربها من علبة الماء "أسباب كثيره والله مابقدر اقولها كلها لكن تقدر تقول السبب الأساسي لحزني هو وجودي الان بالطيارة" عقد حاجبيه بعدم فهم " كيف يعني من متى السفر يسبب حزن مين البني ادم الغير طبيعي الي مايحب يسافر" نظرت له بقلة حيلة "لما يكون السفر لوحدي وبعيد عن اهلي ولفتره طويلة البني ادم الطبيعي راح يكره يسافر صح يا احمد ولا لا؟"
"اوه" هذا كل ماخرج من فمه حين أدرك كلامها. رفعت حاجبيها بصدمة ونطقت بسخريه وهي تعيد كلامه "حكيني ايش مضايقك واوعدك اني حساعدك أجل واخر شي كل الي خرج منك اوه! لا حقيقي ساعدتني ماكنت عارفه ايش حسوي بدونك" ضحك بقوه على سخريتها منه ونطق مدافعاً لنفسه "دينا دينا اشبك لا تزعلي انا وعدتك اني حساعدك وانا عند كلمتي صدقيني، بس ممكن اعرف ليه يعني مسافرة لوحدك وبعيد عن اهلك ولفترة طويله ايش السبب يعني؟" نطقت بكل اختصار "رايحه أدرس" أندهش قليلا من ردها المختصر الذي بدا له وكأنها لا تريد الحديث معه "فين بتدرسين بكندا؟ فانكوفر؟" نظرت له بصدمة "كيف عرفت اني راح ادرس في فانكوفر؟" ضحك بخفة "اولاً لأننا رايحين لفانكوفر ثانياً لأني انا كمان ساكن هناك" لم تكن متوقعة هذا الرد ابدا، لكن الذي بدى غريب بالنسبة لها انها شعرت بالراحة حين سمعت كلامه "اوكي شكلك فعلا حتساعدني مو بس نفسياً" أبتسم لها بخفه ونطق "والله ابشري بساعدك بالي تبينه وكمان راح اعطيك رقمي اذا احتجتي اي حاجة اذا وصلنا بالسلامة كلميني لا تتردي أبداً" بعد كلامه الذي لامس أعمق نقطه في قلبها شعرت بالدموع التي عاودت التجمع بطرف عينيها، كانت الشمس قد أشرقت قليلًا لذلك استطاع احمد ان يلاحظ عينيها التي بدأت تلمع ونطق بقلق "دينا اشبك ايش حصل الحين عشان تبكين مره ثانيه" ضحكت على فكرة انها سريعة البكاء "لا تشيل هم، انا كذا دايم يسموني أم دميعة، بس للامانة كلامك حسسني انك مهتم وذكرني بأهتمام اهلي عشان كذا حزنت" بحركة عفوية منه وبدون تفكير وضع يده على يدها يمسح عليها بخفه ونطق "دينا لا تشيلي هم انا وعدتك وبكون قد وعدي ان شاء الله" ارتبكت بشده حين وضع يده عليها وسحبتها بسرعه، لاحظ احمد ذلك ونطق ليبرر عن حركته العفوية "اسف والله ماكنت اقصد لا تفهمي غلط" أبعدت نفسها عنه وأسندت رأسها على المقعد ونطقت بهمس "مو مشكله حصل خير" حك مؤخرة رأسه مفكراً بمدى غباءه وتسرعه لكنه برر لنفسه بسرعه ان حركته فعلاً كانت بحسن نية!
أنت تقرأ
Home
Romanceالمنزل مكان يبدو وكأنه عناق شديد، حيث يتوقف الوقت للحظة ويختفي ضجيج العالم الخارجي. منذ اللحظة التي تعبر فيها من خلال الباب، أنت آمن، أنت دافئ ومحبوب بشكل استثنائي. هل يمكنني مناداتك منزلي؟