Part 25 "Distances"

69 15 10
                                    









أرغب بأن أكون معك الأن، أن تتلاشى المسافات والالتزامات. أتمنى لو املك حيلة تأتيني بك، او تأخذني إليك









تجلس في مقعد قرب النافذة رأسها مستند على الزجاج البارد ترتدي سماعات الأذن بعناية. كانت الموسيقى تنساب بهدوء إلى أذنيها، لكنها لم تكن تُصغي إلى الكلمات بقدر ما كانت أفكارها تجرفها بعيدًا، بعيدًا جداً تعيدها إلى تلك اللحظة التي غيرت حياتها قبل عام كامل.

مرّت سنة... سنة منذ أن جلست في المقعد ذاته تقريبًا على متن طائرة مشابهة. في ذلك اليوم، كانت الدموع تغلبها وعيناها تنظران إلى السحب الممتدة خلف النافذة لكنها لم تكن ترى جمالها. كانت غارقة في حزن عميق تحاول كتم شهقاتها كي لا يسمعها أحد.

لم تتوقع أبدًا أن تلك الصدفة ستكون أعظم مسراتها. حين شعرت فجأة بشعور غريب. تذكرت ذلك الإحساس عندما التفتت بضيق لتجده جالسًا بجوارها، غير مدرك لوجودها بجانبه.

كان موقفًا عابرًا، حين أدرك بكائها وحاول مساعدتها لكنها لم تنسَ تلك النظرة. لم يكن في كلامه أو تصرفاته شيء مبالغ فيه، لكنه كان هناك حاضرًا، ووجوده في تلك اللحظة جعل كل شيء يبدو أقل ثقلًا. تلك الرحلة التي بدأت بحزنها انتهت بشيء لم تفهمه حينها، لكنه اليوم واضح تمامًا ذلك اللقاء كان من خير الصدف.

عاد صوت الموسيقى يجذبها للحاضر، لكنها سرعان ما استسلمت مرة أخرى للذكريات. تذكرت كيف كانت حياتها تتغير ببطء بعد ذلك اللقاء، كيف تحولت نظراته الأولى إلى نظرات متبادلة، ثم إلى لقاءات لا تنسى، وكيف اصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتها.

اليوم، وهي تعود إلى فانكوفر، لم تستطع كبح ابتسامتها. قلبها ينبض بحب كبير، حب بدأ من تلك الطائرة، من ذلك المقعد، من تلك اللحظة التي كانت تظن فيها أنها أضعف من أن تتجاوز ما كانت تمر به. احمد لم يعد مجرد شخص التقت به في رحلة، بل أصبح سنداً لها، شريكها، ملك قلبها.

أغلقت عينيها للحظة، واستسلمت للموسيقى التي أصبحت خلفية هادئة لأفكارها. شعرت بأن السحب الممتدة خارج النافذة تشبه حياتها الآن واسعة، نقية، حرة، ومليئة بالأمل.

مرّت الذكريات كأنها فيلم قصير، النظرة الأولى إليها، ذلك الصمت الذي حمل طمأنينة لم تعرفها من قبل، ثم تلك اللحظات التي تبعت ذلك اللقاء، حين بدأت الحياة تمنحها أسبابًا جديدة للابتسام.
بينما كانت هذه الأفكار تتسلل في رأسها، بدأت تشعر بثقل جفونها. استسلمت بهدوء لراحة خفية اجتاحتها تاركة العالم من حولها يتلاشى تدريجيًا. الموسيقى التي كانت تسمعها أصبحت خافتة، وكأنها تنسحب إلى خلفية حلم جديد.




لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 5 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

Home حيث تعيش القصص. اكتشف الآن