الفصل الثاني عشر💝

23 2 0
                                    

#رواية_التوأم ١٢

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

#رواية_التوأم ١٢.. اصدقاء من جديد
لبست هازال قميصا أسودا و سروال جينز أزرق و أخذت تجفف شعرها الطويل بالمنشفة..نظرت إلى أختها الواقفة وراءها..كانت تبدو شاردة و ضائعة كأنها تفكر في أمر ما..قالت" أختي الحبيبة..لا تحزني..لو سمحت..انظري أنا بخير" انتبهت نازلي لنفسها و ابتسمت و هي تربت على كتف أختها و تقول" الحمد لله عزيزتي..ذلك المشهد المرعب لا يغادر عقلي أبدا..الحمد لله" وضعت هازال المنشفة و قالت" تعالي لنصعد..لا بد أن ياغيز يريد أن يغير ثيابه" ابتسمت نازلي و علقت بسخرية" بدأت أعتقد بأنك تعرفين زوجي أكثر مني" طأطأت هازال رأسها و قالت" أنا آسفة..لم أقصد ذلك..كل ما قصدته أنه .." قاطعتها" لا عليك..كنت أمزح فقط..هيا لنذهب" صعدتا معا حيث كان ياغيز واقفا و صدره عاري..حملقت فيه هازال و احمرت خدودها و هي ترى ذلك الوشم الغريب و تلك العضلات المفتولة و ذلك الصدر الأبيض العريض..راقبتها نازلي بصمت و كأنها كانت تريد أن توجه هذه العلاقة إلى مكان ما لها مصلحة معينة فيه..تريد لها أن تعجب به كرجل..تريد له أن يتعلق بها..لم تكن تريد قتلها باسقاطها في البحر بقدر ما كانت تريد له أن يظهر خوفه عليها و أن يكشفه أمامها..ستتطور علاقتهما كما تريد هي لذلك أن يحصل..ثم ستستمتع بالتخلص من هذه الشبيهة التي أتت لكي تقاسمها كل شيء..نظرت نازلي إلى ياغيز و قالت" جنم..بامكانك النزول الى الأسفل و تغيير ملابسك" هز برأسه و مر بجانب هازال..سألها بلهفة" كيف تشعرين؟ هل تحسنت؟" اجابت و هي تحاول ألا تنظر اليه" نعم..أنا بخير..شكرا لسؤالك" ابتسم و تجاوزها..جلست هازال قبالة أختها و أخذت تنظر إلى البحر الممتد بلا نهاية..عاد ياغيز بعد لحظات و قد لبس سروالا ابيضا قصيرا و قميصا بنيا ..سأل" هل نعود؟" أجابت نازلي" نعم..لنعد" نظر إلى هازال التي اكتفت بالإيماء برأسها فقط..صعد إلى أعلى و حرك الدفة فتحرك اليخت و أخذ يشق عباب البحر..
عاد الجميع إلى القصر فاعترضهم أمين و سأل" أخبروني..كيف كانت جولتكم؟" أجابت هازال " لقد كانت رائعة..هي المرة الأولى التي أرى فيها البحر عن قرب..أن تكون وسط المياه الممتددة و هي تحيط بك من كل جانب شعور غريب حقا" عانقها والدها و هو يقول" جيد أنك استمتعت صغيرتي..لقد اشتقت اليك كثيرا" ردت" أبي الحبيب..و أنا أيضا..ليتك كنت معنا" ابتعد عنها و قال" انه العمل كالعادة..لكن لا تقلقي..سنعوض ذلك قريبا" ابتسمت و قالت" تمام..اتفقنا" اقتربت نازلي من أبيها و سألت" و أنا ؟ ألم تشتاق الي؟" ابتسم أبوها و عانقها و هو يقول" طبعا اشتقت اليك حبيبتي..هل هذا سؤال؟ " قبلته على خده و قالت" أردت فقط أن أطمئن بأن الوافدة الجديدة لم تسرق مكانتي عندك" عانقهما أمين و هو يقول" كلاكما بناتي و أحبكما كل واحدة بقدر الأخرى..اياك أن تشكي بهذا" راقب ياغيز ما يحدث بصمت..مازال عقله عالقا هناك..في تلك اللحظة التي وقعت فيها هازال في الماء..ينقبض قلبه بشدة كلما استعاد ذلك المشهد..يخشى أن يفقدها بعد أن عثر عليها و وجد فيها كل ما يتمناه..يقبل أن يبقى صديقا لها طوال عمره على أن يصيبها مكروه و يخسرها..استأذن في الصعود إلى الأعلى و أخذ يرتقي الدرج..نظر أمين إلى ساعته و قال" أيتها الجميلتان..اعذراني..يجب أن أذهب..لدي موعد مهم مع المحامي" قبلته هازال و قالت" تمام بابا..نلتقي مساءا" و ذهبت إلى غرفتها فيما تابعت نازلي والدها بعيون تعلم ما سيفعله بلقاءه بالمحامي..ابتسمت بسخرية و قالت" أنت افعل ما تريد..و أنا سأفعل ما أريد..و الغلبة للأذكى " ..فتحت هازال باب غرفتها لتفاجئ بوجود ياغيز هناك..حملقت فيه و سألت بنبرة قلقة" ياغيز..هل جننت؟ ماذا تفعل هنا؟ اخرج لو سمحت " اقترب منها و أجاب" هازال..أنا آسف لأنني دخلت الى غرفتك دون اذن..لكنني أردت فقط أن أفعل هذا" و دون مقدمات سحبها بين ذراعيه و ضمها بقوة و هو يضغط على جسدها بيديه..جمدت هازال في مكانها كأنها لا تفهم ما يحدث..همست بصوت مرتعش" ماذا تفعل؟" أجاب" أردت فقط أن أعانقك..أن أتأكد بأنك بخير..هازال..لقد خفت كثيرا خشية أن أفقدك" اعترضت " لكن ..ياغيز..أنت.." قاطعها و هو ينظر اليها" أعلم..نحن أصدقاء..ألا يحق للصديق أن يخشى خسارة صديقه؟ اسمحي لي بهذا على الأقل" و عاود ضمها من جديد..وجدت نفسها ترفع يديها و تحيط بهما ظهره و تنصهر معه في عناق قوي لا علاقة له بالصداقة مطلقا..أجساد ملتصقة..أنفاس متسارعة..عيون مغلقة..دقات قلب مجنونة..و دماء تغلي في العروق..
من وراء الباب الموارب تابعت نازلي ذلك العناق الحميم الذي تبادله ياغيز و هازال..ابتسمت بسخرية و لمعت دمعة في عيونها..طأطأت رأسها و قالت" أنا مضطرة أن أفعل ذلك..ياغيز لي ..و سيبقى لي..قلبي يتمزق حزنا و غيرة..لكنك أنت يا هازال..أنت من ستمنحينني ما أريد..هذا هو الشيء الوحيد الذي يجب أن افكر فيه الآن" و ابتعدت..انتبهت هازال لنفسها..أزاحت يديها عن ظهر ياغيز و تراجعت إلى الخلف..نظر إليها ياغيز و خرج دون أن يقول شيئا..ما يعيشانه غريب حقا..ينشد أحدهما تجاه الآخر و ينجذب اليه بقوة..تغيب عقولهما و تهمس القلوب بكلمات غير مفهومة لكنها تفعل فيهما مفعول السحر..مررت هازال يدها خلال خصلات شعرها الطويل و أغمضت عينيها..رغما عنها تتلذذ بذلك التقارب الذي يحدث بينهما..رغما عن عقلها الذي يدق نواقيس الخطر و يحدثها بضرورة الابتعاد عن ياغيز و رفض أية علاقة به حتى و لو كانت مجرد صداقة..فصداقتهما صارت عبارة عن غلاف لحقيقة ما يشعران به احدهما تجاه الآخر..دخلت إلى الحمام و ملأت الحوض بالمياه الدافئة و استلقت فيه مستمتعة بالراحة و السلام الذي شعرت به..في غرفته..تمدد ياغيز على سريره و وضع يده على وجهه..لم يكن نائما..بل كان مستسلما لذلك الدفء الذي يلف قلبه ..كان قد نسي أساسا منذ مدة أن لديه قلبا ينبض بين أضلعه..نسي أن يحب و أن يعيش مشاعرا قوية تشعره بأنه على قيد الحياة..لكن حياته تغيرت منذ أن جاءت هازال..صحيح انها توأم زوجته..و أنها تشبهها كليا..لكن ليس ذلك ما جذبه نحوها..بل طبيعتها و خصالها و عفويتها و تصرفاتها اللبقة ..وجد نفسه و خلال فترة قصيرة يتعلق بها و يريد أن يكون قريبا منها بغض النظر عن كنه العلاقة التي قد تكون بينهما..اذا كانت صداقة فلتكن..و اذا كانت شيئا آخرا فلتكن..المهم أن وجوده بجانبها يعيد اليه احساسه بنفسه و بالحياة و بكل الأشياء الجميلة التي كان قد افتقدها..
شعر بحركة بجانبه على السرير..ابعد يده عن عينيه و التفت ليجد نازلي تستلقي بجواره..ابتسمت و اقتربت منه و وضعت رأسها على صدره..همست"ياغيز..حبيبي..اشتقت اليك كثيرا" نظر اليها و لم يقل شيئا..حركت يدها على عضلات صدره العريضة و رفعت فمها نحو وجهه و قبلت ذقنه بخفة..لم يبدي أي تفاعل معها..كانت تعلم أساسا أنه في عالم آخر..هي دفعته نحوه دفعا..و ستسعيده متى شاءت..ستعيده إليها متى حصلت على ما في ذهنها..سألت" حياتي..مارأيك أن نذهب غدا إلى مزرعة الخيول..هناك هدية أريد أن أقدمها بنفسي لهازال" رفع ياغيز حاجبه استغرابا و قال" حقا؟ و منذ متى بدأت الاهتمام بهازال او بقضاء وقت معنا؟ اليس لديك عمل؟" ابتسمت و أجابت" أعلم انك منزعج مني و من عملي..لكنني قررت أن أحاول التوفيق بين العمل و بين واجباتي كزوجة و أخت..اليوم..كنت على وشك أن أخسر أختي..و هذا جعلني أعيد النظر في أمور كثيرة..معك حق أن تستغرب تصرفاتي..لكنني بشر بالنهاية..أخطئ و أصيب..أعدك بأنني سأحاول أن أصحح أخطائي..و خاصة في علاقتي بأختي..و بك حبيبي" زم ياغيز شفتيه و قال" سنرى" لامست اصابعها ذقنه و سألت من جديد"ايي..ما رأيك فيما اقترحته منذ قليل" اجاب" و لم لا..اقتراح جيد..و اذا وافق ابوك سنصطحبه معنا أيضا" قالت" اتفقنا حبيبي" بقي ياغيز ينظر اليها للحظات ..امرأة غريبة عجيبة..تقترب و تبتعد..تعطي و تتمنع..صعب فهمها او تحليلها..ماذا تريد ..و مالذي يدور في رأسها..لا أحد سواها يعلم ذلك..
اجتمعت العائلة على العشاء الذي شاركت هازال في اعداده ..ارادت أن تشغل نفسها عن التفكير في ياغيز و في ما تحس به تجاهه..أرادت أن تختفي قليلا عن الانظار و ألا تلتقي به داخل القصر..أعدت أوراق العنب الذي تجيد اعداده و بعض البقلاوة و الفطائر..وجدت متعة في اعداد الأكل الذي علمتها أمها اعداده..تشاركت مع الخدم أوقاتا لطيفة رائقة..وضع أمين أول لقمة في فمه و قال" امممم..انها لذيذة جدا..أوراق العنب أكلتي المفضلة..و جميع الخدم لا يعرفون كيف يعدونها ..من أعدها اليوم يا ترى؟" ابتسمت هازال و ردت" أنا" حملق فيها ياغيز و سأل" حقا؟" هزت برأسها و أجابت" نعم..كل ما ترونه أمامكم من اعدادي و بمساعدة الخدم..لقد قضينا وقتا ممتعا معا في المطبخ" تنهد والدها بحرقة و تمتم بصوت كله حسرة و ألم" تذكرت أمك المرحومة..لقد كانت تجيد اعداد كل الأطباق..و يبدو انها أورثتك ذلك" نظرت نازلي إلى هازال نظرة ذات معنى..كأنها تقول لها نعم..لقد ورثت عنها كل شيء..بينما لم أستطع أنا معرفتها حتى..أحسدك على كونك عرفت أمنا جيدا..و عشت معها..حتى ولو عانيت و تعبت كثيرا..لكنك اخذت من حنانها و اهتمامها و حبها ما لم استطع أنا أن آخذه منها..علمتك كيف تطبخين..كيف تتصرفين..كيف تحبين..كيف تكونين امرأة معجونة من حب و عاطفة و دفء..و كأن الدنيا لم تكتفي بحرماني من حب الأم..ها هي ايضا تحرمني من عاطفة الأمومة..أنا امرأة عاقر..لا أستطيع أن انجب..كلما كان زوجي يحدثني عن الأطفال كنت أكره نفسي..و أهرب منه ..و أهمله..لعله ينسى الموضوع..لكنه لا ينسى..و معه حق..يريد أن يكون أبا..لكنني أعجز عن منحه هذا..و أعجز عن تركه أيضا..فكنت أنت الحل أختي..رغم أن هذا يقتلني..لكنني لم اجد حلا أفضل منه..
ضغطت نازلي على حافة الطاولة بأصابعها في محاولة منها لتخفيف ما تشعر به من الم و حزن و غيرة..واصلت حديثها مع نفسها" نعم..لم اجد حلا أفضل منه..كوني انت معه..أحبيه..و ليحبك هو ايضا..ذلك هو الوضع الوحيد الذي سيجبركما على الوقوع في فخ الخطيئة..الحب هو السلطان الوحيد القادر على اخضاع العقل و المنطق و الارادة لسطوته..تقعان في الحب..تعجزان عن المقاومة..تعيشان علاقة غرامية ..و تكونان معا..في سرير واحد..تحملين و تنجبين طفلا لن اكون قادرة على انجابه..ثم آخذه أنا..بطريقتي..ليكون ابني أمام الجميع..و بذلك أكون امرأة كاملة..مثالية..بلا عيوب..بلا نقص..اكون ابنة ..و زوجة..و أما..و سيدة أعمال ناجحة أيضا..ستكتمل حياتي و تبلغ المثالية التي اردتها و اريدها و سأريدها على الدوام..هذا ما أطمح اليه..و هذا ما سأحققه" تذوق ياغيز الأكل و راح يطري على هازال و على طريقتها المميزة في اعداد الطعام..كانت عيونه لا ترى سواها..اعجابه بها يزداد يوما بعد يوم..صورتها تكتمل و تصل الى المثالية..امرأة قادرة على لفت الانتباه و الحصول على الاعجاب ببساطة شديدة..نظرت هازال الى أختها الشاردة و الصامتة و سألت" أختي..هل أعجبك الأكل؟" انتبهت نازلي من شرودها و أجابتها و هي ترسم ابتسامة على شفتيها" نعم..انه رائع..سلمت يداك" صمتت قليلا ثم أضافت" أختاه..غدا سأصطحبك في جولة في مزرعة الخيول ..هناك هدية بسيطة اريد أن أعطيك اياها" ابتسمت هازال بسعادة و قالت" حقا أختي..هذا رائع..شكرا لك" نظر اليهما أمين و قال" كم جميل أن أراكما هكذا..كأختين حقيقيتين..ليحفظكما الله" ربتت هازال على يده و قالت" و ليدمك الله فوق رؤوسنا يا أبي" ثم وقفت و اخذت تملأ أطباق الجالسين بالحلويات بعد أن انهوا تناول طعامهم..أخذت طبق ياغيز و أخذت تملأه فالتقت عيونهما و ارتسمت ابتسامة على وجه ياغيز..هربت هازال بعيونها منه و لم تجب على ابتسامته..تجاهلته و هي تمد له الطبق و عادت إلى الجلوس..قطب جبينه و ظل ينظر اليها..يكره ان تتجاهله و الا تنظر اليه..لا يريد لها أن تبتعد عنه بعد ان اقتربا كثيرا من بعضهما..
أنهى الجميع تناول الحلويات اللذيذة التي تفننت هازال في صنعها..احتسوا الى جانبها القهوة التي أصرت هي على اعدادها أيضا..و كانت طوال جلوسها معهم..و كلما التقت عيونها بعيون ياغيز ..تشيح بوجهها عنه..و تهرب من نظراته المتساءلة..تريد أن تضع حدا لما يحدث بينهما..أيا كان اسمه..صداقة..انجذابا..اعجابا..او أي شيء آخر..تريد أن تكون غريبة عنه..لها صفة وحيدة..و هي أخت زوجته..صارت تخشى على نفسها منه..من تأثرها به..و اقترابها منه..صارت تخاف أن تضعف و أن تجد نفسها دون قصد منها واقعة في حبه..و هذا ممنوع و مستحيل بالنسبة اليها..هي لم تأتي الى هنا لكي تفسد توازن العائلة و تخرب علاقاتها..بل جاءت لكي تكون لها عائلة متوازنة و علاقاتها متماسكة و قوية..ليته هو يساعدها على ذلك..ليته يرحمها من نظراته المطالبة و المتساءلة تلك..ليته يتجاهلها و ينسى وجودها..ليته يوجه اهتمامه ناحية زوجته و يخصها بنظراته و ابتساماته الساحرة..ليته يكون مثلها واعيا بالوضع المعقد و الذي يوشكان على الوقوع فيه..ليته ينجح في مقاومة ذلك التيار القوي الذي يحاول أن يجرفهما بكل ما اوتي من قوة..ليته يعطي الكلمة الأخيرة لعقله و منطقه و ارادته و لا يسمح لقلبه بالتغرير به و ايقاعه في المحظور..بعد العشاء..تقصدت هازال الانزواء مع والدها في غرفته..تجلس معه و يتجاذبان اطراف الحديث عن الذكريات و عن امها..هربا من ياغيز و من امكانية التقاءها به او بقاءهما لوحدهما ..فذلك كفيل بأن يجعله يطرح سيلا من الأسئلة ستكون الاجابة عليها قاسية و موجعة..و هي لا تريد أن تؤذيه و لو حتى بكلامها..هو شخص مميز جدا بالنسبة اليها..و سيبقى كذلك..لكنها لن تسمح لنفسها بالانسياق خلف ما تشعر به تجاهه..
خرج ياغيز إلى شرفة غرفته و جلس هناك..تطلع الى شرفة غرفة هازال المجاورة له..يريد أن يراها حتى لو كان من بعيد..اختفت فجأة و انزوت في غرفة والدها..يعلم جيدا أنها تتجاهله و تهرب منه..لربما بدأت تشعر بشيء تجاهه يشابه ما يشعر به هو..او ربما انزعجت من اقترابه منها و قررت أن تقطع علاقة الصداقة بينهما..مجرد خطور هذه الفكرة على بال ياغيز جعلته ينتفض واقفا و يخرج من الغرفة..لا يستطيع ان يخسرها ..لا يتحمل فكرة فقدانه لها..أن يراها و لا يكلمها او يقترب منها امر لا يقوى على احتماله..أن تتجاهله و لا تتحدث معه امر يؤلم روحه و قلبه..يريدها قريبة منه..بأية صفة كانت..المهم ألا يخسرها..فتح باب غرفتها دون ان يطرق الباب ظنا منه بأنها ليست هناك..جمد في مكانه و هو يراها تخرج من الحمام تلف جسدها بمنشفة كبيرة حمراء اللون و اخرى صغيرة تغطي بها رأسها..بقي يحملق فيها للحظات..جسدها المبلل بالماء و البخار يتصاعد منه..وجهها ذو الملامح الطبيعية الجميلة..خدودها التي اكتساها لون أحمر و صدرها الذي يعلو و ينخفض بسرعة..سيطر الصمت عليهما و بقي واحدهما ينظر إلى الآخر ..استفاق ياغيز من ذهوله و طأطأ رأسه و هو يقول"أنا..آسف..عفوا..لم اقصد أن أدخل دون استئذان..ظننت انك مازلت مع أبيك..أنا آسف" رمقته هازال و سألت بعصبية" و لماذا أتيت؟ ماذا تريد؟" حاول الا ينظر اليها و هو يجيب" أردت فقط أن أتكلم معك..لم تحدث فرصة لذلك طوال المساء..لكن الوقت ليس مناسبا الآن..سأذهب و نتكلم غدا..أنا آسف مرة أخرى" و فتح الباب و خرج..بقيت هازال واقفة في مكانها مغمضة العينين تتذكر نظرة عيونه الغريبة..لأول مرة ترى تلك النظرة في عيونه..نظرة عميقة و لامعة و مثيرة..تنهدت بحرقة و هزت رأسها بعنف كأنما لتبعد وجهه عن عقلها..لا تريد أن يحدث هذا..لا تريد..لذلك لن تفكر فيه و لن تتحدث معه..ستواصل تجاهلها له لعلها تمنع العاصفة القادمة من الحدوث..
عاد ياغيز إلى غرفته مرتبكا و مضطربا و لم ينتبه حتى إلى زوجته التي كانت جالسة امام المرآة تسرح شعرها استعدادا للنوم..سألته" حبيبي..مالأمر؟ لماذا تبدو مرتبكا هكذا؟" أجاب بصوت مرتعش" لا..لا شيء..أنا بخير..انا..فقط..ذهبت..و ..عدت..فقط" انفجرت نازلي ضاحكة و اقتربت منه..أحاطت وجهه بكلتا يديها و همست" حياتي..يبدو انك متعب جدا..تعالى لتنام" هز برأسه و رد" لا اريد..سأجلس بالخارج قليلا..نامي انت" قبلته على خده و ابتعدت عنه..نزعت السترة الطويلة التي كانت تغطي قميص النوم القصير الذي كانت ترتديه و اندست تحت الغطاء..خرج ياغيز إلى الشرفة و اتكأ على الحاجز الحديدي و أخذ يتأفف بضيق..مرر أصابعه خلال شعره و سرح ببصره هنا و هناك في عتمة الليل الحالكة..في الصباح..تجهز الجميع للذهاب إلى مزرعة الخيول الواقعة في منطقة جبلية رائقة..واصلت هازال تجاهل ياغيز و تجنب الحديث معه رغم محاولاته الكثيرة أن يكون معها على انفراد او ان يتحدث معها..اصرت هازال على أن تركب مع والدها في سيارته بينما ذهبت نازلي مع ياغيز..كان صامتا و متباعدا طوال الطريق كأنه يفكر في امر هام..صمتت نازلي و بقيت تراقبه..حالته تلك كانت بشرى سارة بالنسبة اليها..فهذا الصمت و هذا الانزعاج سيكون نتيجة لانفجار قريب تنتظره هي على أحر من الجمر..
بعد حوالي ساعة..وصلوا الى مزرعة الخيول الفسيحة..تجاوزوا البوابة الخارجية و دخلوا إلى الممر الحجري المؤدي إلى المنزل الخشبي الكبير..ترجل الجميع من سياراتهم ..أجابت هازال بصرها في المكان و ابتسمت بطريقة جميلة ثم قالت بنبرة فرحة" واااو..هذا المكان رائع" سألت نازلي" هل تريدين التجول و رؤية الأحصنة؟" هزت هازال رأسها و أجابت بحماس" بكل تأكيد..أريد" ترافقت الأختان في جولة حول المكان..حاجز خشبي يحيط برقعة ترابية خصصت لجري الأحصنة..و على الجانب الآخر يوجد اسطبل واسع يحوي عددا كبيرا من الأحصنة..اقتربت هازال من فرس بيضاء و اخذت تداعب غرتها و هي تقول" مرحبا..كم انت جميلة و رائعة " و قبلتها بين عينيها..اقتربت منها نازلي و سألت" هل اعجبتك؟" اجابت" جدا..انها مميزة" ربتت نازلي على كتف اختها و قالت" هذه هديتي لك..لتكن لك..و اعطها الاسم الذي تريدين" ارتسمت ملامح السعادة على وجه هازال و اقتربت من اختها..عانقتها بقوة و هي تقول" شكرا لك أختي..انها أغلى هدية اتلقاها في حياتي" ابتسمت نازلي بسخرية كأنها تقول لها لا تقلقي سيكون لذلك مقابل..و غالي جدا أيضا..ابتعدت هازال عن نازلي و قطبت جبينها و قالت بحزن" لكنني لا أجيد ركوب الخيل" ابتسمت نازلي و ردت" و انا ايضا..لكن لا تقلقي..سأجعل ياغيز يعلمك ذلك..انه بارع في ركوب الخيل و ترويضها" صمتت هازال و لم تجب..عادتا معا إلى المنزل..كانوا قد احضروا معهم احدى الخادمات التي سارعت الى اعداد القهوة لهم..جلسوا في الشرفة المفتوحة على ميدان التمرين و أخذوا يحتسون القهوة..قالت نازلي" ياغيز..حبيبي..لقد اعطيت الفرس البيضاء كهدية لهازال ..لكنها لا تجيد ركوب الخيل..هلا علمتها ذلك لو سمحت" هز ياغيز برأسه و رد" تمام..متى ارادت ذلك" ابتسمت نازلي و قالت" نحن هنا ليومين ..استغلا الوقت جيدا..انا في غرفتي..لدي بعض الاتصالات التي يجب ان أجريها"
وقف امين ايضا و قال" و أنا سأرتاح في غرفتي ..لقد تعبت من السياقة لهذه المسافة الطويلة" وضع يده في يد نازلي و دخلا معا إلى المنزل..وقفت هازال و همت بالدخول ايضا لكن ياغيز سبقها و جذبها من يدها و هو يقول" هازال..توقفي..لا تذهبي..لا تهربي" التفتت اليه و ردت" أنا لا اهرب..انا فقط أحاول وضع مسافة ب.." قاطعها و هو يضغط على أسنانه" لا..لا تفعلي ذلك..لا تحاولي..و لا تضعي مسافة بيننا..هذا اكثر من قدرتي على الاحتمال" ابعدت يدها عنه و قالت" اصلا انت من يجب الا يفعل..لا تقترب مني بتلك الطريقة المزعجة..و كأنك تنسى أنني أخت زوجتك..نظراتك و طريقة اقترابك مني تربكني و تزعجني..يجب أن تضع لها حدا..قبل أن يفهم ما بيننا بطريقة خاطئة..لو سمحت" رفع يديه باستسلام و قال بصوت ضعيف" تمام..لن افعل..انا آسف..لن افعل اي شيء يزعجك و يبعدك عني..لن افعل..أعدك" سألت" هل ستكون قادرا على الايفاء بوعدك؟" مرر أصابعه على عنقه بعصبية و تمتم" ساحاول..المهم بالنسبة الي هو ألا تنتهي صداقتنا..لا أحتمل رؤيتك و انت تتجاهلينني..سنكون اصدقاء فقط..و لن ازعجك بأي تصرف كان" صمتت قليلا ثم قالت" تمام..سأصدقك..لانني انا ايضا لا اريد خسارتك..لكن كصديق فقط..و ليس اكثر من ذلك..مستحيل ذاتا أن يكون بيننا ما هو اكثر من ذلك..لتفهم هذا لو سمحت" هز برأسه و رد" فهمت" تحركت مبتعدة عنه فسأل" متى تنطلق دروس ركوب الخيل يا صديقتي؟" اجابت" سأرتاح قليلا ثم التقيك بعد حوالي ساعة..أنا متحمسة جدا لبدء الدروس" ابتسم و قال" حسنا..هذا رائع..كوني جاهزة اذا" ..بعد ساعة..نزلت هازال و هي ترتدي سروالا اسودا يلتصق بساقيها و قميصا أبيضا بياقة مفتوحة..و احتذت حذاءا طويلا يصل الى ركبتيها و رفعت شعرها في شكل ذيل حصان..نظر اليها ياغيز لبرهة قصيرة ثم ابعد عيونه عنها..كان قد ارتدى سروالا ابيضا و قميصا اسودا و وقف بجانب الفرس..وقفت هازال بجانبه و قالت" استاذي..انا جاهزة" ابتسم ياغيز بسعادة و قال" تمام..سأساعدك على الصعود" وضع يديه حول خصرها و رفعها إلى اعلى..حاول تجاهل رائحة عطرها الزكي التي تغلغلت الى اعماقه رغما عنه..و اخذ يعلمها طريقة الجلوس الصحيحة و امسك لجام الحصان و بدأ يتجول بها..

و اخذ يعلمها طريقة الجلوس الصحيحة و امسك لجام الحصان و بدأ يتجول بها

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
التوأم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن