الفصل الثالث عشر: امر من الظلام

11 3 0
                                    

---

بينما كان شو ولوكاس يحاولان فهم ما يحدث، لاحظا أن المخلوق الغامض قد بدأ يتحرك نحو الزنزانة التي يُحتجز فيها لين. كانت حركاته سريعة ورشيقة، وكأن الأرض تحت قدميه لا تلامسها.

"إلى أين يذهب؟" سأل لوكاس، مع شعور بالتوتر يتصاعد في صدره.

"دعنا نتابع، لا نعرف ما الذي يريده"، رد شو بثقة، متجاهلاً أي مشاعر من الخوف. كانت لديه قدرة على مواجهة المجهول، ودائمًا ما كان مستعدًا لأي تحد.

تابع المخلوق مساره، وكأنه يمتلك هدفًا محددًا. شو شعر بشيء من الفضول أكثر من القلق. كان يسير بثبات نحو الزنزانة، وعينيه تراقبان المخلوق باهتمام.

عندما اقترب المخلوق من الزنزانة، ارتجفت الأبواب المعدنية بصوت عالٍ، وكأن قوة غامضة تحركها. توقف لوكاس وشو، متسائلين عما سيحدث.

عندما وصل المخلوق إلى الزنزانة، انحنى أمام القضبان، مستشعرًا وجود لين. كانت عيونه اللامعة تنبعث منها أشعة خفيفة، وكأنها تعبر عن تعاطف غريب.

"شو، ماذا سيفعل؟" سأل لوكاس بقلق.

"لنرى، قد يكون لديه هدف"، رد شو، وقد بدت على وجهه ملامح التركيز. لم يكن لديه وقت للخوف، بل كان مستعدًا لمواجهة أي شيء.

بدأ المخلوق يتحدث بلغة غير مفهومة، ولكن الكلمات كانت تحمل نغمة مليئة بالعواطف، وكأنها تتوسل للحصول على شيء ما من لين.

في الزنزانة، كان لين محاطًا بالظلام، ولكنه شعر بشيء غريب، كما لو كان هناك شخص أو كائن يتفاعل معه. فتح عينيه ببطء، ووجد نفسه محاط من الضوء الناعم الذي أطلقه المخلوق.

"ما هذا؟" همس لين، متعجبًا من الرؤية أمامه.

لكن المخلوق لم يتراجع، بل زاد من قربه، وكأنه يحاول أن يوصل رسالة أو يخفف من آلام لين. كانت هناك لحظة غامضة، لحظة التقاء بين قوى غير معروفة، تدور حولها الأسرار والمصائر.

بينما كان الجو مليئًا بالتوتر، ظهر شخص ذو مظهر خيالي فجأة. كان شعره الطويل الأسود يتطاير مع نسمات الهواء، وعيناه الحمراء اللامعة تشع بوهج غريب. كانت ملامحه مثالية، وكأنها منحوتة من الحجر الكريم، بجمال لا يمكن مقاومته.

ارتدى ثوبًا فخمًا مصنوعًا من قماش حريري أسود، يتلألأ تحت ضوء القمر كما لو كان مشبعًا بالنجوم. ينسدل الثوب برقة من كتفيه، مع ياقة مرتفعة تعطيه مظهرًا ملكيًا، بينما كانت الأكمام طويلة ومتسعة، ترفرف في الهواء كأنها تعبر عن سحره الغامض. تزين الثوب بنقوش ذهبية معقدة تمتد على طول الجانبين، تتخللها خيوط فضية تشكل أشكالًا غامضة تذكر بالأساطير القديمة.

عند خصره، كان يرتدي حزامًا عريضًا من الجلد الأسود، مزينًا بأحجار كريمة تتلألأ بألوان مختلفة، مما يضفي لمسة من الفخامة والتعقيد. أسفل الثوب، كانت هناك سراويل ضيقة من قماش ناعم، تمنح مظهرًا أنيقًا، بينما كانت أحذيته المصنوعة من الجلد اللامع تنضح بقوة وسلطة، تكمل إطلالته الجذابة. ومع كل حركة كان يقوم بها، كان رداءه يرفرف بخفة، كأنه يرقص مع نسمات الرياح، مضيفًا إلى هالته من الغموض والسحر.

تقدم ببطء نحو شو، ولم يشعر به أحد سواه، وضع يده برفق على كتف شو. كان الصوت الذي انبعث منه ناعماً ولكنه مشبع بالشياطين: "أخيرًا، ظهر. ستبدأ المتعة الحقيقية، خليفتي."

نظر شو إلى الشخص المجهول ببرود، دون أن يظهر أي رد فعل. كان لديه قدرة على التحمل والتحكم، ولم يكن بحاجة لإظهار أي اهتمام. "إذن، تم تنفيذ المهمة؟"

تطلع الشخص إلى شو، وبدت على وجهه ملامح التأثر. "نعم، يا عزيزي."

تبدلت تعابير الشخص، وعاد للتركيز على المشهد أمامه. "لكن... لن يوقظ قواه، للأسف." كان صوته يحمل بقايا الدهشة، بينما كانت عيناه تتأملان لين والمخلوق الغامض. "هذا سيقتل المتعة."

تغيرت نبرة صوته إلى نغمة شيطانية، "اترك ذلك الفتى. انتهت المهمة، وحققنا ما نريد. سيكون الأمر مملًا إذا قضيت عليه الآن."

بثقة، أمر شو قواته، "انتهت مهمتنا. اجمعوا القوات، سنعود إلى مملكتنا."

أومأ الجنود، وهم يستمعون للأوامر دون تردد، بينما كان شو ينظر نحو المدن العديدة التي احتلوها. "لكن قبل العودة، يجب أن نضع قواتنا في المدن التي احتلناها."

ثم نظر مرة أخرى نحو لين والمخلوق الغامض، وأختفى الفضول الذي شعر به منذ قليل، وتحول إلى لا مبالاة. لم يكن هناك شيء يدعوه للاهتمام، بل كان يعتبرهما مجرد تفاصيل في لعبة أكبر.

تشتتت أفكارهم، وبدأ الجنود في تنفيذ الأوامر دون سؤال، تاركين لين والمخلوق الغامض وراءهم كما لو لم يكونوا موجودين.

---

عادت مملكة فالور إلى هدوئها بعد معركة طاحنة، حيث انسحبت قوات العدو بشكل مفاجئ. ومع ذلك، لم يكن هناك احتفال يليق بالنصر؛ كان الجو مشحونًا بالضغوط والمشاعر المعقدة. لين، ولي العهد، دخل القلعة دون أن يُظهر أي مشاعر، كأنه جثة متحركة بين الأحياء.

تحولت ملامح وجهه إلى التعبير البارد، الذي يخلو من الارتياح أو الفخر. كان يسير بخطوات ثابتة، لكن خطواته كانت تخفي وزن العالم بأسره على كاهله. الهالة الكئيبة التي أحاطت به جعلت الجنود يتبادلون النظرات، وكأنهم يشعرون بوجود شيء غير طبيعي في ولي عهدهم.

رغم انسحاب العدو، لم يشعر الجنود بالراحة. كانوا يحتفلون بالنصر، لكنهم كانوا على علم بأن لين لم يعد هو نفسه. أضحى بارداً، كئيباً، يفتقد تلك الروح المشرقة التي كانت تميزه. كانت صرخات الفرح والانتصار تدوي حوله، لكنه كان كالأشباح، يتحرك في خضمهم دون أن يشاركهم الفرح.

تبادل الجنود التهاني والأحضان، لكن نظرهم إلى لين كان مليئًا بالقلق. كان يُشاهدهم وكأنه ينظر إلى مشهدٍ غريب، بعيد عن الواقع الذي يعيش فيه. على الرغم من أنهم تمكنوا من استعادة أراضيهم، إلا أن عدم الاهتمام الذي أبداه لين جعلهم يشعرون بأن النصر لم يكن كاملاً.

كان الجميع يعرف أن خلف تلك العيون المظلمة يكمن شيء مؤلم، وأن عودة ولي العهد لم تكن عودة كاملة. بل كانت بداية جديدة لعالم من الصمت والبرد، حيث أصبح لين كائنًا متجمدًا وسط حماسة الحياة.

---


قيود الهوسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن