الفصل العشرون

167 15 4
                                    

(( ضروب العشق ))

_ الفصل العشرون _

وبعد وقت طويل من محاولات الوصول لها أخيرًا جاءته رسالة منها مدونة بها ( أنا في المستشفى ياحسن وداخلة العمليات هجهض الطفل ) ، حدق برسالتها في ذهول لدقيقة كاملة وسرعان ما اجرى بها اتصال وهو يثب واقفًا ويقول بنفس مضطربة :
_ ردي .. ردي

انزل الهاتف من على أذنه وهو يمسح على جبهته  بعنف هاتفًا في اغتياظ وقلق :
_ غبي !! .. أنا إيه اللي عملته ده

اندفع نحو غرفته وفي ظرف دقيقتين ارتدي ملابسه وغادر المنزل مهرولًا ليحاول اللحاق بها قبل أن يفت الآوان ، وحرك محرك سيارته وانطلق به وهو يفكر بأي مستشفى ستكون !! ، فهي حتى أنها لم تقل له في أي مستشفى موجودة ، ولكنه سيجرب الذهاب لأحد المستشفيات  مستمعًا لصوته الداخلي الذي يقول بأنها ربما تكون هناك ! ، وضع هاتفه أمامه ولا يتوقف عن محاولات الاتصال بها وعندما يأس فكر بأن يجرب آخر محاولة لعلها تنجح حيث ارسل لها تسجيل صوتي يقول فيه بصوت جاد به شيء من الخوف " يسر متدخليش العملية أنا غيرت رأى خلاص عايزه الولد ، ردي عليا بقى ابوس ايدك وقوليلي إنتي فين أنا في الطريق " .
وصلتها الرسالة فقامت بتشغيل التسجيل وسمعته واعادته أكثر من مرة وعيناها تذرف الدموع بحرقة وألم ، وعلى شفتيها ابتسامة مريرة وهي تتحدث في قرارة نفسها " ليتك تراجعت عن كل شيء قبل فات الآوان ، اهنئك على انتصارك الساحق علي " 

                             ***
قضي النهار كله يبحث في كل مستشفى من الممكن أن تذهب إليها ولكن لا وجود لها في أي مكان ، أحس بأنه سيفقد عقله وهو يفكر ويتساءل ماذا فعلت هل اجهضته أم لا ؟! ، وماذا حدث لها لما لا تجيب علي ؟ ، كلما تمر الدقائق يزداد خوفه ورعبه وتتناطح الأفكار السيئة في عقله حول إصابتها بمكروه وهي تجهض ! .
أوقف السيارة جانبًا وهو يتأفف بعدم حيلة وملامح وجهه تقوست بعبوس شديد هامسًا لنفسه في نبرة مختلفة :
_ روحتي فين بس يايسر

ارجع رأسه للوراء على المقعد وأغمض عيناه بإرهاق بعد ذلك اليوم الطويل والشاق من البحث عنها ، وإذا به يسمع صوت رسالة لهاتفه فانتفض جالسًا بعدما توقع أنها هي وبالفعل كانت هي وارسلت له رسالة صوتية ففتحها ليسمع صوتها الغريب والمبحوح وهو تقول بقوتها المعهودة " أنا عندى واحدة صحبتي تعبانة ومش هقدر آجي ، متتعبش نفسك وتتصل بيا عشان مش هرد عليك وهقفل التلفون ، بكرا الصبح هرجع البيت .. وبخصوص الولد فأحب أقولك اتأخرت أنا نزلته خلاص  " ، اتسع بؤبؤي عيناه بذهول وهو يستمع لآخر جملة قالتها " نزلته !! " ما معنى اجهضدته !!! ، لماذا فعلت هذا ليتها استمعت له للمرة الأخيرة قبل أن تذهب وعرفت بأنه تراجع .
بدا عى وجهه علامات الحزن والألم وهو يقول بصوت به شيء من الشجن :
_ ليه كدا .. ليييه !

حاول الاتصال بها على أمل ان تجيب ولكنها اغلقته فور ارسال رسالتها ، ليتنهد بيأس ويستدر بسيارته ليعود للمنزل ، وسينتظر عودتها في الصباح ، فهو ليس أمامه حل سوى هذا الآن ! .
عاد للمنزل بعد دقائق طويلة وبدل ملابسه ثم تسطح على الفراش وهو يحملق في السقف بسكون وأسى .
  ندم !! ، أجل ندم أشد الندم لأنه طلب منها إجهاضه ليته لم يفعل كل هذا معها بالأمس ، فبعد تفكير عميق أحس بأنه قد يكون شيئًا جميلًا أن يكون لديه طفل بغض النظر عن من هي أمه ولكنه سيظل طفله ، وحين تراجع وقرر إخبارها كان الآوان قد فات ، والقطر حمل معه طفله وذهب بعيدًا دون رجعة ! .
حاول النوم ولكن عيناه أبت أن تذيقه الراحة وكان يخطف دقائق صغيرة من النوم ويستيقظ مجددًا حتى اصبحت الساعة 9 صباحًا فهب واقفًا من فراشه واتجه للحمام ليأخذ حمامًا باردًا ودقائق قليلة سمع صوت باب المنزل يفتح فأغلق صنبور الماء فورًا وارتدي بنطاله على عجالة وخرج من الحمام متجهًا نحو الباب ليجدها تنزع حذائها عنها وغير مكترثة له بتاتًا فيهتف في انفعال حقيقي ممزوج بالاهتمام :
_ اليوم كله إمبارح برن عليكي ومش بتردي ! .. صحبتك مين دي اللي تاخدي الليلة عندها !! ، وبعدين إنتي إزاي تروحي تنزلي الطفل وحدك من غير ما تقوليلي إنك رايحة !

رواية ضروب العشق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن