دخلت ندى إلى البهو مبتسمة. كانت أمسية طيبة أمضتها صحبة سماح. خرجتا في جولة وسط المدينة ثم جلستا في مطعم شعبي وتحدثنا في شتى الأمور دون أن تتطرقا إلى الدين والعقيدة. كان الطعام طيبا ، والحديث ممتعا ، وقد أحبّت روح سماح اللطيفة وطابعها المرح. افترقتا وقد اتفقتا على لقاء قريب.
ما إن خطت في اتجاه غرفتها حتى تناهت إليها أصوات نسائية قادمة من غرفة الجلوس. غيّرت وجهتها على الفور واقتربت من المجلس، فاتضح لها صوت والدتها وهي تقول في غيظ:
- هل تصدقين أنه يريد أن يكون زواج ابنتي في كنيسة! حتى في زواجي من جورج لم يضغط علي أحد كي أغير طقوس آبائي وأجدادي! كيف يمكن أن تتزوج ابنتي دون حضور رجل دين يهودي ومباركته؟ ما الذي سيقوله عني أبناء طائفتي؟!
قالت مخاطبتها بصوت هادئ رصين:
- هوني عليك يا عزيزتي سونيا ... لماذا لا يكون هناك حفلتان، لإرضاء كل الأطراف؟ يقام الزفاف في البيت أولا بحضور رجل الدين اليهودي، ثم يذهب الجميع إلى الكنيسة لإتمام المراسم على الطريقة النصرانية....
لم تكن سونيا مقتنعة، لكنها سكتت للحظات تفكر في مخرج آخر لا يضطرها إلى الذهاب إلى الكنيسة. فرغم زواجها من رجل نصراني، إلا أن رواسب من النفور تبقت في نفسها من النصارى. ورغم ما تدعيه من الانفتاح والتفهم، فهي تنفر من كل من يختلف معها في العقيدة.
كانت تعتقد بأن جورج مختلف عن غيره من النصارى، وأن هناك الكثير من المعتقدات المشتركة بينهما. وهو بطيبته وسعة صدره يُبدّد كل ما بينهما من اختلافات... لكن أنى لها أن تضمن أن زوج ابنتها سيكون بمثل هذه الصفات؟
- خالتي راشيل... أهلا بك
دخلت ندى وقبلت الزائرة، ثم جلست إلى جانبها.
- كبرت يا ندى وقريبا نفرح بك مثل دانا ....
احمر وجه ندى حياءً ولم تُعلّق ، أما سونيا فقالت في ثقة:
- زواج ندى سيكون مثلما أريد... يكفي أن دانا خرجت عن طاعتي، ولم تحترم إرادتي.
لوت ندى فمها في انزعاج دون أن تتكلم، في حين
واصلت سونيا في إصرار:- سأزوجها بنفسي إلى من يناسبها ويحافظ على
دينها ...تكلمت ندى في احتجاج:
- ما زال الوقت مبكرا على هذا الكلام... لا أريد الزواج الآن!
تدخلت راشيل لتخفيف الموقف:
- لا بأس يا عزيزتي... لا نريد أن نستبق الأحداث....
دعينا نهتم بزفاف دانا الذي اقترب!في تلك اللحظة، التفتت سونيا إلى ندى وقالت في حدة كأنها تصب جام غضبها عليها :
-أين كنت إلى هذه الساعة؟ ظننت أن دروسك تنتهي مبكرا اليوم
امتقع وجه ندى وقالت في هدوء:
أنت تقرأ
في قلبي أنثى عبرية
Romanceيحسب أنه يعرف كيف يسترضيها حين تعبس، و يرسم الإبتسامة على شفتيها. حدثته بتفاصيل يجهلها كل من على هذه الأرض، كان معها في أدقّ لحظات حياتها... فضفضت إليه كأنها تحادث مرآتها حتى بات يعلم كل خبايا نفسها، حتى المناطق الأظلم منها. أحاط بنقاط قوتها و ضع...