العَشِيقَة "ليزآ"

21 1 2
                                    

"حبيبتي الصّهباء"


في يوم تلبدت فيه السماء بالغيوم..
كان أحد ليال ديسمبر الباردة..
أضواء الشموع التي تتراقص مع الهواء الخفيف قد جعلت الجو في الجناح أكثر رومنسية ، اقتربت وصيفة الملكة وخلفها عشر جوارٍ يرتدين أحسن الثياب والزينة..
أشار بيده بطريقة عشوائية على أحدهن لتكون ملهمته الليلة، علّه يزيح القليل من أثقال الحكم على كاهله ..
غادر الجميع ...عدى تلك الجارية الصهباء التي وقع الاختيار العشوائي عليها
وجهها المليء بالنمش مميز جدا تستطيع تمييزه بين ألف امرأة !
شعرها البرتقالي الطويل يشير الى أن الحياة تتوقف عند عطره الفواّح!.
زرقاويّة مقلتيها وهي تحركهما بتوتر شديد كادت أن تنافس البحر والسماء بهما!
شفتيها الممتلئتين كأنهما فاكهة قد نضجت للتو!
انحنت بطريقة عفوية أمامه.. ومن أول التقاء للأعين! خطفت ذلك الذي ينبض بين أضلعه وخبّأته بين رمشها الطويل
ودون قصد منها..! أوقعته في الحب♡
..
كانت ليلتها الأولى مع الأمير كفيلة أن تجعل لنفسها مكانة عنده، لقد أسرّته وأسرَتْه في آن واحد ، وهكذا بات يطلبها في جميع خلواته متخليّا عن الأخريات متجاهلا تذمرات والدته وتحذيراتها المتكررة.!

.. كانت "ليزا" قد لقّبت في القصر ب "عشيِقَة الأمير" ،لقد لاحظ الجميع تعلق ولي العهد بها وكثرة طلبها عنده قد أثارت غيظ الملكة جدا ..

حتى جاءت تلك الأمسية البائسة .. كعادة "ليزا" قد طلبها الأمير عنده في تلك الليلة، أولا تذهب للإغتسال ثم الى غرفة الملابس لتتزين بأجمل الفساتين ، وبعد ذلك تتجه الى حجرة الدّاية لتسقيها شرابا يمنع حدوث الحمل ،استغربت من تغيّر طعمه على غير العادة ولكنها لم تعر للأمر اهتماما ..
وبعد عدّة ليالٍ من هذا الحال
شعرت بتعب شديد وألم وإعياء ، الكثير من الغثيان الصباحي ودوخة مستمرة قدأهلكت توازنها،ومازادها خوفا هو غياب صديقتها الشهرية،ذهبت الى إحدى طبيبات القصر وتم الكشف عليها ..أنزلت ذلك الخبر كالصاعق عليها!
لقد بدأت أعراض الحمل تظهر عليها ..
أدركت أنها في مصيبة عظيمة جدا !
يا إلاهي ماعساها تفعل..!!
لن ينقذها من ورطتها الا حبيبها الأمير!..

.. ليلتها لم يتمّ طلبها من قِبَلِه، رغبة من والدته الملكة لرفضها شدة اهتمامه بها وتهديدها بإبعاد الصهباء عن القصر مهما كلف الأمر!
فحاول تخفيف الشبهات عنه هذه المرة!
..
كان التوتر بادٍ عليها ..وبعد أن نام الجميع وانسدل ستار الهدوء على أجواء القصر، اتجهت خلسة الى جناح الأمير .. لم يكن تجاوز الحارسين اللذان عند بابه سهلا ولكنها استطاعت تجاوزهما بسهولة لانهما يدركان أنها مفضلة الأمير وخليلته التي لاتفارقه!
..
دخلت بهرولة تبحث عنه في أرجاء المكان ،  كان الجناح فارغا عدى ولولة الرياح التي تراقصت بسببها ستائر الأبواب المؤدية الى الشرفة الكبيرة..اقتربت بهدوء لتنظر الى ذاك الوسيم انذاك قد غاصت أفكاره في وساعة السماء يقف حاملا كأسه الفضيّة بين يديه .
نادته بصوتها اللطيف فظنّ أنه يتردد في ذهنه لفرط حبّه لها ..
أعادت الكرّة ليلتفت اليه بعيون حزينة
.."هل هذه أنتي حقا يا حبيبتي؟"
فتح ذراعيه لتنهمر الى حضنه بكل شوق .. اشتم عطر شعرها البرتقالي الذي يفوح بعطر الياسمين .. أخبرها أنه يحبها بشدة ولن يتخلى عنها مهما حدث .. أجل! سيقف في وجوه الجميع وسيصدّ العادات والتقاليد الغبية التي تمنعه من الزواج منها!
.. اختصرت معاناتها وخوفها في كلمتين
."أنا حبلى!"
اتسعدت حدقتا عينيه اللتان لمعا مع برق السماء وفتح فيه من الدهشة
.."كيف حدث هذا؟"
انزلقت تلك الدموع الخائفة وصوتها الراجف يحاول شرح الموقف بصعوبة
  .."لا أدري .. لقد التزمت بالقواعد ولم أنسى شرابي يوما قبل الوصول الى أحضانك!"
امسكها من ذراعيها بخوف شديد عليها
.."تذكري جيدا لربما نسيتي أن تسقي به ذات مرة عن طريق الخطأ!""
طأطأت رأسها رافضة لهذه الاحتمالات الواهية .. يستحيل أن تفعل شيئا كهذا قد يؤدي بحياتها الى الخطر
.. دخل الأمير جناحه وهو يضم "ليزا" الباكية بين ذراعيه بعدما لفح البرد وجوههما
فكر كثيرا للخروج بحل عدى الاجهاض
..يالاهي !كان الأمر حلما بينه وبين نفسه أن يعيش حياة طبيعية ويتزوج من يحب وينجب منها أطفالا ويعيش بدخل بسيط بعيدا عن هموم الدولة ومشاكل الحكم ! ولكن تطبيق هذا على أرض الواقع صعب جدا! ومحظور في حياته الأصلية
..
استلقى على ظهره من شدة التفكير ..وتمتم بين شفتيه
.."ستكون مصيبة عظيمة اذا وصل الأمر الى الملكة!"

______

وقد تحققت مخاوف الأمير فعلاً !
فبعد فترة من الزمن أصرّت الملكة على الكشف عنها بعد ما تغيرت طباعها وحالتها الجسدية الى مايثير الشكوك حولها ..
ووقعت في ماكانت تتمناه!
سببا قويّا يبعد الجارية الصهباء عن ابنها!.
...
حدث الصدام المعتاد بين الأم وابنها الذي حاول الدفاع عن محبوبته وسط صرخات أمه وتذمرها الشديد عليه
ولكنه أصرّ على بقاء طفله بين أحشاءها
.."ولكن العادات! التقاليد! العرش!!"
لقد هدم آمالها في جملة واحدة
..'فليذهب الجميع الى الجحيم المهم أن لايصيب طفلي ومحبوبتي شيء! "
رصّت الملكة على أسنانها من الغيظ
.."وماذا بعد كل هذا؟ هل ستنجب طفلا غير شرعي للعرش؟أم ستولّي ابن جارية الحكم من بعدك؟"

.."لا ذاك ولا ذاك يا أمي بل سأتزوجها لتصبح ملكتي المستقبلية!"
لم ير بعد ذلك سوى والدته وهي تقع من طولها من الصدمة ويرتطم جسدها على الأرض!..

ســندريـِـلآ الــمُزيّـــفـَٰـة!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن