ألعَقَـدُ ألدَاَمِـسْ | 18

1.3K 109 145
                                    

"بعض الّنهاياتِ مُرّةً كالقَهوة، ولكنّها تجعلُكَ شخصاً مُستيقظاً، مُتنبهاً."

..............................••

في وقت الظهيرة، اتخذت عودة ساندرا طابعًا غريبًا. فقد كان من غير المعتاد أن تعود في هذا الوقت، إذ يُفترض أنها مشغولة في المحاضرة. ألقت حقيبتها جانبًا ووضعت كتبها على الطاولة. لم تكن في أفضل حالاتها، إذ كان شحوب وجهها يعكس ذلك بجلاء.

تأملت كيارا، كما جرت العادة، غارقة في سبات عميق، ثم توجهت نحو النافذة وسحبت الستائر برفق.

-أترين كيارا، موسكو يكسوها بياض الثلج، فتبدو كأنها لوحة سحرية تنبض بالجمال.

وضعت يدها على زجاج النافذة وأخذت نفسًا عميقًا.
لم تمتلك الطاقة للجلوس والاستماع لساعات في قاعة المحاضرة، كأن رغبتها في كل شيء منعدمة.

-لا أملك أحدًا غيركِ، وأنتِ حتى لا تسمعينني.

على الرغم من علمها بأنها لا تُسمع، بدأت تُبدي مشاعرها وتروي لها ما يجري في أعماقها. وكأنها تُخاطب روحًا غائبة، كما تفعل في كل مرة وهي تشاهد المدينة.

-أظن بأني سأبتعد عن مواصلة دراستي، وقد بدت لي أفكاري ساذجة حين اعتقدت أنني سأتمكن من الصمود في هذه المدينة القاسية والباردة.

قد تكون قاومت في البداية، لكن مع تقدمها في مسيرتها، ازداد إرهاقها بصورة ملحوظة. إن حياة الريف ليست كالحياة في المدينة، وهذا ما أدركته بعد أن ابتعدت عن عائلتها وقريتها.

بعد حديثها المتواصل، توقفت فجأة عن الكلام وغرقت في دوامة من الأفكار، وكأنها انزاحت عن واقعها، فلم يعد لها بالٌ بأي شيء حولها.

حتى لكيارا، التي بدأت ملامح وجهها تتغير حيث بدأ صدرها يعلو ويهبط وقد جمعت حاجبيها فجأة، كانت علاماتها الحيوية تسجل مستويات طبيعية كما في أي وقت مضى، مما قد يشير إلى أن حركتها تمثل تقدماً إيجابياً.

بعد انقضاء كل هذه الأشهر، بدأت تتجلى حركة خفيفة فيها للمرة الأولى، لكن ساندرا لم تكن في كامل تركيزها لتلاحظ ذلك.

تحركت أناملها بحركة خفيفة، وهبطت حاجباها بعمق أكبر، من يدري لعلها تلامس مشاعر صديقتها في هذه اللحظة.

لكن انتهت الأمور بتلك الحركات اليسيرة، فقد توقفت وعادت إلى ما كانت عليه في السابق، وكأن شيئًا لم يحدث، دون أن يلتفت إليها أحد.

هل ستستغرق في سباتها مرة أخرى، أم أن هذه هي اللحظة التي تشرع فيها في استعادة وعيها؟ إن طبيبتها كانت ستدرك ذلك على الفور لو رآها أحد.

20:00 PM

هطل حبات الثلج في عمق الليل الداجي، تتساقط بهدوء كأنها نجوم تنشر سكوناً ساحراً في الأرجاء. أفق موسكو وغيومها ألقت ثقلها مفرطةً في كرمها، إذ أسدلت سُدُفَ الثلوج لتغلف أرضها ببياض ساحر.

ألعقد ألدامسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن