.Eighteen.

45 5 9
                                    

وسط ذاك الصمت الذي لم يدم أكثر ليقطعه صوت صفعة دوت في أرجاء المطبخ، التف وجه مينهو للجهة اليسرى الذي اغمض عينيه يحبس تلك الدموع التي تجمعت داخلها،ليس بسبب تألم وجنته المحمرة، قلبه يؤلمه أكثر. 

يفكر إلى ماآلت إليه الأمور، كيف كانوا و كيف أصبحوا، يفكر ماذا لو كانت لديه أسرة بسيطة و سعيدة، مكتملة لا ينقص فردٌ ما، أم على قيد الحياة و أب صالح و مسؤول و ليس فاسد و طماع، ماذا لو عاش طفولة عادية مثل أقرانه ليس أن يكون له عقل ناضج في سن صغيرة بسبب ماقاساه. 

شد ذي الشعر الأزرق القبض على ذاك الحائط الذي يتكىء عليه خفية، شعر بالنيران تشتعل داخله عندما راقب صديقه يُصفع من قِبل ذاك الرَّجل، كانت عيونه تصرخ بالحقد الذي يكِنُّه للمسمى بأب صديقه، شعر بالعجزِ كأنه مقيد لأنه لا يستطيع التدخل و إيقاف مايحدث، مرَّ أمام عينيه شريط تلك الفترة في الثانوية حيث كان يتعرض للتنمر من تلك المجموعة، تذكر عندما كانت يد ذاك الحقير على وشك صفع وجنته لتوقفها يدٌ تعود لشخص ما، و لم يكن غير مينهو. 

شعر بالخيبة من نفسه عندما لم يستطع فعل شيء سوى المراقبة. 

احتدت أنفاس مينهو ليدير رأسه مجددا ينظر لأبيه بتعابيره الكارهة و الحاقدة، وجَّهَ حدقتيه يثبتهما على خاصة الواقف أمامه يناظره بعمق، ليصر على أسنانه و يهسهس بغضب عارمٍ 

"تذكَّر جيّدًا كلَّ مافعَلْتَه، تَورُّطك و استِغلَالُك لكُلِّ واحدٍ منَّا، سيأْتِي يومٌ و سينْهَشُكَ النَّدم لِقَباحَةِ أَفعَالِكَ" 

كان مينهو يُلقي بهذا الكلام و الحِقدُ الدَّفين يظهرُ في نبرته، بينما يرفع سَبابته يُشير له مُؤكدا على كُل كلمة تَخرج من ثغره،استدار مقررا الخروج من هذا المنزل الذي يُشْعِرُه بضِيقٍ داخل صدرهِ، كلُّ رُكنٍ من هذا المكَان يصرُخُ بتِلكَ الذِّكريات السَيِّئة. 

قَبْل أن تُضع قدمُهُ خارِجَهُ، سَحَبَهُ جون من قميصِه يناظِره بوجههِ الغَاضب قائلاً

"أينَ تَخَالُ نَفْسَكَ ذَاهِباً أَيُّهَا اللَّعين!" 

شَعَر هيونجين الذي يراقب كل شيء من بعيد بدقات خافِقِهِ تتزايَد خَوفًا من عدَمِ مقدِرة صديقِه من الخروجِ مُجدَّدًا، أَقسَم أنه لو زَاد الجَوُّ توتُّرا سيتدخَّل غير آبِهًا بكَلِمَات ذي الشَّعرِ البنِّي. 

ابتسم مينهو بجانبية و كأنَّه كان يعلمُ أنَّ أباهُ لن يترُكه يذهَب بهذه البساطة، ناظره بذات الابتسامة المستفزة له ليهمس بشيءٍ لم يستطع هيونجين أن يسمعه، لتَخِفَّ قبضةُ جون تدريجيا حتَّى تركه، و علامات الصَّدمَة على وجههِ. 

ارتفت زاوية شفتي الإبن تلقائيا و رفع يده يلوح له باستفزاز قائلا

"وداعا أبِي الحَبِيبْ، لا تَقْلق فَلَنَا لقَاءٌ قَرِيبْ سَيَنالُ إعجَابَك!" 

كانت السخرية واضحة في كلماته، خَرَج مينهو من المنزل يدفن يديه داخل جيب سرواله بينما يُصَفِّر، كلُّ هذا فقط لجَعل جون يغلي غضبا خاصَّةً مع همسه بتلك الكلمات، هو يعلم أن انظار أبيه مازالت مُوَجَّهة على هَيْئَتِهِ. 

اختفى جسد مينهو في أحد الزقاق بعيدا عن والده، بينما تبعه هيونجين خفية. 

تقدم ذي الشعر الأزرق ببطىء لامحا هيئة الأكبر وَسَط الظلامِ الطَّفيف الذي يسود ذاك الزقاق جالسًا على الأرض يضُم ركبتيه لصدره بينما وجهه مدفون وسط ذراعيه المعقودتين و خصلاته فقط هي الظاهرة، تنهد الآخر ليجلس بجانب صديقه ينظر له لمدة قبل أن يرفع يده و يمسح على ظهره برفق ليهمس بشرود

"أ تعلَمُ مينهو؟ لمْ أَرى شخْصًا مسؤولاً و قوِيًّا مثلَك، كَيْفَ لَكَ أن تتحمَّلَ كل هذا وحدك؟" 

صمت لمدة قبل ان يردف مواصلا كلامه

"لكننِي حَزِين...." 

رفع المعني رأسه ببطىء كاشفًا عن وجهِهِ، كانت عينيه تُنذِر برغبتها في اخراج مياهها بسبب ماحدث منذ قليل، استغرب مينهو من كلام صديقه و كان على وشكِ سؤاله حينما سحبه الأطول في عناقٍ ضيِّق هامسا بِعِتاب

"لِمَا أنت أنانِي مينهُو، لَطالَما أخْبَرتُك أَنَّ ذراعيَّ مفتوحتان دائما لأَجْلِك، سَأكونُ بجَانبك حتَّى الفناء رَفِيقي، أَوَ تَخَالُني لم أُلاَحِظ إِرهَاق عَينيكَ و رُوحِك يا فَتَى؟ ارفِق بنَفسِك قَلِيلا فَأنا لا اقْوَى على رُؤيتِكَ هكذا، دَعْني أكُنْ لكَ سَنَدًا كمَا كنتَ أنتَ لي دَائِمًا" 

انهَالت دُموعُ الأكبَر تلقائيًّا بَعْد القاءِ هيونجِين لتلكَ الكلِمات عَلَى مَسامِعِه بِصوتِه الذي تخلَّلتهُ تلك النبرة التِّي بَثَّتِ الدِّفىءَ في قَلبِهِ المُنْهَك، لتتَحَوَّل لِشَهقَات تَجْعَل مَن يسْتَمع لَها يَحِنُّ قَلْبَه حَتَّى لوْ كَان أَقسَى من الحَجَر. 

تسَاقَطت دموع الأَصغَر لِحَالة البَاكِي في حُضْنِهِ، ليَهُمَّ ماسِحًا عَلى ظهرِه تَارَّةً و تَارَّةً يُمرِّرُ أنامِله الطويلة عَلَى خُصلاتِه البُنِّية هَامِسًا بكلماتٍ مُطَمْئِنة. 

كَم هُو صَعبٌ التَّظاهُر بِأنَّ كُل شيء على ما يُرام،بَينَما دَاخِله مُحطَّم بِطَرِيقةٍ قَاسِية لمِثلِ فَتَى في عُمرِهِ، كم هِي مُتْعِبةٌ مُحاوَلة الصُّمود و هُو عالِمٌ أَنّه لن يبقى هكذا مُطوّلاً، لأَنّه سيأتي يومٌ ما و يَنهَارُ... 

وَسَط بُكَائِه خَرَجت تلك الكلمات على شكل هَمس مُهتز ذو نبرَةٍ ضعيفة

"أَنَا آسِف هيُون، أَنَا فَقَط لم أُرِد إِقْلاَقَك..." 

أصْمتَهُ الآخر يَشُدُّه أكثر لحُضنه نَاهِرًا إِيَّاه عن الإعتذار

"لا تَعتَذر أيُّها الأحمقْ، أنا فَقط أُرِيدك أن تعلمَ أنني دائما بجانبك

وَاصل مِينهو البُكاء بِصمتٍ بينمَا يُتمتمُ كَلِماتٍ "أنَا مُرهق" 

"لِمَا يَفْعَلُ هذا! أَليسَ لهُ ضَمير!" 

و كَان ذو الشَّعر الأزرق كُلَّه آذَانٌ صاغِية بينَما يُواسيه خَاتِما ذلك بوَعدٍ أَن يَفْعل المُستحِيل لِمُساعَدتِه فَقط لرُؤية تلك الابتسامة مرسومة على شفتيه هُوَ و أَخِيه الأَصغر.

_
ادعموا روايتي تقديرا لمجهودي♡
أحبكم♡

كِذْبَة؟:اللَّهَفْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن