الفصل الأول: اللقاء الأول

62 5 3
                                    

---

الفصل الأول: اللقاء الأول

في عالمٍ يزخر بالظلال والصراعات، كانت السماء ملبدة بالغيوم السوداء التي تعكس الكراهية التي تشوب العالم السفلي. على الحدود بين مملكتين متناحرتين، كانت جحافل من الجنود تتصادم في معركة ضارية. كان الدم يسيل على الأرض كالأنهار، وصوت السيوف يتصاعد كهدير الرعد. في وسط هذا الجحيم، وقف زعيمان لا يهاب أحدهما الآخر.

على الجانب الأيسر من الساحة، كان لين يقف بشموخ وسط فوضى المعركة. عيونه الزرقاء تشع كالنار، وشعره الوردي المشتعل يتطاير مع الرياح. كان كإعصار من الغضب والطاقة الفوضوية، يقود جيشه بعنفوان، لا يعرف الرحمة أو الضعف. كل حركة له كانت تعكس قوته الوحشية، وكانت صيحاته تعلو في السماء كالرعد. بالنسبة له، كانت الحرب ليست فقط وسيلة للانتصار، بل مسرحًا لإظهار قوته التي لا تقهر.

على الجانب الآخر، كان شو يقف في هدوء قاتل، مختلف تمامًا عن غريمه. بشعره الأبيض الناعم وعيونه الحمراء الباردة، كان يبدو كتمثال جليدي لا يتزعزع. خطواته كانت محسوبة، وتحركاته دقيقة. لم يكن يتورط في الفوضى، بل كان يتلاعب بها. يقف بعيدًا عن الخطوط الأمامية، ولكنه يتحكم في كل شيء. كانت استراتيجياته قاتلة بقدر ما هي محسوبة، وكان جيشه يتقدم بانتظام كآلة حربية لا تعرف الفشل.

في لحظة من المعركة، وسط أصوات السيوف المتقاطعة وصيحات الموت، تلاقت أعين لين وشو لأول مرة. كان الزمن يتوقف لوهلة، وصخب المعركة يتلاشى. كان كل ما يراه لين هو تلك العيون الحمراء اللامعة، التي تعكس برودًا لا يمكن تفسيره. وفي المقابل، شعر شو بشيء غريب يتسلل إلى قلبه الذي كان محكم الإغلاق لسنوات.

في تلك اللحظة، لم يكن هناك سيوف أو حروب. كان هناك شيء أعمق يتربص بينهما. شيء لم يستطع أيٌ منهما تفسيره، ولكنهما شعرا به في أعماق روحيهما.

تحرك لين بسرعة ليتخلص من هذا الشعور الغريب، فأطلق صرخة مليئة بالغضب، مندفعًا نحو شو بسيفه اللامع. ولكن شو، بهدوءه المعتاد، تفادى الضربة بسهولة، وكأنها كانت متوقعة.

"لن تفوز بسهولة، لين." قال شو بصوت بارد، وعيناه تراقبان خصمه بحذر.

رد لين وهو يرفع سيفه مجددا"لن اتوقف حتي اسحقك تحت قدمي"

بعد أن تفادى شو ضربة لين الأولى، تراجع بخفة، بينما اشتعلت عينا لين بالغضب المتقد. كانت الأجواء مشحونة بينهما، ليس فقط بالكراهية المتبادلة ولكن بشيء أعمق لم يستطع أيٌ منهما أن يفسره. انفجرت طاقة لين مجددًا، حيث اندفع بجنون نحو شو، وسيفه يتألق كاللهب المشتعل.

لين: "أنت مجرد متلاعب جبان! واجهني كرجل حقيقي!"

تجنب شو الضربة مرة أخرى، ولكن هذه المرة اقترب بدرجة كافية ليلمس كتف لين بخفة، وكأنه يحاول أن يزعزع توازنه النفسي أكثر من جسده.

شو: "المعركة ليست مجرد ضربات غاضبة، إنها لعبة عقلية. وأنت، لين، لا تستطيع فهم ذلك."

صوت تصادم سيوفهما ارتفع مع كل ضربة، حيث كان لين يهاجم بجنون بينما يحافظ شو على هدوئه، يتحرك كأنه يعرف كل خطوة سيفعلها خصمه مسبقًا. في لحظة خاطفة، نجح لين في توجيه ضربة حادة، لكنها فقط خدشت درع شو بخفة.

لين: "هل كل ما تفعله هو الهروب؟ إلى متى ستختبئ خلف هذه الاستراتيجيات الباردة؟!"

أجاب شو بصوت هادئ وثابت، مع ابتسامة باهتة على وجهه.

شو: "لستُ أختبئ يا لين. أنا فقط أؤخر النهاية المحتومة."

تراجع شو خطوة إلى الوراء، محدقًا في لين بعينين لا تلمعان بشيء سوى الهدوء المرعب. كانت هذه هي قوته، هدوءه الذي يعصف بكل خصومه. لين، على الجانب الآخر، كان يحترق بالغضب والرغبة في إنهاء المعركة بأي ثمن.

لكنه أدرك فجأة شيئًا. لم يكن يحارب العدو فحسب، بل كان يحارب نفسه. كان يحارب تلك الشرارة الغريبة التي شعرت بها روحه عندما تلاقت أعينهما. وهذا جعله غاضبًا أكثر.

بصوت منخفض وعيناه تضيقان:
لين: "أنت تحاول اللعب بعقلي، لكنني لن أسمح بذلك. سأجعلك تنحني أمامي، مهما كلف الأمر."

ابتسم شو ببرود، وكأن كلمات لين لم تؤثر فيه.
شو: "إذا كان هذا ما تظنه، فاستعد لأكثر مما تستطيع احتماله."


قيود الهوسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن