عرضٌ مغري

38 5 1
                                    

البارت السابع:

هذا مقدارُ حبِّكِ و إحترامِكِ لي 💔
لا تسألوهُ كثيراً عن خسائِرِهِ، فصوته صارَ أدمى من أظافِرِهِ، وقلبه الذي عاشَ منفيَّاً بداخلهِ، يصبُّ نهرَ شرودٍ في محاجِرِهِ،
كان قد أعدَّ في الزوالِ سيارتهُ وقام بربطِها بدراجةٍ ثلجية بالخلف كي يقوما بجولةٍ بعد المسابقة، من كان يعلمُ أنه يُجهِزُها، لكي يبحثَ بها عن محبوبتِه المفقودة،
لا تسألوهُ رجاءً، وإسألوا فمَهُ، كم شهقةً بينما يُسرعُ قد طواها في حناجِرِهِ،
لماذا ؟
لأن الخطرَ يُحدِق بمن عشقتهُ، شقيًا، شاعرًا، نزقًا، يخبِّىءُ الليلَ شعرًا في دفاتِرهِ، مرَّت عَليْهِ وكانت مِثْلَ أُغْنِيَةٍ وسَافرت مِثْلَ لَحْنٍْ في خَوَاطِرِهِ، عشقتهُ نادماً جاءَ مُرتبكاً، ووجهُ ألفِ يَتِيْمٍ خَلْفَ نَاْظِرِهِ،
آه يا زمان، لا شيءَ فـي يـدِهِ إلا قصيدتُهُ، وخيبةٌ مِما قال لها أصبحَتْ أُمـّاً لـحـاضِرِهِ،
لما لا تفكرين بنفسك ولا لمرة، لما لا تُفكرين بي و بماذا سيحصلُ لي بدُونك، لما تصرين على جعلي أعيش هذا الخوف دائما، لا، لا، لن أسمح أن يحدث لكِ شيئ، أبداً، أبداً، قالها بينما يشدٌ على المِقود بقبضتيْ يديه،
إشتد هيَجانُ الطقس و تساقُطُ الثلوج فتثاقلت خطُواتُها،
وصلت، لكن كانت فاقِدةً للأمل، فقد لاحظت أن نِسبة الثلوجِ قد إزدادت بحيثُ مع كل خطوة تُدفنُ رجلها لحدِّ رُكبتِها،
لا يُمكِن، ما هذا الحظ اللَّعين،
سقطت و جثت على رُكبتيها تبكي و دُخان أنفاسِها يعلوا كعُلوِّ أدخِنة مدافِئِ المنازل، سحر الغبِية، غبِية، أنتِ غبية، معاتِبةً نفسها بينما تمسحُ دموعها،
لن أستطيعَ إيجادها الآن،
أنِينُها و نحيبُها إشتدَّ كلٌهُ فتضامنت معها الرياحُ و إشتدَّ هَرِيرُها أكثر، ماذا سأفعلُ الآن، حاولت سحبَ نفسها كي تعودَ أدراجها لكن الرؤيةُ كانت صعبة،
إختفت حتى آثارُ أقدامِها فبدأ الخوفُ يتسلَّلُ لقَلبِها، مرت ربعُ ساعة تمشي دون أن تعلمَ إن كانت على الطريق الصحيح، قالت،
يا رب أنت العليم بما في القلبٍ من وجعٍ، و أنتَ الرحيمُ بضعفٍ لستُ أقواه،
إنخفظت حرارةُ جسمِها و بدأت قوتُها تتلاشى، مرَّ شريطُ جدالها معه فإنخفضت عزيمتُها، إلى أين سأذهب ؟ لن يُسامِحني فإرتمى جسمها مُستسلماً  تجلدُهُ الثلوجُ و ينتظِرُ أن يُدفن،
أع ..تذِر.. منك ي..مان 💔
سحرررررر، سحرررر ! أين أنتِ، إنقبَضَ قلبهُ فجأة، إستشعر أن شيئا ما حدث لها، بينهما روابِط لا تُرى، مع مرُورِ كل ثانية يُحسُ أن خيطاً من الخيوطِ التي تربِطُ قلبيهِما ينقطِع، سحرررر، يا رب إحفضها لي و لا تختبرني بفِقدانها،
صدى صوتهِ آتى لمسامِعها، لكن لا تستطيع الحركة، كان على مقربةٍ منها فزحفت بجسمِها قليلا فإذا بها تتدحرجُ من على حافةٍ بإتجاهِه، أوقف دراجته عندما لاحظها لكن لم تكد ترتفِعُ شفتُهُ السُفلية معبِّرةً عن السعادة حتى ترجلَّ يجري نحوها،
إرتطَمت مع إحدى الأشجار لتصرخَ بِقوة و يُغمى عليها،
خفق قلبُه و إضطرب، حنى بنفسه بسرعة و أدار جِسمَها إليه،
سحر... إفتحي عينيكِ، لا تفعلي هذا بي،
لاحظ إحمرار أنفِها، خرجت من الفندق بملابس خفيفة فزادها هذا الأمرُ سوءاً، تزامن وضعه لها على الدراجة مع وصول فِرقةِ الإنقاذ التي إستدعاها مديرُ الفندقُ ليتم نقلها على أوجٍ السرعة للمستشفى، الحالة التي وجدها عليها قطعتهُ لأشلاء،
كيف قلتُ لها ذلك، كيف ؟
خرج الطبيب فتعرضَّ له، زوجتي، زوجتي كيف وضعُها ؟ وضع يدهُ على كتفِه، لديها كسرٌ بيدها اليسرى لكن قمنا بما يلزم، هي بخير لا تخف، حرارةُ جسمِها كانت منخفظة جداً، يبدوا أنها تعرضت للبرد لمدة طويلة، نائمة ترتاح الآن، و عندما تستيقِض بإمكانكَ تخريجُها، زال البأس،
فتح باب غُرفتِها و سحب كرسياً كي يجلِسَ بمقربتها، أخذ يدها و قبلها مُعتذراً عما سببهُ لها، قبَّل و قبَّلَ ثمَّ عاد و قبَّل كفَّ و أمامَ يدها مراتٍ عدة،
يقولون لي لا تبكي أنتَ رجُل، تحمل أنت رجل، لا تحزن أنت رجل، أخبركم أننا بشر مثلكم، نزلت دُموعه و قال، لكِ بالفؤاد معزة وهيامُ، والبعدُ في   شرع الغرام حرامُ، ما بالُ بالكِ لا يُبالي بَلَوتِني، وبِلَيْلة باتَ الوئامُ خصامُ، عُدي لي فغيابُكِ قاتلٌ، وأنا الذي فتكت به الآلامُ والأيامُ،
كيف تذهبِينَ إلى هناك وحدكي ؟
أنتِ... أنتِ.. أنانية، سأحاسبكِ عندما تستيقِظين،
حركت إحدى أصابعها فأحسَ بها و رفع برأسِه يتأكدُ من إيستِيقاظها، كانت رؤيتُها ضبابية فإقترب جالساً على حافةِ السرير و بلهفة وضع كفَّ يدِه على خدها،
الحمدُ الله، هل... هل لديكِ آلالامٌ ما ؟ هل... هل أنادِي أُنادي الطبيب ؟ تجمعت الدٌموعُ بعينيها و إعتذارُها منه صاحبتهُ شهقاتٌ و نحيب، بُكائها أحرق روحه و أتعبه، مالَت برأسِها للجهة الأخرى خجلة، فنادَها بإسمها،
سِحريم، لا تبعِدي عينيكِ عنِّي،
إنتَزَعت يدها من بينِ يدَيه بِبُطئ، ألمُها لا يخِفٌ لإيضاعها تلكَ القلادة، مدَّ يدهُ و أعاد توجيهَ وجهِها له، ثمَّ قبَّل جبينها، فأكملت بصعوبة، لقد.. أضعتُها، لم أستطِع الحفاظ عليها،
سحر، محاولاً قطع حديثها،
لكنَّها أكملت، لو أنِّي لم أذهب هناك، كلٌ ذلك بسبَبِها، تبكِي كالطِّفلةِ أمامه فإبتسمَ لزَلَّةِ لسانِها، إعترفت عن غير وعيٍ بغيرتِها عليه،
بسببها ؟ سائلاً إياها بمكر،
إحمرَّت وجنتيها و أحست بالغيظِ عند رؤية وجهه الباسِم لها، ودَّت لو أنها تختفِي من أمامِه،
دعِينِي أُساعِدكِ،
قامَ بإسنادِها على صدره و قال، أكثرُ ما يعذِّبني في اللغة أنّها لا تكفيكِ، وأكثرُ ما يضايقني في الكتابة أنّها لا تكتُبُكِ، أنتِ إمرأةٌ صعبة كلماتي تلهثُ كالخيول على مرتفعاتكْ ومفرداتي لا تكفي لاجتياز مسافاتك الضوئيَّة، معكِ لا توجدُ مشكلة، إنَّ مشكلتي هي مع الأبجديَّة، مع ثمانية وعشرين حرفاً، لا تكفيني لتغطية بوصة واحدةٍ من مساحات أنوثتكْ ولا تكفيني لإقامة صلاة شكرٍ واحدةٍ لوجهك الجميلْ،
سحبَ القلادةَ من مِعطفِه و قال لها أتسمحِين ؟
دُهِشت، كيف ؟ أنا... ضننتُ.. المسار.. كلِماتها تأبى أن تجتمِع في جملةٍ مفيدة، سأخبِرُكِ بكل شيئ، لكن أولاً دعيني أضعها لكِ،
... و هذا كلٌ ما حدث، عَلت الصدمةُ محياها، أحداثٌ تراها فقط في الأفلام، أتمَّ إجراءاتِ الخروجِ و عاد لها، وجدها تُحاولُ أن تلبِس مِعطفها، فأسرع لها،
لماذا لم تنتظِرينِي ؟
ساعَدها و أخذ الشالَ أيضاً من على السرير و أحاطهُ على عُنُقِها، لا تظُني أني لن أحاسِبك، لقد كاد قلبِي يخرجُ من بينِ أضلعي و أنا أبحثُ عنكِ، إقتربت بجرأة من وجهه و نالت جسارتُها إعجابه، قالت،
إِغضب كما تشاءُ، وجرحْ أحاسيسي كما تشاءُ، حطِّم أواني الزّهرِ والمرايا، فكلُّ ما تفعلهُ سواءُ، كلُّ ما تقولهُ سواءُ، فأنتَ كالأطفالِ يا حبيبي، نحبِّهمْ مهما لنا أساؤوا،
إغضب، فأنتَ رائعٌ حقاً متى تثورُ، إغضب، فلولا الموجُ ما تكوَّنت بحورُ، رفعت بجِسمِها على غفلةٍ منه و قبَّلة خدَّه،
حركةٌ صغيرة، حركةٌ صغيرة منها تُدخِلُ السرور لقلبه، ناهيكم عما فعلت، أدخلها في حُظنِه و شدَّ عليها بقوة شديدة، دسَّ أنفه في شعرها و أخذ نفساً عميقاً و ردَّ عليها قائلا،
أشهد ألّا إمرأةً أتقنت الحٌب إلّا أنتِ، و إحتملت حماقتي تسعةَ أعوام ونِصفاً كما إحتملتِ أنتِ،  أشهد ألّا إمرأةً تشبهني كصورة زيتيَّة في الفكر والسّلوك إلّا أنتِ، والعقل والجنون إلّا أنتِ، أشهد ألّا إمرأةً قد أخذت من إهتمامي نصف ما أخذت أنتِ، أشهد ألّا إمرأةً تجتاحني في لحظات العشق كالزّلزال،
تَحرقني.. تُغرقني.. تًشعلني.. تُطفئني... تَكسرني نصفين كالهلال إلا أنتِ، أشهد ألّا إمرأةً تحتلّ نفسي أطول إِحتلال وأسعد إِحتلال إلا أنتِ،
أحبٌّك جدّاً سحر، أحبٌكِ  أيا إمرأةً تُمسك القلب بين يديها، سألتك بالله لا تجعليني أشعُر بما شعرتُ اليوم، لا تتركيني، لا تتركينِي فماذا أكون أنا إذا لم تكوني،
قطع لحظاتهم الجميلة دَقٌ على الباب، لتتفاجئ سحر بالقادِم بينما يمان قد تغيرت ملاحمه و أبدى الإنزعاج من الأمر برفعِ إحدى حاجبيه،
سليم !
أنا أعتذر مِنكُما، أنا... عندما سمِعتُ في الفُندق أنكي تعرضتي لحادِث... شيئ..،
كادت يدُها تُسحقُ في يده، أحست بالسعادة الغامِرة عِوض الألم، فهو يُحسٌ بنفسِ ما أحسَّت هي،
يغارُ عليها ♥️
سلِيم، أقدِّمُ لك يمان، زوجي و حبٌ حياتي، تلاشت أحلامهُ الوردية بأن يقِف بجانِبها و يتقربآ أكثر، كان الواقِعُ قاسِياً عليهِ في حين لم يرفع الآخر عينيهِ عن زوجته، نظراتٌ فخرٍ بأنهُ المالكُ الوحيدُ لها، نظراتٌ تجاوزت الفخرَ حتى بحصولِه على قلبِها، إرتبكَ سليم و تحدث متلعثِماً،
زال البأس، تشرفتُ بمعرفتك سيد يمان، و سرني أنكِ بخير سيدة سحر، يجبُ أن أذهب الآن، أجابه يمان بسخرية، سيكون من الأفضل ذلك، فأمسكت سحر ذراعه تحثٌهُ على الصمت،
يمان ! ...
تابعت متحدثتاً للآخر، أشكرك سيد سليم لزيارتك ثم غادر مغلقاً الباب ورائه، أضن أن نهاية القصة بهذا القدر، هكذا قال لنفسه بينما يشدٌ على قبضته لاعِناً حضَّه، سليم رجل الأعمال الذي إكتسح الإقتصاد الإيطالي لأول مرة تجذِبهُ إمرأة و مع الأسف...
في الغرفة كان مُبتسِماً إبتِسامةَ إنتِصار، فسمِع صوتَ ضحكتها التي طالما تأسرهُ بها، وجَّه نظراتِه لها فقالت،
إعترف أنتَ أيضاً، و أخرجت لسانها له كالأطفال، كلٌ ذلك القدر من اللطافة لم يسَعهُ قلبُه، قامَ بحملِها يدورُ بها، فملئت ضحكاته المشفى، سعيدٌ جداً،
أنزِلنِي، أنتَ مجنون ! بينما تظحك، يدي، هل نسيت يدي، يمان، أنزلني، أنزلها و أكملت أنتَ حقا مجنون فوضع كفَّي يديهِ على خدَّيها،
يا وردتي ونجمتي وتاج رأسي، ربما أكون مشاغباً أو فوضويَّ الفكر أو مجنون، أكملَ بضحكة خفيفة، إن كنت مجنوناً وهذا ممكن طبعاً، فأنت يا سيدتي مسؤولة عن ذلك الجنون،
عاد كلاهُما للفندق، دلَّلها كما يجب، و بينَما تقرأ أحد الكتب، لاحظت أنه يتفقد ساعة يده، هل هناك شيئ ؟ ما إن كان على وشك التهرٌبِ من الإجابة حتى دُقَّ البابُ مُعلِناً عن قُدومِ ما طلبهُ من خدمة الغُرف،
كعكةٌ الشوكولا مزينة و تتوسطُها شمعة مع النبيذ🍷 🎂
شَكر الموضف و همَّ إليها عائداً، إبتسمَ حين رمقتهُ بنظراتٍ إستغراب، إنتظرته أن يتحدث لكن أراد الإستمتاع بتخميناتِها،
ألن تتحدث ؟ ما المناسبة ؟ ألم تشبع بعد كل ما أكلته منذ عودتِنا للفندق ؟
جلس بجنبها على السرير، هكذاً إذن أنا آكلٌ كثيراً حسب ما فهمته من حديثك يا سيدة سحر، أجابته مؤكِدة، أجل، أضن أن كلانا يتفِقُ على هذا،
لن أُناقِشكِ في هذا، هيا إحرزي،
مْ مْ مْ مْ، إنهُ ليسَ عيدَ ميلادِي ولا ميلادك و لا أيضا عيد زواجِنا، ماذا سيكونُ يا ترى، أراد التكلٌم فوضعت يدها على فمِه، إنتظِر وجدتها.. سنحتَفِلُ بخروجِي من المشفى سالِمة،
حرك رأسهُ لليمين و اليسار مشيراً أنها مُخطِئة، لم تحزِري،
سنحتفِلُ يا حبيبتِي بأول جشارٍ لنا بعد الزواج، لم تستطع كتمَ ضحكتها، إني أسمعُ عن هذا النوع من الإحتِفال لأول مرة، ردَّ عليها،
إمرأةٌ إستثنائيةً مثلك تحتاج إلى أحاسيس استثنائية، وأشواقٍ إستثنائية، و إحتِفالاتٌ إستثنائية،
دُمتِ لي بعدَ كل شِجارٍ حبيبتي ♥️
مرَّت عطلتهم كالبرق، لكن مليئةٌ بالإعترافات، فُتحت أبواب قلبيها لبعض أكثر و إستطاعوا الوصول للمستوى الذي يفهمانِ فيه بعضهما دون الحاجة للحديث،
حلآ أهلا و سهلا على قريتهم الجميلة و قد كان أولٌ مستقبلٍ لهم الأميرُ الصغير، لاحظوا الجبيرةَ على يدها فأسرعوا لها جميعاً،
يوسف : أمي ماذا حدث ؟
الأم نادرة : إبنتي، أم أنكما تعرضتما لحادث ما ؟
إقتربت سحر منها مُسرعة و قبَّلة يدها، أنا بخير أمي، لا تقلقي مجرد حادث بسيط بينما كنت أتزلج و سأنزعها بعد أسبوعين،
هل نسيتِي أن لكِ ولداً هنا يا أمي، سامحكِ الله،
كفاكَ غيرةً يا ولد، مجيبةً بإبتسام، سنَدَعكم الآن لترتاحوا لقد جهزنا بيتكم بكل ما يلزم، لكن غداً أنتما مدعوان عندي للإفطار، سأقوم بدعوةِ والديكِ أيضا، لقد بدأت حالهُ بالتحسن قليلا، أريد أن نعود كما كنا سابقاً، واحداً، قطع يمان حديثها،
لكن أمي، سحر.. فأكملت أمه عنه، أنا أعلم لا تريد أن تحزن، لكن إن كنتُ أعلمُ إبنتِي فقلبها أبيضُ و أنصعُ من الثلج، أدارت بجِسمِها نحوها، سحر إبنتِي، أنا لا أقولُ لكِ سامحيهم، لكن أنتِ تعلمين خوفهم من والدك، و الآن هو أيضا نادم، حتى أنه توقف عن شربِ الدواء، لولا زوجي الذي أقنعهُ أنه سيأتي اليوم الذي تغفرين له،
أعطِه فرصة كما أعطيتِها لإبني،
لم تستطِع رفض طلبِ أُمها الثانية، لطالما كانت كذلك، حتى أنها رأت منها من الحنانِ ما لم ترهُ من أمها التي تخلت عنها و إكتفت ببضع إتصالات، كان الوقتُ أقرب للعاشرة ليلا، أصرَّ على غسلِ الأوانِي و طلب منها أن ترتاح، لكِن قبلَ أن تدخلَ لغُرفتِها، لاحظت يوسُف جالساً على طرف السرير و متوتِرٌ بعض الشيئ، و كل هذا بعد أن إنسحب من بينهم كي يتحدث بالهاتِف مع صديقِه بالمدرسة بُويرازْ،
تسلَّلت لجانِبه، يوسُف حبِيبِي ما بك ؟ هل أخبركَ زميلُك بشيئٍ أحزنك ؟ أم أنكما تجادلتُما على شيئ، لم يخفى عنها نظراتُه للباب كأنه خائفٌ من والدِه، فنهضت و أغلقته ثم عادت له، هيا أخبرنِي أنا، أعِدُك أنه سيبقى بيننا،
هل وعد ؟ بصوتٍ مبحوح،
أجل، بدأ بسرد ما حدثَ معهُ بالمدرسة و كيف أنه هو بُويراز قد تغيبآ على أحد الإمتِحاناتِ عمداً لأنهما لم يكونآ مستعِدين له، أنا.. أنا كنتُ سأخبِرُ الحقيقةَ للأستاذ، لكِن عندما دخلنا له تفاجئتُ بصديقِي يُخبِرُه أننا كلانا بينما كنا قادمين للمدرسة تجادلنا و سقطنا في النهرِ من على السور و إضطُرِرنا للعودة للمنزِل فتأخرنا،
و من المُقرر أنه في الغد سنجتازُ ذلك الإمتحان، أعددتُ نفسِي له، لكن لستُ بخير، شيئٌ في داخِلي غيرُ مطمئن يا أمِي،
تنهدت و ردَّت عليه، أنتَ تعلمُ أن ما فعلتهُ شيئ خاطئ أليس كذلك ؟ وافقها الرأي مشيراً بحركة برأسه فتابعت، حتى لو أنك لم تكذب فصمتكَ ذاك جعلكَ مشارِكاً في ذنبِه،
دعنِي أخبركَ قِصة قصَّتها عليَّ جدتِي يوما،
كان هنالك أربعة طلاّب جامعيين، قضوا لَيلتهُم في الإحتفال والمرح ولم يستعدوا لإمتحانهم مثلكَ أنتَ و بُويراز و الذي تقرّر عقده في اليوم التالي، وفي الصباح إتفق أربعتهم على خطّة ذكية.
قاموا بتلطيخ أنفسهم بالوحل، وإتجَهوا مباشرة إلى عميد كليتهم، فأخبروه أنَّهم ذهبوا لحضور حفل زفاف بالأمس، وفي طريق عودتهم إنفجر أحدُ إطارات سيارتهم وإضطروا نتيجةً لذلك لدفع السيارة طول الطريق.
لهذا السبب فهم ليسوا في وضع مناسب يسمح لهم بخوض الاختبار. فكَّر العميد لبضعة دقائق ثمَّ أخبرهم أنَّه سيؤجل إمتحانهم لثلاثة أيَّام. فشكرهُ الطلاب الأربعة ووعدوه بالتحضير الجيد للإختبار. وفي الموعد المقرَّر للإختبار، جاؤوا إلى قاعة الامتحان، فأخبرهم العميد أنَّه ونظرًا لهذا الظرف الخاص، سيتمٌ وضع كلِّ طالب في قاعة منفصلة. ولم يرفض أيٌ منهم ذلك، فقد كانوا مستعدِّين جيِّداً. لكن إرتجفت أيدِيهم حين وضعوا أمامهم أوراقَ الإمتحان و الذي يشتملُ على سؤالين فقط،
السؤال الأول : ما هو اسمك ؟ (علامة واحدة)
السؤال الثاني : أيٌ إِطاراتِ السيارة إنفجر يوم عودتِكم من حفل الزفاف ؟ (باقِي العلامات)
تصبَّب العرقُ من جبِينِهم و لعنوا اليوم الذي كذبوا به، و بطبيعةِ الحال كانت إجاباتُ كل واحدٍ منهم مُختلفة، فتحصلوا على أضعفِ علامة بالصَّف و كذا تمَّت معاقبتهم، الشيئُ الذي يجبُ أن تفهمهُ يا عزِيز أُمه أنه،
إن كان الكذب يُنجي، فالصدق أنجى، تحمَّل مسؤولية أفعالك وأقوالك وإلاّ ستتعلّم درسًا قاسيًا، ووحيدي الذي أعرِفه يقِفُ ورائها أليس كذلك ؟
قامَ بحَضنِها، أجل، سأخبِره في الغد و ليحدُث ما يحدُث، دخل سريره و قبَّلة جبِينه ثم تمنَّت له ليلةً سعيدة، همَّت بالخروج فإذا بها تجدهُ كان يتصنتُ عليهما، دفعتهُ برِفق للوراء قليلا،
ماذا كنتَ تفعل عند الباب ؟
إرتبك مبتسِما، كنت قادماً لأتمنى لإبني ليلة سعيدة فخرجتِ بنفسِ الوقت،
لا تكذب، لا تكذب، ميجبةً إياه و تهدِّدُه برفع إصبعِها لوجهه،
تمام، تمام، أعترِف، كنتُ أتجسسُ على حديثِكُما، إقترب أكثر منها و أنزلَ يدها تلك ثمَّ وضعها على قَلبِه،
أحبِّكِ جداً،
قبَّل جبِينَها، هذه لأنكي بحياتِي، قبَّل وجنَتَها و هذهِ لأنكي بحياةِ يوسُف، ثم بخفةٍ قبَّلها من شفاهِها قبلةً شلَّت حركتها من عُنفِها و قُوتِها، و هذه لأنكِ بحياتِنا معا سحر كيريملي،
أنا... أنا.. أنت.. أدخلها في حظنِه، أعلم، أعلم أنتِ أيضا تُحِبِّنَنِي، فلم تجِد مهرباً من الإبتِسام، بعد ذلك إبتعدت عنه، لا تظن أني سأمررها لك، أنا أُعلِّم ولدنا ألا يكذب فإذا بي أجد أن أباهُ لا يقلٌ عنه و يتجسس، لدي عملٌ كثيرٌ معكُما، سحَبها من يديها و دخلآ للسرير معا،
إقترِبي أكثر، أخذت بضع إنشاتٍ نحوه، هل هكذا ؟ لا.. قليلاً بعد.. ماذا عن هكذا ؟ أشار لها بيده قليلا، قليلا بعد 👌
فضحِكت ضحكة خافِتة ثم رفعت ذراعه لفوق و رسَت سفِينتُها على صدره، و الآن سيد يمان ؟ قبَّل فوق رأسِها، الآن أفضلُ بكثير،
إسترجع شريطَ تعامُلِها مع يوسُف و بصوتٍ خافتِ،
سحر، سمعت إسمها فأجابته، أهَا (يعني ماذا)، صمتَ قليلا فإنتابها الفضُول لترفع رأسها من على صدرِه فوجدته لا يدرِي من أين يبدأ الكلام،
أنا.. أريد.. إذا أنتِ أيضا مستعدة يعنِي.. أريد أن يكون لنا أطفالٌ غيرَ يوسُف، عدَّل من جلستِه و أمسكَ يدها، أن يُصبِح لنا هكذا بنتٌ صغيرة، عينيها كعينيكِ التي تبعثٌ الحياة و تُجسِّدُ الطبيعة في فصل الربيع بكامِل صفائها، قلبها أبيض أو.. أو.. ولدٌ هكذا مشاغِبٌ مِثلي، لكن ذكِي، رياضي، وسيم، شاعِر.. و... وضعت أصابِعها على فمه مُقاطِعةً كلامه بينما تضحك،

آلم الحب 🥀حيث تعيش القصص. اكتشف الآن