الفصل السابع
اندمجت في العمل بسلاسة و سرعة مما جعلها تنسى أمر تامر وطلبه بل تهديده المستمر؛ عشقها للأماكن القديمة جعلها تبدع في ترميم تلك الشقق عن طريق رسمها و إدخال مواد بناء قريبة جدا من الاصلية بتكلفة منخفضة كي لا ترتفع أسعار الشقق، تبسمت شفتيها بمجرد أن وصلها عطره النفاذ، لسبب ما أصبحت مدمنة لهذا العطر وليس صاحبه طبعا كما تصر في كل حديث لها مع فتنة و لينا؛ تصفيرة إعجاب خرجت منه وهو يقترب من إحدى الزوايا ويقول بفخر:
- كان لدي بعد نظر أنت فعلا كنز لن أفرط به أبدا .
الجملة أطربت قلبها وقد شعرت بأنه لا يقصد الجانب العملي منها بل الشخصي
اللمعة في عينه وهو ينظر لها أكدت حدسها لتضبط نفسها وقد اتسعت ابتسامتها لتعبس وهي تدير عينها في المكان وقالت بجدية :
- جيد أنك أتيت بشمهندس رمزي لقد أنهيت العمل الخاص بي إذا كانت لديك أي ملاحظات أرسل لي بريد إلكتروني والآن عن إذنك .
بشمهندس رمزي!!
باستغراب رددها ثم أسرع يقطع عليها الطريق قبل أن تخرج قائلا:
- انتظري منار لقد اتقفنا بأن هذه مجرد تجربة لا غير ، العمل الحقيقي لم يبدأ بعد، ما رأيك أن نذهب لمكان هادئ كي نناقش المشروع بجدية .
تمسكت بحقيبتها بكلتا يديها كأنها درعها الحامي وهي تجيب هاربة بعينها منه:
- لا أستطيع لدي موعد مهم جدا ولا يمكنني التأخر عنه.
أشار لها لتتقدمه وقال:
- ممتاز أنا متفرع اليوم يمكنني توصليك و انتظارك إذا لم يكن لديك مانع.
اختلطت المفاجأة بالفرحة لتتلعثم ولا تعرف بم تجيبه بالضبط تمتمت بكلمات غير مفهومة وتقدمت فقد وضعها أمام الأمر الواقع ولا تستطيع الهروب منه، على الأقل الآن
❈-❈-❈
نزلت من غرفتها لتجده يجلس على الكرسي معطيها ظهره ، بدا أنه لم يشعر بها حتى اقتربت منه وجلست على حجره ، أراحت رأسها على كتفه و لفت يديها حول جذعه مطالبة إياه بالأمان و ربما بعضا من حنانه الجارف ؛ لف يده حول جذعها وقد تلاشى كل غضبه خصوصا عندما قربت شفتيها من رقبته تقبله وقالت:
- لماذا لم تنم حتى الآن لم أستطع النوم جيدا من دون وجودك بجانبي.
استنشق عبير شعرها و رد:
- لم تنامي لأن ابنك يستيقظ كثيرا وليس بسببي.
هزت رأسها قليلا بنفي ليقول:
- ماذا هناك أشعر بأنك لست بخير أشماسي.
تنهدت ثم رفعت رأسها تنظر له وقد غامت عينها بنظرة حيرة واضحة، قبل أرنبة أنفها وقال:
- اخبريني لا تكتمي في نفسك ربما الأمر أبسط مما تظنين.
أسبلت رموشها الملتوية وقالت:
- أشعر بأن ما حدث أمس ليس مجرد حادثة عادية وفي نفس الوقت متأكدة بأن رؤوف لن يؤذي سنان أبدا ، نعم هو بغيض و جلف أحيانا لكن إيذاء جسدي مستحيل ليس رؤوف، لا تعرف كم يحبها منذ كانت تدرس في المدرسة بل قبل أن يتخرج هو من كليته.
ارتفع حاجبا أيوب فهذه معلومة جديدة عليه كليا ليعودا للانخفاض و رد:
- مادمت متأكدة لماذا هذه الحيرة إذا ؟
رفعت عينها له ولم تتغير تلك النظرة وهي تجيب:
- أحاول ألا أتدخل في الأمر وأكون على الحياد، أعني من جهة أرغب بأن تتكلل قصتهما بالنجاح من أجل سنان فهي عانت كثيرا، لكني أخشى بأن تدخلي قد يؤزم الأمر ويجعلها تعيسة في النهاية .
أطبقت على شفتيها كأنها تكتم باقي الحديث ليقول مشجعا:
- أشماسي لا تدخل في أمر إلا وتجعله أفضل لا تخشي شيء حبيبتي.
تندت عينها لتجيب بحزن:
- ماذا عن درصاف و حارث، لقد سعيت كثيرا ليتزوجا دون أن أهتم بمشاعر درصاف كنت أفكر فقط في حارث و أريد لها أن تبقى بقربي وفي النهاية جرح كلا منهما الآخر ، ماذا لو تكرر الأمر هنا أيضا .
قبل دموعها قبل أن تنزل و رد:
- حارث أحبها و قرر الإكمال في قصة الزواج رغم كل الإشارات المنذرة بفشل علاقتهما؛ ثم ألم يأتي يزيد نتيجة لتلك الزيجة ؟
هزت رأسها موافقة ليكمل:
- تعرفين لو لم يتزوجها ربما ظل طول عمره يفكر بها ويظن بأنها الحب الحقيقي أعتقد بأن تجربته معها جعلت منه شخص أقوى و هي أيضا في النهاية لم تخسركم بل تأكدت من قوة علاقتكم بها، عموما قصة سنان مختلفة كليا.
رمشت بعينها وقالت:
- متاكدة بأنه يحبها ربما أكثر من حبها له لكني أشعر بأن هناك أمر غير صحيح لا أستطيع شرح شعوري أنا حقا تائهة .
رفع يديه ليحضن وجهها و رد:
- لا داعي لكل هذه الحيرة لقد أقنعت حارث بأن تبقى سنان معنا بعد خروجها من المشفى.
تهللت أساريرها لتعود و تقرب حاجبيها وتقول بشك:
- حقا وافق بسهولة .
ضحك ورد:
- لا طبعا ليس بسهولة بل بعد حوار طويل جدا في النهاية وافق كما أني وجدت ما يساعد سنان في الابتعاد قليلا و التفكير بعمق، ادعي فقط أن تقتنع هي.
رفعت حاجب واحد و قالت:
- ماذا تعني بالابتعاد نبرة صوتك لا تعجبني.
لعب حواجبه ورد:
- أما أنا فتعجبني هذه الوضعية كثيرا وقد اشتقت لك هيا قبل أن يستيقظ ابنك ويفسد الأمر كعادته.
رفعت عينها للسقف محاولة كتم ابتسامتها وقالت:
- انظروا ماذا أفكر انا و ماذا تفكر أنت .
بخفة أبعد الروب الخارجي الذي ترتديه وحملها وهو يجيب بين قبلاته التي عرفت طريقها لرقبتها:
- أنا لا أفكر بل أنفذ فورا.
لم يتجه للطابق الثاني بل للأريكة فاتسعت عينها ليهم عليها ويقول:
- لن أجازف بل سأستغل كل ثانية من نومه.
أطلقت ضحكة عذبة ورفعت يدها تحتضن رقبته، لقد اشتاقت له كثيرا رغم وجوده بقربها إلا أن كونه لم ينم بجانبها أحدث فراغا كبيرا لم تتوقع حدوثه لمجرد بعده ليلة واحدة
❈-❈-❈
في الدولة الأجنبية
درجات الحب ثمانية
[١] الهوى: هو أولى درجات الحب، ويتمثل الهوى في الحب الذي يعيشه المراهقون بسبب الهرمونات في أجسادهم، فيتولد لدى الشخص انجذاباً للطرف الآخر ورغبةً رومنسيّة جديدة عليه، ويكون الحب عابراً في هذه المرحلة، فقد ينمو الحب بوتيرة سريعة أو يموت ويزول تماماً بشكلٍ سريع أيضاً.
[٢] الصًّبْوة :مرحلة الصًّبْوة هي ثاني درجات الحب وتلي الهوى مباشرةً، فيها تكون هنالك ود متبادل لدى الطرفين، ويدل معنى هذه الكلمة على الرغبة الشديدة في شخص آخر، مع الحفاظ على ضبط النفس وربما المغازلة في بعض الأحيان، تكون الجاذبية للحبيب كبيرة في مرحلة الصًّبْوة لكن ذلك لا يعني أن هنالك علاقة حب رسميّة قد
[٣]الشغف : هو حالة من التوق الشديد للتوحد مع الحبيب، وتكون مشاعر الشخص وسلوكياته عاطفية بشكل كبير، حيث يسعى إلى الحب المتبادل والاتحاد مع الشريك لإشباع العاطفة لديه،والتعلق لدى الشخص ينبع من أعماق قلبه فيتمسك بالشريك لدرجة كبيرة قد تصل إلى التبعيّة أحياناً.
[٤] الكَلَف: وهي عندما يكون الحب شديداً وقد يبدأ في إيذاء الشخص ويسبب له المعاناة، هذا القدر الكبير من العشق قد يسبب ردود فعل جسدية عنيفة، ويكون المُحِب مفتوناً بالشريك بشكلٍ كبير.
[٥] العشق يصل الافتتان في الحبيب في درجة العشق إلى مرحلة متقدمة، حيث يشعر الشخص بأن المشاعر تسيطر على قلبه بشكل كامل، وفي هذه المرحلة يكون الحب قد وصل درجة عالية من العواطف الجميلة لدى الإنسان، أما الدلالة المجازية التي تحملها كلمة عشق فهي التداخل الشديد أو العمى تجاه الحبيب.
[٦] النجوى: في مرحلة النجوى يكون الحب شديداً لدرجة الحزن، يحتاج الشخص للحبيب بطريقة تُشعِره بالألم وبأن مشاعره ميؤوس منها، وإن الوصول إلى هذه الدرجة من الحب يجعل الطرفان منفتحان بالكامل نحو بعضهما، ويخوضان في محادثات عميقة يشرح كلاهما الضعف الذي يشعر به تجاه الآخر، ويعود معنى الكلمة إلى الخلاص والمناجاة.
[٧] الوُدّ بعد مرور المحبين بالحزن والضعف والألم من حبهما، يصبح كلاهما قادراً على التعبير عن أنقى أشكال الحب وإظهار الرفق الحقيقي للشريك بعد كل المعاناة والألم اللذان مرا بهما، تكون هذه المرحلة مليئة بالرقة والوداعة تجاه الحبيب، حيث أن الحبيبان قد تعلما مواجهة الضعف وحماية حبهما وأنفسهما.
[٨] الهُيام أو الجنون أعلى درجات الحب وأكثرها اكتمالاً هي الهُيام، أو الجنون كما يقال لها، حيث يشعر الشخص بالحرية الكاملة في الجنون والمشاعر اللامنطقية والغير عقلانية التي يعيشها، فهي نتيجة المرور برحلة طويلة من الحب، يمنح الشخص كل عواطفه للحبيب في هذه المرحلة، أما الدلالة المجازية لكلمة هُيام فهي تعني الموت، وهذا يعني أن العشاق يصلون إلى الهلاك في السعادة والنعيم بعد العثور على الحبيب وتجاوز جميع مراحل الحب سوياً.
وهي وصلت للهيام منذ زمن طويل جدا ، زمن تحسبه بعدد الساعات التي قضتها معه وليس السنوات التي عاشتها على هذه الأرض
إبراهيم رفيق و حبيب بل الاكسجين الذي تتنفسه خلاياها؛ وضعت يدها المضمومة على مكان القلب علها تقلل من وجعه، ابتعاده عنها مؤخرا يقلقها كثيرا لكنها واثقة تمام الثقة أنه سيعود قريبا هو فقط مشغول بعودة قريبه لا غير هي أيضا تحتاج للتركيز مع سهام الآن لذلك ستتغاضى عن غيابه وابتعاده المتعمد حتى يحصل ما تريده بعدها يكون لكل حادث حديث.
- أنا أحب رؤوف جدا لم أتخيل يوما بأني سأقع في الحب، على الأقل ليس بهذه الطريقة لأجد نفسي أهيم عشقا بشاب ليس من جنسيتي بل لم أكن أعرف اسمه وقد يكون يصغرني سنا ليظهر أنه مرتبط بغيري بعدها!
تدرج صوت سهام من الحماس والحلم في بداية حديثها إلى الحزن والخزي في نهايته.
ربتت جيهان على يديها وردت:
- مادام حبك له حقيقي عليك بالمثابرة كي تحصلي عليه لا تفعلي مثلي وتستلمي أبدا ، هو أيضا يحبك و إلا كان أتم زواجه فعلا من ابنة عمه ، أنا أصلا لم أسمع بتلك الخطبة إلا الآن رغم أن سنان كانت هنا منذ فترة بل أنهم تركوا بلدها منذ سنتين تقريبا، اسمعي مني هي خطة فقط كي يبقى معهم لا غير .
نال حديث جيهان استحسانها بل إنه زودها بطاقة كي تحارب تلك الوساوس التي تسللت لها تحاول فرض نظرية حب رؤوف لقريبته ، خصوصا وأنه فعلا كان يستخدم هاتفها في شيء لا تعرفه ولم تحاول يوما استغلال الوضع و البحث خلفه لتعرف.
لكنه لم يبدي أي رغبة سابقا في العودة لوطنه أو البحث عن أهله أبدا ، تذكر جيدا في أول الشهور من معرفتها لم يبدي أي رغبة لو بعيدة أو حتى السفر إلى أي مكان لفترة طويلة اعتمد الصمت مع تغطية وجهه لتطلق عليه اسم الملثم.
ابتسمت شفتيها وهي تتذكر شكله وعينه التي أوقعتها في براثن هواه دون معرفة أو الاهتمام باسمه وجنسيته أو حتى كونه مرتبط أو لا.
استقامت وقد انتابها حماس كبير لتقول وهي تتجه للغرفة :
- سأغادر الآن لدي عمل كثير عليِ إنهاؤه قبل سفري لرؤوف.
سعادة غامرة انتابتها، أخيرا سهام قررت ان تحارب من أجل حبها ولن تجعله يضيع بأيدي قبيلته كما فعلت هي، والآن عليها هي أيضا أن تنهي هذا الفصل الدراسي بسرعة وتلحق بها ، سهام تحتاج لمساعدتها وهي لن تبخل بها أبدا
❈-❈-❈
في بلد أيوب
عبدالخالق أول من وصل للمشفى، فهو لم يستطع النوم من جراء انشغال باله، من جهة بقصة سنان و وقوعها ومن جهة أخرى رد نهى الذي يحمل ألف معنى
خرج من سيارته ليجلس على مقدمتها وهو يقلب هاتفه في يديه وأصابعه تلعب على الشاشة راغبا في مخالفة أوامر عقله و الاتصال بها.
من مسافة ليست بعيدة تأملته بقلب ينبض شوقا ، كم هو وسيم حتى في شروده سرحت لتجد تلك العينين ذات الزرقة الغامقة تحتضن عينها فابتسمت لا إراديا لتجده يقف أمامها في ثوانٍ أم يا ترى قدمها جرت له دون أن تشعر؟
لم يحتج للنطق لتعرف مدى شوقه لها يكفي أنه كاد أن يمد يده لها ليتابع رفعها ويخلل شعره فخرجت منها ضحكة صغيرة وقالت بحنان :
- تبدو مرهقا كان عليك أن ترتاح اليوم غدا نتحدث.
بحث بعينه في مكان ثم أشار لها لتتبعه وتجلس على حافة السور القصير بينما وقف هو أمامها وقال:
- سأرتاح عندما أفهم ماذا عنيت برسالتك ، نهي لا أحب تطويل الأمور اليوم بعد المغرب سأذهب لوالدك وأريد جواب نهائي منك الآن .
عدلت حجابها بطريقة متوترة لم تفته وردت:
- لقد اخبرتني أفطيم عن حالة رؤوف.
سكتت لينظر لها منتظرا الباقي فأجلت حلقها وقالت:
- كما تعلم أنا فتاة وحيدة ليس لدي سوى أخي ، وقد عشت حياتي كلها تقريبا في الغربة.
عقد يديه أمام صدره وقد بدا أنه يستعد للأسوأ فأغمضت عينها و تابعت :
- الاختلاط لدي محدود جدا و أعني هنا ببنات العائلة ، لا لم أجرب جمعتهم ولا أحبذها كثيرا على ما أعتقد ، أحب الخصوصية جدا لدرجة كبيرة فأنا لا أنام في سرير واحد مع أي شخص بل إن أمي أخبرتني بأنها وضعتني في غرفة وحدي عندما كان عمري ثلاثة أشهر .
بحذر رد:
- تريدين النوم في سرير منفصل؟
تحول وجهها للون الأحمر من الخجل وهتفت ملوحة بيدها:
- لا طبعا بل بقر...
انفرجت شفتيه لتتدارك نفسها بخجل:
- أقصد ليس هذا ما أعنيه .
أخذت نفسا آخر و أكملت :
- رغم تقديري لحالة رؤوف وحبي الشديد لافطيم وعمتي مبروكة لكني أرفض أن أعيش مع أحد في نفس المنزل.
مرت دقيقة كاملة لم يصدر أحدهما صوت سوى التنفس، صحيح أنها توقعت رفضه لكن هذا الصمت أصابها بالألم لترفع عينها له محاولة سبر أغوار عينيه فلم تجد شيء سوى البرود يكتسيهما الأمر الذي زاد خوفها ليقول أخيرا :
- تريدين إبعادي عن أمي وأهلي ؟
أغمضت عينها وهزت رأسها مجيبة :
- أحتاج للخصوصية لا يهم أين نسكن لن أدقق في حجم المكان لكني لن أستطيع أبدا العيش مع أحد ، لو كانت والدتك فقط لقبلت، بل هي من تصبح صاحبه البيت كله وأنا ضيفة عندها لكنك تعيش مع عائلة كاملة لن أستطيع التأقلم وسطهم أعرف نفسي جيدا.
وقفت تنفض الغباروهمي عن ملابسها و قالت:
- لن أضغط عليك إذا وافقت تعرف طريق منزلنا عندها لن يقف أحد في طريقنا أعدك أن أكون معك في كل شيء وإذا ...
لأول مرة في حياتها تشعر بأنها ستبكي من أجل رجل!
رفض عبدالخالق يعني كسر قلبها بل إصابتها في مقتل لم تحب قبله وبالطبع لن تحب بعده أبدا فهو شخص متفرد في كل شيء وليس لون العينين الساحرة فقط.
تجمد مكانه وقد عادت له عدة ذكريات بشعة ، التنازل استسلام خنوع ثم ضربة قاسمة كادت أن تودي به لولا وقوف رؤوف و حارث بجانبه، رؤوف الذي يحتاجه الآن وهي تطلب منه بكل صفاقة أن يبتعد عنه!!
عاد للمنزل بعد أن اطمأن على سنان وعرف بأنها ستخرج بعد الظهر؛ ليجد حارث و سفيان و جمان في حديقة فيلا الأول فجلس معهم لينضم لهم لاحقا رؤوف و أخبرهم بطلب نهى.
نفث حارث دخان سيجارته وقال:
- يعني هذا أن الخطبة ألغيت ؟
لتجيبه جمان:
- لماذا تلغي هو يخبرنا بما حدث فقط.
عاد سفيان بظهره للكرسي وقال:
- من حقها أن تبدي طلباتها وعبدالخالق فقط هو من يوافق أو يرفض؛ مع أني أتمنى أن تتم هذه الزيجة أشماس متحمسة لها جدا.
أومأت جمان ليقول حارث:
- تريده أن يسمع كلامها ويبتعد عن أمه ، انظر ماذا حدث لي عندما سمعت الكلام وبنيت منزلا بعيدا عن أمي ؟
شحب وجه جمان ليرمي حارث دخانه وقد شعر بالندم للتحدث أمامها لكنه لم يستطع فعل شيء الآن ليقول:
- اسمع يا عبدالخالق أنت وأنا جربنا ماذا يحدث عندما نبتعد عن أهلنا من أجل إرضاء فتاة وقد ذقنا الأمرين أنصحك بأن تختصر الموضوع ونتنقل لأخرى فورا ألم فوري أفضل من اجترار الوجع على مراحل.
رفع سفيان حاجبيه ليلوح له ويقول:
- مع الاعتذار منكما طبعا.
رغم ألمها من الحديث الدائر والذكريات التي لا تريد معرفتها عندما رفعت عينها لوجه عبدالخالق وجدته تائها يبحث عن مرسي لتقول:
- لماذا لا تقسم البلد نصفين؟
كظمئان وجد جرعة ماء تبلل ريقه قال:
- كيف يمكن ذلك.
ابتسمت بسعادة وأشارت لهاتفه:
- عليك أولا أن ترى الأمور من وجهة نظرها عندها قد تجد الأمر ليس بذلك السوء كما تظن.
طوال الحديث لم يتدخل رؤوف بل راقبهم جميعا، كيف تتحدث معهم جمان كأنها واحدة منهم، لا بل هي فعلا واحدة منهم متى دخلت بينهم وأصبحت بهذا القرب حتى لعبدالخالق؟
كيف استطاع حارث تجاوز درصاف ووضعها مكانها بل إنه يقسم برؤية الأسف جليا في عينيه عندما جلب سيرة زواجه من أخته ، أسف لها هي؟
سفيان أيضا كبر وتغير علم بأنه افتتح مصنع مع عبدالخالق مولته جمان
هذه الجمان قصتها كبيرة وليست مجرد لاجئة تشبثت بحارث لأنها بلا مأوى كما لمحت درصاف
طنين عال احتل أذنيه ليقوم بإغلاقها بيديه لكنه لم يهدأ بل زاد و بدأ معه وجع شديد للرأس فانحنى للأمام دافنا رأسه بين قدميه لتشهق جمان ووقف الجميع محاولين معرفة ماذا أصابه دون فائدة فأسرعوا به للمشفى آملين أن يكون الأمر هينا .
❈-❈-❈
ألم حاد جعلها تفتح عينها مرة واحدة محاولة الاعتدال لتجد صعوبة في ذلك يدها مجبرة كذلك الوضع لساقها و هناك إبرة متصلة بخرطوم رقيق تخرج من يدها؛ عادت لإغماض عينها وفتحها من جديد محاولة التركيز علها تعرف أين هي ، ظنت أنها تحلم في البداية لتستبعد ذلك بسبب الألم المنتشر في جسدها فحاولت البحث عن زر لاستدعاء أحد يخبرها أين هي ، لحسن حظها دخلت عليها ممرضة وطبيب لتبتسم الأولى قائلة:
- صباح الخير الحمد لله على سلامتك، جيد أنك أفقت أهلك ينتظرونك في الخارج.
سألها الطيب :
- تشعرين بألم ؟
حاولت تحريك ساقها ليخرج منها تأوه فأشار للممرضة لتحضر إبرة وقال :
- لقد أصبت بكسر في الساق و التواء في الكاحل لذلك قمنا بتجبيس قدمك كذلك هناك تمزق في الأربطة
باليد.
ظهر عليها الصدمة ليتابع محاولا طمأنتها:
- كل ذلك ليس خطير مما فهمت أنك وقعت من الدرج صح؟
لم تجبه و إن ظهر تعبير غامض على وجهها لم يستطع تفسيره؛ تقدمت الممرضة منها لتضع إبرة المسكن في المحلول المعلق بذراعها فقال هو:
- ستشعرين بارتياح بعد قليل، المهم كما أخبرتك إصاباتك ليست خطيرة نحن فقط قلقون من ضربة الرأس بسبب الإصابة السابقة لذلك قمت بتحويلك لإخصائي مخ وأعصاب، أعرفه شخصيا طبيب ممتاز عاد للتو من الخارج أرجو أن تتابعي معه.
- ستفعل بالتأكيد شكرا لمجهودك معنا.
جاءه الرد من خلفه ليلتفت فوجد رجل و امرأة ابتسم لهما وخرج مع الممرضة بعد أن أعطى الرجل عنوان الطبيب وتقرير سريع عن حالة سنان.
بسعادة يشوبها القلق قالت أشماس:
- كيف حالك سنان خفنا عليك كثيرا .
حاولت رسم ابتسامة دون جدوى ليسحب أيوب كرسي لأشماس فجلست عليه ليأخذ نوري منها ويقول:
- حارث ينهي الاجراءات في الأسفل سأنزل له وأنت جهزي نفسك لتذهبي معنا .
حاولت تجاهل شعورها و قامت بمساعدة سنان في ارتداء ملابسها، حتى أنها لم تعاود سؤالها من جديد عن حالتها.
بعد الانتهاء من تغيير ملابسها وقد أخذ منهما وقتا طويلا خرجت من المشفى إلى فيلا أيوب ، أدخلها الغرفة المخصصة لها في الطابق السفلي وقال بمرح:
- بم أنك قضيت وقتا طويلا بعيدا عن نوري قررنا أن تعوضيه و تبقى معنا هنا ما رأيك ؟
جلست على السرير وأعطته ابتسامة واهية لتدخل بعدها جمان و أسرعت تحتضنها بحنان بالغ فخرج أيوب مفسحا المكان لهما.
وضعت أشماس ابنها على سريره الهزاز بقربها لتقول سنان بعد سماعها لما حدث مع عبدالخالق:
- هل تظنين بأن نهى ستقبل؟
الشقة صغيرة جدا ربما تظن بأننا نخدعها.
بحماس أجابتها أشماس:
- ستقبل حتما، متأكدة من حبها له، أصلا تفاجأت من شرطها، عموما لو تعنتت نكتب الشقة باسمها وينتهي الأمر .
ارتفعت حواجب كلا من جمان وسنان في تعجب لتقول الأخيرة:
- منذ متى هذا الحب لنهى، أذكر جيدا معاملتك لها في الوطن.
تأففت وردت:
- كنت صغيرة ثم المهم أن عبدالخالق خرج من عقدة فرس النبي ، يكفي ما حدث المرة السابقة وبعده عنا، يجب أن يتزوج بأقصى سرعة كما أن نهى أثبتت أكثر من مرة بأنها إنسانة جيدة جدا تصون العشرة لا تعرفين ماذا فعلت معي عندما رأتني هنا أول مرة .
فقالت جمان:
- من ناحيتي أحبها فهي شخصية لطيفة جدا، لكن عبدالخالق لم يقل شيئا لا أعرف إذا اقتنع برأيي أو لا، كما أن عمتي مبروكة بدت غير مقتنعة .
عدلت سنان المخدة التي خلفها وقالت:
- ارسلي لعبدالخالق ليأتي سأتحدث معه.
رمشت جمان و أمسكت هاتفها تقلب فيه دون أن تفعل ما طلبته منها لتعاود القول وقد احتد صوتها:
- جمان اتصلي به الآن .
بلعت ريقها وقد ظهر عليها الاضطراب وقبل أن تسأل قالت أشماس:
لم ينم لا بعد الفجر ارتاحي الآن و بعدها نذهب لتراك عمتي فهي قلقة عليك جدا.
❈-❈-❈
في الدولة الأجنبية
بوجه مكفهر أعادت لمار قراءة الورقة للمرة الألف ربما أو أكثر ، حدسها أنبأها بأنها ستجد دليل على خيانته لكن هذا كثير جدا حتى بمقاييسها التي تظن السوء في الجميع.
أغلقت هاتفها كي لا تضعف و تجيب على اتصالات عماد، تخشى أن يزلق لسانها و تخبره بما عرفت لا لن تبلغه شيء ، على الأقل ليس الآن .
نقر هادي على الطاولة لتنتفض من مكانها بفزع حقيقي لثوانٍ قبل أن تستجمع شتات نفسها وتعود للجدية قائلة :
- أعتقد الآن ليس لدي منار حجة ، تستطيع بسهولة الحصول على طلاق كنسي دون أن ترتكب أي ذنب.
هز هادي رأسه قائلا:
- من خلال خبرتي بمنار ومثيلاتها لن تقبل بذلك أبدا ، الأمر بالنسبة لها حياة أو موت.
ضربت بقبضتها وردت:
- هذا اسمه غباء أي حياة تلك التي تتحدث عنها وهي تعيش معلقة بل مهددة بالفضيحة بسبب أفعال ذلك النذل؛ تعرف ماذا سيحدث عندما يعلم الجميع؟
سيتم إلقاء اللوم عليها فهي من تركته وقررت العودة لأهلها وحدها وهو رجل وله احتياجات.
نظر لها مطولا لتهتف به:
- تعلم جيدا أني محقة خصوصا أنها بغبائها لم تخبرهم بشيء أبدا .
تحدثت أخيرا سهام التي كانت حاضرة الجلسة منذ بدايتها:
- هناك حلقة ضائعة مني في وسط حديثك، صديقتك تلك تركت زوجها لأنه خانها و جعل أخرى حامل أم لأنه يعنفها أم لأنه يريد الطلاق وهي ترفض؟
خللت لمار شعرها بعصبية ليجيبها هادي:
- تعلمين بأن عملي مع لمار و جوليا يتضمن مساعدات اللاجئين عموما والنساء منهن خصوصا؛ منار كانت ضمن تلك المجموعة أعني أننا شككنا في كونها معنفة من زوجها وقد حاولت لمار معرفة الأمر منها ، تعلمين كم هو صعب على الضحية أن تعترف بالأمر نهيا عن الإبلاغ عنه.
عادت لمار للحديث وقد هدأت قليلا:
- ومنار ليست أي ضحية بل إنها إنسانة مؤمنة جدا تترك كل شيء بيد الخالق، لقد تقربت منها جدا وأصبحت صديقتها عليِ أستطيع جعلها تتكلم وتخرج من تلك الورطة لأجد أنها أكثر إصرارا على الاستمرار في الزواج فما جمعه الرب لا يفرقه العبد كما تقول دائنا .
ألقت جملتها الأخيرة بيأس كبير بدا غريبا لسهام التي ظنت بحسب فراستها في معرفة الأشخاص أن لمار لا تستسلم بسهولة بل تحارب من أجل ما تؤمن به للنهاية ؛أعادت خصلة من شعرها البني للخلف و قالت:
- حسنا فهمت قصة التعنيف و عدم رغبتها بالبوح، واضح أن منار مصابة بمتلازمة
رفعت إصبعيها السبابة و الوسطى من كل يدي و ثنتهما في شكل قوس وهمي وهي تكمل:
- ( ابنة الأصول )التي تصبر على كل ما يفعله زوجها؛ ماذا عن هروبها و الطفل ؟
استعادت هدوئها وأجابتها:
- منار كانت تعمل هنا وقد استقرت حياتها نوعا ما وخصوصا بعد اختفاء تامر منها تماما ، لم أعرف وقتها السبب أو بالاصح لم أهتم بالبحث في الأسباب وقتها لأني انشغلت في قضايا أخرى لنفاجأ كلنا بأنها عادت للوطن دون أن تبلغ أحد حتى أهلها لم يكونوا يعلمون عن موعد عوتها إلا عندما اتصلت بعماد تخبره أنها في المطار ليقلها.
كررت باستفسار:
-عماد؟
أجابها هادي:
- عماد حمدي الصحفي يكون شقيق منار.
ارتفع حاجباها لثوانٍ قبل أن تعود ملامحها لطبيعتها مع نظرة مبهمة إلي لمار التي لم تفطن لها و قالت:
- علمت بأن تامر رفع قضية طلاق مدني هنا لأنه طالب باللجوء وأنها ترفض بل إني حاولت التحدث معه ليقوم بتهديدي بأنه سوف يتهمها في شرفها لو رفضت الطلاق، والدليل حسب كلامه أنها تعمل مع رجل و تعيش مفردها ،الوقح.
جزت على أسنانها كي لا تنطق بشتيمة أكبر ليتدخل هادي مكملا الحديث:
-شخصيا لا أعرف كل التفاصيل لكن علمت من زوجتي فهي صديقتها، أنها تعيش في قوقعة منذ عادت لأهلها و ترفض الخروج منها ؛ المهم هذه الأوراق تثبت بأن زوجها المحترم لديه ابنان واحد توفي في بطن أمه التي هي عشيقته طبعا والثاني ولد منذ شهرين يقبع في الحضانة لأسباب طبيعية .
وضعت سهام ساق فوق الأخرى و ردت:
- والعشيقة الأم طبعا مواطنة بل إني لن أستغرب إذا علمت أنه تزوجها مدني رغم أنه ضد دينه صح ؟
تنهدت لمار وقالت:
- نعم هي مواطنة لكني لا أعرف إذا كان تزوجها أم لا، المهم أن هذا يعطي منار الحق في الطلاق فورا .
وقف هادي و قال:
- مما عرفته عنها لا أعتقد بأنها ستوافق علينا أن ندخل طرف ثالث في الموضوع لكن أولا لنتأكد من مجريات قضية الطلاق والأسباب التي وضعها في الملف المرفق وتلك التهديدات ضدها، آخر شيء تحتاج منار هو تشويه سمعتها.
❈-❈-❈
في بلد أيوب
شعرت بتحسن حالتها فقررت الذهاب مع جمان لمنزلها ، فالأخيرة لا تستطيع التأخر لأنها تركت ابنتها مع مبروكة وهي أيضا تريد رؤيتها كي لا تقلق عليها أكثر ؛ حضنتها وهي تذرف الكثير من الدموع غير مصدقة لما حدث لها
من بين شهقاتها قالت:
- هذه عين و أصابتك بالتأكيد أنت تقعين من الدرج وتصابين بهذه الطريقة و رؤوف الآخر تأتيه نوبة وينقل للمستشفى.
بهلع حقيقي سألتها سنان :
- ماذا حدث لرؤوف أي نوبة تلك التي أصابته ، لماذا لم يخبرني أحد يا الله أين هو الآن .
ضمتها مبروكة أكثر وهي تربت عليها بحنان لتهدئ من روعها وردت:
- لا تفزعي يا حبيبتي هو بخير عبد الخالق اتصل بي و أخبرني ، كل ما في الأمر أنه لم يأخذ أدويته في وقتها وربما قلقه عليك زاد من تعبه.
رفعت عينها المليئة بالدموع تتحرى صدق كلماتها لتومئ بعينها و تتابع:
- سوف يأخذه للمصنع بدلا من العودة هنا هذا أكبر دليل أنه بخير.
هدأت قليلا لتبتسم لها مبروكة وساعدتها في الجلوس ثم التفتت لجمان التي جاءت تحمل ابنتها وجلست بقرب سنان وضعت غطاء وبدأت في محاولة إرضاع ابنتها وقالت:
- لقد حجزنا قاعة في أحد الفنادق لإقامة حفل السبوع لنوري و قطر الندى، أعتقد علينا تأجيل الموعد حتى تتعافي جيدا.
وضعت قدمها المجبسة على كرسي قربته لها مبروكة وقد هداء خوفها قليلا وقالت:
- لا داعي للتأجيل لقد كبر نوري أنا بخير ضعوني وسطكم لأكون فاسوخة تبعد عنكما الحسد.
باستنكار نهرتها جمان:
- من هي الفاسوخة إياك وقول ذلك عن نفسك، أنت جميلة جدا يكفي لمعة شعرك لوحدها..
قاطعتها بمرح زائف:
- وخفة دمي طبخي الذي يشبه أمي وحبي للأطفال أعرف كل هذا وأكثر .
أبعدت ابنتها بعد أن يأست من إرضاعها و ردت:
- تقصدين حبك للحلويات؛ تعال هنا لماذا لم أذق طبخك سابقا؟
يجب أن تطبخي لي كي أقرر بنفسي تعلمين أن طبخي الأفضل هنا.
التمعت عينها بشيطنة وقالت بصوت عالٍ :
- سمعت أمي قالت طبخها الأفضل في المنزل.
شهقت جمان في هلع و لم تجرؤ على الالتفات لتواجه مبروكة، لتطلق سنان ضحكة مرحة عالية لتعقد جمان حاجبيها و التفتت خلفها متوقعة وجود مبروكة لكنها لم تجد أحد مع ازدياد ضحكات سنان المرحة ، بدلا من الغضب منها ابتسمت جمان في سعادة فهذه أول مرة تسمع ضحكتها هذه منذ مدة طويلة
❈-❈-❈
قرر أخذه في جولة بدلا من العودة للمنزل ، بحماس تجول به في مصنع الأثاث الصغير يريه انجازاتهم الكبيرة في مدة صغيرة نسبيا ؛ انتهت الجولة فركب رؤوف بجانب عبدالخالق فقال الأخير :
- ما رأيك أن نذهب لمصنع حارث و أيوب أكبر من هذا بكثير سيعجبك .
هز رأسه بالنفي ؛ لم يعد به للمنزل بل أخذه إلى قهوة ذات طابع شرقي في منطقة سياحية مشهورة في العاصمة ، رغم ازدحام المكان إلا أن الوجوه الطيبة جعلته يسترخي ويشعر بألفة شديدة لينفض عنه صمته السابق ويندمج في الحديث مع عامل القهوة الذي فاجأه بثقافته الواسعة فأخبره عن تاريخ المكان وسبب تسميتها ( قاهرة المعز) فهو يدرس في الجامعة قسم الآثار ويعمل ليعول نفسه.
استأذن العامل ليقول عبدالخالق:
- أحب هذا المكان جدا كلما شعرت بالغربة و الضيق آتي هنا و أتحدث مع أولاد البلد لديهم قدرة رهيبة تجعلك تندمج معهم و تشعر بالألفة كأنك في بلدك.
أومأ له و قال بابتسامة عابثة :
- لذلك قررت الزواج منهم.
رفع كوب الشاي بالنعناع و أجابه:
- لا، أنا اخترتها هي مهما كانت جنسيتها ، هي التي تهمني فقط بكينونتها وكل ما فيها .
ضرب يده بالأخرى محدثا صوت وقال:
- لا تريد حتى قول اسمها؟
ماذا ستفعل بعد الزواج تمنعها من العمل ؟
ارتشف من الشاي باستمتاع رهيب علم أنه سبب ذكرى نهى وليس الشاي في حد ذاته ، أشياء كثيرة تغيرت بعبدالخالق حتى لو ادعى العكس ؛ أخذ نفسا عميقا و قال:
- كيف استطعت تخطي آلاء ؟
نظر له عبد الخالق بصدمة حقيقية ليجيب مستنكرا:
- نسيت نصف ذكرياتك وهذه تذكرتها؟!
بجدية بدت غير مفهومة للأول رد رؤوف:
- نعم أذكرها و أذكر ماذا أصابك بعد انفصالك الأول و الثاني عنها لذلك أسألك كيف استطعت أن تحب غيرها بهذه السهولة ؟
هز كتفيه بلا مبالاة و قال :
- ببساطة اكتشفت بأن علاقتي السابقة لم تكن حبا حقيقيا هي فقط مشاعر مراهقة وربما سعدت باهتمامها بي، لن أنكر أن آلاء فتاة جميلة وكونها أبدت إعجابها بي جعلني أشعر ببعض الغرور، خصوصا عندما جاهدت كي تعيد علاقتها بي بعد أن قطعتها أنا .
يسمع وعقله يعمل رغما عنا على ربط التفاصيل بين قصته وما يسمعه الآن !
بلع ريقه وقال:
- وكيف عرفت أن نهى هي الحب الحقيقي وليس حب مراهقة؟
عاد لارتشاف الشاي باستماع وقد لمعت عيناه بطريقة لم يرها مسبقا ثم أجابه:
- لا يمكنني شرح الأمر ، هناك علامات كثيرة أعني علاقاتي بها لم تكن سهلة بل إنها بدأت بشجار تقريبا، لكنها تحمل صفات لم أكن أعرف بحبي لها حتى وجدتها فيها؛ ونعم ربما تكون جنسيتها لها تأثير في الأمر ، قدرتها على احتوائي وقت لم يهتم أحد آخر بي تشبه بلدها في احتواء جميع الجنسيات الأخرى عندما ضاقت بهم البلدان.
- عبدالخالق يشعر؟!!!
علي تسجيل ذلك ربما أحتاجه وقتا ما.
ضحك عبدالخالق فتابع رؤوف:
- هل قررت تنفيذ خطة جمان؟
توقف عن الضحك وعاد يشرب بهدوء لبرهة ثم أجابه:
- نعم ؛حارث أرسل عمال لبدء طلاء الشقة بالفعل غدا سنذهب لخطبتها رسميا.
بدت جملته استنكارية رغم نبرته العادية وهو يقول:
- جمان لديها تأثير كبير أيضا عليك لاحظت أنها تتحدث معك بأريحية شديدة .
عدل جلسته ليصبح مقابلا له ؛ فهو ينتظر هذه المحادثة منذ مدة وعليه محاولة تفسير الأمر دون المساس بشقيقته قدر الإمكان ؛ بنبرة جادة واثقة أجابه:
- دخول جمان لحياتنا لم يحدث بين ليلة وضحاها، ربما لم يكن أحد منا يظن بأنها ستكون فردا من العائلة وطبعا بعد زواجها لم تسهل بنات الجعفري الأمر عليها أبدا خصوصا سنان لم تتقبلها في البداية.
بسخرية قاطعه رؤوف:
- لا داعي للشرح لازلت أذكر ما يحدث لكل من تقترب من أولاد الجعفري.
ابتسامة صغيرة شقت شفتي عبدالخالق قبل أن تختفي و يكمل حديثه :
- جمان أحبتنا كلنا، أحبت عائلتنا و طباعنا و تأقلمت معنا بسرعة ، بل أنها باتت أقرب لعليِ أكثر من أفطيم ؛ لا أعرف لو كان ذلك لأنها تريد غرس نفسها أكثر وسطنا بحكم أنها لا تملك عائلة أم هو بسبب حارث فقط.
عقد رؤوف حاجبيه وقال:
- كيف ليس لديها عائلة ألم تقل بأنها دخلت شريكة معكم بورثها؟
أخرج محفظته ورد:
- هي وحيدة لا إخوة لها، كما أن والدها قطع علاقته مع قبيلته كما علمت لكني لا أعرف السبب بصراحة و لا أهتم المهم أنها جيدة فعلا ولم تحاول أبدا أخذ مكان أحد أو التعدي عليه تعلم جيدا بأني لن أسمح بأن تهان شقيقتك لأي سبب.
هز رأسه و وقف بعد أن رأي عبدالخالق يضع نقود ليبدأ في التمشية حول المنطقة لمكان السيارة وبعد أن ركب فيها ليرن هاتفه فأجاب دون أن ينظر للرقم صدح صوت مميز جعل الجالس خلف المقود يعقد حاجبيه بغضب، غضب سببه شعور داخلي ينبئه بأن المكالمة ماهي إلا بداية و النهاية لن تكون جيدة أبدا
❈-❈-❈
في الدولة الأجنبية
- سفرك الآن غير مناسب أنت المسؤولة عن القضية الأخيرة.
بحدة قالتها جوليا بعصبية لتجيبها سهام ببرود:
-أنهيت القسم الصعب كل ما عليكم فعله تتبع مسار القضية لا غير.
بحد ردت :
- لا غير صحيح القضية تتضمن خطف أطفال و تجارة بالبشر كيف سنتابعها فقط؟
هذا غير محاولة القتل التي تعرض لها قريب هادي.
أخرجت الكمبيوتر المحمول من حقيبتها و فتحته وهي تجيب:
- هناك موظف آخر من المنظمة سيهتم بالأمر معكم، أما قصة خطف الأطفال و التجارة بالبشر فقد تولى أمرها الانتربول ، هذا ما يهمك الباقي اقفل ملفه لا تقلقي عزيزتي.
احتقن وجهها بشدة ليتدخل هادي أخيرا :
- جوليا نحن نساعد فقط لا نعمل معها و لا مع غيرها، لذلك لا يمكننا إجبارها ؛ أنا ولمار من سيهتم بالمتابعة لا تهتمي عزيزتي.
استقامت بحدة و أخذت حقيبتها لتخرج من المكتب دون أن تزيد حرفا؛ سحب كرسي ليجلس مقابلا لها وقال :
- أتفق مع جوليا سفرك الآن فيه ضرر كبير خصوصا أنه بدون سبب قوي.
تيبست أصابعها لتتابع بعد ثوان عملها من جديد وهي تجيب بهدوء:
- لدي سبب قوي يخصني وحدي أما عملي هنا فأنا سأعود طبعا
لم يعجبه ما تلمح له لتضيف بثقة حاولت القلق ليقين:
- من يعرف ربما نستقر هنا.
لم تكن جملة عادية بل هي قرار اتخذته وقريبا ستحوله لواقع.
❈-❈-❈
غطت سرير طفليها و التفتت إلى لمار التي لم تتوقف عصبيتها منذ عرفت بالمصيبة ؛ لتقول لينا:
- علينا التروي قبل اتخاذ أي خطوة، منار تفكيرها يختلف عنا؛ ولو فكرنا بعمق سنجد أنها سافرت وقت الحمل الأول لتلك المرأة مما يدل أنها علمت به ولم تخبر أحد به إذن فكرة الطلاق عندها غير واردة أبدا .
صاحت لمار:
- هذا اسمه تخلف كيف ترفض الطلاق وهو خائن علناً بل يستعد للزواج من أخرى ضاربا بعرض الحائط ارتباطه المقدس بها.
أشارت لها فتنة لتخفض صوتها وردت بصوت خفيض:
- هذا قرار منار لا يحق لنا التدخل به؛ اسمعوا هذه القصة في إحدى القضايا التي ساعد هادي صاحبتها كانت سيدة عربية تم طردها من العمل بسبب نقابها رغم أنها كانت تمسك مركز مهم لكنهم تزمتوا و ادعوا أن النقاب يضر بعملها بحجة أنه بمكن لأي شخص الدخول للمكان العمل وهو حساس جدا منتحل شخصيتها.
لتقول لينا :
- كان يمكن استخدام بصمة العين أو جعل أنثى تتأكد من شخصيتها لو كانت مهمة للعمل. أجابتها فتنة : -هذا ما اقترحته هي ، ونعم مركزها مهم جدا بل هي مهمة جدا للعمل لدرجة أن مرتبها يفوق في السنة السبع أصفار.
شهقة خرجت من لينا و لمار لتقول الأخيرة :
-لا تقولي تركت العمل من أجل النقاب.
أومأت بإيجاب لتقول لينا:
- لماذا عيّنوها من البداية إذا كانوا يرفضون المنقبات أو المتدينات.
جمعت فتنة شعرها للأعلى وردت:
- لم تكن محجبة في البداية، بعد العمل معهم لمدة عشر سنوات تحجبت وبعدها بسنة ارتدت النقاب لتبدأ حرب معهم انتهت بطردهم لها دون إعطائها مستحقات أو حتى شهادة بالخبرة.
رمشت لمار وقالت في غير تصديق:
- فضلت النقاب ؟
لكنه ليس فرض كما أعرف صح؟
ردت لينا:
-لا ليس فرض لكن هناك من أوجب الالتزام؛ نرفض أو نقبل كل شخص حر في درجة تدينه لو كانت ترى أن هذا أفضل لها لتفعل لا أجد به أي ضرر بصراحة .
هزت فتنة رأسها و قالت:
- المشكلة بدأت معها منذ ارتدت الحجاب لم يعجبهم الأمر رغم أن عملها لا يستلزم زي معين لكنهم اكتشفوا فجأة دينها لتبدأ المضايقات غير المتناهية انتهت بطردها بعد يوم واحد من ارتدائها النقاب.
بدت الحيرة على لمار، لتتنهد لينا قائلة :
-المشكلة أنها لو كانت من تلك الديانة التي تغطي رأس الرجال لما تجرأ أحد و طلب منها خلعه فهذه حرية شخصية بل عنصرية فقط مظاهر الدين الإسلامي التي تضايقهم.
صبت لهن فتنة عصير من الدورق الذي أمامها و ردت:
- كلنا نعرف هذا وأكثر ؛ تلك السيدة تمسكت بنقابها رغم كل الإغراءات ورغم أن زوجها حاول إثناءها لتخلع النقاب و تحدث مع عدة شيوخ في وجوب النقاب من عدمه لكنها رفضت و فضلت خوض طريق صعب لنيل حقها بدلا من التخلي عن أمر ديني هي مقتنعة به جدا؛ في النهاية كما قالت لينا لا يحق لنا الحكم على درجة تدين أحد و إطلاق حكم عليه لأننا لا نوافقه الرأي فقط.
أطلقت لمار نفسا متضايقا و قالت :
- دعونا من كل ذلك يجب أن نجد حلا مع منار المشكلة لم تعد تعدي جسدي و خيانة فقط بل هناك طفل صغير من حقه أن يأخذ اسم والده ويعيش بين أبويه.
زمت فتنة شفتيها في تفكير لتجد الفتاتين تحدقان بها فقالت باستغراب:
- لماذا تنظران لي هكذا؟
أشارت لها لمار بأصبعها بينما قالت لينا :
- أنت الوحيدة القادرة على حل الأمر .
❈-❈-❈
في بلد أيوب
وجد رمزي نفسه يجلس وسط مجموعة أطفال حوله الكثير من السعف يقوم كلا منهم بعمل أشكال غريبة به؛ وجدت صعوبة في مجاراتهم لتترك ما تفعله و تجلس بقربه ممسكة بسعفات صغيرة وقالت بلين كأنها تحادث طفلا صغيرا :
- قم بتجديل السعفات مع بعضها البعض هكذا.
لفت السعفات حول بعضها لتصنع جديلة جميلة ؛ مدت له سعفات لينفذ طريقتها وذهبت لمساعدة طفلة تجلس مقابلة له ، راقبها وهي تساعد الطفلة لتتسع ابتسامته فزادتها جمالا ورقة وهذا أمر يظهر عادة عندما تعمل على التصاميم القديمة تحركت يديه بتلقائية لتصنع جديلة بطريقة احترافية ؛ مر الوقت دون أن يشعر به أحدهما بين عمل أشكال متعددة بالسعف وبين تعليم الأطفال بعد غروب الشمس حان وقت العودة ليودعوا الأطفال وينطلقوا بسيارته فقال بسعادة:
- أمي كانت تحرص على صنع الزعف في يوم( أحد السعف) كنت نسيت تلك الطقوس منذ وفاتها.
ردت بلطف:
- رحمها الله، متى توفيت.
طاف بعض الحزن في عينه و أجاب :
- كنت في الإعدادية وقتها؛ توفيت في حادث سيارة أبي لم يتحمل البقاء في المنزل دونها بل في البلد كلها وقرر أن يهاجر ليغرق نفسه في العمل.
شعرت بأنه غير قادر على التكملة لتقول :
- لابد أنها كانت سيدة عظيمة لابد أنك فخور بها جدا.
نظر لها بطرف عينه و رد:
- تعرفين أنك تشبهينها كثيرا، لا اقصد الشكل فأنت أجمل طبعا.
انتشرت حمرة في خديها لترفع خصلة من شعرها لخلف أذنها مما زادها جمالا فبلع ريقه و أردف:
- أعني من ناحية حبك للأشياء القيمه وتدينك أشعر بأن ارواحكما متشابة.
زادت حرارة وجهها مع ازدياد ضربات قلبها بطريقة لم تعهدها في نفسها قبلا، وضعت يدها أسفل رقبتها تحرك أصابعها على عظمة الترقوة ليمسك بنفسه يراقبها وقد أشعلت بداخله أحاسيس كثيرة ليجبرهما على الابتعاد عنها قصرا فهي غير متاحة للأسف
❈-❈-❈
- ما زلت مصرة على كلامك؟
بإصرار نطقها حارث لتنظر له وتجيب:
- صدقني لا أذكر ما حدث بالضبط كنت غاضبة بعد شجاري معه ثم وجدت نفسي أقع من الدرج لابد اني تعثرت.
لم يشأ الضغط عليها أكثر لينحني و يضمها برقة ثم يعود لمكانه قائلا:
- سنان لا يهمني إلا سلامتك و ما تريدينه أنت فقط وقد أخبرتك الآن بكل شيء إذا أردت مني التدخل سأفعل فورا .
لمعت عينها بعاطفة جياشة وردت:
- لا حرمني الله منك، أعرف أنك سندي، عندما أشعر بأني غير قادرة على التحمل سأخبرك أما الموضوع الآخر فأنا معك لن أخالفك فيه أبدا .
أمسك بكفيها بين يديه الكبيرة وقال مركزا عينه في عينها:
- سنان أنت الوحيدة التي تبقت لي من رائحة أمي وأبي مستعد لفعل أي شيء من أجلك إياك والشك في ذلك أبدا .
تلألأت الدموع في عينها رغم ابتسامتها الواسعة لتأخذ نفسا مرتاحا وردت:
- هذا ما أعول عليه عليك فقط الثقة بي وعدم التدخل حتى أطلب منك.
رغم عدم الرضا الظاهر في عينيه إلا أنه أومأ لها وقال :
- كما تريدين.
وضع أيوب يده على كتفه وقال بسخرية :
-أكره قطع هذه اللحظة الرومانسية نحتاجك للشواء سي حارث.
أشار حارث بسبابته ناحيته وقال:
- لتعرفي فقط أنه لا يستطع فعل شيء دوني.
شده من يده ليقف عنه و أجاب بصوت عال:
-أنتم الذين تصرّون على فعل أشياء غريبة ، بالله عليك من يضع بيض مقلي مع البيرجر؟
ضحكت سنان وقالت:
-نحن نختلف عن الآخرين .
ذهب حارث مع أيوب ناحية الشواية في نفس الوقت الذي اقترب يزيد ليقفز و يجلس فوقها ممسكا وجهها بيديه وقد ظهر الأسف في ملامحه وقال:
-ديدي نان ديدي
قبلته قائله :
- حبيب سنان تعال للداخل لم ألعب اليوم مع أختك .
لوح بيديه في سعادة و ردد:
- بيبي بيبي.
ابتسمت له و حاولت الاستقامة لتبدأ في المشي بصعوبة مستندة على عصا خشبية
بالقرب من باب فيلا حارث جلس سفيان مقابلا لشقيقه الذي قال:
- لم أكن أعتقد بأنها ستأتي حقا، وبالطبع يجب أن استقبلها بنفسي ما هذه الورطة. سأله باستغراب:
- لم أفهم ماهي علاقتك بهذه المرأة وهل هي سيئة لهذه الدرجة؟
أسند رأسه للكرسي خلفه و أغلق عينه مجيبا:
- قصة طويلة ولا ليست سيئة أبدا بل هي من ساعدتني كي أصل أروبا و أجدكم و لم تتركني أبدا لكن العلاقة بدأت تأخذ مجرى آخر لا أستطيع التحكم به.
حاول سفيان قراءة ملامحه دون جدوى ليقول ببطء:
-علمت أنها أكبر منك وغير متزوجة ربما على الأغلب فاتها قطار الزواج لذلك تبحث عن عريس جاهز.
هز كتفيه بلا معني و رد:
- لا أعرف كم هو عمرها لكنها حتما لا تبحث عن عريس وإذا كانت فلست ذلك الشخص الذي لا مثيل له لتجري وراءه من أجل ثروته خصوصا أنها جميلة جدا
ارتفع حاجبا سفيان وسأل بسخرية مبطنة :
- إذا هي جميلة من وجهة نظرك؟
لم يلتقط سخريته بل أجابه بصدق:
- نعم جميلة جدا عينها واسعة صافية كسماء لا نهاية لها ، طولها معتدل شعرها بني ناعم يحتضن وجهها البهي، بيضاء محمرة قليلا هذا بخلاف ثقافتها الواسعة وقدرتها على ضبط النفس بصراحة من الصعب ألا تعجب بها.
شهق عندما رمي يزيد نفسه عليه ليفتح عينه فصدم بتلك الواقفة أمامه تتكئ على عكاز وقد سكنت عينها نظرة لم يرها منها قبلا ولا يريد تفسير معناها أبدا
❈-❈-❈
أسوأ مرحلة يمر بها الإنسان هي مرحلة الوعي التام لكل أفعاله في الوقت الحقيقي التي ارتكبها فهو ينظر إلى كل ذنوبه عندها و يعترف أنه خسر كل شيء و دمر نفسه بيده ليأتي الندم دون فائدة تجدي نفعا
كلاهما وصل لهذه المرحلة و إن كان إحساسها أعظم ؛
أسندت رأسها لزجاج نافذة السيارة و أغمضت عينها تغوص في ذكريات بداية المأساة ، لا ليس مأساة مرضها بل معرفتها لما يقوم به توأمها لينقذ حياتها المهددة بذلك المرض، لم تصدق عندما أخبرها باسم بأفعال نادر وأنه قام بتهديده إذا بلغ عنه ظنت وقتها أنه يريد كسب نقطة لصالحه أو ربما التقرب منها فهي لم تغفل أبدا عن نظراته لها و إن استغربت أن يعجب بها طبيب في مقتبل العمر وهي بهذا المرض و الوجه دائم الشحوب ؛ لم تستطع مواجهة نادر بل قررت أن تخبر والدها فخرجت من المستشفى تجر رجليها جرا وذهبت له في عمله، لم تجده في المكتب لتخبرها السكرتيرة أنه يحب تناول الغداء في مطعم قريب ، دعت كثيرا أن تجده في المطعم حتى لا يسمع الموظفون صوت زعيقه العالي عندما يعلم ويتصل بنادر ليوبخه
ابتسامة هازئة مرّت على شفتيها سرعان ما تلاشت عند تلك الذكرى فإن كان ما فعله نادر صدمة و إن كانت متوقعة نظرا لتعلقه بها فإن ما اكتشفته عن والدها الرجل المحترم العصامي كارثة !
- لقد وصلنا.
التفتت لباسم الذي ركن سيارته في المكان المخصص وأطفأ المحرك دون أن ينظر لها أو يبعد يديه عن المقود؛ كان الألم يعصر روحه فما هي مقدمة عليه ليس هينا، رغم اقتراحه السابق بأن تقابل نادر لكنه الآن يخشي بشدة من تأثير هذه المقابلة عليها؛ رفع عينه يستجدي الله في صمت قبل أن يخفضها لتلامس عينه عينها كأنها تطلب منها التراجع فابتسمت و قالت مطمئنة :
- لا تقلق علي سأكون بخير.
فتحت عتلة الباب من الداخل ليمسك بها ويقول في ترجي:
- دعيني أدخل معك، نادر الذي تعرفينه لم يعد له وجود، السجن غيره أخشى أن يتهور و يقوم بأذيتك.
ابتسامة صافية لم يرها موجهة له قبل الآن زينت شفتيها وهي تربت على يده وتجيبه:
- أنا أيضا تغيرت كثيرا لا تقلق عليّ لقد اخترت يوم زيارة عادي كي لا انفرد به، لو حاول التطاول الحرس سيوقفه.
نزلت من السيارة ليتبعها مسرعا حتى دخلا من بوابة السجن فنظرت له بطرف عينها ليقول بإصرار:
- لن أتركك تدخلين وحدك، سأقف بعيدا في الزاوية كي لا يراني و تتحدثي معه على انفراد ،هذا أقصى ما أستطيع فعله.
❈-❈-❈
في الدولة الأجنبية
مرات قليلة تعد على أصابع اليد الواحدة التي رآها ترتدي فيها نظارات طبية ، في كل مرة كانت تلازم حدث سيء!
هذه المرة لم يكن الأمر مختلفا خصوصا بعد معرفته بعودة يزيد مع والده؛ مررت لسانها على شفتيها عدة مرات وهي تعدل نظارتها غير قادرة على الدخول في الموضوع مباشرة فقرر هو البدء في الحديث قائلا بمرح:
- للأسف لا يوجد مانجا هنا أعدك بعد أن نعود لأجعلك تتذوقين أفضل عصير مانجا في العالم.
عقدت حاجبيها ونظرت له بعينين متسعة ليقرب رأسه ويقول بهمس:
- لا تحبين المانجا؟
كنت أعتقد العكس.
ابتسمت ليرفرف قلبه وعادت بظهرها للكرسي رادة :
- كله من سنان هي التي زرعت فيك هذه الأفكار ، ونعم أنا أحب المانجا كثيرا .
شبكت أصابعها مع تحريك الإبهام من كل يد حول الآخر وقد التقط هاشم حركتها ليتأكد من حدسه الأول ؛ أخرس أصوات نبضات قلبه العالية وادعى الصلابة وهو يقول:
- إذن متى قررت السفر؟
توقفت أصابعها عن الحركة لتخرج نفسا حارا وردت:
- عمي قرر العودة هذا الأسبوع لا أعرف اليوم بالضبط.
نظرت له باستنجاد قائلة:
- أخبرني بالأمس فقط عن قراره بالعودة، في الحقيقة كنت أفكر في الموضوع الأفضل أن أكون قريبة من يزيد على الأقل يعرف بأن لديه أم واحدة .
نبرتها المتألمة ،عينها الممتلئة بدموع أبت أن تنزل حثته ليضمها لصدره يسحب كل تلك الحيرة منها مؤكدا لها بأنه لن يبتعد عنها أبدا ؛ قفزت الفكرة من عقله إلى لسانه لينطق بها دون وعي:
- أنا أيضا قررت العودة معك.
تراجع رأسها للخلف مصدومة لتتبدل نظراتها لسعادة واضحة لم تقوَ على حجبها، كل ما فعلته أنها بللت لسانها وقالت :
- تعود في زيارة أم تعني عودة للأبد ..
ظهر بعض التردد الممزوج بالخوف وهي تردف:
-أم توصلني للمطار وتعود لعملك هنا؟
لا يصدق ما وصله من مشاعر أم أنه يتخيل ذلك لسبب في نفس يعقوب؟!!
ببطء ممنيا نفسه أن يسمع ما يطرب قلبه قال:
- سأعود معك، في الحقيقة سأعود من أجلك فقط.
❈-❈-❈
كمن غرس في قلبه خنجر فنشر الألم لا يمكن تحمله و منع الدم من السيلان ليخفف من وطأة الطعنة ؛ خرج إبراهيم من السفارة بعيون زائغة لا يدري أين يذهب بل لا يرى أمامه سوى الخيانة
خيانة ابن عمه وصديقه الذي باح له بأسرار لم يكن من المفترض البوح بها
خيانة أخ لم يخبره بحقيقة مشاعر ذلك الوغد تجاه زوجته
خيانة ابنة عمه وهي تنظر له وتكذب مدعية عدم معرفتها بذلك الخطيب الذي لم يتوقف عن التقدم لزوجته حتى وهي على ذمته
الكل خانه حتى سليمة عندما لم تخبره بالحقيقة .
ركب سيارته ليضرب المقود عدة مرات وهو يصرخ مخرجا بعضا من أعاصير الغضب التي تضرب كل خلايا جسده؛ إعصار لم يتوقف حتى عندما وصل شقته فتح بابها بعنف مسببا الفزع لجيهان فخرجت مسرعة من المطبخ لترى ماذا يجري لتجده يخرج ملابسه ويضعها في حقيبة سفر كبيرة الحجم، بتوتر قالت متسائلة:
- لماذا تجمع ملابسك ؟
لم يجبها فزاد قلقها لتقترب منه وتقوم بترتيب الملابس في الحقيبة وهي تقول:
- لا تقل بأنه تم تحديد موعد زفاف رؤوف هذا ظلم يجب أن يقرر هو من يريد الزواج منها تعرف ماذا سأذهب معك ؛ علينا منع هذه المهزلة فهو لايزال مريضا لا يمكن استغلال وضعه من أجل كلمة أصدر...
أطبقت على شفتيها بقوة لتمنع خروج باقي جملتها التي قد تكلفها حياتها مع إبراهيم ؛ أمسك طرف فستانها أعلى ذراعها و قال :
- إياك والحديث عن أي شخص من عائلتي ، و رؤوف ممنوع عنك حتى ذكر سيرته وليس التدخل في زواجه ابن سليمة خط أحمر يكفي ما فعلته بابنتها.
كمن صدمتها شاحنة كبيرة لتلقي بها للطرف الآخر من الطريق ، لم تفق من صدمتها إلا عند سماع صوت إغلاق باب المنزل بقوة لتجد أنها تفترش الأرض بقرب السرير المواجه لدولاب الملابس، ضاقت أنفاسها وبدأت قطرات العرق تغطي جبهتها شعرت بتماوج الرؤية لتثقل أجفانها وتغرق في ظلام دامس
❈-❈-❈
في بلد أيوب
لا يعرف لماذا لم يلحق بها أو حتى يطلب منها الجلوس معهم ليبرر ما سمعت بل إنه لم يستطع قول ولا كلمة واحدة ؟
حتى سفيان لم يسعفه الوقت للتدخل مع حضور المدعوة جمان لتأخذها بعيدا عنهم!
كأن الكون تضامن ضده ليمنعه من الاقتراب منها منذ أن علم بتلك المصيبة لكنه لن ييأس عليه إجبارها اليوم على الحديث ليعرف جميع التفاصيل مهما كلفه الأمر .
مسحت فم يزيد الملطخ بالكاتشب و أعطته المزيد من البطاطا المقلية و هي تقول لسنان:
- أجدها فكرة ممتازة لماذا رفضتها ؟
هزت قدمها السليمة بملل وردت:
- أي فكرة ممتازة بالله عليك، متأكدة من أن أيوب هو صاحب الفكرة من ذلك الذي يريد مترجمة روايات؟
لف أيوب كرسيه ليكون مواجها لها وقال:
- من قال لا يوجد مترجمي روايات غربية ؟
ثم لماذا أدعي شيء كهذا من الأساس الأفضل الاستفادة منك لتبقى مع نوري يكفي بعدك عنه كل هذه المدة لقد أتعبني بحق.
نظرت له من تحت جفونها وهي تجيب:
- سأتغاضى عن تلميحك بأني المربية الخاصة لابنك لاستفزازي ، و أسألك سؤال مهم لماذا يدفعون مال لأحد إذا كانوا يستطيعون استخدام تطبيقات الترجمة خصوصا أن معظمها مجاني .
ردت جمان بحماس:
- لأن الروايات تحتاج لروح كي توصل المشاعر والأحاسيس ؛ الترجمة بالتطبيقات المعروفة هي ترجمة حرفية وهي طبعا غير صحيحة بالمرة و لا تنقل المشاعر حتى في المعاملات العادية إذن ماذا عن الروايات التي تحكي قصص و حكايات بالطبع لا يمكن اعتماد تلك التطبيقات، وافقي أرجوك لم أقرأ روايات جميلة منذ مدة طويلة جدا.
قربت أشماس رأسها لها وهمست:
- يكفي الحلويات التي بداخلها متأكدة أن وصفك لها سيكون مختلف عن الآخرين .
نظرت لها بطرف عينها وقد ومضت بهما الشقاوة:
- متأكدة من وجود حلويات أم فقط قصة صاحب الشركة العملاق المتوحش الذي يحب ماسحة السلالم الحسناء.
لعبت حواجبها رادة بنفس الهمس:
- متأكدة جدا يكفي وصف ال..
لعبت حواجبها مع كتم ابتسامة بطريقة واضحة فزمت سنان شفتيها و هزت رأسها بمرح قبل أن تقول:
- سأطلع على الرواية أولا وبعدها أقرر .
غمزت لها أشماس و قالت:
- أرسلي المقاطع الخاصة كي أعرف إذا كانت ترجمتك صحيحة أم تحتاج تعديل من خبيرة .
وضعت أفطيم يديها المفتوحة على وجه أشماس وهي تقول بنفاذ صبر:
- لازلت تبحثين عن تلك المشاهد حتى بعد أن ...
-أي أي
متوحشة
أبعدت يدها بعد أن عضتها أشماس مانعة إياها من الإكمال لتنطلق ضحكات سنان و جمان في نفس الوقت لفتت نظر رؤوف ليرفع عينه مركزا نظراته عليها، كم اشتاق لتلك الضحكة التي كان يغتاظ منها كلما سمعها، كم مرة طلب منها بل أمرها ألا تضحك بتلك الطريقة المغرية التي تدغدغ مشاعره وتوقد بها نيران نسى حرارتها فذاق لذعتها للتو!
لايزال يشعر بالتذبذب الشديد لا ليس تذبذب بل هو نفور!
أجبر عينه على الابتعاد عنها وعندما عاندت استقام و دخل يبحث عن مبروكة فوجدها في غرفتها مع الصغيرة لتبتسم عندما رأته و أشارت له ليدخل قائلة :
- تعال لترى قطر الندى، جميلة جدا صح.
أطاعها و تأمل ذلك الملاك النائم بين ذراعيها ثم نظر لها ليجد عاطفة جياشة تطفح في عينها فابتسم وقال:
- نعم جميلة جدا.
رفعتها لتقبل عينها ثم وضعتها في حجره قائلة :
سمي يا حبيبي، ليفرحني الله برؤية أولادك قريبا.
شعر بتوتر عندما وضعت عليه الصغيرة ليتبدد ذلك الشعور تدريجيا مع اتساع بسمته تلقائيا وهو يمرر إصبعه على وجهها المنمنم وهو يقول:
- أشعر بأنك تحبينها كثيرا ربما أكثر من ابن أشماس؟
لم تبعد نظراتها عنها وهي تجيبه:
- كلهم أحفادي صدقني لا أفضل هذا عن ذلك، لكن قطر الندى تشبهها جدا كأنها نسخة منها لو رأيت صورة ندى وهي صغيرة لفهمت قصدي أشعر بأن الله أرسل لي قطعة منها كأني أعيد تجربتي مع ابنتي من جديد.
أعاد الطفلة لها وقال:
- جيد أنك تقبلت والدتها و إلا ما استطعت تقبلها بسهولة صح؟
تململت الصغيرة لتضعها في مهدها بحذر ثم عدلت جلستها لتواجهه وردت:
- لا أحد يعرف كيف يسير الله الأقدار، هذه الصغيرة سبب زرع حب أمها في قلبي؛ يشهد الله أني عاملتها بما يرضيه و حاولت ألا أحزن بقدر الإمكان لكني لم أتقبل داخليا كونها أخذت مكان درصاف حتى لو ادعيت العكس، حتى مع سعيها المستمر لإرضاء الجميع على رأسهم حارث شيء بداخلي ظل يقول بأن مكان درصاف لا يأخذه أحد .
أكمل هو:
- إلى أن أسمت ابنتها قطر الندى صح.
هزت رأسها مبتسمة :
- ليس الاسم بل لأنها فعلتها من أجلي أنا .
رفعت يديها للسماء:
- جبرت جرحي وفرحت قلبي جبر الله خاطرها وفرح قلبها بما يسر خاطرها و كبر مكانتها عند حارث ورزقها الجنتين.
ثم مدت قدميها و ربتت عليها ليميل واضعا رأسه فوقها فوضعت يدها على رأسه تقرأ آيات قرآنية قبل أن تقول:
- أخبرني أين كنت وماذا حدث لك بالتفصيل.
أغمض عينه و رد:
- أخبريني أنت عن كل ما حدث في غيابي اشتقت لصوتك كثيرا عمتي.
لم يعجبها هروبه من الإجابة خوصا بعد حادث البارحة و تلك المرأة التي دخلت حياته بطريقة لم تفهمها بعد فقد سمعت أطراف حديث بين عبدالخالق و أشماس عن مكالمة جرت بينهما؛ لكنها لن تجبره الآن على شيء حتى يتم الفرح في أسرع وقت و يرتاح قلبها عليه وعلي ابنة قلبها
❈-❈-❈
استيقظ على صوت دق قوي لم يقم من سريره فورا بل رمش عدة مرات و التفت يبحث عن جمان فوجد السرير فارغا وقف وعدل ملابسه قبل أن يخرج من غرفته وعندما لم يجد أحد أمام الغرفة عاد لها ودخل الحمام ليغسل وجهه و يغير ملابسه، لم ينم جيدا البارحة وقد استيقظ عند صلاة الفجر أدى فرضه وعاد للنوم من جديد؛ خرج من الغرفة بعد أن زاد الدق مع صوت شجار لم يميز أصحابه .
في حديقة فيلا حارث صدح صوت رؤوف يصيح وقد برزت عروق رقبته:
- كيف تبات خارج المنزل دون علمي منذ متي هذا التسيب أريد أن أعرف كم مرة فعلتها سابقا ، تعود و الآن وقسما بالله س..
- ماذا ستفعل عندما تعود؟
انقبض قلب مبروكة مع ارتقاع صوت حارث الحازم بينما أغمضت جمان عينها، ليلتفت له رؤوف يواجهه بوجه مكفر وقال بنفس الغضب:
- كيف تسمح لها بالمبيت في منزل رجل غريب.
شهقت جمان لتقول مبروكة مؤنبة :
- أيوب ليس غريب هذه غلطة كبيرة في حقه لن أقبلها أبدا.
جلس حارث واضعا ساق فوق الأخرى ينظر له باستهزاء - ليجيب رؤوف وقد قل غضبه :
لم أقصد ذلك، لكنه يظل غريب عن سنان لا يعجبني تباسطها معه، أنت لا تعرفين كم مرة اتصل بها ونحن في الخارج، مهما كانت مكانته لا يجوز أن تبيت في منزله.
رفع حارث حاجبه و أجابه باستهزاء:
- و أنت القريب؟
شحب وجه رؤوف فقالت جمان:
- هو بالطبع لا..
رفع سبابته لتبتلع باقي كلماتها و قال لها بابتسامة معتذرة:
- لم آكل شيء بعد، هلا جهزت لي فطور من يديك ولا تنسي الحليب و الشاي.
أسرعت للداخل مع مبروكة ليتابعهما بعينه ثم قال:
- و الآن رؤوف ماذا كنت تقول عن أختي و أخي الذي هو زوج عمتي بالمناسبة، ربما أنستك الإصابة هذه المعلومة أيضا .
جز على أسنانه بغضب ورد:
- قلت أنها زوجتي ولا يجوز أن
أطلق حارث ضحكة عالية ساخرة وصفق بيديه ، ليعقد رؤوف حاجبيه في عدم فهم حتى انتهى حارث من الضحك ثم استقام وقال:
- العقد الذي وقعه عمك في السفارة مزور كلنا نعلم ذلك الغرض منه حمايتك لتسافر فقط هو لا يساوي شيء لا قانونا ولا شرعا ؛ حسبما فهمت أنت فقدت الذكريات قبل الحادث وليس بعدها صح.
تركه في حيرته و عاد لفيلته ليقف أمام الباب و التفت برأسه له متابعا:
- بالمناسبة إياك وجلب سيرة أخلاق أختي على لسانك مرة أخرى إذا كنت لا تريد فقده .
ثم تابع بسخرية لاذعة :
- اهتم بسهام أفضل لك.
دخل وتركه في حالة صدمة كبيرة هل يعني كلام حارث ما فهمه أم أن عقله لايزال غير قادر على الاستيعاب بطريقة طبيعية !!!
❈-❈-❈
أنت تقرأ
حصاد السيل
Romanceفي هذه الجزء تكتمل سلسة الحب و الحرب لنعرف مصير باقي الأبطال، من عاش منهم و من اكمل حياته مع من كما سنعرف إذا كان الجعفري سيعودون للوطن ام كُتبت عليهم الغربه للابد