فصلٌ كُتِب بالحُبّ.
بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم
السقف ينزف فوق رأسي
والجدار يئن من هول المطر
وأنا غريق بين أحزاني تطاردني الشوارع للأزقة .. للحفر!
في الوجه أطياف من الماضي
وفي العينين نامت كل أشباح السهر
والثوب يفضحني وحول يدي قيد لست أذكر عمرهُ
لكنه كل العمر ..فإن كان هناك وصف لحالته فتلك الكلمات لـ 'فاروق جويدة' ستكون أدق ما يصفها، نعم.. الإنسان ييأس سريعًا، كذلك كان نادر قد يأس، هائم على وجهه يتطرق نحو أزقة عشوائية لا يعلم حتى وجهته، كأنه بما حدث قد فقد البوصلة خاصته في قارب وسط المحيط فكُتب عليه البقاء هنا يتخبط وسط الأمواج الثائرة، لكنّ الفرق أن هي كانت بوصلته، والأمواج كانت فكرة رحيلها التي تطارده...
لم يفهم نادر لمَ ذلك العنيد ذو الرأس الصلبة يرفضه بهذا الشكل؟؟ وهو الذي اعتقد أنه قد تخلص من العائق الوحيد نحو ظفره بها، نحو الحصول على ما أراد، ولكن هاجمته الحياة بصفعتها في إشارة منها إلى ما قاله المتنبي:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.اجتمعت كل المصائب فوق رأسه دفعة واحدة حتى بات لا يعلم من أين يبدأ حتى؟ وصال ووالداه وشقيقته و... دولت، دولت التي لم تظهر منذ حصلت على نقودها، هل سيبالغ الآن إن صفع نفسه على غبائه؟
شعر بقطرات باردة تتدفق على وجهه، رغم أنهم في بداية الخريف ولكن يبدو أن السحب تتعجل أمر إلقاء أحمالها..
أيا ليته يستطيع إلقاء أحماله مثلها!
توقف نادر في أحد الأزقة ولم يعلم أين أصبح، فقد استمر في السير دون أن ينتبه إلى طريقه، لم يكترث بالأمر كثيرًا وهبط بجسده يجلس على الرصيف، يستند بذراعيه على قدميه واضعًا رأسه بين كفيه..
بكى... الآن يحق له البكاء دون أن يلقي أحد على مسامعه جملة أن الرجل لا يمكنه البكاء، فالبكاء للنساء فقط! وكم يكره هو تلك العادات ... تبًّا لها بحق ..
تساقطت عبراته على الأرضية الرطبة بفعل الأمطار، لأول مرة يفرغ ما بداخله بتلك الحرية وذلك أرضاه نوعًا ما..
استمع إلى حمحمة رجولية أمامه، جفف دموعه سريعًا ورفع رأسه ليرى صاحب ذلك الصوت، ليجد رجلًا مسنًا ذو وجه بشوش يقف أمامه وينبس:
-انتَ بخير؟وكأنه قد وجد طوق نجاته توًا، أومأ بالنفي وهنا مد له الرجل ذراعه:
-طب قوم، قوم وقولي ايه اللي مقعدك كده..استقام نادر بعدما تأكد من أنه قد جفف دموعه جيدًا، وسار جوار الرجل الذي باغته بسؤاله:
-بتحب؟وهنا ظهرت ابتسامة صغيرة على وجه نادر، يتذكر وصال، بشرتها الثلجية وأنفها الدقيق، عيناها البُنيّتان كأخيها وابتسامتها الرقيقة وحجابها المهندم، كل ذلك قد تمكن من أسره بكل بساطة، هي التي قد وقف أمامها حارس حصون قلبه وسلم مفاتيحه سامحًا لها بالتوغل إلى الداخل بطيب نفس، لتتربع في الداخل للأبد وهي لا تدري أن ذلك المسكين داخله ينبض لأجلها..
![](https://img.wattpad.com/cover/351150717-288-k302941.jpg)
أنت تقرأ
هُنا تلاقَينا "قيد الكتابة والتعديل"
Romanceسكنها وملجأها، مُخلِّصها من شقائها، فرّت إليه من ماضيها وحياتها المغلفّة بالظلام. حيث لا قواعد، فقط الشر هو من يقود زمام الأمور، ولكن أذلك الشر أبدي؟ أم أنه هناك شعاع خير آتٍ لينير تلك العتمة؟ على كل حال فإن كان -هو- صاحب ذلك الشعاع فلن ينير تلك...