Part 13

127 23 6
                                    

الفصل الأخير
(صراع العقول)

إذاً لم يكن أسم وحيد صدفة، ولم يكن خوف والداي على سلمى أكثر مني صدفة، لا وجود للصدف في عالم ملئ بالفساد، لا وجود للصدف في وادي الغِربان وفي وجود مالك العامري.
لقد علمت كل شيء، عشت سنواتي الأولى في الحياة في ميتم، حتى تبناني والداي.. لا أستطيع التوقف عن نعتهما بوالداي لأنهم حقاً كذلك.. وبدونهما لم أكن لأحقق شيء في حياتي، لقد ماتت أمي وهي تلدني، ولحقها أبي بعد ذلك بسنوات، وعمي قاتل وغد، وسلمى ليست أختي، لا يوجد بشر في وادي الغِربان إلا مالك العامري، حتى الفتاة الوحيدة التي أحببتها... لم تكن حقيقية. كلها صدمات مرت عليّ في هذا الوادي، أريد فقط أن أعبر هذه المحنة.. محنة لعنة ألكا ومن يدري فقد تكون المحنة الأخيرة.

أنتهى مالك من حديثه الذي أمتلئ بالقسوة الشديدة وعدم الإهتمام حتى بموت أخيه، مما جعل سلمى تتسمر مكانها متعجبة فالتفتت اليه وقالت:
لقد أختلقت هذه القصة المزيفة لتفريقنا.. ولن أسمح لك بفعل هذا
ثم التفتت اليّ وأردفت بصوت حزين:
وحيد.. أنت أخي .. لا تسمح له بفعل هذا، إنه صراع العقل الذي يصنعه داخلك.. حتماً سيقضي عليك.. أفق يا وحيد.. لا تصدقه أرجوك
اخذت أهدئها وانا أمسح دموعها:
لا تحزني يا صغيرتي، بالتأكيد أنتِ أختي الوحيدة وسأظل أحبك حتى أموت، ولن يقدر أحد على تفريقنا
فقطع مالك حديثنا قائلاً:
لقد تأثرت كثيراً بتلك المشاعر الفيّاضة يا أحباب، ولكن ليس لديّ المزيد من الوقت هنا
فأشار بإصبعه إلى أحد رجاله وأكمل قائلاً:
قيدوهم جيداً وأقذفوهم في الحفرة مع زملاءهم ليجدوا بعض الونس في الليلتين المقبلتين... لأن بعدهما سنحرر سحرنا وستنتشر أسماؤنا في كل مكان ليس فقط في الوادي.. وهذا بفضل أبن أخي...

أنتهى مالك من حديثه وقيد رجاله أيدينا وأرجلنا وألقوا بنا في حفرة عميقة وواسعة بالقرب من البحيرة، لقد كان بها خمسة أفراد غيرنا، عرفتهم سلمى توّاً... لقد كانوا معنا على الحافلة.
نظرت أعلانا، يقف رجلين كحراسة على الحفرة ، التفتُّ إلى أختي التي ظهر عليها التعب الشديد، ونظرت إلى هذا الحبل السميك على أذرعنا، وإلى وشم ألكا الذي ظهر على عنق أختي سلمى... كلها أشياء جعلت عقلي يكاد ينفجر من كثرة التفكير، لا أدري ماذا أفعل ولا أجد الحلول أمامي وكأن عقلي قد شُلّ تماماً

بدأ زملاء سلمى يسألونني عمّا حدث لي قبل أن ينتهي بي الأمر هنا، ويحاولون فهم لعنة الزمن في وادي الغِربان فسألني أحدهم:
إذاً.. منذ متى ونحن في هذا الوادي
فقلت:
منذ حوالي أحد عشر يوماً.
فتعجب الجميع منهم من ظن أنه هنا منذ أيام أقل ومنهم من ظن أنه هنا منذ شهور
فقلت لهم:
إنها لعنة الزمن، لا يمر الوقت بنفس المقدار عند الجميع
فأومأوا لي برؤوسهم فسألتهم:
وكيف يمر يوم مالك إذاً.؟
فقال أحدهم:
في كل صباح يجلس عند البحيرة ويقوم بإلقاء بعض الكلمات الغير مفهومة ثم يضع قلادته في مياه البحيرة، ثم يجرح يده ليحصل على قطرة دماء يضعها على قلادته ثم يُكمل تلك الكلمات المخيفة
ثم يُحضر مجموعة من الناس ويلقي عليهم سحره مما يجعلهم مغيّبين وفي كل مساء تأتي إلينا الأخبار بعمليات السرقة والنهب والأغتصاب التي تحدث حولنا بسبب سحر مالك ...
فقالت سلمى:
لا تستهينو بتلك القلادة التي يضعها مالك
ثم رفعت يدها قليلاً بسبب القيود عليها فأكملت:
لقد فقدتُ أحد أصابعي بسببها، لقد حاولت تدميرها ولكن هذا لم يفلح، أظن أنه قام بتحصينها بطريقة ما..
فقلت:
بئساً على حظٍ قد يجعل نهايتنا في حفرة في منتصف الصحراء، لقد قلتم أنه ينزع قلادته مرة في كل صباح أظنها فرصتنا الوحيدة فليساعدني أحدكم على فك تلك الحبال..ويصف لي الطريق الى خيمة مالك.. غداً سنحاول مجدداً

وادي الغربان  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن