الفصل ٣

95 9 83
                                    


༺༽الميستيريو༼༻

انقادت ديستني ڤان ليوين وراء الرجل الذي أرسله السيد ڤوس للقائه في الباحة الخلفية حيث كانت تلف وشاحها الأسود حول كتفيها وصدرها لتحتمي من نسيم المساء البارد الذي كان يُعابثُ شعرها. بنظراتٍ مُتوجِّسة، تأملت تفاصيل المكان عندما وصلا، أشار لها صاحب البزة الأنيقة ناحية رجل يقف في الاتجاه المعاكس، يضع يديه خلف ظهره، ثم رحل. لم يكن هناك حاجة لينطق، فطلَّة السيد هيمنث ڤوس غنية عن التعريف.

حين سمع صوت خطاها وحفيف ثيابها، استدار لمواجهتها. نظرت إلى ملامح وجهه ولم تصدق عدم تغيرها، آخر مرة رأته كانت قبل سنوات، ربما الثراء وكثرة الأموال يحافظان على شباب المرء. فقد كان هيمنث ڤوس، رجل أعمال ثري وأحد أهم الأعضاء الممولين لأكاديمية كلاڤيس، يفترض به أنه في الخامسة والأربعين من العمر، ومع ذلك لا يزال يحافظ على ملامحه الشبابية.

علاقتها معه كانت مشابهة تقريبا لعلاقتها مع السيد هولشتاين حيث كان ڤوس صديقاً مقرباً لعمها، تبدَّى لها ذلك يوم العزاء من خلال تأثره العميق بخسارته، حيث كان من أوائل الحاضرين، ومنذ ذلك الحين بدأ ڤوس يهتم بها بشكل لافت، شعر بالمسؤولية اتجاهها لذا كان دوماً يسأل عن أحوالها ويرسل لها الهدايا في الأعياد، معتبرًا إياها وصية صديقه الراحل.

"أهلاً بكِ دي ڤي"- بادرها ڤوس بابتسامة ودودة، فبادلته الابتسامة وقالت: "تشرفت برؤيتك سيد ڤوس"

قال ڤوس وهو ينظر إليها بتمعن: "أعلم أن الوقت قد مر طويلاً منذ آخر لقاء لنا"
ثم أكدت ديستني ذلك وقد ظهر بريق مميز في عينيها: "أجل، لم نلتقي منذ ذلك الحين"
وكلامها هذا يشير إلى يوم العزاء، فعلَّق ڤوس على ذلك قائلا: "لقد وافته المنية في عز عطائه، ولم يكن من السهل تعويض مكانته لا في الأكاديمية ولا في حياتي"
سبب ذكره لذلك، هو أن صديقه توفي في عمر يقل عن الخمسين عاما.. وبعد لحظةٍ عاطفية، قام بتغير الموضوع:

"لا بدَّ أنك ِ تتساءلين عن سبب استدعائي لك لهذا المؤتمر"
فضحكت بذهول وقالت: "أكان ذلك أنت؟"
أومأ باحترام موافقّا، ثم استرسل: "أردتك أن تتعرفي على وسط عائلتك أكثر، فقد ساهم أسلافك قديمًا في تأسيس هذه الأكاديمية بجدارة، وفي ابقاء أسرارها آمنة إلى حد اللحظة"
تذمرت ديستني ساخرة وخاطبته ممازحة إياه: "بئسًا، لا تقل أنه حان الدور عليّ الآن!"

حرَّر ضحكته التي تخللها تحفظ، وبسط يده نحو الأمام قائلاً: "لنتمشى قليلاً"
استجابت له متشبثة بوشاحها، متذوقة الدفء الذي كان ينغمر في جسدها مع كل خطوة تخطوها. سارا معاً في الممر الطويل، حيث ألقى هو بزمام الحديث: "كان هدف مؤتمر اليوم الحفاظ على الآثار، كما شاهدتِ، فهو جوهر عمل الأكاديمية"

حراس المعرفة | Guards of knowledge حيث تعيش القصص. اكتشف الآن