الفصل الرابع عشَر.

176 24 6
                                    

𝐍𝐢𝐤𝐨𝐥𝐚
_______

حلّ الصباح التالي بنغمة هادئة، كأن الكون ينتظر لحظة الإفاقة التي ستجرّني لمواجهة الواقع.

لا أصدق أنني هنا مجددًا. بعد عشر سنوات من الانقطاع عن هذا المكان، أعود إلى هذه الغرفة وكأنني جندي مهزوم، جريح بآلام الماضي التي لم تشفَ، كل جزء مني مُتعب، منهك، وكأنني قطعة مكسورة أُعيد تركيبها لكنها لا تزال تعاني من شقوقها الخفية.

تتسلل الذكريات إليّ كما يطارد الظل صاحبه، تصرّ المسافات على إحياء ما ظننته مطمورًا. لم أدرك أن الطرقات مهما طالت، تعود بنا إلى ذات النقطة، كما لو أن قدميّ اللتين راهنت على هروبهما ذات يوم، قادرتان فقط على العودة إلى حيث بدأ كل شيء.

تنهدت، أريح رأسي على حافة حوض الاستحمام، والرغوة تتعالى من حولي، تخفي جسدي المنهك تحتها. كانت المياه دافئة، تحاول عبثًا احتوائي، إلا أن البرودة تتسلل إليّ من كل زاوية، تجتاحني كأنها تلومني على استسلامي لهذه اللحظة.

نظرت إلى الجدران المحيطة بي، تلك الجدران البيضاء الخالية من الحياة، تُشبهني كثيرًا، بإطاراتها التي تبدو متقنة للوهلة الأولى، وكأنها أُعدّت بدقة. لكن ما أن تدقق النظر، تجد تلك الزوايا المائلة، كأن العامل الذي صنعها قرر الإسراع في آخر لمسة، فألقى القطعة الأخيرة بلا اكتراث، تاركًا إياها عالقة إلى الأبد، مشوهة، بلا أمل للتصحيح.

تلك القطعة هي أنا. أنا تلك التي عُلّقت، التي طُرحت جانبًا بسهولة من الجميع. والداي اللذان لا أعرف حتى من هما، عمي فرانسوا الذي تخلّى عني كما يُلقي أحدهم قطعة معدنية في بئر أملًا برغبة لم تتحقق. أكزيوس... وآخرون. وأنا هنا، مجددًا، في آخر محطة لهذا التشظي المستمر.

ما الخطوة التالية؟ هل سيتم إلقائي من حافة أعلى، لأرتطم بالأرض بسهولة أكبر؟ ربما كان ذلك سيكون أسهل.

أغمضت عينيّ وتركت جسدي يستسلم، ينزلق نحو الأسفل حتى غاص وجهي في الماء. أصبحت المياه التي تغمرني أشبه ببحر واسع، يتوق لابتلاعي، للحظة خلت أنني أغرق في محيط لا نهاية له.

لم أفكر يومًا في الانتحار، رغم أن الحياة لم تترك لي سوى البقايا، لكن لديّ دوماً اعتقاد سخيف بأن الحياة تمنحنا فرصة أخرى كلما تلامسنا مع القاع.

اليوم، قررت أن أترك الأمر لها، اختبارًا أخيرًا. إن كانت الحياة ستنقذني أو سترضى بأن أُترك لأغرق أكثر.

"أمي..."

ذلك الصوت! تردد فجأة في أذني كنداء بعيد، جعلي أشهق فجأة وأرفع نفسي عن الماء بعنف، تنفست بعمق وعيني تحدقان في اللاشيء.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Nov 09 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

The Rogue Club.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن