Chapter 9

173 14 5
                                    


« ماثيو ، أريد رؤيتك يا صديقي »

قال كلامه عبر الهاتف بصوت مرهق ، ينظر للفراغ بعيون ذابلة تماماً ، منذ تسعةَ عشر عاماً كان يُؤمن أن لا شيئ سيُضعفه ، فقد عائلته وملاذه الآمن ، فمن ذا الذي سيؤثر به بعد ذلك ، ولكن هيهات، فعندما تظُن أنك فهِمت الحياة أخيراً ، تفاجئك بقدرتها على تحطيمك .

ها هو الآن يُقاسي ألماً أرهق فؤاده بعد تلك الحقيقة التي شَلّت جسده بالكامل .

لم تمضِ نصف ساعة وكان ماثيو قد وصل لقصر صديقه ، وقد لاحظ نبرة الإنكسار في صوت الأخير .

لم يشهد إنكسار وضعف صديقه سوى مرة واحدة ، والتي كانت في اليوم الذي وافق تاريخ مولد شقيقه الصغير الراحل ، وهو اليوم الذي وافق حريق قصر عائلته وموتهم جميعاً أيضاً .

كان يومها مصدوماً بشدة ، فمن يرى جاك يظن أنه لا يتأثر بأي شيئ ، لكن تلك الذكريات الفظيعة كانت ترهقه بحق .

كان ماثيو الشخص الوحيد الذي شهدَ ضعف جاك ، فالمعني لم يذرف دمعة واحدة بعد يوم فقدانه لعائلته أمام أحد ، حتى نيكولاس الذي اعتبره كوالدٍ له .


دخَل ماثيو لمكتب جاك الذي كان جالساً على الأريكة ممسكاً برأسه بكلتا يديه محدقاً بالفراغ .
إقترب منه بقلك بالغ ، فلا بد أن أمراً كبيراً حصل حتى أصبح جاك على هذه الحالة .

« ما بكَ يا أخي »
قال ماثيو وهو يجلس بجانب الآخر .
« هو حي يا ماثيو ، حي وأنا كدّت أقتله »
قال بصوت مشبع بالوهن والتعب

« من هو يا جاك ، ماذا تعني »

« أخي الصغير ، شقيقي الوحيد ، مايك كان حياً طوال تلك السنين »

صُدم ماثيو بعد سماعه لكلام جاك بشدة ، فكيف يحدث هذا ، وكيف تعرّف على شقيقه بعد تلك السنين الطويلة .

« كدت اقتل اخي يا ماثيو ، كدت أقتل آخر فرد تبقى من عائلتي »

لم يتفوه ماثيو بأي كلمة ، إقترب وعانق صديقه بشدة ، والأخير أطلق العنان لدموعه مرة أخرى .

مرت فترة هدأ بها جاك ومسح دموعه ليعيد ملامحه الباردة والقوية ، حسم أمره ، سيدمر تلك العصابة التي عبثت بعقل أخيه ، سيخرج حقده وكرهه بهم .


أخبر جاك ماثيو بكل ما حدث ، وماثيو كان يستمع بإنصات .

« اسمع يا جاك ، أنت لا تعلم ما الذي مر به شقيقك ، فقد مضت تسعة عشر عاماً تلك المدة ليست بقليلة ، لذا إهدأ وتصرف بعقلانية ، لا تجعله يكرهك أكثر ، كما أنه لا يعلم أنه شقيقك بعد أم أنك نسيت »

استمر ماثيو بنُصح جاك ليردف الأخير:
« لا يهمني ، سأنتقم من أولئك الخونة الذين تسببوا بهذا لي ولأخي ، لقد حرموني منه طوال تلك السنوات»

Efortis إيفُورتِس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن