فتحت ندى عينيها في الظلام. كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل ببضع ساعات، لكن الصبح لم ينبلج بعد. تقلبت في سريرها في ضيق. كانت قد عادت متضايقة من زيارتها لعائلة أحمد. دخلت غرفتها على الفور واسترسلت في البكاء. إنه يتجاهلها! للمرة الأولى منذ عرفته، لا يهتم بها ولا بلقائها . كيف يجرح مشاعرها ولم يمض على خطبتهما سوى أسابيع قليلة؟ كيف يفعل ذلك وهي ضيفة في بيته؟ أعلمته مسبقا بزيارتها، وانتظرته طوال الوقت. لكنه دخل مسرعا ثم انصرف دون
أن يكلف نفسه عناء الاعتذار ، أو حتى إلقاء التحية.تلاشى قلقها في ثوان حين رأت أنه لا يشكو من شيء، وحل الغضب محله. تنامت المرارة في نفسها وساهم اضطراب نقاشاتهما الأخيرة في إذكاء لوعتها وتغذية حزنها . لم تكن قد عرفت هذا النوع من المشاعر من قبل فتجربتها المنعدمة ومحيطها المغلق لم يعلماها كيف تتصرف في مثل هذه الظروف. فلاذت بالسلاح الأنثوي دون منازع: الدموع!
ما إن فتحت عينيها في تلك الساعة، وعادت إليها أحاسيس الساعات الأخيرة قبل أن تأوي إلى فراشها حتى تجمعت العبرات في مقلتيها من جديد، منذرة بنوبة بكاء وشيكة... فجأة أحست بحركة في الغرفة، غير بعيد عنها. رفعت رأسها في حذر وقد انشغلت بشيء جديد عن دموعها ، وحدقت في الظلام المخيم. كانت الستائر مسدلة، ولا تسمح إلا بانعكاس جزء يسير من إنارة عمود الكهرباء المنتصب في ناصية الشارع. لمحت على ضوئه شبحًا يجلس على الأرض دون حراك. همست في استغراب:
- من هناك؟
تذكرت حينها ريما. كانتا تشتركان في السرير. تحسست المكان بجانبها فوجدته خاليا. همست من
جديد مستطلعة:- ريما ؟
حين لم يصلها رد مدت ذراعها لتضيء مصباح الغرفة. كانت ريما بالفعل تجلس على الأرض، وقد ولتها ظهرها. كانت قد افترشت قطعة من ثيابها وبدا عليها التركيز والانسجام، كأنها غائبة عن العالم. تسمرت ندى في مكانها ، وقد عادت إليها ذكريات غير بعيدة... حين رأت أحمد وأفراد عائلته يؤدون صلاتهم في المنزل الريفي! تابعت ريما بنظراتها بمزيد من الفضول والاهتمام، ما الذي جعل هذه الفتاة الصغيرة تستيقظ في عتمة الليل لتصلي؟ كانت تريد أن تعرف أكثر عن الإسلام وعن أهله حتى تكون نقاشاتها مع أحمد مبنية على معرفة ودراية. وربما أمكنها حينها أن تجد الحجج المناسبة لتواجهه وتقنعه. وها هي ريما معها. هذه الفتاة الصغيرة التي بالكاد تبلغ الخامسة عشرة، تبدو متعلّقة غاية التعلّق بدينها . لا شك أنها تعلم عنه الكثير. وهي بالتأكيد ستكون مفيدة لها في بحوثها ودراستها للإسلام!
للحظات، نسيت أو تناست غضبها من أحمد واستقر اهتمامها على الفرصة الجديدة التي أمامها
للوصول إلى عالمه، ومعرفة المزيد عن دينه. لمحت ريما تجمع ثوبها وتعيد طيه. استقبلتها بابتسامة حين رأتها تقترب من السرير لتندس إلى جانبها تحت اللحاف بادلتها ريما الابتسامة وهي تقول:
![](https://img.wattpad.com/cover/279083386-288-k879225.jpg)
أنت تقرأ
في قلبي أنثى عبرية
Romanceيحسب أنه يعرف كيف يسترضيها حين تعبس، و يرسم الإبتسامة على شفتيها. حدثته بتفاصيل يجهلها كل من على هذه الأرض، كان معها في أدقّ لحظات حياتها... فضفضت إليه كأنها تحادث مرآتها حتى بات يعلم كل خبايا نفسها، حتى المناطق الأظلم منها. أحاط بنقاط قوتها و ضع...