دفء العآئلة

90 9 0
                                    

..في أواخر شهر ديسمبر ..

كان البرد قارسا في هذا الوقت من السنة والمدينة قد اكتست بالثلوج البيضاء ..ففي هذه الفترة  يعود الأب الى عائلته الصغيرة المكونة من ثلاث فتيات وزوجته المصون ..."جوليا" ليحتفل معهن ببداية سنة جديدة..

وبالطبع! يأتي حاملا الكثير من الهدايا النادرة التي يحضرها من البلاد البعيدة.

تهاتفت الفتاتان "مايا" و "نايا" على حضن أبيهما الذي فارقهما منذ أشهر طويلة.. عكس "سندريلا" التي تبقى في حجرتهاو  لاتغادر منها الا وقت الطعام.

تسابقت الفتاتان على أكياس الهدايا ..فأشارت لهما الأم بسبابتها ان الهدايا لاتفتح الا بعد العشاء ..

اجتمعت الأسرة السعيدة حول الطعام اللذيذ وقبل ان يباشروا ، كان كرسي "سندريلا" شاغرا.. ليوجّه سؤاله المعتاد على زوجته "جوليا"

.."هل مازالت على هذه الحال؟"

زمّت شفتيها وأردفت بحزن ..
.."مازالت على حالها منذ مغادرتك ..!"

أخرج الأب زفيرا من رئتيه واختفت ابتسامته الساطعة .. 
.."سأعود بعد قليل!"

..
صعد الأدراج الخشبية متوجها الى حجرة ابنته البكر.. طرق دقات خفيفة تبعه صوت صرير الباب وهو يفتح

كانت تلك الشقراء صاحبة الشعر الذهبي تتصفح كتابا ولكن انقطع تركيزها فور رؤيتها لأبيها.. ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها التي لم تستطع كبتها .. وقامت تحضنه بينما هو يطبطب على ظهرها النحّيل
..
"كيف حال مدللتي الصغيرة؟

قطبت حاجبيها بحزن
.."لم أعد مدللتك الصغيرة منذ ولادة القردتان!"

ضحك الأب بصخب وهو يقرص خدّها الوردي
.."ايعقل أنك تغارين من أُختيْكِ يا سندريلا؟

اجابت بغضب
. "لا ! أنا لا أغار من أحد ،فقط لا أحب ان يشاركني أحد الشخص الوحيد الذي لا أبغضه على هذه الأرض!-

وضع أصبعيه على ذقنها ورفع وجهه اليها ..
.."حتى وإن أنجبت الكثير من الأبناء، ستبقين أميرتي المدللة التي لا يأخذ أحد مكانها هنا ..'وأشار الى قلبه
..
فتحت عيناها على مصرعيهما بذهول
.."هل هذا يعني أنك تنوي إنجاب المزيد!"

ابتسم الأب وهو يربت على كتفها ..
"هيا تعالي لتناول العشاء معناوبعدها سنفتح الهدايا!"

أدارت وجهها الى زجاج الشباك مربعة كلتا يديها على صدرها
.."لا أريد!"

سكت الأب ثم أردف
.."إنني أحمل لك شيئا مميزا"

التفتت نحوه بشيء من الحماس
.."حقا! ماهو؟"

ابتسم لحماس ابنته وقال
.."إن أريتك إياه هل ستنزلين معي أم تردينني ؟"

سكتت تفكر قليلا ثم وافقت على طلبه
..
.بدأت يداه الخشنتان تبحث في جيوب سترته حتى تحسس شيئا داخل أحدها ..
وأخرج منها سلسالا فضّيا يحمل فصّا من نجمة وهلال

اختطفته من يده بحماس وهي تتلمسه بأناملها البيضاء

.."يالها من قلادة جميلة يا أبي"

تنهد بحزن وقال
.."لقد كانت قلادة والدتك التي لم تغادر نحرها أبدا ..كنت انوي إهداءك إياها في عامك الواحد والعشرين-!"

التفتت اليه بحزن وهي ترتدي القلادة..
.."ولم لم تهدني إياه في عيد ميلادي! لم يبق له الا عدة أشهر"-

تنفس الصعداء وأردف
.."لأنني سأكون في أحد البلاد البعيدة.. لذلك أحببت أن أقدم هديتي الآن..

عانقته بشدة بينما بادلها العناق .. لم يقاطعهما الا صوت "جوليا" التي صرخت فيهم

.."لقد برد العشاء هيا انزلا !"

_____

لم يكن والد "سندريلا" يشعر بالسواد الذي في قلب ابنته اتجاه زوجته وابنتاه، حتى انه سمع يوما من جارة قريبة منهم أن سندريلا اخبرتها أن زوجة أبيها كانت السبب في مقتل أمها اذ انها كانت تسحرها بتعاويذ حتى أدت الى وفاتها وتزوجت بعدها ببعلها..

حاول عدة مرات ان يشرح لها عن سبب وفاة والدتها بمرض مزمن قد صاحبها في فترة أواخر ايامها قبل أن توافيها المنية ..لكن الحقد والغضب لم يتركا مكانا للتصديق أو المغفرة !

هي فقط كانت تبحث عن سبب وجيه لتكره امراة اخذت مكان والدتها في كل شيء ! حتى في قلب والدها الذي تراه يتودد الى زوجته ويدللها كثيرا!

...
♡♡





ســندريـِـلآ الــمُزيّـــفـَٰـة!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن