قدوم الزائر

14 6 1
                                    

في إحدى مطارات اليابان، نزل رجلٌ في منتصف العمر، ذو شعرٍ أبيض طويلٍ، يزين وجهه خطوطٌ حمراء تحت عينيه. أزاح نظارته الشمسية، كاشفاً عن عينيه السوداوين، مستنشقا الهواء من حوله، وكأنه يلهث في حضن الانتعاش. "آه، هواء اليابان أفضل، أليس كذلك؟" قال بنبرةٍ تحمل طابع المدمن.

التفت إلى ثالث الرفاق، فرأى فتاةً ذات شعرٍ أزرق فاتحٍ مائلٍ إلى البنفسجي، يزين شعرها زهرةٌ تزيدها جمالاً. كانت عيناها عسلية وبشرتها بيضاء كالثلج. وقف بالقرب منه رجلٌ في العشرين من عمره، ذو شعرٍ أحمر طويلٍ يغطي إحدى عينيه بغرته. أما الآخر فكان ذو شعرٍ برتقالي وعيونٍ بنية، هز الثلاثة أيديهم في تنبيهٍ متبادل. "لا فرق، فهو نفس الهواء والأكسجين بالنسبة لي"، ردّت كونان.

نظر إليه جيرايا بانزعاج، "يوجد فرق، هواء اليابان نقي، عكس هواء أمريكا."

"كلاهما ملبدان بالسموم من دخان السيارات"، ردّ ناغاتو مؤيداً رأي صديقته.

نظر إليهم ياهيكو بعينين تلومهما، "هيا، لا تكونوا هكذا، معلمنا محق، هواء اليابان أفضل."

تغرت عينا جيرايا بالدموع، وهو يحتضن ياهيكو، "أنت الوحيد الذي يفهمني."

بدّل ياهيكو العناق إلى معلمه مبتسماً، بينما كانت نظرات الآخرين تحرقهم. نظر لهم جيرايا نظرة خاطفة، وفتح لهم ذراعيه، فاندفعوا جميعاً نحو حضنه. رغم أنهم لا يؤيدونه دائماً في كل ما يقول أو يفعل، إلا أنهم يحبونه ويعتبرونه أباً لهم.

بعد أن فاصل الثلاثة العناق، تحدث جيرايا بصوته الجوهري، "حسناً، يكفي من إضاعة الوقت، علينا اللقاء بناروتو في أقرب وقت."

استقام الثلاثة مثل الجنود، وصرخوا "حاضر سيدي!"

في منزلٍ ذو عيونٍ عنبرية، جلس الأشقر على أريكةٍ، واضعاً يديه على ركبتيه، غير قادرٍ على احتواء رعشةٍ في قدمه من التوتر. ألقى نظراتٍ خاطفةً على الغرفة، التي كانت تتألف من أريكةٍ بسيطةٍ وطاولةٍ صغيرةٍ من خشب الصندل، فوقها هاتفٌ بنفسجي، ومقابل الحائط تلفازٌ، ولم يكن هناك أي تكملاتٍ أخرى.

أقبلت ذات العيون العنبرية إليه، تحمل فناجين القهوة، وقد غيّرت ملابس السهرة إلى بيجاما من الحرير الأسود. وضعت الكأس أمام ناروتو، وجلست قربه على الأريكة. لكن الأشقر لم يكن قادراً بعد على احتواء توتره. ارتشفت الفتاة رشفةً من القهوة، وهي تسترق نظراتٍ خاطفةً من الجالس قربها، وقالت بهدوء، "لا أعرف سبب فعلتك، لكن ليس عليك إخباري."

قالت مطمئنةً، لكنها في داخلها لم تكن تريد مزيداً من الإزعاج بشأن الأشقر.

اطمأن الأشقر وتوقف ارتعاشه، وأخذ يرتشف من القهوة هو أيضاً. مرت دقيقةٌ من الصمت، كأنها دهرٌ بالنسبة لهذين الاثنين.

"من اتصل بك؟" قاطع الأشقر الصمت، وهو يضع فنجان القهوة جانباً، وقد غطى شعره الأشقر عينيه، عقد يديه معاً محاولاً التمسك.

نظرت له الفتاة ذات العيون العنبرية، وتنهدت في داخلها، "يا لهذا الإزعاج."

أخذت هاتفه من فوق الطاولة، وعثرت بأصابعها على الشاشة، وأخيراً سمع الاثنان صوت رنين الهاتف في الجهة المقابلة. أخذ الهاتف من على مكتبه، وردّ بسرعة البرق عندما رأى اسم المتصل.

ظهرت في الهاتف صورة رجلٍ في العشرينات، يشبه هيناتا شبه كبير، غير أن شعره بني طويل.

نظر إلى عيني هيناتا، "ما الأمر، آنسة هيناتا، هل نسيتِ ذكر شيءٍ قبل قليل؟"

هزت الفتاة رأسها بالنفي، "لا، فقط أردت التأكد من سلامتك."

"أنا بخير، طالما أنك بخير، آنسة هيناتا."

زمت الفتاة شفتيها تعبيراً عن غضبها، وقالت بغضب، "ناديني أختي مثلما أفعل مع أخي نيجي."

لوح الرجل بيديه في الهواء، "لا أستطيع ذلك، آنسة هيناتا، فهذا ينم عن عدم احترامي لك."

"ومناداتي طوال اليوم بالآنسة يجعلني أشعر بعدم الارتياح."

"حسناً، كما تريدين، أختي."

اشتعلت عينا الفتاة بحماسةٍ فرحةً بانتصاره.

راقب الأشقر المحادثة اللطيفة بينما الأخوان مبتسمين. لقد لمح صورة الشاب للحظة من وراء الشاشة، بينما كان الاثنان منغمسين في الحديث، نسيت الفتاة وجود الأشقر قربها، بينما الأخير تسلل بخفةٍ من الأريكة إلى الباب. قبل أن يخرج، لاحظته هيناتا، "أوي ناروتو، انتظر، دعني أعرفك على أخي نيجي."

ابتسم الأشقر ابتسامةً لطيفة، لكنه لم يلتفت إليها، "مرة أخرى، تذكرت أن لي عملاً عليّ القيام به."

وخرج.

في الجانب الآخر من الهاتف، "من هذا، ناروتو، آنسة هيناتا؟"

نظرت له بنظرةٍ حائرة، وأخبرته بكل ما حدث منذ قدومه إلى كونوها. لم تكن تخفي عن نيجي شيئاً، لكن الأخير تغيرت ملامح وجهه إلى الانزعاج الشديد.

"آنسة هيناتا، علي الرحيل الآن."

قال، وقد أغلق المكالمة. استغربت الأخرى تصرفه، لكنها لم تهتم.

عند نيجي، الذي كان يقضم أظافره وهو يفكر، أن ناروتو أوزوماكي على تواصلٍ مباشرٍ مع هيناتا، والأسوأ من ذلك، على ما يبدو، أنه يحمل مشاعر نحوها.

فتح باب المكتب لتخرج منه سيدةٌ جميلةٌ، بشرتها بيضاء، وعيونها بنية مثل القهوة، وشعرها البني مربوطٌ بعنايةٍ على شكل كعكة. نظرت إلى رئيسها في العمل، وهو مضطرب.

"القهوة سيدي." التفت الرجل، وقد ومضت فكرة في رأسه.

"تن تن، الغي جميع مواعيدي اليوم، واحجزي لي أقرب رحلة إلى اليابان."

وضعت تن تن القهوة، "علم سيدي."

وخرجت من المكتب، كانت سكرتيرةً محترفةً، حيث تنفذ ما يُطلب منها دون سؤال.

لقاء القدر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن