الفصل الحادي عشر: صمت الاسرار

17 3 0
                                    

بينما كان شو يقف منتصرًا، يتلذذ بمشهد الدماء المتناثرة حوله، فجأة بدأ جسده يهتز بشكل غير متوقع. دون سابق إنذار، انهار على الأرض، سقط السيف من يده، وجسده ارتطم بالأرض بقوة.

لوكاس، الذي كان يراقب عن كثب، اندفع بسرعة نحو شو. ركع بجانبه بملامح الصدمة، ثم هزّه محاولًا إيقاظه. "شو!" صرخ بقلق، لكن شو لم يُظهر أي استجابة. بعد لحظة قصيرة، ظهر على وجه لوكاس تعبيرٌ يوحي بأنه فهم السبب، شيء غامض أدركه دون الحاجة إلى تفسيرات.

بدون تردد، نهض لوكاس وحمل جسد شو على كتفه، متجاهلًا كل ما حوله. بخطوات سريعة، اندفع نحو الخيمة القريبة، عقله مشغول بما عرفه وما يجب عليه فعله الآن. بينما خلفه، كان لين جاثمًا بجوار جثة رايان، عينيه غارقتين في الحزن واليأس، لكنه كان غير مرئي بالنسبة إلى لوكاس في تلك اللحظة.

بينما كان لوكاس يحمل شو إلى الخيمة، كانت الأفكار تتزاحم في رأسه. لم يكن هذا الموقف جديدًا عليه، فقد حذره شو سابقًا من إمكانية حدوثه. رغم القلق الذي يسيطر عليه، حافظ لوكاس على هدوئه. عندما دخل الخيمة، وضع شو على الفراش بحذر، ثم جلس بجانبه، يتأمل وجهه الشاحب.

"شو... اللعنة، لماذا لا تخبرني بما يحدث بالضبط؟" تمتم لوكاس بصوت خافت وهو يفتح الزجاجة التي كان يحملها دائمًا، دون أن يعرف ما بداخلها أو كيف تعمل.

رفع رأس شو قليلاً وسكب بضع قطرات من السائل في فمه. نظر إلى القائد الملقى أمامه، وشعر بغصة في قلبه. "لقد قلت لي ألا أقلق، لكن كيف يمكنني ألا أقلق وأنت في هذا الوضع؟" تحدث لوكاس بهدوء، وكأن شو يمكنه سماعه رغم غيابه عن الوعي.

تذكر حين تحدث معه شو في إحدى الليالي: "إذا سقطت، افعل ما قلت لك. لا تجعل أحدًا يراني. لا تسأل أسئلة كثيرة، فقط ثق بي." كان شو دائمًا واضحًا في تعليماته، لكنه لم يعطِ إجابات.

لوكاس تمتم بصوت منخفض: "دائمًا تريد مني أن أثق بك بدون تفسير... لكني أثق بك، شو. فقط استيقظ الآن."

بعد لحظات من الصمت، لاحظ لوكاس حركة خفيفة في وجه شو. كانت تلك إشارة إلى أن السائل بدأ يعمل. لكنه كان يعلم جيدًا أن شو، حين يستيقظ، لن يتذكر أي شيء مما حدث للتو. لوكاس حبس أنفاسه، ينتظر اللحظة التي سيفتح فيها شو عينيه مجددًا.

"أنت لن تتذكر ما فعلته للتو، صحيح؟" قال لوكاس بهدوء، عينيه تحدقان في ملامح شو المتغيرة. "لكني سأتذكر. سأتذكر كل مرة يحدث هذا، وأظل بجانبك كما طلبت. فقط... استيقظ."

بينما كان لوكاس يراقب بحذر حركات شو البطيئة وهو يستعيد وعيه، تنفس بعمق، يحاول إخفاء التوتر الذي سيطر عليه طوال هذه اللحظات. بعد ثوانٍ، بدأت عيناه الحمراء تفتحان ببطء. نظر شو حوله بارتباك، وكأن المكان بدا له غريبًا بعض الشيء.

"لوكاس..." قال شو بصوت خافت ومتعثر، "ما الذي حدث؟"

لوكاس جلس بقربه، حافظ على هدوءه رغم ارتباكه الداخلي. "لقد أغمي عليك، تمامًا كما توقعت... أخذتُك إلى هنا وأعطيتك من الزجاجة كما طلبت."

شو مرر يده على جبينه ببطء، وكأنما يحاول استعادة توازنه، لكن كما قال له سابقًا، كان كل شيء قبل لحظة سقوطه ضبابيًا، بلا ذاكرة واضحة. "ألم يرَ أحدٌ ما حدث؟" سأل شو بجدية، عينيه تلمعان بالقلق رغم بروده المعتاد.

هز لوكاس رأسه. "لا، لا أحد. غطيتك بردائي وأحضرتك إلى هنا. كل شيء جرى كما طلبت."

شو استلقى مرة أخرى، مستجمعًا أفكاره، ثم نظر إلى لوكاس بتعبير هادئ ومسيطر. "جيد. كما يجب أن يكون."

ظل لوكاس صامتًا للحظة، لكنه لم يستطع منع نفسه من السؤال، رغم أنه عرف أنه لن يحصل على إجابة. "شو... لماذا؟ لماذا يحدث هذا؟ ما الذي تخفيه عني؟"

شو نظر إلى لوكاس للحظة طويلة، وكأنه يفكر في الكلمات المناسبة. ثم ابتسم ابتسامة باردة، تلك الابتسامة التي دائماً ما تحمل خلفها الكثير من الغموض. "ليس كل شيء يحتاج إلى تفسير، لوكاس. أنت تفعل ما يجب، وهذا كل ما يهم."

لكن لوكاس لم يكن راضيًا تمامًا. "أنت تعرف أني أثق بك، شو. لكني أحتاج إلى معرفة ما يحدث لك. لا يمكنك الاستمرار بهذه الطريقة بدون أن أكون جزءًا من القصة بأكملها."

ابتسم شو ببرود أكبر، وأغلق عينيه ببطء كما لو كان ينهي المحادثة. "عندما يحين الوقت، ستعرف... ولكن ليس الآن."

لوكاس شعر بالثقل الذي تخلفه تلك الكلمات، لكنه لم يُصر. وقف ببطء، متجهًا نحو باب الخيمة، تاركًا شو ليستريح. وبينما كان يغادر، تمتم لنفسه، "آمل فقط أن يكون الوقت قريبًا."

قيود الهوسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن