عائله

53 6 8
                                    

رائد جلس مع عمه حسين في زاوية هادئة داخل القصر، حيث كانت أصوات الحديث والضحكات ما تزال تدور في الخلفية. الجو بينهما كان متوتراً قليلاً، رغم الحب الذي يجمعهما، فالحديث الذي يريد رائد فتحه مع عمه ليس بسيطاً.

رائد بدأ الحوار بهدوء، محاولاً جذب انتباه عمه بشكل غير مباشر: "عمي، عارف إنك عارف كويس أنا ليه رجعت. انتقام أبويا كان دايماً الهدف اللي في بالي."

حسين رفع عينه بنظرة جانبية نحو رائد، لكنه لم يرد فوراً. استغرق لحظة قبل أن يقول ببطء: "عارف يا رائد. بس الانتقام مش دايماً الحل. الأمور بتتغير."

رائد، الذي يعرف أن عمه ليس من النوع الذي يتراجع بسهولة، تقدم بخطوة أخرى: "أنا مش بتكلم عن الانتقام لمجرد الانتقام يا عمي. دي مسألة شرف وكرامة. إحنا اتعرضنا لظلم، وحقنا لازم يرجع."

حسين تراجع في مقعده وأخذ يتأمل رائد قليلاً. كان يعلم أن ما يقوله رائد صحيح، لكن كان يشعر بقلق من التداعيات. فأخذ نفسًا عميقًا، محاولاً تهدئة الأمور: "ماشي، بس فكرت في اللي هيحصل بعد كده؟ الانتقام مش هيعيد اللي راح، ومش هيغير حاجة."

رائد عبس قليلاً، محاولاً ضبط مشاعره: "عارف. بس ده مش بس عن اللي راح. ده عن اللي جاي. الناس لازم تعرف إن العيلة دي مش هتتأذى من غير ما تدفع تمن."

حسين ضحك بخفة، متجنبا إظهار أي مشاعر جادة: "يا رائد، أنا عارف إنك مش هتسكت. بس مش دايماً الأمور بتكون زي ما بنخطط ليها. فكرت في إنك ممكن تلاقي نفسك في مشاكل أكبر؟"

رائد اقترب من حسين، وبدأ يحاول إقناعه بجدية أكبر: "عمي، إنت دايماً كنت السند ليَّ. مش هقدر أعمل ده من غيرك. كل اللي بطلبه إنك توافق، حتى لو ده هيأخد وقت."

حسين، رغم محاولاته للمماطلة، بدأ يشعر بثقل الكلام الذي يقوله رائد. كان يعلم أن رائد لن يترك الموضوع بسهولة. لكن لا يزال يحاول تأجيل الموافقة، فقال: "خلينا ندي الموضوع شوية وقت. الأمور ممكن تتحسن من غير ما تدخل في الدم."

رائد، الذي بدأ يفقد صبره تدريجياً، نظر إلى عمه نظرة جادة: "عمي، الدم اتسفك من زمان. إحنا اللي اتأخرنا. مش هقدر أرجع ورا دلوقتي."

حسين تنهد، وأخذ لحظة قبل أن يرد: "طيب. خليني أفكر شوية كمان. مفيش داعي نستعجل."

لكن رائد لم يكن مستعدًا للانتظار أكثر. فأمسك بيد عمه برجاء هذا الطف لا يظهر الا مع عمه، وعينيه كانتا مليئتين بالإصرار: "عمي، أنا مش بطلب كتير. أنا محتاج دعمك، ودي آخر فرصة."

هنا، حسين شعر بأن المماطلة لن تنجح أكثر. فرغم أنه كان يريد تهدئة رائد، إلا أن إصرار الأخير أقنعه. ابتسم أخيرًا ابتسامة باردة وقال: "ماشي يا رائد، لو ده اللي هيريحك. هكون معاك."

رائد ارتاح أخيرًا، لكنه عرف أن هذه الموافقة لم تأت بسهولة. ابتسم بدوره وقال: "كنت متأكد إنك مش هتسيبني."

اخي من ربانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن