الفصل السادس

4K 79 0
                                    


- الغداء جاهز إلى المائدة جميعا ....

ترك باسكال ما بين يديه على الفور، وجرى ليقفز على الكرسي وهو يهتف في صبر نافد:

- أنا جائع!!

رمقته سارا بنظرة قاسية، وهي تجذب كرسيها في هدوء و تجلس في رصانة:

- متى ستتعلم التصرف بأدب؟

عقد باسكال ذراعيه أمام صدره في احتجاج، ورمى إلى سارا نظرة نارية أتبعها بمد لسانه محاولا إغاظتها.
أشاحت سارا بوجهها في استهانة، وهي تضيف بصوت هامس:

- ستبقى طفلا دائما ....

ابتسمت تانيا وهي تضع الوعاء الساخن الذي يحمل

الطبق الرئيسي، وقالت معاتبة ابنتها :

- إنه لا يزال صغيرا ... دعيه يعش طفولته !

- ولكن يا ماما ... يجب أن يتعلم الأدب من الآن...

في تلك اللحظة، دخلت ريما وهي تلبس ثوب الصلاة الفضفاض والحجاب. ألقت التحية، وجلست في هدوء على مقعدها المعتاد. لكن سارا شهقت في استهجان:

- وهذه أيضا ... ألا تزال طفلة؟! إنها حتى لم تُغيّر ملابسها قبل الجلوس إلى المائدة!!

ألقت تانيا نظرة صارمة على سارا ، ثم التفتت إلى ريما وقالت في لطف:

- ريما عزيزتي... لماذا لم تُغيّري ملابسك بعد؟ سيتسخ ثوبك ووشاحك....

لكن ريما لبثت مطرقة وأجابت في حزم واقتضاب:

- سأبقى بهما ...

نظرت إليها تانيا في استغراب، ثم دخلت مجددا إلى المطبخ حيث تركت جاكوب يُنهي تحضير السلطة. و ما هي إلا دقيقتان حتى عادت و إياه إلى غرفة الطعام. جلس جاكوب إلى جانب ريما كعادته، ولم يُعلّق بكلمة. أخذ يوزّع قطع اللحم على الصحون في صمت، في حين راحت تانيا تلمزه وتشير إليه كي يتحدث إلى ريما بشأن ملابسها . حدّجها بنظرة متذمرة، ثم التفت إلى ريما مبتسمًا وقال:

- ريما حبيبتي... لماذا لم ترتدي ثياب البيت؟

وضعت ريما شوكتها إلى جانب الطبق، ولبثت مطرقة دون أن تُحرّك ساكنا . سرى التوتر إلى الجُلُوس حول المائدة، وساد الصمت للحظات. وأخيرًا تكلمت ريما في صوت حازم لم يُعهد عند الصغيرة:

- منذ اليوم سيكون هذا لباسي...

تبادل الطفلان نظرات متسائلة، في حين رنت تانيا إلى جاكوب في انفعال، وقد أدركت جزءًا مما ترمي إليه ريما. أما جاكوب فقد تمهّل للحظات، ريثما استوعب ما ينطوي عليه قرار الفتاة ثم قال في هدوء:

- حسن... دعينا نأكل الآن، وسنتحدث في ذلك لاحقا....

تناول شوكته وشرع في الأكل، وعقله لا يزال مشغولا بالتفكير. فما كان من الأطفال إلا أن حذوا حذوه، وأخذ الجميع يأكلون في صمت. لكن علامات الانزعاج ظلّت بادية على وجه تانيا التي لم تأكل إلا شيئا قليلا، ثم مسحت يديها في عصبية وتركت مقعدها. رفع باسكال وسارا رأسيهما في توجس، وتبادلا نظرات واجمة

في قلبي أنثى عبريةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن