اقتباس٢<حقيقة لا بّد منها>

991 78 41
                                    

لفت نظري ذلك الشاب المراهق وهو يسجل فيديو يشرح فيه الأوضاع الحالية بكل هدوء، كأنه يلخص فيلمًا شاهده في سهرة نهاية الأسبوع. ثم توجه إلى مجموعة من الأطفال وسألهم إن كانوا يفضلون الرحيل إلى مكان أكثر أمانًا أم البقاء وسط الفوضى التي تحيط بهم.

في تلك اللحظات، توقعت إجابتهم. كنت على يقين أنهم سيختارون الرحيل، بحثًا عن ملاذ يمكنهم فيه ممارسة حياتهم الطبيعية والشعور بطفولتهم التي سُلبت منهم في عمر صغير. لطالما كنت أستمع بالصدفة إلى أغنية "عطونا الطفولة"، ولم أكن أفهم معناها أو أشعر بكلماتها، لكن في تلك اللحظة، بدأت تلك الكلمات تتغلغل في أعماقي.

وبعد سلسلة من المفاجآت السيئة، صدمني ذلك الطفل الصغير، الذي لم يتجاوز طوله شبرين، بإجابته الصادقة. قال: "لا، لن أترك موطني لأعدائي وأحقق ما يطمحون إليه. يريدوننا أن نختفي من الوجود، لكننا لن نسمح لهم. لن نترك هذه الأرض حتى لو استشهدنا، فهذا شرف لنا."

كيف لطفل لم يتجاوز التاسعة من عمره أن يجيب بكل هذه الثقة والوضوح؟ وضعت نفسي مكانه ولم أشعر أنني كنت سأختار مثله. شعرت بالإحراج يصحبه بعض الغيرة. هذا هو الشعور بالانتماء إلى الوطن، إذاً.




بقلم/فرح عمر•_•

من تجرأ واحتلنيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن