هل يُعقل بأننا نشعر بنفس المشاعر لبعضنا، وكِلانا يلتزمُ الصّمت؟التاسعة ليلاً
كانت دينا ترتدي معطفًا دافئًا بلون الكرز، واقفه في وسط صالة المغادرون في مطار فانكوفر الدولي، وقد امتلأت عيناها بالدموع وهي تحتضن والدتها وأخيها الأكبر للمرة الأخيرة قبل رحيلهم. امسكت والدتها يديها بحنان واضح، مع محاولات لتخبئة دموعها خلف ابتسامة تشجعها بها. أما بدر، فكان يقف بجانبهم محاولاً تجاهل كل هذا، لكنه لم يستطع إخفاء شعوره. كانت لحظة وداع مليئة بالمشاعر المختلطة بين الحب والفراق والأمل باللقاء القريب فعلى الرغم من جلوسهم عندها لمدة ليست بقصيرة الا انها سرعان مافكرت متى ستكون الزيارة الثانية. عيناها تلمعان بدموع الفراق بينما كانت تشد على أيديهم بحرارة، تتبادل معهم أطراف الحديث، واخيراً تمنت لهم الوصول بالسلامة ليتحرك الاثنان تاركان دينا خلفهم تنظر لهم يبتعدان. تنهدت بضيق حين اختفوا عن انظارها مسحت دموعها عن وجنتيها بسرعة وتتحرك ماسكة هاتفها بيدها تبحث عن سيارة أجرة.
لم تجد أي سيارة أجرة بسبب سوء الطقس بالخارج، جلست بملل على مقاعد الإنتظار، ابتسمت بخفة حين تذكرت اول محادثة لها مع احمد في هذا المطار. تشعر بهاتفها يهتر، امسكت به لتجد اسم احمد يضيء الشاشة تنحنحت بسرعة قبل ان تجيب، "هلا؟" ابتسم بخفة حين تخلخل مسامعه صوتها الدافئ الرقيق "دوده أي بوابة اقرب لك؟" عقدت حاجبيها باستغراب "بوابة ايش؟" ضحك بخفه "بوابة المطار يادينا يلا سريع انتِ عند أي بوابة، بعدين اشرح لك بس علميني" حكت حاجبيها وهي تنظر حولها تقراء اللوحات الكبيرة المعلقة "امممم بوابة واحد"
"طيب يلا ثواني وانا عند البوابة اخرجي". اغلقت المكالمة بعقل مشوش، لكنها استقامت سريعاً لتتجه للبوابة.كانت السيارة تتحرك بهدوء على الطريق، دينا تجلس بصمت بجانب احمد في المقعد الأمامي. نظرت من النافذة إلى المناظر المتغيرة بسرعة. أصوات الموسيقى الناعمة التي تنساب من المذياع، كانت تلطف الجو الصامت بينهم. تبادلت معه نظرات عميقة قبل ان تنطق "مين قالك اني هنا؟" نظر لها سريعاً ليعاود النظر للطريق "انتِ؟ شفيك نسيتي امس باليل لما كلمتك قلتي لي انك بتروحين المطار هالوقت" وضعت يديها على أحد خصل شعرها المجعد تلعب بها وهي تفكر متى حدث كل هذا "احمد والله اني ماذكر اي شي من الي قلته، يعني صح اذكر انك كلمتني باليل بس سالفة اني قلت لك ذي والله عجزت اذكر" ضحك على منظرها "اي لأنك قلتي كلامك هذا وفجأه معد تردين بس اسمع أنفاسك" نظرت له سريعاً "نمت بنص المكالمة!" نطقت بصدمة ليضحك احمد وينطق "ايوه ليه منصدمة" غطت وجهها بكفيها بحرج "تكفى قول انك سكرت الخط" نطقت بصوت مكتوم بسبب كفيها التي على وجهها، شعرت بيده تمسك بكتفها ويرفعها بخفة "لا ماسكرت الخط نمت انا بعد بالغلط" نطق بمزاح لتضحك بحرج شديد "وانا اقول ليه حصلت شاحن جوالي مخلص، امانه سمعت شي؟" نطقت بهمس، هز رأسه بالنفي "لا" رد بإختصار لتتنهد وهي تنظر للطريق "فين بنروح؟" نطقت بفضول ليردف على سؤالها "ناخذ عشاء، بعدين الي ودك وين شقتي ولا شقتك؟" نظرت للطريق لثواني وهي تفكر "ماتفرق الاقرب للمطعم نرجع لها.. لأن الجو كل ماله قاعد يصير اسواء" هز رأسه موافقاً على حديثها.
أنت تقرأ
Home
Romanceالمنزل مكان يبدو وكأنه عناق شديد، حيث يتوقف الوقت للحظة ويختفي ضجيج العالم الخارجي. منذ اللحظة التي تعبر فيها من خلال الباب، أنت آمن، أنت دافئ ومحبوب بشكل استثنائي. هل يمكنني مناداتك منزلي؟