ألعَقَـدُ ألدَاَمِـسْ | 2

565 59 18
                                    

رجني من شعري يكاد يقتلعه، فتمسكت بيده مترجيةً أن يتركني لأبرر تأخري، وعينايا لا تعرفان السكون، حيث تفيضان بالدموع بلا انقطاع.

-أتركني أرجوك! أبي، سوف أشرح لك.

لم يزده ترجياتي إلا قسوة، وصفعني على وجهي لمراتٍ متتالية دون أن يتركني كي لا أقع، شعرت بحرارة تنبعث من وجنتي على أثر صفعاته.

لذلك؛ رفعت ذراعي كدرع يحمي وجهي، عندما شعرت بدماء شفتاي تسيل على ذقني.

-لقد سئمت، ولم أعد أحتمل وجودك.

نزلت والدتي، السيدة صوفيا، إلى الأسفل متأثرةً بصوت الضجيج المتعالي، متوقفة عند درجات السلم، بينما تقف خلفها أختي الصغيرة سيما، التي لا تتجاوز سن العشرين، وتتابعان الأحداث بصمت.

أختي لن تجرؤ على التعبير عن معارضتها؛ كي لا تشاطرني الكفوف التي أتلقاها، أما والدتي فتتفق مع والدي في كل حرف ينطق به، ويتبنيان نمط التفكير نفسه، وهذا الذي يحدث الآن ليس مجرد سوء تفاهم سينتهي، بل إنه أسلوب حياتنا اليومي.

بينما كنت أثابر كي لا أسقط، وهو يتلتل جسدي، وشارف على اقتلاع شعري من جذوره، كانت والدتي تحدق بنا دون أن يرف لها جفن.

-ماذا قلت لكِ بشأن التأخر في الساعات المتأخرة من الليل؟ وعندما تخرجين، يجب أن يكون ذلك بصحبة أخيكِ.

ربما يبدو الأمر كما لو أنه يخاف علي، لكن في الواقع إنه لا يثق بي.
أعمق مخاوفه تكمن في أن انزلق نحو الانحراف، أو أغرق في علاقات عاطفية عابرة، أو أسعى وراء متع الحياة في الملاهي، مما سيؤدي إلى انهيار صورته المثالية في عيون الناس.

في كل مرة تتزوج إحداهن من معارفنا، يتيح له ذلك فرصة تذكيري بأني سأتزوج شخصاً من اختياره، شخصٌ يستفيد من مصاهرته.

زواجاً ليس على الحب والألفة، بل مبنياً على المصلحة والاستغلال للوصول إلى هدفه وتحقيق غايته.

لن تنبض مشاعري بالحب، ولن أقترن بمن أسر قلبي بخفقاته.
ما يؤلمني حقًا، هو انعدام الأمل في الخلاص.
سأتزوج زواجاً تقليدياً من شخصٍ لا أعرفه، وهذا الأمر مفروغ منه.

-لماذا؟ هل تظن بأني عاهرة؟

لقد كنت ألوذ بالفرار من واقع الحياة إلى عالم خاص بي، حيث أكتشف فيه جنة الحب وعبق المشاعر، حيث أتخيل يد كيفن تمسد على شعري وتطمئن روحي المرتعشة.

يبنيني بعد كل انهيار، يسمعني الحب بكلماته، ويحتضن خوفي، يضم أضلعي برفق، ولا يفلته حتى يشفى.

لكنه خيال.

من لم يرَ الحب سوف تتجمد شرايين فؤاده. من سوف يترك دفأه ليسكن برودي؟

ألعقد ألدامسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن