(( ضروب العشق ))
_ الفصل السادس عشر _
ظلت للحظات طويلة تحدق في هذه الصورة الضخمة التي تملأ الحائط من أعلاه لأسفله ، وسرعان ما غامت عيناها بالعبارات وسقطت دموعها غزيزة على وجنتيها ، حيث كانت الصورة تجمعه مع أخيها ، فاقتربت ناحية الحائط وهي تملس بيدها على أخيها في الصورة بابتسامة مريرة حتى سمعته يهتف :
_ الصورة دي عملتها بعد وفاته بأسبوع وكنت كل ما باجي البيت هنا بفضل اتفرج فيهاالتفتت له وقالت بصوت باكي ووجه مملتيء بالدموع مع ابتسامة واسعة :
_ جميلة اوي ياكرم بجد ، هو كان بيحب الصورة دي أوي ليكمتوجه ناحيتها ووقف خلفها مغمغمًا في حنو ودفء استشعرته في صوته :
_ فعلًا .. بس لو إنتي كل ما تدخلي الأوضة وتشوفيها هتعيطي كدا ، أنا ممكن اشيلهاالتفتت له بجسدها كاملًا وهتفت تنهاه بسرعة وهي تجفف دموعها بظهر كفها :
_ لا لا اوعى متشيلهاش هزعل منك أوي بجد لو شلتها ، شكلها جميل خالصاكتفى بابتسامته اللطيفة لتبتعد عنه وتبدأ في تفقد بقية المنزل وهو معها ثم جلسوا يتحدثون في امور مختلفة إلى مايقارب النصف ساعة تارة يغلب عليهم الضحك وتارة الجدية في أحاديث أخرى ، إلى أن دخلت غرفتها وبدلت ملابسها وارتدت بيجامة منزلية مريحة ورفعت شعرها الناعم لأعلى بشيء تثبته به لتنسدل بعض خصلاته على وجهها من الأمام وعنقها من الخلف ، وسرعان ما انتفضت واقفة في فزع عندما سمعت طرقه على الباب وصوته فتوترت بشدة وترددت قبل أن تفتح ولكنها حسمت أمرها واتجهت لتفتح له ، ولم يكن وضعه يختلف عنها كثيرًا ولاحظت توتره في نبرة صوته وهو يقول :
_ أنا في الاوضة التانية لو عوزتي حاجة اندهي علياظهرت علامات الأسى والخنق على محياها وهي تقول في يأس :
_ إنت هتنام في الأوضة التانية ؟!أطال النظر في محياها لثلاث ثواني قبل إن يهتف في لطف :
_ آه ، لو إنتي حابة أنام معاكي مفيش مشكلةارتبكت وهزت رأسها بالنفي وهي تقول متلعثمة :
_ لا لا براحتك مقصدش كدا ، أنا كنت بسأل بس_ أمممم طيب تصبحي على خير
ردت عليه في ابتسامة مزيفة رسمتها بمهارة " وإنت من أهله " ثم اغلقت الباب ببطء واتجهت ناحية فراشها لتجلس عليه وهي تلوي فمها بحزن ، وتسمع صوت عقلها الذي لا يكف عن تأنيبها " لما الحزن ، وفري حزنك فهذه البداية فقط " ، زفرت بشجن وعدم حيلة ثم جففت الدموع التي ركضت لعيناها وتمددت على الفراش متدثرة بالغطاء وهي تغمض عيناها لتهرب من أحزانها عن طريق النوم .
أما هو فقد ذهب للمطبخ ليشرب المياه وقبل أن يضع كوب الماء في فمه انزله وهو يتأفف مغلوب على أمره ، فلا يستطيع تجاهل صوته الداخلي الذي يأنبه بأنه سيتركها تنام بمفردها في أول ليلة لهم في منزلهم ولا يستطيع أيضًا التغاطي عن شعوره بأنها تضايقت ، ليرفع كوب الماء مجددًا لفمه ويشربه دفعة واحدة ثم يعود متجهًا نحو غرفتها أو غرفتهم بالمعنى الأصح ثم فتح جزء صغير من الباب في تردد وهو يجاهد في السيطرة على مشاعره المضطربة فهو لا ينكر توتره بمجرد اقترابه منها أو اقترابها هي ، واليوم سيبذل مجهود عظيم ليشاركها في نفس الفراش والغطاء ، تغلب على اضطرابه وفتح الباب كاملًا ثم دخل وأغلقه خلفه بينما هي فظلت توليه ظهرها وتتصنع النوم ظنًا منها أنه دخل ليأخذ شيء وسيغادر مرة أخرى ولكن لحظات ووجدته يتسطح على آخر الفراش لتلتفت له برأسها في شبه ذهول وتتمتم في عدم فهم :
_ إنت مش كنت هتنام في الأوضة التانية ؟!
أنت تقرأ
رواية ضروب العشق
Romanceكاملة🔥 للعشق ضروبًا وأشكال فياترى لأي من ضروبه ستنحاز أيها القارئ ؟ ❤️