الفصل الثالث والأربعون

154 15 7
                                    

(( ضروب العشق ))

_ الفصل الثالث والأربعون _

عاصفة ثلجية ضربت قلبه فأنشأت صقيع لن يمحوه سوى دفء الشمس ، وهذا لا يُسميه بمعنى الهروب من الواقع كما يظنون ، هو فقط بحاجة لفترة نقاء بعيدًا عن الكل ؛ حتى يتمكن من التسامح مع نفسه أولًا ويقبلها بأخطائها الشنيعة ! .
كان جالسًا بشرفة أحد المنازل الأرضية التي استأجرها موخرًا لقضاء فترة نقائه فيها ، قرر أن يفعل كما اعتاد قديمًا أن يخلو بنفسه كل فترة والأخرى ويتفرغ فقط لعبادة ربه ، يبتعد عن كل شيء يشغله عن التفرغ التام لربه في هذه الفترة ، بلا هاتف ، بلا عمل ، بلا تلفاز ، وأخيرًا بلا أي وسائل تكنولوجية حديثة .. كان المنزل يعطي وجهه إلى البحر مباشرة وبمنطقة شبه معزولة قليلًا عن المنطقة المكتظة بالسكان ، مما سيوفر له الراحة النفسية وعدم الأزعاج الذي يحتاجه ، وبيده مسبحته الخاصة يذكر الله بقلبه قبل لسانه وشفتيه ، وكلما يهمس بالذكر يرجع بإحدى حباتها إلى الخلف بينما عيناه معلقة على منظر المياه أمامه .
اشتاق لزوجته كثيرًا خلال فترة غيابه عن المنزل ، لكن هذا هو أفضل حل لكليهما فإن عاد لها وهو مشوش ذهنيًا وليس بحالته الطبيعية لن يتمكن من مواجهتها بالطريقة الصحيحة والأمور ستزداد سوءًا بينهما بعدما يخبرها بكل شيء ! .

بينما بمصر تحديدًا داخلة غرفتها ، وساوسها تنهشها نهش ولا تتوقف عن اسئلتها التي تتكرر بنفس المعنى في ذهنها ، وهي لماذا لم يعود معهم ولما هاتفه مغلق ؟! ، تحاول إجاد سبب مقنع لبقائه هناك فما العمل الذي سينهيه ويعود بعد ذلك ؟! هو أساسًا لم يخبرها قط من قبل بأنه لديه أعمال في لندن !! .
فتحت أمها الباب بعد طرقها الذي لم تسمعه بسبب شرودها واقتربت منها تهتف باستغراب :
_ مالك ياملاذ دخلتي الاوضة وقفلتي على نفسك ليه ؟!!

نظرت لأمها بأعين موهومة وغمغمت :
_ برن على زين تلفونه مقفول ياماما .. ومش عارفة خايفة ومش مطمنة !

_ يمكن تلفونه فاصل شحن يابنتي بلاش توهمي نفسك بحجات ملهاش لزمة .. اصبري شوية وجربي ورني عليه تاني

رمقت أمها بشرود وتفكير ثم استقامت واقفة بعد ثواني وتمتمت :
_ طيب ياماما اسبقيني برا وأنا هغير هدومي واطلعلكم

هزت الأم رأسها بالموافقة وهي تبتسم بعذوبة ثم استدارت ورحلت وتركتها في أفكارها التساؤلية التي لا تتوقف !!! ....

                                ***
وقف علاء خلف والده ينتظره أن يخرج المفتاح ليفتح الباب ويدخلوا ، ثواني قليلة ووضع طاهر المفتاح في القفل ثم اداره فانفتح الباب ودخل ومن بعده علاء .. الذي توقف بمجرد دخوله عندما انتبه لصوت الضحك المنبعث من المطبخ .. تبادل هو وطاهر نفس النظرات المستغربة والمدهوشة بنفس اللحظة بعدما سمعوا أصوات الكركرة ! .
تمتم طاهر قاطبًا حاجبيه :
_ دي مش ميار اللي قاعدة مع امك جوا وبتضحك معاها ؟!!!

رواية ضروب العشق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن