الفصل الأول
بين موجة وموجة تولد حياة وتموت أخرى
موجة تجرف الجثة للبر
وأخرى تعلن عن نمو جنين في بطن أمه
موجة تعلو لتغطي أرضا كانت جافة
وأخرى تغرق مدن و تزيلها من الوجود
والبعض يعلق وسط أمواج دون أن يجد شط يرسو عليه لينتظر الموت البطيء.
❈-❈-❈
بين قادم متأكدين من حضوره و غائب لم نمني نفسنا بعودته تتقلب الحياة ليعود الغائب من الموت و يذهب القادم قبل أن يبدأ الحياة
أنهت مبروكة صلاة قيام الليل فهي لم تقدر على النوم عندما شعرت بحركة جمان طوت السجادة التي أعطتها لها الممرضة و اتجهت لسرير الأخيرة لتجدها تحاول النهوض فقالت:
- اخبريني ماذا تريدين لا داعي للحركة الآن الطبيبة أبقتك هنا كي ترتاحي.
ازداد الألم أسفل بطنها لتحاول التحكم في ملامحها كي لا يظهر أمام مبروكة و أنزلت ساقيها بصعوبة رادة :
- أريد الذهاب للحمام اسنديني فقط لهناك.
خطت خطوة واحدة فقط ثم صرخت بألم متزامن مع نزول خيط من الدم بين قدميها ، بسرعة تركتها مبروكة وخرجت تصرخ كي يساعدوها؛ بسبب تأخر الوقت لم يجدوا طبيبتها بل تدخل طبيب آخر وعندما طال الوقت خصوصا أنهم قاموا بنقل جمان لغرفة أخرى لتخرج الممرضة و أخبرتها بضرورة حضور زوجها!
انقبض صدرها وشعرت أنها غير قادرة على التنفس هل تحقق حلمها فعلا!
جمان سترحل أيضا ؟
لا يا الله تلك الفتاة هي البلسم الذي عالج روح حارث، هي من أعادت له ابتسامته الصافية، تعلم جيدا بأنه لم يسترح إلا بعد زواجه منه رغم عدم رضاها الكامل عن تلك الزيجة لكنها انسجمت بسرعة وسطهم بل أصبحت في معزة بناتها؛ ترى فيها ابنتها تسنيم التي رحلت دون توديعها بهدوئها وتباعدها بعد زواجها و تراها ابنتها قطر الندى بمشاكستها المستمرة لسنان بل إنها أحيانا ترى فيها فتحية بتدليلها الزائد ليزيد لدرجة أنها تنهرها كي لا يفسده ذلك الدلال
شعرت بأحدهم يقف أمامها لترفع عينيها المغرقة بالدموع فوجدت ممرضة تمد له هاتف نقال و تقول بلطف:
- نحتاج زوجها حالا الحالة حرجة اتصلي به من فضلك فهو لا يرد على الرقم الذي لدينا.
لم يسعفها عقلها بتذكر رقم أحد بل إنها ظلت تنظر للهاتف كأنها تراه لأول مرة في حياتها لعدة ثوانٍ حتى استوعب عقلها لتبحث عن هاتفها وتتصل بحارث كانت متماسكة لأبعد حد حتى فتح الخط لتخرج كلماتها مرتعشة بنبرة باكية :
- حارث الحقنا يا حارث جمان لقد لقد ...
حاولت الممرضة التخفيف عليها لتقول :
- لا حول و لا قوة إلا بالله قدر الله و ما شاء فعل لا تحزني يا حاجة ستكون بخير.
ليأتيها صوت حارث يصرخ بجزع:
- ماذا حدث أجيبوني ماذا حدث هل جمان بخير؟
لم تستطع الرد فقد خنقتها العبرة لتبدأ في البكاء الشديد فأجلستها الممرضة و أخذت منها الهاتف لتجيبه:
- أصيبت زوجتك بنزيف حاد هي الآن في غرفة العلميات عليك الحضور حالا .
لا يذكر باقي الكلام بل إنه لا يذكر إذا كان أغلق الهاتف أم لا فجأة وجد نفسه في المستشفى خلف أيوب الذي يسأل مبروكة عما حدث والأخيرة لا تتوقف عن البكاء!
لماذا عليه أن يكون بعيدا عند فقدان أحبته؟
هو الملام الوحيد لو ظل بقربها لما حدث لها شيء ، فعلها سابقا وترك أهله بمنزل جده ليعود فيجدهم جثث هامدة،
نعم هو السبب لو كان معهم لأنقذ والده و والدته ،على الأقل أخرج مرام بسرعة كما فعل رؤوف مع سنان
هو الملام حتى لو لم يقلها أحد كيف يتركهم وسط الحرب؟
كيف يبتعد عنهم بل يأخذ معه سفيان الوحيد القادر على إرشادهم لكيفية الاحتماء من القصف ؟
لولا أن أشماس اتبعت تعليمات سفيان لما نجت و لا أنقذت يزيد أيضا
وها هو الآن يعيد الكرة ويترك جمان وحدها !
- حضرتك زوج السيدة جمان؟
سؤال جعله يلتفت لصاحبه غير آبه بالدموع التي ملأت عينيه ليجد أمامه طبيبة لازلت ترتدي الملابس الخاصة بالعمليات أجلى حلقه ورد عليها بصعوبة :
- نعم أنا هو ماذا حدث لها؟
اجابه بجديه:
- لقد انفصلت المشيمة وحدث نزيف لذلك اضطررنا أن نتدخل و نجري لها عملية ولادة مبكرة و...
بقلق قاطعها:
- جمان ماذا حدث لها هل هي بخير؟
❈-❈-❈
لا تصدق أنها أصبحت في هذا المأزق والأصعب كيف تخرج؟
أنت تقرأ
حصاد السيل
Storie d'amoreفي هذه الجزء تكتمل سلسة الحب و الحرب لنعرف مصير باقي الأبطال، من عاش منهم و من اكمل حياته مع من كما سنعرف إذا كان الجعفري سيعودون للوطن ام كُتبت عليهم الغربه للابد